شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «
يعلمنا الاستخارة»: هي طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما، قال ابن الأثير : «
الْخَيْرُ ضِدُّ الشَّر، ... وخَارَ اللَّهُ لَكَ: أَيْ أَعْطَاكَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَك... والِاسْتِخَارَةُ: طَلَبُ الخِيَرَة فِي الشَّيْءِ، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنْهُ، يُقَالُ اسْتَخِرِ اللهَ يَخِرْ لَك، وَمِنْهُ دُعاء الِاسْتِخَارَة: «اللهُمَّ خِرْ لِي» أَيِ اخْتَرْ لِي أصلَحَ الأمْرَين، واجْعَلْ لِي الخِيَرَةَ فِيهِ» .
2- قوله: «
في الأمور كلها» أي: في أمور الدنيا، كالزواج من فلانة - وليس أصل الزواج – والسفر، وبناء الدار، وتكون في المباح، ولا تكون في المستحبات، ولا الواجبات؛ لأن الأصل فعلها، ومن باب أولى لا تكون في المكروهات، ولا المحرمات؛ لأن الأصل تركها، إلا أن الاستخارة تجوز في الواجبات التي وقتها موسع، كالحج عند من يرى أنه واجب على التراخي، أي: هل يحج هذا العام أم الذي بعده؟! وكذلك يستخير في الطرق إلى الحج إذا تعددت، ووسائل النقل إذا تعددت، والأصحاب والرفقة إذا تعددوا، وكذلك يُستخار في المستحبات عند تواردها، وتعارضها، كمن أراد أن يذهب إلى عمرة، أو إلى تعلم علم شرعي؛ فإنه يستخير.
، قال ابن الملقن : «
على المؤمن ردّ الأمور كلها إلى اللَّه، وصرف أزمتها، والتبرؤ من الحول، والقوة إليه، وينبغي له ألا يروم شيئًا من دقيق الأمور وجليلها حتى يستخير اللَّه تعالى فيه، ويسأله أن يحمله فيه على الخير، ويصرف عنه الشر، إذعانًا بالافتقار إليه في كل أمر، والتزامًا بالذلة والعبودية له، وتبركًا باتباع سنة نبيه في الاستخارة، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يعلمهم هذا الدعاء، كما يعلمهم السورة من القرآن؛ لشدة حاجتهم إلى الاستخارة في الحاجات كلها، كشدة حاجتهم إلى القراءة في كل الصلوات» .
3- قوله: «
كما يعلمنا السورة من القرآن»: قيل وجه التشبيه عموم الحاجة في الأمور كلها إلى الاستخارة، كعموم الحاجة إلى القراءة في الصلاة، وقيل وجه الشبه في ترتيب كلماته، ومنع الزيادة والنقص، ويحتمل أن يكون من جهة كون كل منهما عُلم بالوحي .
4- قوله: «
إذا هَمَّ أحدكم بالأمر» أي: إذا أجمع القلب على فعل شيء، قال ابن علان : «
الأمر: الجائز فعلاً أو تركاً» .
5- قوله: «
فليركع ركعتين» أي: ليصلي ركعتين، وقد يذكر الركوع ويراد به الصلاة.
لقوله:
﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ سورة البقرة، الآية: 43 ، ويذكر السجود، ويراد به الصلاة؛ لقوله:
﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ سورة العلق، الآية: 19 ، وهذا من باب ذكر الجزء، وإرادة الكل، قال الباجي : «
فَلْيَرْكَعْ ركعتينِ: لَفْظُه لفظ الأمر، وهو محمولٌ على النَّدْبِ، بدليل أنّه لا يجب من الصَّلوات إلا الخمس» .
6- قوله: «
من غير الفريضة»: يريد بذلك الصلوات الخمس، أي: لا يستخير فيها، بل تكون هذه الصلاة صلاة نافلة خالصة لهذا الأمر، وهو دليل على عدم الوجوب، وقال الحافظ في الفتح: فيهِ احتِراز عَن صَلاة الصُّبح مَثَلاً، ويَحتَمِل أَن يُرِيد بِالفَرِيضَةِ عَينها، وما يَتَعَلَّق بِها، فَيَحتَرِز عَن الرّاتِبَة كَرَكعَتِي الفَجر مَثَلاً، وقالَ النَّووِيّ فِي الأَذكار: لَو دَعا بِدُعاءِ الاستِخارَة عَقِب راتِبَة صَلاة الظُّهر مَثَلاً، أَو غَيرها مِنَ النَّوافِل الرّاتِبَة، والمُطلَقَة، سَواء اقتَصَرَ عَلَى رَكعَتَينِ أَو أَكثَر أَجزَأَ، كَذا أَطلَقَ، وفِيهِ نَظَر، ويَظهَر أَن يُقال: إِن نَوى تِلكَ الصَّلاة بِعَينِها، وصَلاة الاستِخارَة مَعًا أَجزَأَ، بِخِلافِ ما إِذا لَم يَنوِ، ويُفارِق صَلاة تَحِيَّة المَسجِد؛ لأَنَّ المُراد بِها شَغل البُقعَة بِالدُّعاءِ، والمُراد بِصَلاةِ الاستِخارَة أَن يَقَع الدُّعاء عَقِبها، أَو فِيها، ويَبعُد الإِجزاء لِمَن عَرَضَ لَهُ الطَّلَب بَعد فَراغ الصَّلاة؛ لأَنَّ ظاهِر الخَبَر أَن تَقَع الصَّلاة والدُّعاء بَعد وُجُود إِرادَة الأَمر ... وأيضاً قال: «
ويُؤخَذ مِن قَولُه: «مِن غَير الفَرِيضَة» أَنَّ الأَمر بِصَلاةِ رَكعَتَي الاستِخارَة لَيسَ عَلَى الوُجُوب، قالَ شَيخنا فِي شَرح التِّرمِذِيّ: ولَم أَرَ مَن قالَ بِوُجُوبِ الاستِخارَة .
7- قوله: «
ثم ليقل اللَّهم إني أستخيرك» أي: أطلب منك أن توفقني، وتسدد خطاي إلى خير الأمر، فأنت تعلمه، وأنا أجهله، «
اللَّهُمَّ بِمَعْنَى: يَا أَلله، ... » ، وقال الباجي : «
معناه اسْتَفعَلَ: يُسْتَعمل في لسان العرب، ويأتي على معانٍ: منها سؤال الفعل، فتقدير الكلام: أطلب منك الخَيْرَ والخِيْرَة فيما هممتُ به، والخيرُ هو كلُّ فعْلِ سألَهُ العبدُ من اللهِ» .
8- قوله: «
بعلمك»: الباء هنا للتعليل، أي لأنك أعلم، وكذا في قوله: «
بقدرتك»، ويُحتمل أن تكون للاستعانة، كقوله:
﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْراهَا وَمُرْسَاهَا﴾ سورة هود، الآية: 41 ، ويحتمل أن تكون للاستعطاف، كقوله:
﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ سورة القصص، الآية: 17 .
9- قوله: «
وأستقدرك» أي: أطلب منك أن تجعل لي على ذلك قدرة بتيسير الخير لي .
10- قوله: «
بقدرتك»: قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «
فَعِلْمُهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ، وَقُدْرَتُهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ، ... وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِقُدْرَتِهِ، وَمَشِيئَتِهِ، وَإِنْ سَمَّى فِعْلًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَهُوَ صِفَةٌ بِاعْتِبَارِ قِيَامِهِ بِالْمُتَكَلِّم» .
وقال العيني : «
القدرة للَّه وحده» ، وقال : في كتاب آخر: «
أطلب منك القدرة على ما نويتُه, فإنك قادر على إقدارِي عليه، أو تقدر لي الخير بسبب قدرتك عليه، والباء للسببيّة في الموضعين» .
11- قوله: «
وأسألك من فضلك العظيم»: هذا إشارة إلى أن عطاء اللَّه محض فضل منه، وتمام جود على عبده، فليس لأحد على اللَّه حق في نعمه، وهو مذهب أهل السنة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «
فَهَذَا السُّؤَالُ مِنْ جُودِهِ وَمَنِّهِ وَعَطَائِهِ وَإِحْسَانِهِ الَّذِي يَكُونُ بِمَشِيئَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحَنَانِهِ» .
12- قوله: «
فإنك تقدر ولا أقدر»: إشارة إلى أن العلم والقدرة للَّه وحده، وليس للعبد من ذلك إلا ما قدر اللَّه له، وكأنه قال: أنت يا رب تقدر قبل أن تخلق في القدرة، وعندما تخلقها في وبعد ما تخلقها .
13- قوله: «
وتعلم ولا أعلم»، قال الإمام ابن قيم الجوزية : «
أي: حقيقة العلم بعواقب الأمور، ومآلها، والنافع منها، والضار عندك، وليس عندي» .
14- قوله: «
وأنت علام الغيوب» أي: أنه لا يختص بمعرفة ما في الغيب إلا أنت، وأنت كذلك العليم بعواقب الأمور، ما هو النافع منها والضار، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «
فَغَيْبُهُ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ لَا يُظْهِرُ عَلَيْهِ أَحَدًا إلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ... وَأَمَّا مَا أَظْهَرَهُ لِعِبَادِهِ فَإِنَّهُ يُعَلِّمُهُ مَنْ شَاء،َ وَمَا تَتَحَدَّثُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَقَدْ تَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ بَعْضَهُ؛ لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ غَيْبِهِ وَعِلْمِ نَفْسِهِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هَذَا قَدْ أَظْهَرَ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ» ، وقال السعدي : «
عَلامُ الْغُيُوبِ: الذي يعلم ما تنطوي عليه القلوب، من الوساوس والشبه، ويعلم ما يقابل ذلك، ويدفعه من الحجج» .
15- قوله: «
اللَّهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر»: هذا راجع إلى عدم علم العبد بعاقبة أمره، أما علم اللَّه فهو محيط بكل شيء ، وقال ابن علان : «
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر أي: الذي عزمت عليه» .
16- قوله: «
ويسمي حاجته» أي: أمر الزواج من فلانة، أو السفر إلى مكان كذا أو غير ذلك مما يستخير من أجله من المباحات، قال القاري : «
ويسمي حَاجته: أَي: فِي أثْنَاء الدُّعَاء عِنْد ذكرهَا بِالْكِنَايَةِ عَنْهَا فِي قَوْله: إِن كَانَ هَذَا الْأَمر» ، وقال ابن الملقن : «
أي: إما بلسانه، أو بقلبه؛ لأنه من الدعاء والعمل الذي يتقرب به إلى اللَّه» .
17- قوله: «
خير لي في ديني»: قدم الدين؛ لأنه الأهم، والأجدر بالحرص عليه؛ فإذا صحّ دين الإنسان؛ فقد فاز، وإن اختلّ فلا بركة في شيء بعد ذلك، قال ابن علان : «
خير لي في ديني»: «
بأن لا يترتب عليه نقص ديني، ولا دنيوي» .
18- قوله: «
ومعاشي»: «
بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ حَيَاتِي، أَوْ مَا يُعَاشُ فِيهِ ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ» .
19- قوله: «
وعاقبة أمري»: قال العيني: «
إن كان فيه خير يرجع لديني، ولمعاشي، وعاقبة أمري، وإنما ذكر عاقبة الأمر؛ لأنه رُبّ شيء يهمّه الرجل يكون فيه خير في تلك الحال في الظاهر, ولكن لا يكون له خير في آخر الأمر, بل ينقلب إلى عكسه» .
20- قوله: «
أَوْ قَالَ: عَاجِلَ أَمْرِي وآجله» إلَخْ.
أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ: «
فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي»، يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَمْرِ الْحَيَاةُ، أَيْ: فِي حَيَاتِي الْعَاجِلَةِ، وَحَيَاتِي الْآجِلَةِ، أَيْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَالْحَيَاةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَحْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ وَأَحْوَالُهُ الْأُخْرَوِيَّةُ» ، قال المباركفوري : «
وعاجل الأمر يشمل الديني، والدنيوي، والآجل يشملهما» .
21- قوله: «
فاقدره لي»: أي: فقدره يقال قدرت الشيء أقدره بالضم والكسر قدرا من التقدير قال شهاب الدين القرافي في كتاب أنوار البروق: يتعين أن يراد بالتقدير هنا التيسير فمعناه فيسره» .
22- قوله: «
ثم يسره لي» يعني بذلك الأسباب التي علامات على تحصيل المطلوب، وفى رواية: «
يسره لي»، وفي أخرى: «
وبارك فيه»، ثم «
يسره لي» .
قال الإمام ابن القيم: «
ولما كان العبد يحتاج في فعل ما ينفعه في معاشه، ومعاده إلى علم ما فيه من المصلحة، وقدّره عليه، وتيسره له، وليس له من نفسه شيء من ذلك، بل علمه ممن علم الإنسان ما لم يعلم، وقدرته منه، فإن لم يقدره عليه، وإلا فهو عاجز، وتيسيره منه، فإن لم ييسره عليه، وإلا فهو متعسر عليه بعد أقداره، أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى محض العبودية، وهو جلب الخيرة من العالم بعواقب الأمور، وتفاصيلها، وخيرها، وشرها، وطلب القدرة منه، فإنه إن لم يقدره، وإلا فهو عاجز، وطلب فضله منه؛ فإن لم ييسره له، ويهيئه له، وإلا فهو متعذر عليه، ثم إذا اختاره له بعلمه، وأعانه عليه بقدرته، ويسره له من فضله، فهو يحتاج إلى أن يبقيه عليه، ويديمه بالبركة التي يضعها فيه، والبركة تتضمن ثبوته، ونموه، وهذا قدر زائد على إقداره عليه، وتيسيره له» .
23- قوله: «
ثم بارك لي فيه»: هذا متضمن لوقوع هذا الشيء، وثبوته ونموه، والانتفاع به، قال العلامة ابن عثيمين : «
...وإذا أنزل اللَّهُ البركةَ لشخص فيما أعطاه، صار القليلُ منه كثيراً، وإذا نُزعت البركةُ صار الكثيرُ قليلاً» .
24- قوله: «
وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني»: قال الإمام ابن قيم الجوزية : «
أي: حقيقة العلم بعواقب الأمور، ومآلها، والنافع منها، والضار عندك، وليس عندي» .
25- قَوله : «
وعاقِبَة أَمرِي أَو قالَ: فِي عاجِل أَمرِي وآجِله»: قال الحافظ ابن حجر : «
هُو شَكّ مِنَ الرّاوِي، ولَم تَختَلِف الطُّرُق فِي ذَلِكَ، واقتَصَرَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عَلَى «عاقِبَة أَمرِي»، وكَذا فِي حَدِيث ابن مَسعُود، وهُو يُؤَيِّد أَحَد الاحتِمالَينِ فِي أَنَّ العاجِل والآجِل مَذكُورانِ بَدَل الأَلفاظ الثَّلاثَة ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري» أَو بَدَل الأَخِيرَينِ فَقَط معاشي، وعاقبة امري، وعَلَى هَذا فَقَول الكَرمانِيّ: لا يَكُون الدّاعِي جازِمًا بِما قالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلاَّ إِن دَعا ثَلاث مَرّات، يَقُول مَرَّة: فِي دِينِي، ومَعاشِي، وعاقِبَة أَمرِي، ومَرَّة: فِي عاجِل أَمرِي وآجِله، ومَرَّة فِي دِينِي وعاجِل أَمرِي وآجِله» .
26- قوله: «
وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله»: قال المباركفوري : «
أي: معادي، قال السندي: ينبغي أن يجعل الواو ههنا بمعنى أو بخلاف قوله: «خير لي في كذا وكذا»، فإن هناك على بابها؛ لأن المطلوب حين تيسره أن تكون خيراً من جميع الوجوه، وأما حين الصرف فيكفي أن يكون شراً من بعض الوجوه» .
27- قوله: «
فاصرفه عني واصرفني عنه»: أي: حتى لا يبقى القلب متعلقًا به بعد صرف الأمر عنه، قال ابن حجر رحمه الله: «
أَي: حَتَّى لا يَبقَى قَلبه بَعد صَرف الأَمر عَنهُ مُتَعَلِّقًا بِهِ، وفِيهِ دَلِيل لأَهلِ السُّنَّة أَنَّ الشَّرّ مِن تَقدِير اللَّه عَلَى العَبد؛ لأَنَّهُ [أي العبد] لَو كانَ يَقدِر عَلَى اختِراعه لَقَدَرَ عَلَى صَرفه، ولَم يَحتَج إِلَى طَلَب صَرفه عَنهُ» .
28- قوله: «
واقدر لي الخير حيث كان»: قال ابن علان : «
أي: ما فيه ثواب، ورضا منك على فاعله حيث كان، أي: أقدرني على فعله في أيّ مكان وأي زمان حصل» .
29- قوله: «
ثم رضني به»: قال ابن علان : «
حتى لا أزدري شيئاً من نعمك ولا أحسد أحداً من خلقك، وحتى أندرج في سلك الراضين الممدوحين» .
30- قوله: «
ثم أرضني به»: لأن المقدور يكتنفه أمران: الاستخارة قبل وقوعه، والرضا بعد وقوعه، ومن سعادة العبد أن يجمع بينهما .
31- ومعنى قوله تعالى:
﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ سورة آل عمران، الآية: 159 »، أي: شاور يا محمد ذوي الرأي من أصحابك في الأمور المهمة، فإذا ترجح رأي فاعزم على تنفيذه متوكلًا على اللَّه، قال السعدي : «
أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره» .