من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد

عن عائشة قالت: أمر رسول الله ﷺ أبا بكر أن يُصلِّي بالناس في مرضه، فكان يُصَلِّي بهم، قال عروة: فوجد رسولُ الله ﷺ في نفسه خِفَّةً فخرج، فإذا أبو بكر يؤمُّ الناسَ، فلما رآه أبو بكر استأْخر، فأشار إليه أن كما أنت، فجلس رسول الله ﷺ حِذاءَ أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يُصَلّي بصلاة رسول الله ﷺ، والناس يُصلون بصلاة أبي بكر».

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٦٨٣)، ومسلم في الصلاة (٩٧/ ٤١٨) كلاهما من طريق ابن نمير، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
ورواه مالك في صلاة الجماعة (١٨) عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا.
قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٣١٥): «لم يُختلف عن مالك، فيما علمتُ في إرسال هذا الحديث، وقد أسنده جماعة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، منهم: حماد بن سلمة، وابن نمير، وأبو أسامة». انتهى.
قوله: قال عروة - ظاهره أنه معلق، ولكن الصحيح أنه بالإسناد السابق متصلًا كما في رواية ابن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكر الحديث مثله.
رواه ابن ماجه (١٢٣٣) عن ابن أبي شيبة به.
عن عبيد الله بن عبد الله، قال: دخلت على عائشة فقلت لها: أَلا تُحدِّثيني عن مرض رسول الله ﷺ؟ قالت: بلى. ثَقُلَ النبيُّ ﷺ، فقال: «أصلَّى الناسُ؟» قلنا: لا. وهم ينتظرُونكَ يا رسول الله! قال: «ضعُوا لي مَاءً في المِخْضَبِ» ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب ليَنُوءَ فأُغْمِي عليه، ثم أفاق فقال: «أصَلّي الناسُ؟» قلنا: لا. وهم ينتظرونَك يا رسول الله! فقال: «ضعُوا لي مَاءً في المِخْضَبِ» ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب ليَنُوءَ فَأُغْمِي عليه، ثم أفاق فقال: «أصَلَّى الناسُ؟» قلنا: لا. وهم ينتظرونَك يا رسول الله! فقال: «ضعُوا لي مَاءً في المِخْضَبِ» ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب ليَنُوءَ فَأُغْمِي عليه، ثم أفاق فقال: «أَصَلَّى الناسُ؟» قلنا: لا. وهم ينتظرونَك يا رسول الله! قالت: والناسُ عُكُوفٌ في المسجد ينتظرونَ رسُولَ الله ﷺ لصلاة العِشاء الآخرة. قالت: فأرسل رسولُ الله ﷺ إلى أبي بكر، أن يُصَلِّي بالناس، فأتاه الرسولُ فقال: إن رسول الله ﷺ يأمُرُكَ أن تُصلي بالناس، فقال أبو بكر، وكان رجُلًا رقيقًا، يا عُمَرُ! صلِّ بالناس، قال فقال عُمَرُ: أنت أحقُّ بذلك، قالت: فصلَّى بهم أبو بكر تلك الأيام. ثم إنَّ رسولَ الله ﷺ وجد من نفسه خِفَّةً فخرج بين رجلين، أحدُهما العباسُ، لصلاةِ الظهر، وأبو بكر يُصلِّي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخَّر، فأَومأَ إليه النبي ﷺ أن لا يتأخَّرَ، وقال لهما «أَجْلِسَانِي إلَى جَنْبِه» فأَجلساه إلى جنب أبي بكر، وكان أبو بكر يُصَلِّي وهو قائمٌ بصلاةِ النبي ﷺ. والناسُ يُصلُّون بصلاة أبي بكر، والنبيُّ ﷺ قاعد.
قال عبيد الله: فدخل على عبد الله بن عباس فقلت له: ألا أعرضُ عليك ما حدثْني عائشةُ عن مرض رسول الله ﷺ؟ فقال: هات. فعرضتُ حديثَها عليه فما أنْكَرَ منه شيئًا. غير أنَّه قال: أسَمَّتْ لك الرجلَ الذي كان مع العَبَّاس؟ قلتُ: لا. قال: هُوَ عَليٌّ.

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٦٨٧)، ومسلم في الصلاة (٤١٨) كلاهما عن أحمد بن عبد الله بن يونس، حدّثنا زائدة، حدّثنا موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله فذكره.
وقولها: «فصلّى بهم أبو بكر تلك الأيام». قال ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه, سلوة
الكئيب» (ص ١١٠): «كان في هذه الأيام إلى حين الوفاة سبع عشرة صلاة عشاء الآخرة من ليلة الجمعة ابتداؤها، وصلاة الصبح من يوم الاثنين انتهاؤها» انتهى.
ورواه أيضًا الشيخان - البخاري (٧١٣)، ومسلم (٤١٨/ ٩٥) كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود عنها قالت: لمَّا ثقُلَ رسولُ الله ﷺ جاء بلالً يُؤذِنُهُ بالصلاة فقال: «مُروا أبا بكر أن يصلي بالناس»، فقلت: يا رسولَ الله إن أبا بكر رجُلٌ أسيفٌ، وإنه متى ما يقُمْ مقامك لا يُسمعُ الناس، فلو أمرتَ عمر، فقال: «مُروا أبا بكر يصلي بالناس»، فقلتُ لحفصة: قولي له إن أبا بكر رجُلٌ أسيفٌ، وإنه متى يَقُمْ مقامك لا يُسمِعُ الناس، فلو أمرتَ عمر. قال: «إنكن لأنتُنَّ صواحبُ يوسفَ، مُروا أبا بكر أن يُصلِّي بالناس»، فلما دخل في الصلاةِ وجد رسولُ الله ﷺ في نفسهِ خِفَّةً، فقام يُهادى بين رجُلين ورجلاهُ يَخُطَّانِ في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حِسَّهُ ذهبَ أبو بكر يتأخر، فأَومأ إليه رسولُ الله ﷺ، فجاء رسول الله ﷺ حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يُصلِّي قائمًا، وكان رسول الله ﷺ يُصلَّي قاعدًا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسولِ الله ﷺ، والناسُ مُقتَدونَ بصلاةِ أبي بكر.
وبوَّب عليه البخاري بقوله: الرجل يأتم بالإمام، ويأتم الناس بالمأموم.
وفيه إشارة إلى النسخ لقعود المأمومين خلف الإمام القاعد. وإليه ذهب الإمامان أبو حنيفة والشافعي.
وأنكر الإمام أحمد وقوعَ النسخ في ذلك. وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين: إحداهما إذا ابتدأ الإمام الراتب الصلاة قاعدًا لمرض يُرجى برؤُه فحينئذ يصلون خلفه قعودًا.
وثانيهما: إذا ابتدأ الامام الراتبُ قائمًا لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قيامًا، سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدًا أم لا؟ كما في الأحاديث التي في مرض موت النبي ﷺ، فإن تقريره لهم على القيام دل على أنه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة، لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة بهم قائمًا، وصلوا معه قيامًا، بخلاف الحالة الأولى فإنه ﷺ ابتدأ الصلاة جالسًا فلما صلوا خلفه قيامًا أنكر عليهم.
قال الحافظ في الفتح (٢/ ١٧٦) بعد أن نقل قول الإمام أحمد: وقد قال بقول أحمد جماعةٌ من محدثي الشافعية كابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة أخرى منها: قول ابن خزيمة: إن الأحاديث التي وردت بأمر المأموم أن يصلي قاعدًا تبعًا لأمامه لم يُختلف في صحتها، ولا في سياقها، وأما صلاته ﷺ قاعدًا فاختلف فيها هل كان إمامًا، أو مأمومًا. قال: وما لم يختلف فيه لا ينبغي تركه لمختلف فيه».
هذه خلاصة كلام ابن خزيمة (٣/ ٥٣ - ٥٧).
وهو كما قال: ففي رواية زائدة بن قدامة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة جعل أبو بكر بصلي بصلاة النبي ﷺ، والناس بصلاة أبي بكر.
وخالفه شعبة فرواه عن موسى بلفظ: إن أبا بكر صلَّى بالناس، ورسول الله ﷺ في الصف خلفه.
رواه ابن خزيمة (١٦٢١) وعنه ابن حبان (٢١١٧) عن محمد بن بشار، قال: حدثنا بدل بن المحبَّر، قال: حدّثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة به، ومثله رواه بكر بن عيسى وشبابة بن سوار، عن شعبة، عن نُعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، رواهما الإمام أحمد (٢٥٢٥٦، ٢٥٢٥٧) ومن طريق بكر بن عيسى رواه أيضًا النسائي (٧٨٦) ومن طريق شبابة بن سوار رواه الترمذي (٣٦٣) فمن العلماء من سلك ملك الترجيح فقدَّم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأمومًا للجزم بها، ومنهم من قال عكس ذلك، ورجَّح أنه كان إمامًا، ومنهم من سلك مسلك الجمع فجعل القصة على التعدد. انظر الفتح.
والملك الثالث تؤيده روايات شعبة نفسها. ففي الروايات السابقة كان أبو بكر إمامًا، والنبي ﷺ مأمومًا، ورواه أبو داود الطيالسي، قال: حدّثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة به ولفظه: فكان رسول الله ﷺ بين يدي أبي بكر يصلي بالناس قاعدًا، وأبو بكر يُصلي بالناس، والناس خلفه. رواه الإمام أحمد (٢٦١١٣) عن سليمان بن داود، والنسائي (٧٩٧) عن محمود بن غيلان، كلاهما عن أبي داود.
ففي هذه الرواية كان النبي ﷺ إمامًا، وأبو بكر يقتدي به قائمًا، والناس يقتدون بأبي بكر، وفيه دليل صريح على تعدد القصة.
وأما من استدل بحديث جابر الجعفي، عن الشعبي قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يَؤُمَّنَّ أحد بعدي جالسًا» فهو مرسل ضعيف، رواه عبد الرزاق (٤٠٨٨)، والدارقطني (١/ ٣٩٨)، والبيهقي (٣/ ٨٠) كلّهم من طريق جابر الجعفي.
قال الدّارقطني: لم يروه غير جابر الجعفي عن الشعبي، وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة.
وقال ابن حبان في صحيحه (٥/ ٤٧٤): «والعجب ممن يحتج بمثل هذا المرسل، وقد قدح في روايته زعيمهم فيما أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة، قال: حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت أبا يحيى الجماني قال: سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت فيمن لقيتُ أفضل من عطاء، ولا لقيتُ فيمن لقيتُ أكذبَ من جابر الجعفي، ما أتيتُه بشيء قطّ من رأي إلا جاءني فيه بحديث، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله ﷺ لم ينطق بها».

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 158 من أصل 423 باباً

معلومات عن حديث: من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد

  • 📜 حديث عن من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد

    تحقق من درجة أحاديث من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع من قال بنسخ قعود المأمومين خلف الإمام القاعد.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب