حديث: ما تركه النبي صدقة لا يورث

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب غزوة بني النضير

عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخُل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلمت عليه ثم جلست، فقال: يا مال! إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ، فاقبضه فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري، قال: اقبضه أيها المرء، فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا، ثم جلس يرفأ يسيرًا، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسول ﷺ من مال بني النضير، فقال الرهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، قال عمر: تيدكم، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة». يريد رسول الله ﷺ نفسه؟ قال الرهط: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباس، فقال: أنشدكما الله، أتعلمان أن رسول الله ﷺ قد قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك، قال عمر:
فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره، ثم قرأ: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحشر: ٦] فكانت هذه خالصة لرسول الله ﷺ، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، قد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله ﷺ ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل رسول الله ﷺ بذلك حياته -، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكم بالله هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثم توفى الله نبيه ﷺ، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ﷺ، فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ، والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ وما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة وأمركما واحد، جئتني يا عباس! تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا - يريد عليًا - يريد نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: إن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة». فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لَتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله ﷺ، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، ثم أقبل على علي وعباس، فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! لا أقضي فيها قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي، فإني أكفيكماها.

متفق عليه: رواه البخاري في فرض الخمس (٣٠٩٤) ومسلم في الجهاد والسير (٤٩: ١٧٥٦) من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، أن مالك بن أوس حدثه قال (فذكره)

عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخُل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلمت عليه ثم جلست، فقال: يا مال! إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ، فاقبضه فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري، قال: اقبضه أيها المرء، فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا، ثم جلس يرفأ يسيرًا، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسول ﷺ من مال بني النضير، فقال الرهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، قال عمر: تيدكم، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة». يريد رسول الله ﷺ نفسه؟ قال الرهط: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباس، فقال: أنشدكما الله، أتعلمان أن رسول الله ﷺ قد قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك، قال عمر:
فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره، ثم قرأ: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحشر: ٦] فكانت هذه خالصة لرسول الله ﷺ، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، قد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله ﷺ ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل رسول الله ﷺ بذلك حياته -، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكم بالله هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثم توفى الله نبيه ﷺ، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ﷺ، فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ، والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ وما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة وأمركما واحد، جئتني يا عباس! تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا - يريد عليًا - يريد نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: إن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة». فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لَتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله ﷺ، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، ثم أقبل على علي وعباس، فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! لا أقضي فيها قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي، فإني أكفيكماها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، مع بيان مفرداته ودروسه المستفادة:

أولاً. شرح المفردات:


● متع النهار: أي حين ارتفع النهار وقارب الزوال.
● رضخ: عطاء أو هبة من المال بدون تحديد مقدار.
● يرفأ: اسم حاجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
● تيدكم: كلمة تعجب بمعنى "أما لكم" أو "هيا بكم".
● لا نورث: أي لا نُورَث كغيرنا، بل ما تركناه صدقة.
● أفاء الله: أي أعطى وأرجع من الغنيمة أو الفيء.
● أوجفتم: أي أسرعتم بالجياد والإبل في الجهاد.
● احتازها: استأثر بها أو اختص بها دون الآخرين.


ثانيًا. شرح الحديث:


يُروى هذا الحديث في سياق خلاف بين العباس وعلي رضي الله عنهما حول ميراث النبي ﷺ، وقد استدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالحديث النبوي "لا نورث، ما تركنا صدقة" ليحل هذا النزاع.
الموقف الأول: يستشهد عمر بالحديث النبوي الذي ينفي التوريث عن النبي ﷺ، ويؤكد أن ما تركه النبي ﷺ هو صدقة وليس ميراثًا، وقد شهد الحاضرون – ومنهم كبار الصحابة – على سماعهم هذا الحديث من النبي ﷺ.
الموقف الثاني: يبين عمر أن أموال الفيء – ومنها مال بني النضير – كانت خاصة بالنبي ﷺ بموجب النص القرآني، ولكنه ﷺ لم يستأثر بها، بل كان ينفق على أهله ويضع الباقي في مصالح المسلمين.
الموقف الثالث: يذكر عمر أن أبا بكر الصديق ثم هو من بعده قد وليا هذا المال وعملا بنفس منهج النبي ﷺ في تدبيره، مما يؤكد أن تصرفاتهما كانت وفق هدي النبي ﷺ.
الموقف الأخير: يعيد عمر التذكير بشرطه عندما دفعه المال إلى علي والعباس، وهو أن يعملا فيه بنفس الطريقة، ويؤكد أنه لن يحكم بغير ما قضى به النبي ﷺ وأبو بكر.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عدم توريث النبي ﷺ: بيان أن ما تركه النبي ﷺ من أموال هو صدقة للمسلمين، وليس ميراثًا لأهل بيته، تأكيدًا لقول النبي ﷺ: "لا نورث، ما تركنا صدقة".
2- العدل والشفافية في القضاء: يُظهر الموقف حرص عمر على العدل والاستشهاد بالشهود، وتذكير الخصمين بالحق السابق.
3- اتباع منهج النبي والخلفاء الراشدين: يؤكد الحديث أهمية الالتزام بطريقة النبي ﷺ وأبي بكر وعمر في التعامل مع أموال المسلمين.
4- الحكمة في حل الخلافات: استخدم عمر أسلوب التذكير والاستشهاد بالشهود لحل النزاع، مما يدل على أهمية الإقناع بالحجة والبرهان.
5- التأكيد على مسؤولية القائد: بيان أن ولي الأمر مسؤول عن أموال المسلمين، ويجب عليه أن يحافظ عليها ويصرفها في مصالحهم.


رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في بيان أن أموال النبي ﷺ ليست ميراثًا، بل هي صدقة.
- يستدل به العلماء على أن الخلفاء الراشدين كانوا حريصين على اتباع سنة النبي ﷺ في كل صغيرة وكبيرة.
- يُظهر منزلة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العدل والحكمة والتمسك بالحق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فرض الخمس (٣٠٩٤) ومسلم في الجهاد والسير (٤٩: ١٧٥٦) من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، أن مالك بن أوس حدثه قال (فذكره)

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 395 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما تركه النبي صدقة لا يورث

  • 📜 حديث: ما تركه النبي صدقة لا يورث

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما تركه النبي صدقة لا يورث

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما تركه النبي صدقة لا يورث

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما تركه النبي صدقة لا يورث

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب