حديث: مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن اللَّه ﷾

عن عائشة، وعن أنس: «أنّ النّبيَّ ﷺ مرَّ بقوم يُلقِّحون فقال: «لو لم تفعلوا لَصُلح». قال: فخرج شيصًا، فمرّ بهم، فقال: «ما لنخلكم؟». قالوا: قلت كذا وكذا. قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦٢) من طرق عن الأسود بن عامر: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعن ثابت عن أنس، فذكراه.

عن عائشة، وعن أنس: «أنّ النّبيَّ ﷺ مرَّ بقوم يُلقِّحون فقال: «لو لم تفعلوا لَصُلح». قال: فخرج شيصًا، فمرّ بهم، فقال: «ما لنخلكم؟». قالوا: قلت كذا وكذا. قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
هذا الحديث العظيم رواه مسلم في صحيحه، وسأشرحه لك بتفصيل وافٍ على النحو التالي:
### أولاً. نص الحديث ورواته
الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن السيدة عائشة رضي الله عنها، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم من العرب وهم يُلقِّحون النخل - أي يقومون بعملية التلقيح الاصطناعي للنخل - فقال لهم: «لو لم تفعلوا لَصُلح»، أي لو تركتم النخل دون تلقيح لكان أمره صالحاً جيداً. فتركوا التلقيح بناءً على ظنهم أن هذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم، فخرجت الثمار شِيصاً - أي رديئةً صغيرةً لا تؤكل - فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فرأى حال النخل، فقال: «ما لنخلكم؟» فقالوا: قلت لنا كذا وكذا. فقال صلى الله عليه وسلم: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».


ثانياً. شرح المفردات:


● يُلقِّحون: أي يقومون بعملية تأبير النخل أو تلقيحه، وذلك بنقل الطلع (لقاح الذكر) إلى الأنثى لتحمل الثمر.
● لَصُلح: أي لكان صالحاً جيداً، بمعنى أن الثمر سينمو بشكل طبيعي دون حاجة إلى تدخل.
● شِيصاً: جمع شِيصة، وهي التمرة الرديئة التي لا تنضج بشكل صحيح، تكون صغيرةً قليلة اللحم.


ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى بعض المزارعين وهم يقومون بتلقيح النخل، فأبدى لهم ملاحظة ظنها البعض أمراً ملزم، فتركوا العمل، مما أدى إلى إتلاف المحصول. وعندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم ورأى النتيجة، بين لهم أن كلامه لم يكن أمراً دينياً ملزم، وإنما كان مجرد رأي أو ملاحظة بشرية، مؤكداً أن لهم الحرية في إدارة شؤون دنياهم حسب خبرتهم ومعرفتهم العملية.


رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الفصل بين التشريع والرأي البشري: الحديث أصل عظيم في تمييز ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال تشريعية ملزمة، وما يصدر عنه كرأي إنساني أو تجربة دنيوية. فما كان في مجال الدين والوحي فهو ملزم، وما كان في شؤون الدنيا والخبرات العملية فالأمر فيه لأهل الاختصاص.
2- احترام التخصص والخبرة: النبي صلى الله عليه وسلم أكد مبدأ «أنتم أعلم بأمر دنياكم»، مما يرفع من قيمة المعرفة العملية والتجربة، ويحث على الاستفادة من أهل الخبرة في كل مجال.
3- عدم التقديم بالظن في فهم النصوص: الخطأ الذي وقع فيه الصحابة كان في فهمهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم على أنه أمر ديني، مع أنه كان مجرد ملاحظة، مما يعلمنا أهمية التثبت وعدم vincular كل ما يقال دون تمييز.
4- التواضع العلمي: النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم المؤيد بالوحي،承认 أن لأهل الخبرة معرفة أفضل في شؤون دنياهم، فكيف بنا نحن؟
5- الجمع بين الدين والحياة: الإسلام لا يتعارض مع التقدم العلمي والتجارب النافعة، بل يشجع على الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من الأحاديث التي يستدل بها العلماء على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في التبليغ عن الله فقط، وأما في الأمور الدنيوية المحضة فله رأيه البشري الذي قد يخطئ فيه، لكن الله كان يصوب له ما يبلغه عن ربه.
- يستدل الفقهاء به على أن الاجتهاد في الأمور الدنيوية مباح، بل ومطلوب، ما دام لا يتعارض مع نص شرعي.
- الحديث يدل على أن الزراعة والعمل والصناعة من الأمور المحمودة في الإسلام، وهي من التعاون على البر والتقوى.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦٢) من طرق عن الأسود بن عامر: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعن ثابت عن أنس، فذكراه.
وقوله: «فخرج شيصًا» هو البسر الرديء الذي إذا يبس صار حشفًا.
من خصائص الأنبياء والمرسلين صلوات اللَّه عليهم أجمعين أنّهم معصومون فيما يخبرون به عن اللَّه تعالى، وفيما عداه فللنّاس فيه نزاع، والذي عليه جمهور أهل العلم أنّ الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى: «وهو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمديّ أنّ هذا قول أكثر الأشعريّة، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقه، بل لم ينقل عن السّلف والأئمة، والصّحابة والتابعين وتابعيهم إِلَّا ما يوافق هذا القول». «مجموع الفتاوى» (٤/ ٣١٩).
وقال رحمه اللَّه تعالى أيضًا: «أهل السنة متفقون على أنهم لا يقرّون على خطأ في الدين أصلًا، ولا فسوق، ولا كذب. ففي الجملة: كل ما يقدح في نبوتهم وتبيلغهم عن اللَّه فهم متفقون على تنزيههم عنه. وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصّغائر يقولون إنّهم معصومون من الإقرار عليها. فلا يصدر عنهم ما يضرّهم كما جاء في الأثر: «كان داود بعد التوبة خيرًا منه قبل الخطيئة».»منهاج السنة (١/ ٤٧٢).
وخلاصة القول في عصمة الأنبياء:
١ - إنّ أهل السنة وجمهور المسلمين متفقون على أن الأنبياء ﵈ معصومون فيما يخبرون عن اللَّه تعالى، وفي تبليغ رسالته لأنّ العصمة هي التي يحصل بها مقصود الرسالة والنبوة.
٢ - اتفق أهل السنة أيضًا على وقوع الصّغائر منهم دون الكبائر في الأفعال، بدليل ما ورد في القرآن والأخبار الصحيحة، ولكنّهم لا يصرون عليها بل يبادرون إلى التوبة والاستغفار، فيكونون في هذه الحال معصومين من الإصرار عليها، ويكون الاقتداء بهم في التوبة منها، بحيث إننا أمرنا بالتأسي بهم، وباللَّه التوفيق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 670 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا

  • 📜 حديث: مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب