تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ القصص: 28] .
﴿ قَالَ ذَٰلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ۖ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ ۖ وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾
﴿ قَالَ ذَٰلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ۖ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ ۖ وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾
[ سورة القصص: 28]
القول في تفسير قوله تعالى : قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا
قال موسى: ذلك الذي قلته قائم بيني وبينك، أي المدتين أَقْضِها في العمل أكن قد وفيتك، فلا أُطالَب بزيادة عليها، والله على ما نقول وكيل حافظ يراقبنا، ويعلم ما تعاقدنا عليه.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
قال موسى عليه السلام: ذلك الذي بيني وبينك على ما تعاقدنا عليه، فأي الأمدين عملت لك: ثمانِيَ سنوات، أو عشر سنوات، أكون قد وفيت بما علي، فلا تطالبني بزيادة، والله وكيل على ما تعاقدنا عليه، رقيب عليه.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 28
«قال» موسى «ذلك» الذي قلته «بيني وبينك أيما الأجلين» الثماني أو العشر وما زائدة أي رعيه «قضيت» به أي فرغت منه «فلا عدوان عليَّ» بطلب الزيادة عليه «والله على ما نقول» أنا وأنت «وكيل» حفيظ أو شهيد فتم العقد بذلك وأمر شعيب ابنته أن تعطي موسى عصا يدفع بها السباع عن غنمه وكانت عصيُّ الأنبياء عنده فوقع في يدها عصا آدم من آس الجنة فأخذها موسى بعلم شعيب.
تفسير السعدي : قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا
فـ { قَالَ } موسى عليه السلام -مجيبا له فيما طلبه منه-: { ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ }- أي: هذا الشرط، الذي أنت ذكرت، رضيت به، وقد تم فيما بيني وبينك.
{ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ } سواء قضيت الثماني الواجبة، أم تبرعت بالزائد عليها { وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } حافظ يراقبنا، ويعلم ما تعاقدنا عليه.وهذا الرجل، أبو المرأتين، صاحب مدين، ليس بشعيب النبي المعروف، كما اشتهر عند كثير من الناس، فإن هذا، قول لم يدل عليه دليل، وغاية ما يكون، أن شعيبا عليه السلام، قد كانت بلده مدين، وهذه القضية جرت في مدين، فأين الملازمة بين الأمرين؟وأيضا، فإنه غير معلوم أن موسى أدرك زمان شعيب، فكيف بشخصه؟" ولو كان ذلك الرجل شعيبا، لذكره اللّه تعالى، ولسمته المرأتان، وأيضا فإن شعيبا عليه الصلاة والسلام، قد أهلك اللّه قومه بتكذيبهم إياه، ولم يبق إلا من آمن به، وقد أعاذ اللّه المؤمنين أن يرضوا لبنتي نبيهم، بمنعهما عن الماء، وصد ماشيتهما، حتى يأتيهما رجل غريب، فيحسن إليهما، ويسقي ماشيتهما، وما كان شعيب، ليرضى أن يرعى موسى عنده ويكون خادما له، وهو أفضل منه وأعلى درجة، والله أعلم، [إلا أن يقال: هذا قبل نبوة موسى فلا منافاة وعلى كل حال لا يعتمد على أنه شعيب النبي بغير نقل صحيح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم]
تفسير البغوي : مضمون الآية 28 من سورة القصص
( قال ) موسى ، ( ذلك بيني وبينك ) يعني : هذا الشرط بيني وبينك ، فما شرطت علي فلك وما شرطت من تزويج إحداهما فلي ، والأمر بيننا ، تم الكلام ، ثم قال : ( أيما الأجلين قضيت ) يعني : أي الأجلين : و " ما " صلة ، " قضيت " : أتممت وفرغت منه ، الثمان أو العشر ، ( فلا عدوان علي ) لا ظلم علي بأن أطالب بأكثر منهما ، ( والله على ما نقول وكيل ) قال ابن عباس ومقاتل : شهيد فيما بيني وبينك . وقيل: حفيظ . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن عبد الرحيم ، أخبرنا سعيد بن سليمان ، أخبرنا مروان بن شجاع ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، قال : سألني يهودي من أهل الحيرة : أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا أدري حتى أقدم على خير العرب فأسأله ، فقدمت فسألت ابن عباس قال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال فعل وروي عن أبي ذر مرفوعا : إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى ؟ فقل : خيرهما وأبرهما ، وإذا سئلت : فأي المرأتين تزوج ؟ فقل : الصغرى منهما ، وهي التي جاءت ، فقالت يا أبت استأجره ، فتزوج أصغرهما وقضى أوفاهما .وقال وهب : أنكحه الكبرى . وروي عن شداد بن أوس مرفوعا : بكى شعيب النبي - صلى الله عليه وسلم - من حب الله - عز وجل - حتى عمي فرد الله عليه بصره ، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره ، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره ، فقال الله : ما هذا البكاء ؟ أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار ؟ قال : لا يا رب ، ولكن شوقا إلى لقائك ، فأوحى الله إليه إن يكن ذلك فهنيئا لك لقائي يا شعيب ، لذلك أخدمتك موسى كليمي .ولما تعاقدا هذا العقد بينهما أمر شعيب ابنته أن تعطي موسى عصا يدفع بها السباع عن غنمه ، واختلفوا في تلك العصا; قال عكرمة : خرج بها آدم من الجنة فأخذها جبريل بعد موت آدم فكانت معه حتى لقي بها موسى ليلا فدفعها إليه . وقال آخرون : كانت من آس الجنة ، حملها آدم من الجنة فتوارثها الأنبياء ، وكان لا يأخذها غير نبي إلا أكلته ، فصارت من آدم إلى نوح ، ثم إلى إبراهيم حتى وصلت إلى شعيب ، فكانت عصا الأنبياء عنده فأعطاها موسى . وقال السدي : كانت تلك العصا استودعها إياه ملك في صورة رجل ، فأمر ابنته أن تأتيه بعصا فدخلت فأخذت العصا فأتته بها ، فلما رآها شعيب قال لها : ردي هذه العصا ، وأتيه بغيرها ، فألقتها وأرادت أن تأخذ غيرها فلا يقع في يدها إلا هي ، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات فأعطاها موسى فأخرجها موسى معه ، ثم إن الشيخ ندم وقال : كانت وديعة ، فذهب في أثره ، وطلب أن يرد العصا فأبى موسى أن يعطيه . وقال : هي عصاي ، فرضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما ، فلقيهما ملك في صورة رجل فحكم أن يطرح العصا فمن حملها فهي له ، فطرح موسى العصا فعالجها الشيخ ليأخذها فلم يطقها ، فأخذها موسى بيده فرفعها فتركها له الشيخ .ثم إن موسى لما أتم الأجل وسلم شعيب ، ابنته إليه ، قال موسى للمرأة : اطلبي من أبيك أن يجعل لنا بعض الغنم ، فطلبت من أبيها ، فقال شعيب : لكما كل ما ولدت هذا العام على غير شيتها . وقيل: أراد شعيب أن يجازي موسى على حسن رعيته إكراما له وصلة لابنته ، فقال له إني قد وهبت لك من الجدايا التي تضعها أغنامي هذه السنة كل أبلق وبلقاء ، فأوحى الله إلى موسى في المنام أن اضرب بعصاك الماء الذي في مستقى الأغنام قال : فضرب موسى بعصاه الماء ثم سقى الأغنام منه فما أخطأت واحدة منها إلا وضعت حملها ما بين أبلق وبلقاء فعلم شعيب أن ذلك رزق ساقه الله - عز وجل - إلى موسى وامرأته فوفى له شرطه وسلم الأغنام إليه .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
ثم حكى- سبحانه - ما رد به موسى فقال: قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ، وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ.أى: قالَ موسى في الرد على الشيخ الكبير ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أى: ذلك الذي قلته لي واشترطته على، كائن وحاصل بيني وبينك، وكلانا مطالب بالوفاء به فاسم الإشارة مبتدأ، وبيني وبينك خبره، والإشارة مرجعها إلى ما تعاقدا عليه، وأى في قوله: أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ شرطية، وجوابها، فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وما مزيدة للتأكيد.والمعنى: أى الأجلين، أى الثمانية الأعوام أو العشرة الأعوام قَضَيْتُ أى: وفيت به، وأديته معك أجيرا عندك فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ أى: فلا ظلم على، وأصل العدوان:تجاوز الحد.قال صاحب الكشاف ما ملخصه: أى قال موسى: ذلك الذي قلته.. قائم بيننا جميعا لا يخرج كلانا عنه لا أنا عما اشترطت على ولا أنت عما اشترطت على نفسك.. ثم قال: أى أجل من الأجلين قضيت- أطولهما أو أقصرهما- فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ أى: فلا يعتدى على في طلب الزيادة عليه. فإن قلت: تصور العدوان إنما هو في أحد الأجلين الذي هو الأقصر، وهو المطالبة بتتمة العشر، فما معنى تعليق العدوان بهما جميعا؟قلت: معناه، كما أنى إن طولبت بالزيادة على العشر كان عدوانا لا شك فيه، فكذلك إن طولبت بالزيادة على الثماني. أراد بذلك تقرير أمر الخيار، وأنه ثابت مستقر، وأن الأجلين على السواء إما هذا وإما هذا من غير تفاوت بينهما في القضاء، وأما التتمة فهي موكولة إلى رأيى. إن شئت أتيت بها، وإلا لم أجبر عليها.. .والمقصود بقوله: وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ توثيق العهد وتأكيده، وأنه لا سبيل لواحد منهما على الخروج عنه أصلا.أى: والله-تبارك وتعالى- شهيد ووكيل ورقيب على ما اتفقنا عليه، وتعاهدنا على تنفيذه، وكفى بشهادته- سبحانه - شهادة.وقد ساق الإمام ابن كثير جملة من الآثار التي تدل على أن موسى- عليه السلام- قد قضى أطول الأجلين. ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: سألت جبريل: أى الأجلين قضى موسى؟ قال: «أكملهما وأتمهما، وفي رواية: أبرهما وأوفاهما» .هذا، والمتأمل في هذه الآيات الكريمة، يرى فيها بجلاء ووضوح، ما جبل عليه موسى- عليه السلام- من صبر على بأساء الحياة وضرائها ومن همة عالية تحمله في كل موطن على إعانة المحتاج، ومن طبيعة إيجابية تجعله دائما لا يقف أمام مالا يرضيه مكتوف اليدين، ومن عاطفة رقيقة تجعله في كل الأوقات دائم التذكر لخالقه، كثير التضرع إليه بالدعاء.كما يرى فيها الفطرة السوية، والصدق مع النفس، والحياء، والعفاف، والوضوح، والبعد عن التكلف والالتواء، كل ذلك متمثل في قصة هاتين المرأتين اللتين سقى لهما موسى غنمهما، واللتين جاءته إحداهما تمشى على استحياء، ثم قالت لأبيها: يا أبت استأجره.كما يرى فيها ما كان يتحلى به ذلك الشيخ الكبير من عقل راجح، ومن قول طيب حكيم، يدخل الأمان والاطمئنان على قلب الخائف، ومن أبوة حانية رشيدة، تستجيب للعواطف الشريفة، وتعمل على تحقيق رغباتها عن طريق الزواج الذي شرعه الله-تبارك وتعالى-.ومضت السنوات العشر، التي قضاها موسى أجيرا عند الشيخ الكبير في مدين، ووفى كل واحد منهما بما وعد به صاحبه، وتزوج موسى بإحدى ابنتي الشيخ الكبير، وقرر الرجوع بأهله إلى مصر، فماذا حدث له في طريق عودته؟ يحكى لنا القرآن الكريم بأسلوبه البديع ما حدث لموسى- عليه السلام- بعد ذلك فيقول:
قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا: تفسير ابن كثير
وقوله تعالى إخبارا عن موسى ، عليه السلام : { قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل } ، يقول : إن موسى قال لصهره : الأمر على ما قلت من أنك استأجرتني على ثمان سنين ، فإن أتممت عشرا فمن عندي ، فأنا متى فعلت أقلهما [ فقد ] برئت من العهد ، وخرجت من الشرط ; ولهذا قال : { أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي } أي: فلا حرج علي مع أن الكامل - وإن كان مباحا لكنه فاضل من جهة أخرى ، بدليل من خارج . كما قال [ الله ] تعالى : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه } [ البقرة : 203 ] .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحمزة بن عمرو الأسلمي ، رضي الله عنه ، وكان كثير الصيام ، وسأله عن الصوم في السفر - فقال : " إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر " مع أن فعل الصيام راجح من دليل آخر .
هذا وقد دل الدليل على أن موسى عليه السلام ، إنما فعل أكمل الأجلين وأتمهما ; قال البخاري :
حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا مروان بن شجاع ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قال : سألني يهودي من أهل الحيرة : أي الأجلين قضى موسى ؟ فقلت : لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله . فقدمت فسألت ابن عباس ، رضي الله عنه ، فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول الله إذا قال فعل . هكذا رواه البخاري وهكذا رواه حكيم بن جبير وغيره ، عن سعيد بن جبير . ووقع في " حديث الفتون " ، من رواية القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ; أن الذي سأله رجل من أهل النصرانية . والأول أشبه ، والله أعلم ، وقد روي من حديث ابن عباس مرفوعا ، قال ابن جرير :
حدثنا أحمد بن محمد الطوسي ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سألت جبريل : أي الأجلين قضى موسى قال : أكملهما وأتمهما " .
ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن الحميدي ، عن سفيان - وهو ابن عيينة - حدثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب - وكان من أسناني أو أصغر مني - فذكره .
قلت : وإبراهيم هذا ليس بمعروف .
ورواه البزار عن أحمد بن أبان القرشي ، عن سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن أعين ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره . ثم قال : لا نعرفه مرفوعا عن ابن عباس إلا من هذا الوجه .
وقال ابن أبي حاتم : قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أنبأنا عمرو بن الحارث ، عن يحيى بن ميمون الحضرمي ، عن يوسف بن تيرح : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " لا علم لي " . فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل ، فقال جبريل : لا علم لي ، فسأل جبريل ملكا فوقه فقال : لا علم لي . فسأل ذلك الملك ربه - عز وجل - عما سأله عنه جبريل عما سأله عنه محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال الرب سبحانه وتعالى : " قضى أبرهما وأبقاهما - أو قال : أزكاهما " .
وهذا مرسل ، وقد جاء مرسلا من وجه آخر ، وقال سنيد : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : قال مجاهد : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل جبريل : " أي الأجلين قضى موسى ؟ " فقال : سوف أسأل إسرافيل . فسأله فقال : سوف أسأل الرب عز وجل . فسأله فقال : " أبرهما وأوفاهما " .
طريق أخرى مرسلة أيضا : قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أوفاهما وأتمهما " .
فهذه طرق متعاضدة ، ثم قد روي [ هذا ] مرفوعا من رواية أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال الحافظ أبو بكر البزار ، حدثنا أبو عبيد الله يحيى بن محمد بن السكن ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا عوبد بن أبي عمران الجوني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أوفاهما وأبرهما " ، قال : " وإن سئلت أي المرأتين تزوج ؟ فقل الصغرى منهما " .
ثم قال البزار : لا نعلم يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد .
وقد رواه ابن أبي حاتم من حديث عوبد بن أبي عمران - وهو ضعيف - ثم قد روي أيضا نحوه من حديث عتبة بن الندر بزيادة غريبة جدا ، فقال أبو بكر البزار : حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا الحارث بن يزيد عن علي بن رباح اللخمي قال : سمعت عتبة بن الندر يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أبرهما وأوفاهما " . ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن موسى ، عليه السلام ، لما أراد فراق شعيب عليه السلام ، أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به . فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون . قال : فما مرت شاة إلا ضرب موسى جنبها بعصاه ، فولدت قوالب ألوان كلها ، وولدت ثنتين وثلاثا كل شاة ليس فيها فشوش ولا ضبوب ، ولا كميشة تفوت الكف ، ولا ثعول " . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا افتتحتم الشام فإنكم ستجدون بقايا منها ، وهي السامرية " .
هكذا أورده البزار . وقد رواه ابن أبي حاتم بأبسط من هذا فقال :
حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة { ح } وحدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد الحضرمي ، عن علي بن رباح اللخمي قال : سمعت عتبة بن الندر السلمي - صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن موسى ، عليه السلام آجر نفسه بعفة فرجه وطعمة بطنه . فلما وفى الأجل - قيل : يا رسول الله ، أي الأجلين ؟ قال - أبرهما وأوفاهما . فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به ، فأعطاها ما ولدت من غنمه من قالب لون من ولد ذلك العام ، وكانت غنمه سوداء حسناء ، فانطلق موسى ، عليه السلام إلى عصاه فسماها من طرفها ، ثم وضعها في أدنى الحوض ، ثم أوردها فسقاها ، ووقف موسى بإزاء الحوض فلم تصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة قال : " فأتأمت وأثلثت ، ووضعت كلها قوالب ألوان ، إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش . قال يحيى : ولا ضبون . وقال صفوان : ولا ضبوب . قال أبو زرعة : الصواب ضبوب - ولا عزوز ولا ثعول ، ولا كميشة تفوت الكف " ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فلو افتتحتم الشام وجدتم بقايا تلك الغنم وهي السامرية " .
وحدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان قال : سمعت الوليد قال : فسألت ابن لهيعة : ما الفشوش ؟ قال : التي تفش بلبنها واسعة الشخب . قلت : فما الضبوب ؟ قال : الطويلة الضرع تجره . قلت : فما العزوز ؟ قال : ضيقة الشخب . قال فما الثعول ؟ قال : التي ليس لها ضرع إلا كهيئة حلمتين . قلت : فما الكميشة ؟ قال : التي تفوت الكف ، كميشة الضرع ، صغير لا يدركه الكف .
مدار هذا الحديث على عبد الله بن لهيعة المصري - وفي حفظه سوء - وأخشى أن يكون رفعه خطأ ، والله أعلم . وينبغي أن يروى ليس فيها فشوش ولا عزوز ، ولا ضبوب ولا ثعول ولا كميشة ، لتذكر كل صفة ناقصة مع ما يقابلها من الصفات الناقصة . وقد روى ابن جرير من كلام أنس بن مالك - موقوفا عليه - ما يقارب بعضه بإسناد جيد ، فقال : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثنا أبي ، عن قتادة ، حدثنا أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : لما دعا نبي الله موسى ، عليه السلام ، صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما ، قال له صاحبه : كل شاة ولدت على غير لونها فذلك ولدها لك ، فعمد فرفع حبالا على الماء ، فلما رأت الخيال فزعت فجالت جولة ، فولدن كلهن بلقا إلا شاة واحدة ، فذهب بأولادهن ذلك العام .
تفسير القرطبي : معنى الآية 28 من سورة القصص
قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي لما فرغ كلام شعيب قرره موسى عليه السلام وكرر معناه على جهة التوثق في أن الشرط إنما وقع في ثماني حجج . و ( أيما ) استفهام منصوب ب ( قضيت ) و ( الأجلين ) مخفوض بإضافة ( أي ) إليها و ( ما ) صلة للتأكيد وفيه معنى الشرط ، وجوابه ( فلا عدوان ) وأن ( عدوان ) منصوب ب ( لا ) وقال ابن كيسان : ( ما ) في موضع خفض بإضافة ( أي ) إليها وهي نكرة و ( الأجلين ) بدل منها ، وكذلك في قوله : فبما رحمة من الله أي رحمة ، بدل من ( ما ) قال مكي : وكان يتلطف في ألا يجعل شيئا زائدا في القرآن ويخرج له وجها يخرجه من الزيادة . وقرأ الحسن : ( أيما ) بسكون الياء وقرأ ابن مسعود : ( أي الأجلين ما قضيت ) وقرأ الجمهور : ( عدوان ) بضم العين وأبو حيوة بكسرها ; والمعنى : لا تبعة علي ولا طلب في الزيادة عليه والعدوان التجاوز في غير الواجب ، والحجج : السنون قال الشاعر :لمن الديار بقنة الحجر أقوين من حجج ومن دهرالواحدة : حجة ، بكسر الحاء . والله على ما نقول وكيل قيل : هو من قول موسى وقيل : هو من قول والد المرأة فاكتفى الصالحان صلوات الله عليهما في الإشهاد عليهما بالله ولم يشهدا أحدا من الخلق ، وقد اختلف العلماء في وجوب الإشهاد في النكاح ; وهي :على قولين : ( أحدهما ) أنه لا ينعقد إلا بشاهدين وبه قال أبو حنيفة والشافعي ( وقال مالك ) : إنه ينعقد دون شهود ; لأنه عقد معاوضة فلا يشترط فيه الإشهاد ، وإنما يشترط فيه الإعلان والتصريح ، وفرق ما بين النكاح والسفاح الدف ، وقد مضت هذه المسألة في ( البقرة ) مستوفاة وفي البخاري عن أبي هريرة : أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال ايتني بالشهداء أشهدهم ، فقال : كفى بالله شهيدا ; فقال : ايتني بكفيل ; فقال : كفى بالله كفيلا . قال : صدقت . فدفعها إليه ; وذكر الحديث .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: علمت نفس ما قدمت وأخرت
- تفسير: إن هذا إلا قول البشر
- تفسير: كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر
- تفسير: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات
- تفسير: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون
- تفسير: واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا
- تفسير: ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما
- تفسير: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر
- تفسير: يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا
- تفسير: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين
تحميل سورة القصص mp3 :
سورة القصص mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة القصص
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب