اللَّهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ

حديث: اللَّهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ

عن علي بن أبي طالب، عن النبي ﷺ في حديث طويل: وإذا ركع قال: «اللَّهم لك
ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سَمْعي وبصري، ومُخي وعظْمِي وعصبي».
وإذا رفع قال: «اللَّهم! ربنا لك الحمدُ مِلأَ السماوات ومِلأَ الأرضِ ومِلأَ ما بينهما، ومِلأَ ما شئت من شيء بعدُ».

صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٧١: ٢٠١) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا يوسف الماجشون، حدثني أبي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا الحديث العظيم الذي رواه سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح جزءاً من أدعية وأذكار الركوع والرفع منه في الصلاة، وهي من السنن المؤكدة التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:

● رَكَعَ: انحنى في الصلاة بحيث تصل اليدان إلى الركبتين.
● خَشَعَ: خضع وذل وانكسر لله تعالى، وهو ضد الغفلة والاستكبار.
● سَمْعِي: حاسة السمع.
● بَصَرِي: حاسة البصر.
● مُخِّي: الدماغ، وهو مركز الفكر والإدراك.
● عَظْمِي: جميع عظام الجسد.
● عَصَبِي: الأعصاب والعروق التي تربط أجزاء الجسد.
● مِلْءَ: ملأ، أي ما امتلأت به وملأ حجمها.
● مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ: أي بالإضافة إلى ذلك، كل ما شئت وأردت أن يملأه الحمد.

ثانياً. شرح الحديث:

ينقسم الحديث إلى قسمين: دعاء في حالة الركوع، ودعاء عند الرفع من الركوع.
1. الدعاء في الركوع:
يقول المصلي: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي».
● «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ»: أي يا الله، إن انحناءي وخضوعي هذا في الركوع هو خالصٌ لوجهك الكريم وعبادة لك وحدك، لا أشرك في عبادتي هذه أحداً.
● «وَبِكَ آمَنْتُ»: الإقرار بأن الإيمان كله بالله، وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان.
● «وَلَكَ أَسْلَمْتُ»: الاستسلام الكامل لله بالطاعة والانقياد لأمره واجتناب نواهيه.
● «خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي»: هنا يخصص المصلي خشوع جوارحه لله تعالى. فليس الخشوع مجرد انحناء الظهر، بل هو خضوع كل الجسد والجوارح لله، بحيث يكون السمع لا يسمع إلا ما يرضي الله، والبصر لا ينظر إلا إلى ما أحل الله، والمخ (الدماغ) لا يفكر إلا في طاعة الله، والعظام والأعصاب تتحرك في طاعته. إنه إعلان لتوحيد العبودية بكل كيان الإنسان.
2. الدعاء عند الرفع من الركوع:
يقول المصلي: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ».
- هذا ثناء عظيم على الله تعالى. فالمصلي بعد أن أنعم الله عليه بالقدرة على القيام من الركوع، يعترف بنعم الله عليه.
● «مِلْءَ السَّمَاوَاتِ»: أي حمداً يملأ السماوات كلها في سعتها وعظمتها.
● «وَمِلْءَ الْأَرْضِ»: وحمداً يملأ الأرض وما عليها.
● «وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا»: وحمداً يملأ كل ما في هذا الكون الفسيح.
● «وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»: ثم يختم بالتفويض لله، فحمدنا لا يفي بحق الله، فكأنه يقول: وحمداً يملأ كل ما شئت أن تخلقه أو يوجد بعد هذا، فحمدك لا يُحصى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- إخلاص العبادة لله: التصريح في الركوع بأن الخضوع والانحناء هو لله وحده، هو تجديد للإخلاص في كل ركعة.
2- شُمولية العبودية: الإسلام ليس طقوساً شكلية، بل هو استسلام كامل لله بكل الجوارح والحواس والفكر (السمع، البصر، المخ، العظم، العصب).
3- تعظيم الله والثناء عليه: دعاء الرفع من الركوع يعلم المسلم كيف يعظم ربه وينزهه، ويستخدم أعلى درجات المبالغة في الثناء («مِلْءَ السَّمَاوَاتِ...»).
4- ربط العبادة بالإيمان: لم يفصل النبي صلى الله عليه وسلم بين العبادة العملية (الركوع) والعقيدة («وبك آمنت»). فالصلاة تنبع من الإيمان وتقويه.
5- أهمية الذكر والدعاء في الصلاة: الصلاة ليست مجرد حركات، بل هي مناجاة وذكر وتذلل لله تعالى، وهذا يزيد في الخشوع والتركيز.

رابعاً. معلومات إضافية:

● مصدر الحديث: رواه مسلم في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد القرآن الكريم.
● حكم هذه الأذكار: هي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يستحب للمصلي أن يحافظ عليها ليقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ويزيد في أجره وخشوعه.
● معنى "عصبي": قيل هي العروق والأعصاب، وقيل اللحم كله، والم

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٧١: ٢٠١) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا يوسف الماجشون، حدثني أبي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 238 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللَّهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ

📜 حديث: اللَّهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اللَّهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اللَّهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اللَّهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية