قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هذا من الأحاديث التي تبين عظمة الله تعالى وتظهر رحمته بعباده، وسأشرحه لكم على النحو التالي:

---

الحديث:

عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسِعَ سمعُه الأصواتَ، لقد جاءتْ خولةُ بنتُ ثعلبة إلى رسول الله ﷺ تشكو زوجَها، فكان يخفَى عليَّ كلامُهما، فأنزل الله عز وجل: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [سورة المجادلة: ١].

---

1. شرح المفردات:

● وسِعَ سمعُه الأصواتَ: أي أن سمع الله تعالى لا يعجزه شيء، يسمع كل الأصوات مهما كثرت وتنوعت واختلطت.
● تجادلك: تحاورك وتخاصمك في أمر زوجها.
● تشتكي إلى الله: ترفع شكواها إلى الله تعالى مع شكواها إلى النبي ﷺ.
● تحاوركما: حديثكما ومناقشتكما.

---

2. شرح الحديث:

تبدأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كلامها بحمد الله تعالى على سعة سمعه وإحاطته بكل الأصوات، ثم تروي قصة خولة بنت ثعلبة التي أتت إلى النبي ﷺ تشكو من زوجها أوس بن الصامت، وكانت تخاطب النبي ﷺ في شأنه وكان يرد عليها، ولكن عائشة كانت في مكان قريب لا تسمع كلامهما بوضوح.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة تخبر النبي ﷺ بأن الله قد سمع كلام هذه المرأة وهي تجادل النبي ﷺ في أمر زوجها وتشتكي إلى الله، كما سمع تحاور النبي ﷺ معها وردوده عليها.

---

3. الدروس المستفادة منه:

● سعة علم الله وإحاطته: فالله تعالى يسمع كل الأصوات ولا يخفى عليه شيء.
● اهتمام الإسلام بشكاوى النساء: فقد استمع النبي ﷺ لشكوى هذه المرأة وأنزل الله تعالى فيها قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.
● عدل الإسلام وحماية حقوق الضعفاء: حيث تناولت الآيات التي نزلت بعدها أحكام الظهار التي كانت من أسباب شكوى خولة.
● فضل الله تعالى على هذه الأمة: بأن جعل لها منتدى تشتكي فيه إلى نبيها، وينزل الوحي بحل مشكلاتها.
● الحكمة من إخفاء بعض الأمور: فقد أخفى الله كلامهما عن عائشة لحكمة يعلمها، ثم بينه في القرآن.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذه القصة كانت سبب نزول أول آيات سورة المجادلة، والتي تناولت أحكام الظهار.
- خولة بنت ثعلبة هي من النساء الفضليات اللاتي ذكرن في القرآن بصورة غير مباشرة.
- القصة تدل على أن الله تعالى يسمع شكوى المظلومين ويستجيب لهم.
- فيها بيان لأخلاق النبي ﷺ في حسن الاستماع ومشاركة الناس همومهم.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا وأن يرزقنا العمل بكتابه وسنة نبيه ﷺ.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.