The Messenger of Allah (Peace Be Upon Him) said: ‘You shall not enter paradise until you believe, and you shall not believe until you love one another. Shall I not inform you of something, if you were to act upon it, you will indeed achieve mutual love for one another? Spread the greeting amongst yourselves.
866- لفظ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» (1) . 867- ورواية لمسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» (2) . 868- ولفظ أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ، قَالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُونَ حَتَّى تَحَابُّوا، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى رَأْسِ ذَلِكَ، أَوْ مِلَاكِ ذَلِكَ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» ، وَرُبَّمَا قَالَ شَرِيكٌ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» (3) . 869- وعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه (4) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ: الْحَالِقَةُ، حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ» (5) . 870- وعند أحمد عَنْ عِمْرَانَ بن حصين رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: «عَشْرٌ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: «عِشْرُونَ»، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: «ثَلَاثُونَ» (6) . 871- وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا، وَالْأَشَرَةُ شَرٌّ» (7) . 872- وعَنْ زيد بْن أرقم رضي الله عنه قَالَ: كنا إذا سلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علينا قلنا: «وعليك السلامُ، ورحمةُ اللَّهِ، وبركاتُهُ، ومَغفِرَتُهُ» (8) . 873- وعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَانَ خَارِجَةُ يَكْتُبُ عَلَى كِتَابِ زَيْدٍ إِذَا سَلَّمَ، قَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَبَرَكَاتُهُ، وَمَغْفِرَتُهُ، وَطَيِّبُ صَلَوَاتِهِ» (9) . 874- وعن ثَابِتٍ : أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَعَ أَنَسٍ رضي الله عنه، فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَحَدَّثَ أَنَسٌ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ» (10) . 875- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَأَ بِالسُّؤَالِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ» (11) . 876- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، ب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ» (12) . 877- وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ» (13) . 878- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَالمَارُّ عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ» (14) . 879- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا» (15) . 880- وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأفْشَى السَّلامَ، وَصَلَّى بِالَّليْلِ، والنَّاسُ نِيَامٌ» (16) .
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا»: أي لا يدخل الجنة إلا من مات مؤمنًا وإن لم يكن كامل الإيمان (17) ، قال عبد القادر البغدادي : «حذف النُّون من الْفِعْلَيْنِ المنفيين، فَعَلَيهِ يخرج كَمَا تَكُونُوا إِن ثَبت، وَلَا حَاجَة إِلَى ارْتِكَاب أمرٍ لم يثبت» (18) ، وقال الصنعاني : «(لا تدخلوا الجنة): كأن الظاهر إثبات النون على النفي؛ فكأنه شبهه بالنهي» (19) ، وقال الإمام النووي : «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّة حَتَّى تُؤْمِنُوا: فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِطْلَاقِهِ، فَلَا يَدْخُل الْجَنَّةِ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَامِل الْإِيمَان، فَهَذَا هُوَ الظَّاهِر مِنْ الْحَدِيث، وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو ابن الصلاح : مَعْنَى الْحَدِيث لَا يَكْمُل إِيمَانُكُمْ إِلَّا بِالتَّحَابِّ، وَلَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّة عِنْدَ دُخُول أَهْلهَا إِذَا لَمْ تَكُونُوا كَذَلِكَ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمَل، وَاَللَّه أَعْلَم» (20) . 2- قوله: «ولا تؤمنوا حتى تحابوا»: أي: لا يكمل منكم الإيمان إلا بالحب في ذات الإله، قال القاضي عياض : «أي: لا يتم إيمانكم، ولا يكملُ، ولا تصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحاب والألفة» (21) ، وقال القرطبي : «لاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أي: لا يكمُلُ إيمانكم، ولا يكونُ حالُكم حالَ مَنْ كَمُلَ إيمانُهُ؛ حتى تُفْشُوا السلامَ الجالبَ للمحبَّة الدينيَّة، والألفةِ الشرعيَّة» (22) ، وقال الإمام النووي : «وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا: مَعْنَاهُ لَا يَكْمُل إِيمَانكُمْ، وَلَا يَصْلُح حَالُكُمْ فِي الْإِيمَان إِلَّا بِالتَّحَابِّ» (23) . 3- قوله: «أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟»: قال ابن علان : «أو لا أدلكم: الهمزة للاستفهام، والواو عاطفة على محذوف مقدر بعد الهمزة، أي: أتتركوا التحاب، ولا أدلكم على شي إذا فعلتموه تحاببتم، فالاستفهام وارد على الهيئة المجموعية» (24) ، وقال الطيبي : «واعلم أنه تعالى جعل إفشاء السلام سبباً للمحبة، والمحبة سبباً لكمال الإيمان؛ لأن إفشاء السلام سبب للتحاب والتواد، وهو سبب الألفة، والجمعية بين المسلمين المسبب لكمال الدين، وإعلاء كلمة الإسلام، وفي التهاجر والتقاطع والشحناء التفرقة بين المسلمين، وهو سبب لانثلام الدين، والوهن في الإسلام، وجعل كلمة الذين كفروا العليا» (25) . 4- قوله: «أفشوا السلام بينكم»: أي أشيعوه وأكثروه وانشروه بينكم، قال ابن منظور : «فَشَا الشيءُ، يَفْشُو فُشوًّا: إِذَا ظَهَرَ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ إفْشَاء السِّرِّ، وَقَدْ تَفَشَّى الحِبرُ إِذَا كُتب عَلَى كاغدٍ رَقِيقٍ فتمشَّى فِيهِ، وَيُقَالُ: تَفَشَّى بِهِمُ الْمَرَضُ وتَفَشَّاهم الْمَرَضُ إِذَا عَمَّهم» (26) ، وقال النووي : «أَفْشُوا السَّلَام بَيْنكُمْ: فَهُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَفِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام، وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ؛ مَنْ عَرَفْت، وَمَنْ لَمْ تَعْرِف» (20) ، وقال المناوي : «(أفشوا السلام بينكم) فإنه يزيل الضغائن، ويورث التحابب، كما سلف تقريره» (27) ، وقال أيضاً: «وإفشاؤه نشره لكافة المسلمين من عرف ومن لم يعرف، قال النووي: الإفشاء: الإظهار، والمراد نشر السلام بين الناس؛ ليُحيوا سنته، وأقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلَّم عليه، فإن لم يسمعه لم يكن آتياً بالسنة، ويستحب أن يرفع صوته بقدر ما يتحقق أنه سمعه (28) ، وقال ابن علان : «السلام بينكم: وذلك أن اللّه تعالى جعل إشاعة السلام، وإذاعته سبباً للتوادد، وقوله: أفشوا جواب لمقدر كأنهم قالوا دلنا على ذلك» (29) . 5- قوله: «دب إليكم»: قال الفيروزأبادي : «دبّ: مشى على هينته، ودب الشراب والسقم في الجسم، والبلى في الثوب: سرى» (30) ، وقال الصنعاني : «أي: سار إليكم سيراً لطيفاً، وخالطكم بحيث لا تشعرون، قال الطيبي: الدب يستعمل في الأجسام، فاستعير للسراية على سبيل التبعية» (19) . 6- قوله: «داء الأمم: الحسد والبغضاء»: قال الصنعاني : «داء الأمم الحسد والبغضاء: بيان الداء والبغضاء» (19) ، والحسد كما قال ابن الأثير : «الحَسَدُ: أَنْ يرَى الرجُل لِأَخِيهِ نعْمة، فيَتَمنَّى أَنْ تَزُولَ عَنْهُ وَتَكُونَ لَهُ دُونه» (31) ، وقال الإمام ابن رجب : «وَالْحَسَدُ مَرْكُوزٌ فِي طِبَاعِ الْبَشَرِ، وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَفُوقَهُ أَحَدٌ مِنْ جِنْسِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ» (32) ، وأما البغض كما في مختار الصحاح: «الْبُغْضُ: ضِدُّ الْحُبِّ، ... وَبَغَّضَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ تَبْغِيضًا فَأَبْغَضُوهُ، أَيْ: مَقَتُوهُ، فَهُوَ مُبْغَضٌ، وَالْبَغْضَاءُ: شَدَّةُ الْبُغْضِ» (33) . 7- قوله: «هِيَ الْحَالِقَةُ »: قال ابن فارس : في معنى: الحلق: «تَنْحِيَةُ الشَّعْرِ عَنِ الرَّأْسِ، ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ... حَلَقْتُ رَأْسِي أَحْلِقُهُ حَلْقًا، وَيُقَالُ لِلْأَكْسِيَةِ الْخَشِنَةِ الَّتِي تَحْلِقُ الشَّعْرَ مِنْ خُشُونَتِهَا: مَحَالِقُ» (34) . 8- قوله: «حالقة الدين»: قال الصنعاني : «أي: مزيلةٌ باستئصالٍ، كإزالة الموسى للشعر، شبه البغضاء بآلة القطع للشعر المحسوس، وأثبت لها الحلاقة» (19) ، وقال المناوي : «لا حالقة الشعر: أي: الخصله التي شأنها أن تحلق، أي: تُهلك، وتستأصل الدين، كما يستأصل الموسى الشعر، ونبَّه به على أن البغضاء أقطع من الحسد وأقبح» (35) . 9- قوله: «وَالَّذي نَفسِي بِيَدِهِ»: قسم للتأكيد» (36) ، ليتعلّم الخَلق التَّصرُّف في ذلك بذكر اللَّه بجميع صفاته العُلَا، وأسمائه الحُسْنَى (37) ، فوالذي نفسي: أي: روحي بيده: في قبضته، يقبضه متى شاء، ويرسله متى شاء، والإقسام هنا لعظمة شأن الخبر،» (38) . 10- قوله: «أولا أدلكم»: الهمزة للاستفهام، والواو عاطفة على محذوف مقدر بعد الهمزة. أي: أتتركوا التحاب ولا أدلكم» (24) ، وقال أيضاً: «الواو عاطفة دخلت أداة الاستفهام عليها مع معطوفها، والمعطوف عليه متصيد من مفهوم الكلام، أي: أتسألون سبب التحابب، أولا أدلكم؟ إلخ، والتنوين في شيء يحتمل كونه للتعظيم، باعتبار ثمرته، وللتعليل، باعتبار لفظه» (29) . 11- قوله: «إذا فعلتموه تحاببتم»: قال الماوردي : «أَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم بِحَالِ الْحَسَدِ، وَأَنَّ التَّحَابُبَ يَنْفِيهِ، وَأَنَّ السَّلَامَ يَبْعَثُ عَلَى التَّحَابُبِ، فَصَارَ السَّلَامُ إذًا نَافِيًا لِلْحَسَدِ» (39) . 12- قوله: «فرد عليه السلام»: قال الإمام ابن كثير : في تفسير رد السلام: «أَيْ: إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ الْمُسْلِم فَرُدُّوا عَلَيْهِ أَفْضَل مِمَّا سَلَّمَ، أَوْ رُدُّوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا سَلَّمَ، فَالزِّيَادَة مَنْدُوبَة وَالْمُمَاثَلَة مَفْرُوضَة» (40) ، وقال ابن علان : «أي: بأن قال له: وعليكم السلام» (41) . 13- قوله: «عشرون»: قال ابن علان : «أي: الدعاء بالسلام، والدعاء بالرحمة عشرون حسنة لما مر» (41) . 14- قوله: «ثلاثون»: قال ابن علان : «أي: حسنة؛ لأن الحسنة يجزي صاحبها بعشر أمثالها، وذلك بناء على أن كلاً من: السلام ورحمة اللَّه وبركاته حسنة مستقلة، فإذا أتى بواحدة منها حصل له عشر حسنات، وإن أتى بها كلها حصل له ثلاثون حسنة» (41) . 15- قوله: «الْأَشَرَةُ»: قال ابن الأثير : «الأشَر: البَطَر، والكذب» (42) ، وقال في كتاب آخر: «الأَشَر: البَطَر، وَقِيلَ: أشَدُّ البَطر» (43) . 16- قوله: «شَرُّ»: قال الفيومي : « الشَّرُّ: السوء، والفساد والظلم» (44) .
ما يستفاد من الحديث:
1- الإيمان شرط لدخول الجنة، ومن كمال الإيمان الحب في اللَّه والبغض في اللَّه عز وجل. 2- السلام هو تحية أهل الإسلام، فلا يبدأ إلا به في جميع الأوقات. 3- إفشاء السلام من أعظم أسباب التآلف بين أهل الإسلام، فهو يزيل الوحشة، ويترتب عليه الأجور المضاعفة من اللَّه تعالى. 4- بيان عظيم فضل إفشاء السلام؛ لأن اللَّه علق دخول الجنة بالإيمان، والإيمان معلق بالسلام، وهذا ردٌّ دامغ على من يقسمون الدين إلى قشر ولباب ويجعلون السلام من القشور (45) . 5- جعل اللَّه السلام سببًا للسلامة في الدنيا، وهي تحية أهل الجنة؛ لقول اللَّه تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾سورة إبراهيم، الآية: 23 وقوله: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾سورة الزمر، الآية: 73 . 6- كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلم على الصبيان، ويبدأهم بالسلام، وعلى ذلك سار الصحابة من بعده، فكان أنس يفعله، وكان ابن عمر ب يخرج إلى السوق لا يبيع، ولا يشتري، ولكنه كان يخرج من أجل السلام على من يلقاه (46) . 7- السنة أن يبدأ المتكلم بالسلام قبل الكلام. 8- قال الطيبي : «واعلم أنه تعالى جعل إفشاء السلام سبباً للمحبة، والمحبة سبباً لكمال الإيمان؛ لأن إفشاء السلام سبب للتحاب والتواد، وهو سبب الألفة، والجمعية بين المسلمين المسبب لكمال الدين، وإعلاء كلمة الإسلام، وفي: التهاجر، والتقاطع، والشحناء: التفرقة بين المسلمين، وهو سبب لانثلام الدين، والوهن في الإسلام، وجَعْلُ كلمة الذين كفروا العليا» (25) . 9- قال النووي : «وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة، وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ، وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس، وَلُزُوم التَّوَاضُع، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ... وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ، وَالسَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف، وَإِفْشَاء السَّلَام كُلّهَا بِمَعْنَى وَاحِد، وَفِيهَا لَطِيفَة أُخْرَى، وَهِيَ: أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ رَفْع التَّقَاطُع، وَالتَّهَاجُر، وَالشَّحْنَاء، وَفَسَاد ذَات الْبَيْن الَّتِي هِيَ الْحَالِقَة، وَأَنَّ سَلَامه لِلَّهِ لَا يَتْبَع فِيهِ هَوَاهُ، وَلَا يَخُصّ أَصْحَابه وَأَحْبَابه بِهِ» (20) . 10- قال العلامة ابن عثيمين : «في هذا دليل على أن المحبة من كمال الإيمان، وأنه لا يكمل إيمان العبد حتى يحب أخاه، وأن من أسباب المحبة أن يفشي الإنسان السلام بين إخوانه، أي: يظهره، ويعلنه، ويسلِّم على من لقيه من المؤمنين؛ سواء عرفه، أو لم يعرفه؛ فإن هذا من أسباب المحبة؛ ولذلك إذا مر بك رجل، وسلم عليك أحببته، وإذا أعرض كرهته، ولو كان أقرب الناس إليك، فالذي يجب على الإنسان أن يسعى لكل سبب يوجب المودة والمحبة بين المسلمين؛ لأنه ليس من المعقول، ولا من العادة أن يتعاون الإنسان مع شخص لا يحبه، ولا يمكن التعاون على الخير والتعاون على البر والتقوى إلا بالمحبة؛ ولهذا كانت المحبة في اللَّه من كمال الإيمان، ... [و] من السنة إذا أحببت شخصاً أن تقول: إني أحبك؛ وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبه أحبك، مع أن القلوب لها تعارف وتآلف، وإن لم تنطق الألسن» (47) . 11- وقال : أيضاً: «فالمهم أنه ينبغي لنا إحياء هذه السنة أعني: إفشاء السلام، وهو من أسباب المحبة، ومن كمال الإيمان، ومن أسباب دخول الجنة. 12- السلام من أعمال أهل الغرف العالية، التي يُرَى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها؛ لحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه المتقدم في أحاديث الشرح.
3
مسند أحمد، برقم 9084، وصححه محققو المسند، 15/ 40، وجود إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد، 3/ 374
4
الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي، يكنى أبا عبد اللَّه، أمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حواريّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وابن عمته، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستّة أصحاب الشّورى، وأسلم وله اثنتا عشرة سنة وقيل ثمان سنين، واستشهد رضي الله عنه عقب معركة الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وله ست أو سبع وستون سنة، انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 2/ 510، والإصابة في تمييز الصحابة، 2/ 457
5
مسند أحمد، برقم 1412، والترمذي ، برقم 2510، وجود إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 8/ 30، وضعفه محققو المسند، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3361
6
مسند أحمد، 33/ 170، برقم 19948، وأبو داود، كتاب برقم 5195، والترمذي، كتاب برقم 2689، وقوّى إسناده محققو المسند، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 2710.
7
مسند أحمد، 30/ 494، برقم 18530، والبخاري في الأدب المفرد، برقم 787، ورقم 1266، وأبو يعلى، برقم 1687وابن حبان، برقم 491، وحسن إسناده محققو المسند، 30/ 495، والألباني في صحيح الجامع، برقم 1087
8
التاريخ الكبير للبخاري، 1/ 330، قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 3/ 433، رقم الحديث 1449، بعد أن ساق الحديث بإسناده عن البخاري في التاريخ الكبير: «وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات كلهم من رجال التهذيب، إبراهيم بن المختار، وهو الرازي، روى عن جماعة من الثقات ذكرهم ابن أبي حاتم، 1 / 1 / 138، وقد ردّ الألباني : على من استدرك عليه تصحيح الحديث. انظر هذا الرد الذي توصل فيه الألباني إلى ثبوت الحديث في مقدمة المجلد الثالث من الطبعة الثانية، 3/ 2 من سلسلة الأحاديث الصحيحة. قلت: وقد سمعت الحديث عرض على سماحة شيخنا ابن باز : عرضه عليه الشيخ سلطان الخميس، فقال بأنه حسن، ولكن للأسف، لأني أُنسيت من أي كتاب كان أخذه سلطان الخميس، ولعلي أبحث عن الشيخ سلطان ليعثر على مكان تحسين شيخنا لهذا الحديث
9
الأدب المفرد للبخاري، ص 346، برقم 1001، وقال الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص 436، برقم 1131: «حسن الإسناد إلا الزيادة، فصحيحة الإسناد، عن أبي الزناد أَنَّهُ أَخَذَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ مِنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمِنْ كُبَرَاءِ آلِ زَيْدٍ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِعَبْدِ اللَّهِ؛ مُعَاوِيَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ؛ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّكَ تَسْأَلُنِي عَنْ مِيرَاثِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ ... فَذَكَرَ الرِّسَالَةَ [رواها الطبراني في المعجم الكبير، 5/147/4860 بهذا الإسناد الحسن، ولم يذكر الذي رواه المؤلف بعدها]، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْهُدَى وَالْحِفْظَ وَالتَّثَبُّتَ فِي أَمْرِنَا كُلِّهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَضِلَّ، أَوْ نَجْهَلَ، أَوْ نكلف ما ليس لنا بعلم، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، وَطَيِّبُ صَلَوَاتِهِ»
10
مسلم، كتاب كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه، ووسمه فيه، برقم 2168
11
المعجم الأوسط للطبراني، 1/ 136، برقم 429، وحسنه الألباني، في السلسلة الصحيحة، برقم 816.
12
عمل اليوم والليلة لابن السني، برقم 214، وحلية الأولياء لأبي نعيم، 8/ 199، وحسنه الألباني، في السلسلة الصحيحة، برقم 816
13
مسلم، كتاب السلام، باب يسلِّم الراكب على الماشي، والقليل على الكثير، برقم 2160
14
البخاري، كتاب الاستئذان، باب يسلم الصغير على الكبير، برقم 6234
15
سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه، برقم 5200، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 186
16
مسند أحمد، 37/ 539، برقم 22905، وعبد الرزاق، برقم 20883، وابن حبان، 2/ 62، برقم 509، وحسن إسناده محققو المسند، والألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، 2/ 18.
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .