حديث: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الإيلاء

عن ابن عباس ﵄ قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي ﷺ اللتين قال الله تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ
صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] حتى حجَّ وحججتُ معه، وعدل وعدلتُ معه بإداوة، فتبرزَ ثم جاء فسكبتُ على يديه منها فتوضأ، فقلت له: يا أمير المؤمنين! مَن المرأتان من أزواج النبي ﷺ اللتان قال الله تعالى: ﴿﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤]؟ قال: واعجبا لك يا ابن عباس، هما عائشة وحفصة، ثم استقبل عمر الحديث يسوقه قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهم من عَوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي ﷺ، فينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤُهم، فطفق نساؤُنا يأخذن من أدب نساء الأنصار. فصَخِبْتُ على امرأتي فراجعتني، فأنكرتُ أن تراجعني قالت: ولم تُنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي ﷺ ليراجعنَه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل. فأَفْزعني ذلك فقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن. ثم جمعتُ علي ثيابي، فنزلت حتى دخلتُ على حفصة فقلت لها: أي حفصة، أتُغاضب إحداكن النبي ﷺ اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم، فقلت: قد خبتِ وخسرتِ، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله ﷺ فتهلكي؟ لا تستكثري النبي ﷺ ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه، وسَليني ما بدا لكِ، ولا يغرنك أن كانت جارتُك أوضأَ منك، وأحب إلى النبي ﷺ، - يريد عائشة - قال عمر: وكنا قد تحدثنا أن غسان تُنْعل الخيلَ لتغزونا، فنزل صاحبي الأنصاري يومَ نوبتِه، فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربًا شديدًا وقال: أثم هو؟ ففزعتُ فخرجتُ إليه، فقال: قد حدثَ اليوم أمرٌ عظيم، قلت: ما هو؟ أجاء غسان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأهولُ، طلّق النبي ﷺ نساءه.
وقال عبيد بن حنين: سمع ابن عباس عن عمر فقال: اعتزل النبي ﷺ أزواجه، فقلت: خابت حفصةُ وخسرتْ، وقد كنت أظنُّ هذا يوشك أن يكون، فجمعتُ عليّ ثيابي، فصليتُ صلاة الفجر مع النبي ﷺ، فدخل النبي ﷺ مشربةً له فاعتزل فيها، ودخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: ما يُبكيك؟ ألم أكن حذّرتك هذا، أطلّقكن النبي ﷺ؟ قالت: لا أدري، ها هو ذا معتزل في المشربة. فخرجت فجئت إلى المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلستُ معهم قليلا، ثم غلبني ما أجد فجئتُ المشربةَ التي فيها النبي ﷺ، فقلتُ لغلام أسود: استأذنْ لعمر. فدخل الغلام فكلّم النبي ﷺ ثم رجع فقال: كلّمتُ النبي ﷺ وذكرتُك له فصمتَ، فانصرفتُ حتى
جلستُ مع الرهط الذين عند المنبر. ثم غلبني ما أجدُ فجئت فقلت للغلام: استأذن لعمر، فدخل ثم رجع فقال: قد ذكرتك له فصمتُ، فرجعتُ فجلست مع الرهط مع المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم رجع إليَّ فقال: قد ذكرتك له فصمَتَ، فلمّا ولَّيتُ منصرفا قال: إذا الغلام يدعوني فقال: قد أذنَ لك النبي ﷺ. فدخلت على رسول الله ﷺ فإذا هو مُضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثّر الرمال بجنبه، متكئا على وسادة من أدم حشوها ليف، فسلّمتُ عليه. ثم قلت وأنا قائم: يا رسول الله! أطلقتَ نساءك؟ فرفع إليَّ بصره فقال: «لا». فقلت: الله أكبر. ثم قلت وأنا قائم أستأنس: يا رسولَ الله! لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلبُ النساءَ، فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فتبسّم النبي ﷺ ثم قلت: يا رسول الله، لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لها: لا يغرنّك أن كانت جارتُك أوضأ منك وأحب إلى النبي ﷺ يريد عائشة. فتبسّم النبي ﷺ تبسمة أخرى. فجلستُ حين رأيته تبسَّم، فرفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت في بيته شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله! ادع الله فليُوسّع على أمتك، فإن فارس والروم قد وُسّعَ عليهم، وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله. فجلس النبي ﷺ وكان متكئا فقال: «أوفي هذا أنت يا ابن الخطاب؟ إن أولئك قوم قد عُجِّلُوا طيباتهم في الحياة الدنيا» فقلت: يا رسول الله! استغفر لي.
فاعتزل النبي ﷺ نساءَه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصةُ إلى عائشة تسعا وعشرين ليلة، وكان قال: «ما أنا بداخل عليهن شهرًا» من شدة موجدتِه عليهن حين عاتبه الله عز وجل، فلما مضت تسعٌ وعشرون ليلة دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشة: يا رسول الله! إنك كنتَ قد أقسمتَ أن لا تدخل علينا شهرا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أعدها عدًا، فقال: الشهر تسع وعشرون ليلة، فكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة، قالت عائشة: ثم أنزل الله تعالى آية التخيير فبدأ بي أول امرأة من نسائه فاخترتُه، ثم خّير نساءه كلهن فقلن مثل ما قالت عائشة.

متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (٥١٩١) من طريق شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس ﵄ قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي ﷺ اللتين قال الله تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ
صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] حتى حجَّ وحججتُ معه، وعدل وعدلتُ معه بإداوة، فتبرزَ ثم جاء فسكبتُ على يديه منها فتوضأ، فقلت له: يا أمير المؤمنين! مَن المرأتان من أزواج النبي ﷺ اللتان قال الله تعالى: ﴿﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤]؟ قال: واعجبا لك يا ابن عباس، هما عائشة وحفصة، ثم استقبل عمر الحديث يسوقه قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهم من عَوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي ﷺ، فينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤُهم، فطفق نساؤُنا يأخذن من أدب نساء الأنصار. فصَخِبْتُ على امرأتي فراجعتني، فأنكرتُ أن تراجعني قالت: ولم تُنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي ﷺ ليراجعنَه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل. فأَفْزعني ذلك فقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن. ثم جمعتُ علي ثيابي، فنزلت حتى دخلتُ على حفصة فقلت لها: أي حفصة، أتُغاضب إحداكن النبي ﷺ اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم، فقلت: قد خبتِ وخسرتِ، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله ﷺ فتهلكي؟ لا تستكثري النبي ﷺ ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه، وسَليني ما بدا لكِ، ولا يغرنك أن كانت جارتُك أوضأَ منك، وأحب إلى النبي ﷺ، - يريد عائشة - قال عمر: وكنا قد تحدثنا أن غسان تُنْعل الخيلَ لتغزونا، فنزل صاحبي الأنصاري يومَ نوبتِه، فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربًا شديدًا وقال: أثم هو؟ ففزعتُ فخرجتُ إليه، فقال: قد حدثَ اليوم أمرٌ عظيم، قلت: ما هو؟ أجاء غسان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأهولُ، طلّق النبي ﷺ نساءه.
وقال عبيد بن حنين: سمع ابن عباس عن عمر فقال: اعتزل النبي ﷺ أزواجه، فقلت: خابت حفصةُ وخسرتْ، وقد كنت أظنُّ هذا يوشك أن يكون، فجمعتُ عليّ ثيابي، فصليتُ صلاة الفجر مع النبي ﷺ، فدخل النبي ﷺ مشربةً له فاعتزل فيها، ودخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: ما يُبكيك؟ ألم أكن حذّرتك هذا، أطلّقكن النبي ﷺ؟ قالت: لا أدري، ها هو ذا معتزل في المشربة. فخرجت فجئت إلى المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلستُ معهم قليلا، ثم غلبني ما أجد فجئتُ المشربةَ التي فيها النبي ﷺ، فقلتُ لغلام أسود: استأذنْ لعمر. فدخل الغلام فكلّم النبي ﷺ ثم رجع فقال: كلّمتُ النبي ﷺ وذكرتُك له فصمتَ، فانصرفتُ حتى
جلستُ مع الرهط الذين عند المنبر. ثم غلبني ما أجدُ فجئت فقلت للغلام: استأذن لعمر، فدخل ثم رجع فقال: قد ذكرتك له فصمتُ، فرجعتُ فجلست مع الرهط مع المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم رجع إليَّ فقال: قد ذكرتك له فصمَتَ، فلمّا ولَّيتُ منصرفا قال: إذا الغلام يدعوني فقال: قد أذنَ لك النبي ﷺ. فدخلت على رسول الله ﷺ فإذا هو مُضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثّر الرمال بجنبه، متكئا على وسادة من أدم حشوها ليف، فسلّمتُ عليه. ثم قلت وأنا قائم: يا رسول الله! أطلقتَ نساءك؟ فرفع إليَّ بصره فقال: «لا». فقلت: الله أكبر. ثم قلت وأنا قائم أستأنس: يا رسولَ الله! لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلبُ النساءَ، فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فتبسّم النبي ﷺ ثم قلت: يا رسول الله، لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لها: لا يغرنّك أن كانت جارتُك أوضأ منك وأحب إلى النبي ﷺ يريد عائشة. فتبسّم النبي ﷺ تبسمة أخرى. فجلستُ حين رأيته تبسَّم، فرفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت في بيته شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله! ادع الله فليُوسّع على أمتك، فإن فارس والروم قد وُسّعَ عليهم، وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله. فجلس النبي ﷺ وكان متكئا فقال: «أوفي هذا أنت يا ابن الخطاب؟ إن أولئك قوم قد عُجِّلُوا طيباتهم في الحياة الدنيا» فقلت: يا رسول الله! استغفر لي.
فاعتزل النبي ﷺ نساءَه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصةُ إلى عائشة تسعا وعشرين ليلة، وكان قال: «ما أنا بداخل عليهن شهرًا» من شدة موجدتِه عليهن حين عاتبه الله ﷿، فلما مضت تسعٌ وعشرون ليلة دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشة: يا رسول الله! إنك كنتَ قد أقسمتَ أن لا تدخل علينا شهرا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أعدها عدًا، فقال: الشهر تسع وعشرون ليلة، فكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة، قالت عائشة: ثم أنزل الله تعالى آية التخيير فبدأ بي أول امرأة من نسائه فاخترتُه، ثم خّير نساءه كلهن فقلن مثل ما قالت عائشة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ويحكي قصة ذات عبرة ودروس مستفادة. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:


● حريصاً: شديد الرغبة والاهتمام.
● بإداوة: إناء صغير من جلد كان يُحفظ فيه الماء.
● فَتَبَرَّزَ: ذهب لقضاء حاجته.
● صَغَتْ قُلُوبُكُمَا: مالت واعوجت عن الحق والصواب. والصَّغْو: الميل والعدول.
● عَوَالِي المدينة: أطراف المدينة المرتفعة.
● نتناوب: نتبادل، يأتي كل منا في يومه.
● نغلب النساء: نسود عليهن ونقهرهن، فلا يجاهرن بمخالفتنا.
● فَصَخِبْتُ: صِحْت عليها وعنَّفتها بشدة.
● فَرَاجَعَتْنِي: ردت عليَّ الكلام وجادلَتني.
● فأَفْزَعَنِي: أفزعني وأخافني.
● قَدْ خَابَ: خسر وخاب ظنه.
● تُغاضب: تعادي وتخاصم.
● لا تَسْتَكْثِرِي: لا تستعظيمي أمره ولا تستبطئيه في الاستجابة لك.
● أَوْضَأَ: أطهر وأحسن.
● تُنْعِلُ الخيلَ: تُهيئ الخيل للحرب (تضع لها النعال).
● مَشْرَبَةً: غرفة صغيرة أو علية.
● رَهْط: جماعة من الرجال (ما بين الثلاثة إلى العشرة).
● مُضْطَجِعٌ: مُسْتَلْقٍ على جنبه.
● حَصِير: بساط منسوج من سعف النخيل.
● أُهبَة: متاع قليل. والأهبة هنا: الأشياء القليلة.
● مُوجَدَتِه: غضبه ومقته.


ثانياً. شرح الحديث:


يحكي ابن عباس رضي الله عنهما حرصه على معرفة المرأتين اللتين ذكرتا في قوله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، حتى سنحت له الفرصة في سفر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحج.
فأخبره عمر رضي الله عنه أنهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما، ثم شرع في سرد القصة الكاملة التي كانت وراء نزول هذه الآيات.
خلاصة القصة: أن عمر رضي الله عنه بلغه أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يجاهرنه بالمخالفة ويخاصمنه ويَهْجُرْنَه اليوم كله، فأنكر ذلك وخاف عليهن من عاقبة هذا الفعل. فذهب لينصح ابنته حفصة رضي الله عنها ناصحاً لها أن لا تفعل ذلك، وحذرها من عاقبة غضب الله تعالى لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم، ونبهها إلى أن لا تغتر بمنزلة عائشة رضي الله عنها عند النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم إن حفصة رضي الله عنها أفشت سراً لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّم على نفسه شرب العسل في بيتها، أو كما في روايات أخرى)، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من إفشاء سره، واعتزل نساءه شهراً (وكانت مدة اعتزاله تسعاً وعشرين ليلة)، حتى أن الناس ظنوا أنه طلقهن.
ثم تدخل عمر رضي الله عنه، ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد إصرار، واطمأن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلقهن، وناقشه في الأمر، وظهر من الحديث تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وزهادته في الدنيا، وحكمته في تعجيل طيبات الدنيا لأهلها.
وبعد انقضاء المدة، نزلت آية التخيير (في سورة الأحزاب) حيث خير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه بين الصبر على العيشة الزاهرة معه، أو الطلاق مع متاع جميل، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حرص الصحابة على فهم القرآن: يظهر من حرص ابن عباس رضي الله عنهما على سؤال عمر عن تفسير الآية حرص الجيل الأول على فهم كتاب الله وتدبره.
2- وجوب طاعة الزوجة لزوجها وحرمة مخالفته: خاصة إذا كان الزوج صالحاً، وفي أعلى الدرجات كالنبي صلى الله عليه وسلم.
3- حرمة إفشاء السر بين الزوجين: وما يترتب على ذلك من مفاسد وخصومات، وقد عاتب الله تعالى حفصة وعائشة على ذلك.
4- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية: حيث اعتزلهن ليعلمهن درساً في أهمية طاعته وعدم إيذائه، فكان هذا الهجر تأديبياً رحيمًا.
5- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وزهادته: حيث كان بيته بسيطاً جداً، ينام على الحصير الذي يترك أثراً في جنبه، وليس عنده من متاع الدنيا شيء يذكر.
6- فضل عمر بن الخطاب وغيرة على رسول الله: حيث كان ناصحاً لله ولرسوله، حتى مع ابنته، مقدماً رضا الله ورسوله على كل شيء.
7- تفضيل الآخرة على الدنيا: وهو الدرس الأعظم الذي اختارته أمهات المؤمنين عندما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة على متاع الحياة الد
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في النكاح (٥١٩١) من طريق شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس، فذكره. ورواه مسلم (٣٤: ١٤٧٩) من طريق معمر، عن الزهري، به، مثله إلى قوله: «حين عاتبه الله عز وجل» وفي مسلم «حتى عاتبه الله عز وجل» ثم قال مسلم (٣٥: ١٤٧٥) قال الزهري: فأخبرني عروة، عن عائشة قالت: «لما مضى تسع
وعشرون ليلة ...» وذكرت بقية الحديث.
ويؤخذ من هذه القصة أنه شاع بين الناس أن النبي ﷺ طلّق نساءَه لأخبار الأنصاري به، فتناقله أهل النفاق، وأصله هو ما وقع من اعتزاله ﷺ نساءه ولم تجر عادته بذلك، فظنوا أنه طلّقهن. ولذلك لم يعاتب عمرُ الأنصاري على قوله، وعلى هذا يُحمل ما يروي في كتب السنن بأن النبي ﷺ طلّق حفصة، ثم راجعها كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
رواه أبو داود (٢٣٨٣) والنسائي (٣٥٦٢) وابن ماجه (٢٠١٦) والدارمي (٢٣١٠) وصحّحه ابن حبان (٤٢٧٥) والحاكم (٢/ ١٩٧) كلهم من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن صالح بن صالح بن حي، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن عمر فذكره. وإسناده صحيح. قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
وكذلك روى ابنه عبد الله بن عمر قال: دخل عمر على حفصة وهي تبكي فقال: ما يُبكِيك؟ لعلَّ رسولَ الله ﷺ طلَّقك؟ إنه قد كان طلقك، ثم راجعك من أجلي، فأيم الله لئن كان طلّقك لا كلمتك كلمة أبدًا.
رواه الطبراني في الكبير (٢٣/ ١٨٧) وابن حبان (٤٢٧٦) كلاهما من حديث محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عمر فذكره.
وإسناده حسن من أجل يونس بن بكير فإنه حسن الحديث.
وكذلك روي عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ طلّق حفصة ثم راجعها.
رواه الدارمي (٢٣١١) وأبو يعلى (٣٨١٥) والحاكم (٢/ ١٩٦ - ١٩٧) والبيهقي (٧/ ٣٦٧ - ٣٦٨) كلهم من حديث هُشيم، عن حميد، عن أنس فذكره.
ونقل الدارمي قول علي بن المديني أنه: أنكر هذا الحديث. وقال: ليس عندنا هذا الحديث بالبصرة عن حميد. وأما الحاكم فقال: «صحيح على شرط الصحيح».
ثم رواه الحاكم (٤/ ١٥) من وجه آخر عن الحسن بن أبي جعفر، ثنا ثابت، عن أنس أن النبي ﷺ طلق حفصة تطليقة فأتاه جبريل عليه السلام فقال: «يا محمد، طلقت حفصة، وهي صرامة قوامة وهي زوجتك في الجنة فراجعها».
والحسن بن أبي جعفر هو الجفري البصري، ضعيف باتفاق أهل العلم.
ثم رواه الحاكم (٤/ ١٥) من وجه آخر عن حماد بن سلمة، أنبأنا أبو عمران الجوني، عن قيس بن زيد: أن النبي ﷺ طلّق حفصة بنت عمر، فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت، وقالت: والله ما طلّقني عن شبع، وجاء النبي ﷺ فقال: «قال لي جبريل عليه السلام راجعْ حفصةَ فإنها صوامة قوامة، وأنها زوجتك في الجنة».
وفيه قيس بن زيد مجهول، لم يوثّقه غير ابن حبان (٥/ ٣١٦) وذكر الحافظ ابن حجر في
الإصابة (٩/ ٢٢٦ في ترجمة قيس بن زيد) أن في متنه وهما، لأن عثمان بن مظعون مات قبل أن يتزوج النبي ﷺ حفصة، لأنه مات قبل أُحد بلا خلاف، وزوجُ حفصة مات بأحُدٍ، فتزوجها النبي ﷺ بعد أُحد بلا خلاف.
ولما لم تتحقق الروايات على الطلاق المعهود تجنب الشيخان إخراج هذه الأحاديث.

معلومات عن حديث: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤهم

  • 📜 حديث: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب