1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الإسراء: 16] .

  
   

﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾
[ سورة الإسراء: 16]

القول في تفسير قوله تعالى : وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا


وإذا أردنا إهلاك أهل قرية لظلمهم أَمَرْنا مترفيهم بطاعة الله وتوحيده وتصديق رسله، وغيرهم تبع لهم، فعصَوا أمر ربهم وكذَّبوا رسله، فحقَّ عليهم القول بالعذاب الذي لا مردَّ له، فاستأصلناهم بالهلاك التام.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


وإذا أردنا إهلاك قرية لظلمها أمرنا من أبطرتهم النعمة بالطاعة فلم يمتثلوا، بل عصوا وخرجوا عن الطاعة، فَحَقَّ عليهم القول بالعذاب المُسْتأصِل، فأهلكناهم هلاك استئصال.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 16


«وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها» منعميها بمعنى رؤسائها بالطاعة على لسان رسلنا «ففسقوا فيها» فخرجوا عن أمرنا «فحق عليها القول» بالعذاب «فدمرناها تدميرا» أهلكناها بإهلاك أهلها وتخريبها.

تفسير السعدي : وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا


يخبر تعالى أنه إذا أراد أن يهلك قرية من القرى الظالمة ويستأصلها بالعذاب أمر مترفيها أمرا قدريا ففسقوا فيها واشتد طغيانهم، { فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ }- أي: كلمة العذاب التي لا مرد لها { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا }

تفسير البغوي : مضمون الآية 16 من سورة الإسراء


( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ) قرأ مجاهد : " أمرنا " بالتشديد أي : سلطنا شرارها فعصوا وقرأ الحسن وقتادة ويعقوب " آمرنا " بالمد أي : أكثرنا .
وقرأ الباقون مقصورا مخففا أي : أمرناهم بالطاعة فعصوا ويحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء ويحتمل أن تكون بمعنى أكثرنا يقال : أمرهم الله أي كثرهم الله .
وفي الحديث : " خير المال مهرة مأمورة " أي كثيرة النسل .
ويقال منه : أمر القوم يأمرون أمرا إذا كثروا وليس من الأمر بمعنى الفعل فإن الله لا يأمر بالفحشاء .
واختار أبو عبيدة قراءة العامة وقال : لأن المعاني الثلاثة تجتمع فيها يعني الأمر والإمارة والكثرة .
( مترفيها ) منعميها وأغنياءها ( ففسقوا فيها فحق عليها القول ) وجب عليها العذاب ( فدمرناها تدميرا ) أي : خربناها وأهلكنا من فيها .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يحيى بن بكر حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا وهو يقول : " لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها " قالت زينب فقلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " .
مسألة: الجزء الخامس التحليل الموضوعي( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا 16 ) (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ) قَرَأَ مُجَاهِدٌ : " أَمَّرْنَا " بِالتَّشْدِيدِ أَيْ : سَلَّطْنَا شِرَارَهَا فَعَصَوْا وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَيَعْقُوبُ " آمَرْنَا " بِالْمَدِّ أَيْ : أَكْثَرْنَا .
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مَقْصُورًا مُخَفَّفًا أَيْ : أَمَرْنَاهُمْ بِالطَّاعَةِ فَعَصَوْا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاءَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى أَكْثَرْنَا يُقَالُ : أَمَّرَهُمُ اللَّهُ أَيْ كَثَّرَهُمُ اللَّهُ .
وَفِي الْحَدِيثِ : " خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ " أَيْ كَثِيرَةُ النَّسْلِ .
وَيُقَالُ مِنْهُ : أَمَرَ الْقَوْمُ يَأْمُرُونَ أَمْرًا إِذَا كَثُرُوا وَلَيْسَ مِنَ الْأَمْرِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ .
وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ قِرَاءَةَ الْعَامَّةِ وَقَالَ : لِأَنَّ الْمَعَانِيَ الثَّلَاثَةَ تَجْتَمِعُ فِيهَا يَعْنِي الْأَمْرَ وَالْإِمَارَةَ وَالْكَثْرَةَ .
( مُتْرَفِيهَا ) مُنَعَّمِيهَا وَأَغْنِيَاءَهَا ( فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ ) وَجَبَ عَلَيْهَا الْعَذَابُ ( فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ) أَيْ : خَرَّبْنَاهَا وَأَهْلَكْنَا مَنْ فِيهَا .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا وَهُوَ يَقُولُ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِأُصْبُعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا " قَالَتْ زَيْنَبُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ : " نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ " .
مسألة: الجزء الخامسالتحليل الموضوعي( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ) قرأ مجاهد : " أمرنا " بالتشديد أي : سلطنا شرارها فعصوا وقرأ الحسن وقتادة ويعقوب " آمرنا " بالمد أي : أكثرنا .
وقرأ الباقون مقصورا مخففا أي : أمرناهم بالطاعة فعصوا ويحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء ويحتمل أن تكون بمعنى أكثرنا يقال : أمرهم الله أي كثرهم الله .
وفي الحديث : " خير المال مهرة مأمورة " أي كثيرة النسل .
ويقال منه : أمر القوم يأمرون أمرا إذا كثروا وليس من الأمر بمعنى الفعل فإن الله لا يأمر بالفحشاء .
واختار أبو عبيدة قراءة العامة وقال : لأن المعاني الثلاثة تجتمع فيها يعني الأمر والإمارة والكثرة .
( مترفيها ) منعميها وأغنياءها ( ففسقوا فيها فحق عليها القول ) وجب عليها العذاب ( فدمرناها تدميرا ) أي : خربناها وأهلكنا من فيها .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يحيى بن بكر حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا وهو يقول : " لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها " قالت زينب فقلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


قال أبو حيان- رحمه الله-: لما ذكر-تبارك وتعالى- في الآية السابقة، أنه لا يعذب أحدا حتى يبعث إليه رسولا، بين بعد ذلك علة إهلاكهم، وهي مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، والتمادي على الفساد- فقال، سبحانه-: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها..وقوله- سبحانه -: أَمَرْنامن الأمر الذي هو ضد النهى، والمأمور به هو الإيمان والعمل الصالح، والشكر لله رب العالمين، وحذف لظهوره والعلم به.
وقوله مُتْرَفِيهاجمع مترف، وهو المتنعم الذي لا يمنع من تنعمه، بل يترك يفعل ما يشاء.
يقال: ترف فلان- كفرح- أى: تنعم، وفلان أترفته النعمة، أى: أطغته وأبطرته لأنه لم يستعملها في وجوهها المشروعة.
والمراد بهم، أصحاب الجاه والغنى والسلطان، الذين أحاطت بهم النعم من كل جانب، ولكنهم استعملوها في الفسوق والعصيان، لا في الخير والإحسان.
والمعنى: وإذا قرب وقت إرادتنا إهلاك أهل قرية، أمرنا مترفيها، وأهل الغنى والسلطان فيها بالإيمان والعمل الصالح، والمداومة على طاعتنا وشكرنا، فلم يستجيبوا لأمرنا، بل فسقوا فيها، وعاثوا في الأرض فسادا.
وهذا الأمر إنما هو على لسان الرسول المبعوث إلى أهل تلك القرية، وعلى ألسنة المصلحين المتبعين لهذا الرسول والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
وقال- سبحانه -: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ...
مع أن الهلاك لأهلها، للإشارة إلى أن هذا الهلاك لن يصيب أهلها فقط، بل سيصيبهم ويصيب معهم مساكنهم وأموالهم وكل ما احتوته تلك القرية، بحيث تصير هي وسكانها أثرا بعد عين.
وخص مترفيها بالذكر مع أن الأمر بالطاعة للجميع، لأن هؤلاء المترفين هم الأئمة والقادة، فإذا ما استجابوا للأمر استجاب غيرهم تبعا لهم في معظم الأحيان، ولأنهم في أعم الأحوال هم الأسرع إلى ارتكاب ما نهى الله عنه، وإلى الانغماس في المتع والشهوات.
والحكمة من هذا الأمر، هو الإعذار والإنذار، والتخويف والوعيد.
كما قال-تبارك وتعالى-: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.. .
وهذا التفسير للآية الكريمة، سار عليه جمهور المفسرين.
ولصاحب الكشاف رأى يخالف ذلك، فهو يرى أن الأمر في الآية الكريمة مجاز عن إمدادهم بالنعم الكثيرة التي أبطرتهم.
قال- رحمه الله-: قوله-تبارك وتعالى-: وَإِذا أَرَدْناوإذا دنا وقت إهلاك قوم، ولم يبق من زمان إمهالهم إلا قليل أمرناهم فَفَسَقُواأى: أمرناهم بالفسق ففعلوا.
والأمر مجاز لأن حقيقة أمرهم بالفسق أن يقول لهم: افسقوا، وهذا لا يكون، فبقى أن يكون مجازا، ووجه المجاز أنه صب عليهم النعمة صبا، فجعلوها ذريعة إلى المعاصي واتباع الشهوات، فكأنهم مأمورون بذلك لتسبب إيلاء النعمة فيه، وإنما خولهم إياها ليشكروا ويعملوا فيها الخير، ويتمكنوا من الإحسان والبر، كما خلقهم أصحاء أقوياء، وأقدرهم على الخير والشر، وطلب منهم إيثار الطاعة، على المعصية، فآثروا الفسوق، فلما فسقوا حق عليهم القول وهو كلمة العذاب فدمرهم.. .
ومن المفسرين من يرى أن قوله-تبارك وتعالى-: أَمَرْنابمعنى كثّرنا- بتشديد الثاء- وقرئ أَمَرْنابتشديد الميم، أى: كثرنا مترفيها وجعلناهم أمراء مسلطين..ولكن هذه القراءة.
وقراءة آمرنا بمعنى «كثرنا» أيضا، ليستا من القراءات السبعة أو العشرة، وإنما هما من القراءات الشاذة.
قال الإمام ابن جرير: وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأ «أمرنا» بقصر الألف وتخفيف الميم- لإجماع الحجة من القراء بتصويبها دون غيرها وإذا كان ذلك هو الأولى بالصواب بالقراءة، فأولى التأويلات به تأويل من تأوله: أمرنا أهلها بالطاعة فعصوا وفسقوا فيها.
فحق عليهم القول، لأن الأغلب من معنى أَمَرْناالأمر الذي هو خلاف النهى دون غيره.
وتوجيه معاني كلام الله- جل ثناؤه - إلى الأشهر الأعرف من معانيه، أولى ما وجد إليه سبيل من غيره.. .
ويبدو لنا أن الرأى الأول الذي سار عليه جمهور المفسرين، وعلى رأسهم الإمام ابن جرير، أولى بالقبول، لأسباب منها:ان القرآن الكريم يؤيده في كثير من آياته، ومن ذلك قوله-تبارك وتعالى-: وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها، قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ.. .
فقوله-تبارك وتعالى-: قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ دليل واضح على أن قوله- سبحانه -: أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها..معناه: أمرناهم بالطاعة ففسقوا، وليس معناه أمرناهم بالفسق ففسقوا لأنه- سبحانه - لا يأمر لا بالفسق ولا بالفحشاء.
ومنها: أن الأسلوب العربي السليم يؤيده لأنك إذا قلت: أمرته فعصاني كان المعنى المتبادر والظاهر من هذه الجملة، أمرته بالطاعة فعصاني، وليس معناه.
أمرته بالعصيان فعصاني.
ومنها: أن حمل الكلام على الحقيقة- كما سار جمهور المفسرين- أولى من حمله على المجاز- كما ذهب صاحب الكشاف-.
وقوله- سبحانه -: فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراًبيان لما نزل بهذه القرية وأهلها من عذاب محاها من الوجود، إذ التدمير هو الإهلاك مع طمس الأثر، وهدم البناء.
أى: أمرنا مترفيها بطاعتنا وشكرنا، فعصوا أمرنا وفسقوا فيها، فثبت وتحقق عليها عذابنا، فأهلكناها إهلاكا استأصل شأفتها، وأزال آثارها.
وأكد- سبحانه - فعل التدمير بمصدره، للمبالغة في إبراز شدة الهلاك الواقع على تلك القرية الظالم أهلها.
قال الآلوسى ما ملخصه: والآية تدل على إهلاك أهل القرية على أتم وجه، وإهلاك جميعهم، لصدور الفسق منهم جميعا، فإن غير المترف يتبع المترف عادة ...
وقيل: هلاك الجميع لا يتوقف على التبعية فقد قال-تبارك وتعالى-: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً....وقد صح عن أم المؤمنين زينب بنت جحش أنها قالت: قلت، يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث .

وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا: تفسير ابن كثير


اختلف القراء في قراءة قوله : { أمرنا } فالمشهور قراءة التخفيف ، واختلف المفسرون في معناها ، فقيل : معناها أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرا قدريا ، كقوله تعالى : { أتاها أمرنا ليلا أو نهارا } [ يونس : 24 ] ، فإن الله لا يأمر بالفحشاء ، قالوا : معناه : أنه سخرهم إلى فعل الفواحش فاستحقوا العذاب .
وقيل : معناه : أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة . رواه ابن جريج عن ابن عباس ، وقاله سعيد بن جبير أيضا .
وقال ابن جرير : وقد يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء .
قلت : إنما يجيء هذا على قراءة من قرأ " أمرنا مترفيها " قال علي بن طلحة ، عن ابن عباس قوله : { أمرنا مترفيها ففسقوا فيها } يقول : سلطنا أشرارها فعصوا فيها ، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب ، وهو قوله : { وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها } [ الأنعام : 123 ] ، وكذا قال أبو العالية ومجاهد والربيع بن أنس .
وقال العوفي عن ابن عباس : { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها } يقول : أكثرنا عددهم ، وكذا قال عكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وقتادة ، وعن مالك عن الزهري : { أمرنا مترفيها } : أكثرنا .
وقد استشهد بعضهم بالحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال : حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا أبو نعامة العدوي ، عن مسلم بن بديل ، عن‌ إياس بن زهير ، عن سويد بن هبيرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير مال امرئ له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة " .
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام ، رحمه الله ، في كتابه " الغريب " : المأمورة : كثيرة النسل . والسكة : الطريقة المصطفة من النخل ، والمأبورة : من التأبير ، وقال بعضهم : إنما جاء هذا متناسبا كقوله : " مأزورات غير مأجورات " .

تفسير القرطبي : معنى الآية 16 من سورة الإسراء


قوله تعالى : وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا فيه ثلاث مسائل :الأولى : أخبر الله - تعالى - في الآية التي قبل أنه لم يهلك القرى قبل ابتعاث الرسل ، لا لأنه يقبح منه ذلك إن فعل ، ولكنه وعد منه ، ولا خلف في وعده .
فإذا أراد إهلاك قرية مع تحقيق وعده على ما قاله - تعالى - أمر مترفيها بالفسق والظلم فيها فحق عليها القول بالتدمير .
يعلمك أن من هلك هلك بإرادته ، فهو الذي يسبب الأسباب ويسوقها إلى غاياتها ليحق القول السابق من الله - تعالى - .
الثانية : قوله تعالى : أمرنا قرأ أبو عثمان النهدي وأبو رجاء وأبو العالية ، والربيع ومجاهد والحسن أمرنا بالتشديد ، وهي قراءة علي - رضي الله عنه - ; أي سلطنا شرارها فعصوا فيها ، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم .
وقال أبو عثمان النهدي أمرنا بتشديد الميم ، جعلناهم أمراء مسلطين ; وقاله ابن عزيز .
وتأمر عليهم تسلط عليهم .
وقرأ الحسن أيضا وقتادة وأبو حيوة الشامي ويعقوب وخارجة عن نافع وحماد بن سلمة عن ابن كثير وعلي وابن عباس باختلاف عنهما " آمرنا " بالمد والتخفيف ، أي أكثرنا جبابرتها وأمراءها ; قاله الكسائي .
وقال أبو عبيدة : آمرته بالمد وأمرته ، لغتان بمعنى كثرته ; ومنه الحديث خير المال مهرة مأمورة أو سكة مأبورة أي كثيرة النتاج والنسل .
وكذلك قال ابن عزيز : آمرنا وأمرنا بمعنى واحد ; أي أكثرنا .
وعن الحسن أيضا ويحيى بن يعمر " أمرنا " بالقصر وكسر الميم على فعلنا ، ورويت عن ابن عباس .
قال قتادة والحسن : المعنى أكثرنا ; وحكى نحوه أبو زيد وأبو عبيد ، وأنكره الكسائي وقال : لا يقال من الكثرة إلا آمرنا بالمد ; قال وأصلها " أأمرنا " فخفف ، حكاه المهدوي .
وفي الصحاح : وقال أبو الحسن أمر ماله ( بالكسر ) أي كثر .
وأمر القوم أي كثروا ; قال الشاعر :أمرون لا يرثون سهم القعددوآمر الله ماله : ( بالمد ) : الثعلبي : ويقال للشيء الكثير أمر ، والفعل منه : أمر القوم يأمرون أمرا إذا كثروا .
قال ابن مسعود : كنا نقول في الجاهلية للحي إذا كثروا : أمر أمر بني فلان ; قال لبيد :كل بني حر مصيرهم قل وإن أكثرت من العددإن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا يوما يصيروا للهلك والنكدقلت : وفي حديث هرقل الحديث الصحيح : ( لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ، إنه ليخافه ملك بني الأصفر ) أي كثر .
وكله غير متعد ولذلك أنكره الكسائي ، والله أعلم .
قال المهدوي : ومن قرأ " أمر " فهي لغة ، ووجه تعدية " أمر " أنه شبهه بعمر من حيث كانت الكثرة أقرب شيء إلى العمارة ، فعدي كما عدي عمر .
الباقون أمرنا من الأمر ; أي أمرناهم بالطاعة إعذارا وإنذارا وتخويفا ووعيدا .
ففسقوا أي فخرجوا عن الطاعة عاصين لنا .
فحق عليها القول فوجب ، عليها الوعيد ; عن ابن عباس .
وقيل : أمرنا جعلناهم أمراء ; لأن العرب تقول : أمير غير مأمور ، أي غير مؤمر .
وقيل : معناه بعثنا مستكبريها .
قال هارون : وهي قراءة أبي " بعثنا أكابر مجرميها ففسقوا " ذكره الماوردي .
وحكى النحاس : وقال هارون في قراءة أبي " وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيها أكابر مجرميها فمكروا فيها فحق عليها القول .
ويجوز أن يكون أمرنا بمعنى أكثرنا ; ومنه ( خير المال مهرة مأمورة ) على ما تقدم .
وقال قوم : مأمورة اتباع لمأبورة ; كالغدايا والعشايا .
وكقوله : ارجعن مأزورات غير مأجورات .
وعلى هذا لا يقال : أمرهم الله ، بمعنى كثرهم ، بل يقال : آمره وأمره .
واختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة العامة .
قال أبو عبيد : وإنما اخترنا " أمرنا " لأن المعاني الثلاثة تجتمع فيها من الأمر والإمارة والكثرة .
والمترف : المنعم ; وخصوا بالأمر لأن غيرهم تبع لهم .
الثالثة : قوله تعالى : فدمرناها أي أستأصلناها بالهلاك .
" تدميرا " وذكر المصدر للمبالغة في العذاب الواقع بهم .
وفي الصحيح من حديث زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فزعا محمرا وجهه يقول : لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها .
قالت : فقلت يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث .
وقد تقدم الكلام في هذا الباب ، وأن المعاصي إذا ظهرت ولم تغير كانت سببا لهلاك الجميع ; والله أعلم .

﴿ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ﴾ [ الإسراء: 16]

سورة : الإسراء - الأية : ( 16 )  - الجزء : ( 15 )  -  الصفحة: ( 283 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وإذا ما أنـزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف
  2. تفسير: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم
  3. تفسير: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل
  4. تفسير: لا يسمن ولا يغني من جوع
  5. تفسير: ونرثه ما يقول ويأتينا فردا
  6. تفسير: لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم
  7. تفسير: هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون
  8. تفسير: إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون
  9. تفسير: ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن
  10. تفسير: ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين

تحميل سورة الإسراء mp3 :

سورة الإسراء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الإسراء

سورة الإسراء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الإسراء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الإسراء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الإسراء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الإسراء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الإسراء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الإسراء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الإسراء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الإسراء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الإسراء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب