سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره

حديث: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره

عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ أنه كان يقول في سجوده: «اللَّهم! لك سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، وأنتَ ربي، سجد وجهي للذي خلقَه وصوَّره، وشق سمعَه وبصَرَه، تبارك الله أحسن الخالقين».

صحيح: رواه النسائي (١١٢٧) عن يحيى بن عثمان قال: أخبرنا أبو حيوة، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النوعي الذي يرشدنا إلى دعاء عظيم نقوله في سجودنا، معتمدًا على كبار شروح الحديث المعتمدة عند أهل السنة والجماعة مثل "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني، و"شرح صحيح مسلم" للإمام النووي، وغيرها.

الحديث:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ أنه كان يقول في سجوده: «اللَّهُمَّ! لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، وَأَنْتَ رَبِّي، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ».

1. شرح المفردات:

● لَكَ سَجَدْتُ: أي أنا خاضع متذلل لك يا الله، وليس لأحد سواك.
● وَبِكَ آمَنْتُ: أي صدقت بك وبرسلك وكتبك وملائكتك والقدر خيره وشره.
● وَلَكَ أَسْلَمْتُ: أي استسلمت وانقادت لك بجميع أموري، وأخلصت العبادة لك وحدة.
● وَأَنْتَ رَبِّي: أي أنت المربي لي بالنعم، والمتصرف في شؤوني.
● سَجَدَ وَجْهِي: أي خضع واستكان وجهي، وهو أشرف الجوارح، لله تعظيمًا له.
● لِلَّذِي خَلَقَهُ: أي لله الذي أوجده من عدم.
● وَصَوَّرَهُ: أي الذي أعطاه شكله وهيئته التي هو عليها.
● وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ: أي الذي فتح له أذنه وعينه وأبدع خلقهما ليسمع ويرى.
● تَبَارَكَ اللَّهُ: أي تعالت بركته وكثر خيره.
● أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ: أي هو الذي لا يُقاس خلقه بخلق أحد، فكل خالق سواه مخلوق، وهو المُتفرد بالإبداع والكمال في الخلق.

2. شرح الحديث:

هذا الدعاء هو من أذكار السجود التي كان النبي ﷺ يداوم عليها، وهو يجمع بين أنواع العبودية كلها: عبودية القلب (الإيمان)، وعبودية الجوارح (السجود)، وعبودية الإرادة (الإسلام والاستسلام).
● "اللَّهُمَّ! لَكَ سَجَدْتُ": إقرار بالعبادة الخالصة لله، فالسجود هو أعلى مراتب الخضوع، وهو لله وحده.
● "وَبِكَ آمَنْتُ": إعلان للإيمان الذي هو أساس الدين، وهو تصديق بالقلب.
● "وَلَكَ أَسْلَمْتُ": إعلان للانقياد الظاهري والباطني، فالإسلام هو الاستسلام لله بالطاعة.
● "وَأَنْتَ رَبِّي": هذا توحيد للربوبية، وهو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المدبر.
- ثم يذكر الساجد سبب سجوده وهو تعظيم الله لكونه الخالق المصور الذي منحه نعمة السمع والبصر، وهما من أعظم النعم.
● "تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ": ثناء على الله تعالى بإثبات صفة الخلق له على وجه الكمال والجمال، وليس كما يزعم المشركون أن لأصنامهم قدرة على الخلق.

3. الدروس المستفادة منه:

● إخلاص العبادة لله: الحديث يربي المسلم على إخلاص السجود والعبادة لله وحده.
● الجمع بين أنواع التوحيد: جمع الحديث بين توحيد الربوبية (الخلق والتصوير) وتوحيد الألوهية (السجود والدعاء).
● شكر النعم: التذكير بنعم الله على العبد، كخلق الوجه والسمع والبصر، مما يدعو إلى شكر المنعم.
● التذلل والخشوع: هذا الدعاء يعمق feelings الخشوع والخضوع في الصلاة، وخاصة في السجود الذي هو أقرب ما يكون العبد من ربه.
● الثناء على الله: تعليم المسلم كيف يثني على ربه بأسمائه وصفاته.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● مكانة السجود: السجود هو موضع إجابة الدعاء، لذا ينبغي للعبد أن يكثر فيه من الدعاء والثناء على الله.
● ثبوت صفة الخلق لله: قوله "أحسن الخالقين" لا يعني أن هناك خالقين آخرين، بل هو من باب المقابلة والتفضيل، كما في قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأسٌ شَدِيدٌ} [الحديد:25]، مع أن الله هو المنزل وحده. والمعنى: أنه تعالى أحسن من خلق، وكل خالق سواه مخلوق وناقص.
● استحباب هذا الدعاء: يستحب للمسلم أن يقول هذا الدعاء في سجوده، لموافقته لهدي النبي ﷺ.
● الحديث رواه مسلم: وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، مما يزيده قوة وثبوتًا.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقبلين عليه في صلاتهم، الخاشعين في سجودهم، وأن يتقبل منا صالح الأعمال. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (١١٢٧) عن يحيى بن عثمان قال: أخبرنا أبو حيوة، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ فذكر الحديث. وإسناده صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 232 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره

📜 حديث: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية