الأصل في الشهر أنه تسعة وعشرين يوما

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها:

---

نص الحديث:

عن أم سلمة أن النبي ﷺ حلف لا يدخل على بعض أهله شهرًا، فلما مضى تسعة وعشرون يومًا غدا عليهن - أو راح - فقيل له: يا نبي الله، حلفتَ أن لا تدخل عليهن شهرًا؟ قال: «إن الشهر يكون تسعةً وعشرين يومًا».

---

١. شرح المفردات:

● حلف: أي أقسم ونذر.
● بعض أهله: يقصد بعض زوجاته.
● شهرًا: المدة الزمنية المعروفة.
● غدا عليهن أو راح: أي ذهب إليهن في الصباح أو في المساء.
● يكون: أي قد يكون ويمكن أن يكون.

---

٢. شرح الحديث:

كان من هدي النبي ﷺ أنه إذا غضب لا يقول إلا حقًا، وفي هذا الموقف حلف ﷺ أن لا يدخل على بعض زوجاته شهرًا كاملًا تأديبًا لهن، وذلك بسبب موقف حصل بينهن كما ورد في بعض الروايات.
فلما مضت تسعة وعشرون يومًا - وهي مدة يمكن أن تكون شهرًا قمريًا كاملًا - دخل عليهن، فاستغرب بعض الصحابة من ذلك لأنهم فهموا أن "الشهر" في القسم يعني ثلاثين يومًا، فأخبرهم النبي ﷺ أن الشهر في حساب العرب والأشهر القمرية يمكن أن يكون تسعة وعشرين يومًا، وهذا صحيح لأن الأشهر القمرية تتراوح بين 29 و30 يومًا.

---

٣. الدروس المستفادة:

1- جواز الحلف على ترك المباح: يجوز للإنسان أن يحلف على ترك شيء مباح لمصلحة شرعية أو تأديبية.
2- مراعاة الأحوال الفلكية: ينبغي مراعاة الحساب الفلكي الصحيح للأشهر القمرية في اليمين وغيرها.
3- فقه النبي ﷺ الدقيق: بيان دقة النبي ﷺ في الوفاء باليمين مع عدم تحميل نفسه المشقة.
4- التأديب الحكيم: جواز تأديب الزوجة بالهجر في المضجع أو عدم الدخول عليها ضمن الضوابط الشرعية.
5- التيسير ورفع الحرج: من حكمة الشريعة التيسير وعدم التضييق، فالشهر قد يكون 29 يومًا.

---

٤. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل في أن الشهر الهجري قد يكون 29 يومًا وقد يكون 30 يومًا.
- فيه دليل على أن اليمين يحنث بها إذا حنث فيها الحالف، لكن النبي ﷺ لم يحنث لأنه دخل بعد انقضاء المدة الشرعية للشهر.
- يستفاد منه أن اليمين على ترك الوطء أو الدخول على الزوجة جائز إذا كان لأمر شرعي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.