1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ التكاثر: 8] .

  
   

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾
[ سورة التكاثر: 8]

القول في تفسير قوله تعالى : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم


ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر بالأموال، لو تعلمون حق العلم لانزجرتم، ولبادرتم إلى إنقاذ أنفسكم من الهلاك. لتبصرُنَّ الجحيم، ثم لتبصرُنَّها دون ريب، ثم لتسألُنَّ يوم القيامة عن كل أنواع النعيم.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


ثم ليسألنّكم الله في ذلك اليوم عما أنعم به عليكم من الصحة والغنى وغيرهما.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 8


«ثم لتسألُن» حذف منه نون الرفع لتوالي النونات وواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين «يومئذ» يوم رؤيتها «عن النعيم» ما يلتذ به في الدنيا من الصحة والفراغ والأمن والمطعم والمشرب وغير ذلك.

تفسير السعدي : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم


{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } الذي تنعمتم به في دار الدنيا، هل قمتم بشكره، وأديتم حق الله فيه، ولم تستعينوا به، على معاصيه، فينعمكم نعيمًا أعلى منه وأفضل.أم اغتررتم به، ولم تقوموا بشكره؟ بل ربما استعنتم به على معاصي الله فيعاقبكم على ذلك، قال تعالى: { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ } الآية.

تفسير البغوي : مضمون الآية 8 من سورة التكاثر


( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) قال مقاتل : يعني كفار مكة ، كانوا في الدنيا في الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، ولم يشكروا رب النعيم حيث عبدوا غيره ، ثم يعذبون على ترك الشكر ، هذا قول الحسن .
وعن ابن مسعود رفعه قال : " لتسألن يومئذ عن النعيم " قال : " الأمن والصحة " .
وقال قتادة : إن الله يسأل كل ذي نعمة عما أنعم عليهأخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي ، حدثنا إبراهيم بن خزيم الشاشي ، حدثنا عبد ، بن حميد ، حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عزرم الأشعري قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أول ما يسأل العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له : ألم نصح جسمك ؟ ونروك من الماء البارد " .
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي ، أخبرنا أبو عيسى الترمذي ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا شيبان أبو معاوية ، حدثنا عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد ، فأتاه أبو بكر فقال : ما جاء بك يا أبا بكر ؟ فقال : خرجت لألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنظر إلى وجهه وللتسليم عليه ، فلم يلبث أن جاء عمر ، فقال : ما جاء بك يا عمر ؟ قال : الجوع يا رسول الله ، قال [ النبي - صلى الله عليه وسلم - ] : " وأنا قد وجدت ، بعض ذلك " ، فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري ، وكان رجلا كثير النخل والشاء ، ولم يكن له خدم ، فلم يجدوه ، فقالوا لامرأته : أين صاحبك ؟ فقالت : انطلق ليستعذب لنا الماء ، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها ماء فوضعها ، ثم جاء يلتزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويفديه بأبيه وأمه ، ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطا ، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أفلا تنقيت لنا من رطبه وبسره " ، فقال : يا رسول الله إني أردت أن تخيروا [ أو قال : أن تختاروا ] من رطبه وبسره ، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ، ظل بارد ، ورطب طيب ، وماء بارد " ، فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تذبحن ذات در " ، فذبح لهم عناقا أو جديا فأتاهم بها ، فأكلوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هل لك خادم ؟ قال : لا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فإذا أتانا سبي فأتنا " ، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برأسين ليس معهما ثالث ، فأتاه أبو الهيثم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اختر منهما " ، فقال : يا نبي الله اختر لي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، " إن المستشار مؤتمن ، خذ هذا ، فإني رأيته يصلي ، واستوص به معروفا " فانطلق به أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت امرأته : ما أنت ببالغ فيه ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن تعتقه ، قال : فهو عتيق ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، " إن الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيا ولا خليفة إلا وله بطانتان ، بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ، وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوق بطانة السوء فقد وقي " .
وروي عن ابن عباس قال : النعيم : صحة الأبدان والأسماع والأبصار ، يسأل الله العبيد فيم استعملوها ؟ وهو أعلم بذلك منهم ، وذلك قوله : إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ( الإسراء - 36 ) .
وقال عكرمة : عن الصحة والفراغ .
وقال سعيد بن جبير : عن الصحة والفراغ والمال .
أخبرنا الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، حدثنا الحسين بن الحسن بمكة ، حدثنا عبد الله بن المبارك والفضل بن موسى ، قالا حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " .
قال محمد بن كعب : يعني عما أنعم عليكم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - .
وقال أبو العالية : عن الإسلام والسنن .
وقال الحسين بن الفضل : تخفيف الشرائع وتيسير القرآن .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم ختم- سبحانه - السورة بقوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، والمراد بالنعيم هنا: ما يتنعم به الإنسان خلال حياته الدنيوية من مال وولد، ومن طعام وشراب، ومن متعة وشهوة ...
من النعومة التي هي ضد الخشونة.
أى: ثم إنكم بعد ذلك- أيها الناس- والله لتسألن يوم القيامة عن ألوان النعم التي منحكم الله-تبارك وتعالى- إياها، فمن أدى ما يجب عليه نحوها من شكر الله-تبارك وتعالى- عليها كان من السعداء، ومن جحدها وغمطها وشغلته عن طاعة ربه، وتباهي وتفاخر بها ...
كان من الأشقياء، كما قال-تبارك وتعالى-: وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ.
فالمراد بالسؤال إنما هو سؤال التكريم والتبشير للمؤمنين الشاكرين، وسؤال الإهانة والتوبيخ للفاسقين الجاحدين.
والآية الكريمة دعوة حارة للناس، إلى شكر نعمه-تبارك وتعالى- واستعمالها فيما خلقت له.
قال القرطبي ما ملخصه: والسؤال يكون للمؤمن والكافر ...
والجمع بين الأخبار التي وردت في ذلك: أن الكل يسألون، ولكن سؤال الكافر توبيخ، لأنه قد ترك الشكر، وسؤال المؤمن سؤال تشريف، لأنه قد شكر، وهذا النعيم في كل نعمة ....نسأل الله-تبارك وتعالى- أن يجعلنا من عباده الشاكرين ...
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
...

ثم لتسألن يومئذ عن النعيم: تفسير ابن كثير


وقوله : { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم ، من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك . ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز المقري ، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الخزاز ، حدثنا يونس بن عبيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة ، فوجد أبا بكر في المسجد فقال : " ما أخرجك هذه الساعة ؟ " قال : أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله . قال : وجاء عمر بن الخطاب فقال : " ما أخرجك يا ابن الخطاب ؟ " قال أخرجني الذي أخرجكما . قال : فقعد عمر وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهما ، ثم قال : " هل بكما من قوة ، تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وظلا ؟ " قلنا : نعم . قال : " مروا بنا إلى منزل ابن التيهان أبي الهيثم الأنصاري " . قال : فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا ، فسلم واستأذن - ثلاث مرات - وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام ، تريد أن يزيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السلام ، فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم ، فقالت : يا رسول الله ، قد - والله - سمعت تسليمك ، ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيرا " . ثم قال : " أين أبو الهيثم ؟ لا أراه " . قالت : يا رسول الله ، هو قريب ذهب يستعذب الماء ، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله ، فبسطت - بساطا تحت شجرة ، فجاء أبو الهيثم ففرح بهم وقرت عيناه بهم ، فصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسبك يا أبا الهيثم " . قال : يا رسول الله ، تأكلون من بسره ، ومن رطبه ، ومن تذنوبه ، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " هذا غريب من هذا الوجه .
وقال ابن جرير : حدثني الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا الوليد بن القاسم ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : بينما أبو بكر وعمر جالسان ، إذ جاءهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما أجلسكما هاهنا ؟ " قالا : والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع . قال : " والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره " . فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار فاستقبلتهم المرأة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " أين فلان ؟ " فقالت : ذهب يستعذب لنا ماء . فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال : مرحبا ، ما زار العباد شيء أفضل من شيء زارني اليوم . فعلق قربته بكرب نخلة وانطلق فجاءهم بعذق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا كنت اجتنيت " ؟ فقال : أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم . ثم أخذ الشفرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إياك والحلوب ؟ " فذبح لهم يومئذ ، فأكلوا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتسألن عن هذا يوم القيامة . أخرجكم من بيوتكم الجوع ، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا ، فهذا من النعيم " .
ورواه مسلم من حديث يزيد بن كيسان به ، ورواه أبو يعلى ، وابن ماجه من حديث المحاربي ، عن يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبي بكر الصديق به ، وقد رواه أهل السنن الأربعة ، من حديث عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، بنحو من هذا السياق وهذه القصة .
وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا حشرج ، عن أبي نصرة ، عن أبي عسيب - يعني مولى رسول الله - قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا فمر بي ، فدعاني فخرجت إليه ، ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج إليه ، ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه ، فانطلق حتى أتى حائطا لبعض الأنصار ، فقال لصاحب الحائط : " أطعمنا " . فجاء بعذق فوضعه ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم دعا بماء بارد فشرب ، وقال : " لتسألن عن هذا يوم القيامة " . قال : فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض ، حتى تناثر البسر قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : يا رسول الله ، إنا لمسئول عن هذا يوم القيامة ؟ قال : " نعم ، إلا من ثلاثة : خرقة لف بها الرجل عورته ، أو كسرة سد بها جوعته ، أو جحر تدخل فيه من الحر والقر " تفرد به أحمد .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، حدثنا عمار : سمعت جابر بن عبد الله يقول : أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رطبا ، وشربوا ماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " .
ورواه النسائي من حديث حماد بن سلمة [ عن عمار بن أبي عمار ، عن جابر ] به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن صفوان بن سليم ، عن محمود بن الربيع قال : لما نزلت : { ألهاكم التكاثر } فقرأ حتى بلغ : { لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا : يا رسول الله ، عن أي نعيم نسأل ؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر ، وسيوفنا على رقابنا ، والعدو حاضر ، فعن أي نعيم نسأل ؟ قال أما إن ذلك سيكون " .
وقال أحمد : حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ، حدثنا عبد الله بن سليمان ، حدثنا معاذ بن عبد الله بن خبيب ، عن أبيه ، عن عمه قال : كنا في مجلس فطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء ، فقلنا : يا رسول الله ، نراك طيب النفس . قال : " أجل " . قال : ثم خاض الناس في ذكر الغنى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا بأس بالغنى لمن اتقى الله ، والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى ، وطيب النفس من النعيم " .
ورواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن خالد بن مخلد ، عن عبد الله بن سليمان به .
وقال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا شبابة ، عن عبد الله بن العلاء ، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم الأشعري قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يسأل عنه - يعني يوم القيامة - العبد من النعيم أن يقال له : ألم نصح لك جسمك ، ونروك من الماء البارد ؟ " .
تفرد به الترمذي . ورواه ابن حبان في صحيحه ، من طريق الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن العلاء بن زير به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا مسدد ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن عمرو ، عن يحيى بن حاطب ، عن عبد الله بن الزبير قال : قال الزبير : لما نزلت : { [ ثم ] لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا : يا رسول الله ، لأي نعيم نسأل عنه ، وإنما هما الأسودان التمر والماء ؟ قال : " إن ذلك سيكون " . وكذا رواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث سفيان - هو ابن عيينة - به ، ورواه أحمد عنه ، وقال الترمذي : حسن .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبد الله الظهراني ، حدثنا حفص بن عمر العدني ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة قال : لما نزلت هذه الآية : { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قالت الصحابة : يا رسول الله ، وأي نعيم نحن فيه ، وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير ؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم : أليس تحتذون النعال ، وتشربون الماء البارد ؟ فهذا من النعيم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني ، عن ابن أبي ليلى - أظنه عن عامر - عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { [ ثم ] لتسألن يومئذ عن النعيم } قال : " الأمن والصحة " .
وقال زيد بن أسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } يعني : شبع البطون ، وبارد الشراب ، وظلال المساكن ، واعتدال الخلق ، ولذة النوم . رواه ابن أبي حاتم بإسناده المتقدم ، عنه في أول السورة .
وقال سعيد بن جبير : حتى عن شربة عسل . وقال مجاهد : عن كل لذة من لذات الدنيا . وقال الحسن البصري : نعيم الغداء والعشاء ، وقال أبو قلابة : من النعيم أكل العسل والسمن بالخبز النقي . وقول مجاهد هذا أشمل هذه الأقوال .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال : النعيم : صحة الأبدان والأسماع والأبصار ، يسأل الله العباد فيما استعملوها ، وهو أعلم بذلك منهم ، وهو قوله تعالى : { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا } [ الإسراء : 36 ] .
وثبت في صحيح البخاري ، وسنن الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " .
ومعنى هذا : أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين ، لا يقومون بواجبهما ، ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه ، فهو مغبون .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا أبو حمزة ، عن ليث ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فوق الإزار ، وظل الحائط ، وخبز ، يحاسب به العبد يوم القيامة ، أو يسأل عنه " ثم قال : لا نعرفه إلا بهذا الإسناد .
وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز وعفان ، قالا : حدثنا حماد - قال عفان في حديثه : قال إسحاق بن عبد الله ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله عز وجل - قال عفان : يوم القيامة - : يا ابن آدم ، حملتك على الخيل والإبل ، وزوجتك النساء ، وجعلتك تربع وترأس ، فأين شكر ذلك ؟ " تفرد به من هذا الوجه .
آخر تفسير سورة " التكاثر " [ ولله الحمد والمنة ]

تفسير القرطبي : معنى الآية 8 من سورة التكاثر


قوله تعالى : ثم لتسألن يومئذ عن النعيمقوله تعالى : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم أو ليلة ، فإذا هو بأبي بكر وعمر ; فقال : " ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ) ؟ قالا : الجوع يا رسول الله .
قال : " وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوما " فقاما معه ; فأتى رجلا من الأنصار ، فإذا هو ليس في بيته ، فلما رأته المرأة قالت : مرحبا وأهلا .
فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أين فلان " ؟ قالت : يستعذب لنا من الماء ; إذ جاء الأنصاري ، فنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه ، ثم قال : الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني .
قال : فانطلق ، فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب ، فقال : كلوا من هذه .
وأخذ المدية فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياك والحلوب " فذبح لهم ، فأكلوا من الشاة ، ومن ذلك العذق ، وشربوا ; فلما أن شبعوا ورووا ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر : " والذي نفسي بيده لتسألن عن نعيم هذا اليوم ، يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم " .
خرجه الترمذي ، وقال فيه : " هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة : ظل بارد ، ورطب طيب ، وماء بارد " وكنى الرجل الذي من الأنصار ، فقال : أبو الهيثم بن التيهان .
وذكر قصته .
قلت : اسم هذا الرجل الأنصاري مالك بن التيهان ، ويكنى أبا الهيثم .
وفي هذه القصة يقول عبد الله بن رواحة ، يمدح بها أبا الهيثم بن التيهان :فلم أر كالإسلام عزا لأمة ولا مثل أضياف الإراشي معشرا نبي وصديق وفاروق أمةوخير بني حواء فرعا وعنصرا فوافوا لميقات وقدر قضيةوكان قضاء الله قدرا مقدرا إلى رجل نجد يباري بجودهشموس الضحى جودا ومجدا ومفخرا وفارس خلق الله في كل غارةإذا لبس القوم الحديد المسمرا ففدى وحيا ثم أدنى قراهمفلم يقرهم إلا سمينا متمراوقد ذكر أبو نعيم الحافظ ، عن أبي عسيب مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا ، فخرجت إليه ، ثم مر بأبي بكر فدعاه ، فخرج إليه ، ثم مر بعمر فدعاه ، فخرج إليه ، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار ، فقال لصاحب الحائط : " أطعمنا بسرا " فجاء بعذق ، فوضعه فأكلوا ، ثم دعا بماء فشرب ، فقال : " لتسألن عن هذا يوم القيامة " قال : وأخذ عمر العذق ، فضرب به الأرض حتى تناثر البسر نحو وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يا رسول الله ، إنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة ؟ قال : " نعم إلا من ثلاث : كسرة يسد بها جوعته ، أو ثوب يستر به عورته ، أو حجر يأوي فيه من الحر والقر " .
واختلف أهل التأويل في النعيم المسئول عنه على عشرة أقوال :أحدها : الأمن والصحة ; قاله ابن مسعود .
الثاني : الصحة والفراغ ; قاله سعيد بن جبير .
وفي البخاري عنه - عليه السلام - : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ .
الثالث : الإدراك بحواس السمع والبصر ; قاله ابن عباس .
وفي التنزيل : إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا .
وفي الصحيح عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يؤتى بالعبد يوم القيامة ، فيقول له : ألم أجعل لك سمعا وبصرا ، ومالا وولدا ... " ، الحديث .
خرجه الترمذي وقال فيه : حديث حسن صحيح .
الرابع : ملاذ المأكول والمشروب قاله جابر بن عبد الله الأنصاري .
وحديث أبي هريرة يدل عليه .
الخامس : أنه الغداء والعشاء ; قاله الحسن .
السادس : قول مكحول الشامي : أنه شبع البطون وبارد الشراب ، وظلال المساكن ، واعتدال الخلق ; ولذة النوم .
ورواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لتسألن يومئذ عن النعيم يعني عن شبع البطون ... " .
فذكره .
ذكره الماوردي ، وقال : وهذا السؤال يعم الكافر والمؤمن ، إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة .
وسؤال الكافر تقريع أن قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية .
وقال قوم : هذا السؤال عن كل نعمة ، إنما يكون في حق الكفار ، فقد روي أن أبا بكر لما نزلت هذه الآية قال : يا رسول الله ، أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن التيهان ، من خبز شعير ولحم وبسر قد ذنب ، وماء عذب ، أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي نسأل عنه ؟ فقال - عليه السلام - : " ذلك للكفار ; ثم قرأ : وهل نجازي إلا الكفور " .
ذكره القشيري أبو نصر .
وقال الحسن لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار .
وقال القشيري : والجمع بين الأخبار : أن الكل يسألون ولكن سؤال الكفار توبيخ ; لأنه قد ترك الشكر .
وسؤال المؤمن سؤال تشريف ; لأنه شكر .
وهذا النعيم في كل نعمة .
قلت : هذا القول حسن ; لأن اللفظ يعم .
وقد ذكر الفريابي قال : حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، في قوله تعالى : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال : كل شيء من لذة الدنيا .
وروى أبو الأحوص عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تعالى ليعدد نعمه على العبد يوم القيامة ، حتى يعد عليه : سألتني فلانة أن أزوجكها ، فيسميها باسمها ، فزوجتكها " .
وفي الترمذي عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال الناس : يا رسول الله ، عن أي النعيم نسأل ؟ فإنما هما الأسودان والعدو حاضر ، وسيوفنا على عواتقنا .
قال : " إن ذلك سيكون " .
وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة - يعني العبد - أن يقال له : ألم نصح لك جسمك ، ونرويك من الماء البارد " قال : حديث ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا كان يوم القيامة دعا الله بعبد من عباده ، فيوقفه بين يديه ، فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله " .
والجاه من نعيم الدنيا لا محالة .
وقال مالك - رحمه الله - : إنه صحة البدن ، وطيب النفس .
وهو القول السابع .
وقيل : النوم مع الأمن والعافية .
وقال سفيان بن عيينة : إن ما سد الجوع وستر العورة من خشن الطعام واللباس ، لا يسأل عنه المرء يوم القيامة ، وإنما يسأل عن النعيم .
قال : والدليل عليه أن الله تعالى أسكن آدم الجنة .
فقال له : إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى .
فكانت هذه الأشياء الأربعة - ما يسد به الجوع ، وما يدفع به العطش ، وما يستكن فيه من الحر ، ويستر به عورته - لآدم - عليه السلام - بالإطلاق ، لا حساب عليه فيها لأنه لا بد له منها .
قلت : ونحو هذا ذكره القشيري أبو نصر ، قال : إن مما لا يسأل عنه العبد لباسا يواري سوأته ، وطعاما يقيم صلبه ، ومكانا يكنه من الحر والبرد .
قلت : وهذا منتزع من قوله - عليه السلام - : " ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال : بيت يسكنه ، وثوب يواري عورته ، وجلف الخبز والماء " خرجه الترمذي .
وقال النضر بن شميل : جلف الخبز : ليس معه إدام .
وقال محمد بن كعب : النعيم : هو ما أنعم الله علينا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - .
وفي التنزيل : لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم .
وقال الحسن أيضا والمفضل : هو تخفيف الشرائع ، وتيسير القرآن ، قال الله تعالى : وما جعل عليكم في الدين من حرج ، وقال تعالى : ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر .
قلت : وكل هذه نعم ، فيسأل العبد عنها : هل شكر ذلك أم كفر .
والأقوال المتقدمة أظهر والله أعلم .

﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ [ التكاثر: 8]

سورة : التكاثر - الأية : ( 8 )  - الجزء : ( 30 )  -  الصفحة: ( 600 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون
  2. تفسير: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك
  3. تفسير: لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين
  4. تفسير: ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
  5. تفسير: هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند
  6. تفسير: واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا
  7. تفسير: كهيعص
  8. تفسير: ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا ياأبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا
  9. تفسير: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه
  10. تفسير: فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون

تحميل سورة التكاثر mp3 :

سورة التكاثر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة التكاثر

سورة التكاثر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة التكاثر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة التكاثر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة التكاثر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة التكاثر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة التكاثر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة التكاثر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة التكاثر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة التكاثر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة التكاثر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب