هل على القارن سعي واحد أو سعيان - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب هل على القارن سعيٌ واحدٌ أو سعيان؟
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٥٥٦) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم في الحج (١٢١١: ١١١) عن يحيى بن يحيى التميميّ، كلاهما عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
والحديث في موطأ يحيى الليثي في الحج (٢٢٣) عن مالك، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد،
ولم يسق لفظه، وإنما أحال على الحديث الذي قبله وهو من رواية مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته بتمامه، غير أنه زاد فيه: «وأمّا الذين كانوا أهلّوا بالحجّ، أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا».
قال الأعظمي: والمقصود بالطّواف هنا السعي الذي كان قبل الحجّ كما قال البيهقي وغيره، وذلك بيّن في حديث جابر بن عبد الله كما سيأتي.
ولكن يشكل على هذا ما رواه أبو داود (١٨٩٦) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: «أنّ أصحاب رسول الله ﷺ الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رموا الجمرة».
فإن كانت تقصد بالطّواف هنا طواف الإفاضة فهو ليس خاصًا بمن كانوا مع النبيّ ﷺ قارنين، بل حتّى من حلَّ بعمرة، ثم أهلّ بالحجّ أيضًا طاف طواف الإفاضة بعد رمي الجمرة.
وإن كانت تقصد بالطّواف السّعي، فالصحيح أنّ النبيّ ﷺ ومن كان معه سعوا قبل رمي الجمرة عندما قدموا مكة.
فالظاهر أن هذا خطأ أو وهم وقع من بعض الرواة الذين اختصروا حديث عائشة في الحج؛ ولذا قال الحافظ ابن عبد البر: «الاضطراب عن عائشة في حديثها في الحجّ عظيم، وقد أكثر العلماء في توجيه الروايات فيه، ودفع بعضهم بعضًا ببعض، ولم يستطيعوا الجمع بينها، ورام قوم الجمع بينها في بعض معانيها. وكذلك أحاديثها في الرضاع مضطربة أيضًا. وقال بعض العلماء في أحاديثها في الحج والرضاع: إنما جاء من قبل الرّواة. وقال بعضهم: بل جاء ذلك منها، فالله أعلم» انتهى. انظر: التمهيد (٨/ ٢٢٦ - ٢٢٧).
وقوله: وقال بعضهم: «بل جاء منها» فيه نظر؛ لأنه لا يتصور منها وهي عالمة وفقيهة أن تحدّث أو تفتي وفيه اضطراب. فالظّاهر كما قلت وقع خطأ من بعض الرواة الذين اختصروا الحديث، أو رووه بالمعنى.
صحيح: رواه مسلم في الحج (١٢١١: ١٣٣) عن حسن بن علي الحلوانيّ، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثني إبراهيم بن نافع، حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة، فذكرته.
أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ، فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى.
متفق عليه: رواه مالك في الحج (٩٩) عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ورواه البخاريّ في المحصر (١٨١٣)، ومسلم في الحج (١٢٣٠: ١٨٠) كلاهما من طريق مالك، به، مثله. إلّا أن في لفظ البخاريّ: «ثم طاف لهما طوافًا واحدًا».
وفي لفظ مسلم: «فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعًا، وبين الصّفا والمروة سبعًا لم يزد عليه، ورأى أنه مجزئ عنه ...».
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ الله ﷺ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٤٠)، ومسلم في الحج (١٢٣٠: ١٨٢) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا الليث، عن نافع، فذكره.
وقول ابن عمر: «كذلك فعل رسول الله ﷺ» دليل على رفع ما فعله ابن عمر إلى النبيّ ﷺ بأن ليس على القارن إلّا سعي واحد.
ورواه أيوب عن نافع، عن ابن عمر بهذه القصّة، ولم يذكر النبيّ ﷺ إلّا في أوّل الحديث حين قيل له: يصدُّوكَ عن البيت. قال: «إذن أفعل كما فعلَ رسولُ الله ﷺ». ولم يذكر في آخر الحديث: «هكذا فعل رسول الله ﷺ» كما ذكره الليث بن سعد.
هكذا رواه مسلم من طريق حماد وإسماعيل بن عليّة كلاهما عن أيوب.
ورواه البخاريّ (١٦٣٩) من حديث ابن علية، عن أيوب، فذكره بطوله.
فظهر من هذا أنّ نافعًا مرة وقفه على ابن عمر، وأخرى رفعه إلى النبيّ ﷺ.
وممن رفعه أيضًا عن نافع: عبيد الله بن عمر كما في الحديث الآتي.
حسن: رواه الترمذيّ (٩٤٨)، وابن ماجه (٢٩٧٥) كلاهما من حديث عبد العزيز بن محمد (وهو الدراورديّ) عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (٥٣٥٠)، وصححه ابن خزيمة (٢٧٤٥)، وابن حبان (٣٩١٥).
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن صحيح غريب. وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر ولم يرفعوه وهو أصح».
قال الأعظمي: وكذا أعلّه أيضًا الطّحاويّ (٣٨٣٠) فقال: «إنّ هذا الحديث خطأ؛ أخطأ فيه الدّراورديّ فرفعه إلى النبيّ ﷺ، وإنّما أصله عن ابن عمر عن نفسه، هكذا رواه الحفّاظ».
وتكلم فيه أيضًا النسائيّ فقال: «ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر».
قال الأعظمي: الدراورديّ صدوق أخرج له الشيخان وغيرهما فمن الممكن أنه رواه بالمعنى كما رواه عبد الرزاق عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه قرن بين الحج والعمرة وسعى لهما سعيًا واحدًا، وقال: «هكذا صنع رسول الله ﷺ».
ورواه أيضًا سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: «أنّ النّبيَّ ﷺ طاف لقرانه طوافًا واحدًا ولم يحله ذلك». رواه كله الدارقطنيّ (٢٥٩٤، ٢٥٩٥).
لأنّ قول ابن عمر كذلك فعل رسول الله ﷺ يساوي في معناه: «من أحرم بالحجّ والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما».
لأنّ الدّراورديّ روى الحديث من وجهين مرة باختصار دون القصة - كما مضى. وأخرى بالقصة كما رواه عنه الدّارقطني (٢٥٩١) عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أنّه أهلّ بالعمرة فلما أتي ذا الحليفة قال: «ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أدخلت الحج على العمرة، فطاف لهما طوافًا واحدًا وسعى لهما سعيًا واحدا وقال: هكذا صنع رسول الله ﷺ».
إن صحَّ هذا فإنّ الدراورديّ لم يخالف ما رواه غيره عن عبيد الله بن عمر، ومن الممكن أيضًا أن نافعًا روي من وجهين كما ثبت عنه في الصحيحين وغيرهما، فروى الدراوردي من أحد هذه الوجوه، وروى غيره من الوجه الآخر وإن كانوا هم أكثر ولكن لا مخالفة بينه وبينهم في معني الحديث، وبهذا صحَّ قول الترمذيّ: «حسن صحيح» وصحَّ قوله أيضًا: والذين لم يرفعوا أصح، لأنهم أكثر، والجمع بين هذه الطرق أولى من تخطئة الثقات والله تعالى أعلم.
صحيح: رواه مسلم (١٢٧٩)، و(١٢١٥) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره.
قوله: «طوافه الأوّل» يعني سعيه الأوّل الذي كان عقب طواف القدوم.
حسن: رواه الدارقطني (٢٦١٩) عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغويّ، حدّثنا داود بن عمرو المسَيَّبي، حدّثنا منصور بن أبي الأسود، عن عبد الملك، عن عطاء، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل منصور بن أبي الأسود فإنه صدوق رمي بالتشيّع كما في «التقريب»، وبقية رجاله ثقات؛ عبد الملك هو ابن أبي سليمان العرزمي من رجال مسلم وثقه ابن معين وأحمد وغيرهما، وكان راويةً عن عطاء بن أبي رباح، وقد تكلّم فيه شعبة وغيره لأجل حديثه في الشّفعة، رواه عن عطاء عن جابر، وعطاء هو ابن أبي رباح.
قال ابن عبد الهادي في «التنقيح» (٣/ ٥٢٠): «وليس مخرج هذا الحديث في السنن، لكن إسناده صحيح».
قال الأعظمي: ولم ينفرد به عبد الملك عن عطاء، فقد تابعه عليه الحجاج بن أرطاة، ومحمد بن عبيد الله العرزميّ -وهو متروك- وكلاهما عند الدارقطني برقم (٢٦٣٠، ٢٦٣١).
وفي هذه الأحاديث حجّة لجمهور أهل العلم الذين قالوا: القارن يطوف طوافًا واحدًا. قال الترمذيّ: «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبيّ ﷺ وغيرهم. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق (ومالك أيضًا). وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبيّ ﷺ وغيرهم يطوف طوافين ويسعى سعيين، وهو قول الثوريّ وأهل الكوفة» انتهى.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 123 من أصل 247 باباً
- 98 باب نقض الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم
- 99 باب استحباب الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف العمرة، وفي الطّواف الأول في الحجّ
- 100 باب ما جاء في الاضطباع في الطّواف
- 101 باب جواز الطواف راكبًا لمرض أو عذر، واستلام الحجر بمحجن وغيره، وتقبيله أو الإشارة إليه
- 102 باب جواز الكلام المباح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الطواف
- 103 باب طواف النساء مع الرجال من غير اختلاط ما أمكن
- 104 باب جواز طواف المرأة عند إقامة الصلاة لعذر
- 105 باب أن الحائض تفعل كلَّ ما يفعله الحاجّ غير أنّها لا تطوف بالبيت
- 106 باب ما جاء أنّ الطواف توٌّ والسّعي توٌّ
- 107 باب لكلِّ سبعة أشواط ركعتان
- 108 باب استحباب صلاة ركعتي الطواف خلف المقام، والقراءة فيهما بـ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾، ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾
- 109 باب الطّواف بعد الصبح والعصر، وأداء ركعتي الطواف
- 110 باب من طاف بعد الصّبح ولم يصل ركعتي الطّواف حتى طلعت الشّمس، وأداؤهما في خارج الحرم
- 111 باب استحباب الرجوع إلى الحجر الأسود لاستلامه بعد ركعتي الطواف
- 112 باب وجوب السَّعي بين الصَّفا والمروة في الحجّ والعمرة
- 113 باب كيف السّعي
- 114 باب السّعي في بطن المسيل بشدّة
- 115 باب أنّ السعي سبعةُ أشواط يبدأ بالصّفا وينتهي بالمروة
- 116 باب بقي النبيّ ﷺ في منزله بعد الطواف والسّعي ولم يرجع إلى الكعبة إلا لطواف الإفاضة
- 117 باب ما شرع رمي الجمار والسعي إلّا لإقامة ذكر الله
- 118 باب ما جاء في بيان سبب السعي بين الصّفا والمروة
- 119 باب في جواز السّعي بين الصّفا والمروة راكبًا، وماشيًا
- 120 باب استحباب الصّعود على الصّفا والمروة واستقبال الكعبة والتكبير والتهليل والدّعاء عليهما مع رفع اليدين
- 121 باب أنّ المتمتِّع يتحلّل من عمرته بتقصير شعره وعليه هدي التمتع
- 122 باب أنّ التّحلل من العمرة لا يكون إلا بعد السّعي بين الصّفا والمروة
- 123 باب هل على القارن سعيٌ واحدٌ أو سعيان؟
- 124 باب من قال: للقارن طوافان وسعيان
- 125 باب أنّ القارن والمفرد لا يتحللان بعد طوافهما الأوّل
- 126 باب من قال: إنّ الحاجّ المفرد يتحلّل إذا طاف بالبيت للقدوم
- 127 باب أنّ القارن الذي ساق الهدي لا يتحلّل حتى ينحر
- 128 باب إهلال المكّي والمتمتِّع بالحج في يوم التروية
- 129 باب جواز البناء في منى لنزول الحجاج
- 130 باب استحباب أداء الصّلوات الخمس بمنى يوم التّروية
- 131 باب قصر الصلاة بمني
- 132 باب استحباب الخروج من منى إلى نمرة إذا طلعت الشّمس
- 133 باب استحباب التلبية والتكبير عند الخروج من منى إلى عرفة
- 134 باب قصر الخطبة وتعجيل الصّلاة يوم عرفة
- 135 باب الجمع بين الصلاتين في عرفة بأذان وإقامتين
- 136 باب وجوب الوقوف بعرفة
- 137 باب ما جاء في أنّ عرفة كلّها موقف
- 138 باب تنبيه الحجاج على عدم الوقوف خارج حدود عرفة
- 139 باب فضل يوم عرفة
- 140 باب الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له
- 141 باب استحباب الفطر للحاج يوم عرفة
- 142 باب استحباب الدّعاء في عرفة واستقبال القبلة بذلك
- 143 باب رفع اليدين في الدّعاء عند الوقوف بعرفة
- 144 باب جواز الوقوف على الدّابة ونحوها بعرفة
- 145 باب الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس
- 146 باب السير في هدوء عند الإفاضة من عرفات
- 147 باب الجمع بين الصّلاتين بالمزدلفة
معلومات عن حديث: هل على القارن سعي واحد أو سعيان
📜 حديث عن هل على القارن سعي واحد أو سعيان
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ هل على القارن سعي واحد أو سعيان من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث هل على القارن سعي واحد أو سعيان
تحقق من درجة أحاديث هل على القارن سعي واحد أو سعيان (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث هل على القارن سعي واحد أو سعيان
تخريج علمي لأسانيد أحاديث هل على القارن سعي واحد أو سعيان ومصادرها.
📚 أحاديث عن هل على القارن سعي واحد أو سعيان
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع هل على القارن سعي واحد أو سعيان.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب