حديث: سبب نزول سورة المجادلة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أخبار خولة بنت ثعلبة

عن خولة بنت ثعلبة قالت: فيَّ - والله -، وفي أوس بن صامت أنزل الله عز وجل صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر، قالت: فدخل علي يومًا، فراجعته بشيء، فغضب فقال: أنت علي كظهر أمي، قالت: ثم خرج، فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليّ، فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده، لا تخلص إليَّ، وقد قلت ما قلت، حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني وامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها، ثم خرجت حتى جئت رسول الله ﷺ فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه، فجعلت أشكو إليه ﷺ ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله ﷺ يقول: «يا خويلة! ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه». قالت: فوالله! ما برحت حتى نزل في القرآن، فتغشى رسول الله ﷺ ما كان يتغشاه، ثم سري عنه، فقال لي: «يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك». ثم قرأ علي: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: ١] إلى قوله: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فقال لي رسول الله ﷺ: «مريه، فليعتق رقبة». قالت: فقلت: والله! يا رسول الله، ما عنده ما يعتق، قال: «فليصم شهرين متتابعين». قالت: والله! يا رسول الله، إنه شيخ كبير، ما به من صيام، قال: «فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر». قالت: فقلت: والله!
يا رسول الله، ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله ﷺ: «فإنا سنعينه بعرق من تمر»، قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله، سأعينه بعرق آخر، قال: «قد أصبت وأحسنت»، فاذهبي، فتصدقي عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا قالت: ففعلت.
قال عبد الله: قال أبي: قال سعد: العرق: الصن.

حسن: رواه أحمد (٢٧٣١٩) واللفظ له، وأبو داود (٢٢١٤، ٢٢١٥)، وابن الجارود (٧٤٦)، وصحّحه ابن حبان (٤٢٧٩)، والبيهقي (٧/ ٣٨٩) كلهم من حديث محمد بن إسحاق، حدثني معمر بن عبد الله بن حنظلة، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن خولة بنت مالك بن ثعلبة فذكرته.

عن خولة بنت ثعلبة قالت: فيَّ - والله -، وفي أوس بن صامت أنزل الله ﷿ صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر، قالت: فدخل علي يومًا، فراجعته بشيء، فغضب فقال: أنت علي كظهر أمي، قالت: ثم خرج، فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليّ، فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده، لا تخلص إليَّ، وقد قلت ما قلت، حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني وامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها، ثم خرجت حتى جئت رسول الله ﷺ فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه، فجعلت أشكو إليه ﷺ ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله ﷺ يقول: «يا خويلة! ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه». قالت: فوالله! ما برحت حتى نزل في القرآن، فتغشى رسول الله ﷺ ما كان يتغشاه، ثم سري عنه، فقال لي: «يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك». ثم قرأ علي: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: ١] إلى قوله: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فقال لي رسول الله ﷺ: «مريه، فليعتق رقبة». قالت: فقلت: والله! يا رسول الله، ما عنده ما يعتق، قال: «فليصم شهرين متتابعين». قالت: والله! يا رسول الله، إنه شيخ كبير، ما به من صيام، قال: «فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر». قالت: فقلت: والله!
يا رسول الله، ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله ﷺ: «فإنا سنعينه بعرق من تمر»، قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله، سأعينه بعرق آخر، قال: «قد أصبت وأحسنت»، فاذهبي، فتصدقي عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا قالت: ففعلت.
قال عبد الله: قال أبي: قال سعد: العرق: الصن.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه قصة نزول صدر سورة المجادلة، مع بيان دروسها وعبرها:

أولاً. شرح المفردات:


● ضَجِر: سئم وملَّ.
● راجعته: كلمته وناقشته.
● أنت علي كظهر أمي: أي أنت محرمة عليَّ كما يحرم عليَّ نكاح أمي، وهذه كانت صيغة الظهار في الجاهلية.
● واثبني: هجم عليَّ ليمارس معي الجماع.
● غلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف: قاومته وقهرته بقوة المرأة عندما يكون الرجل ضعيفاً.
● عرق من تمر: العرق هو الزنبيل أو الكيس الكبير الذي يحمل التمر، وقيل هو مكيال يسع خمسة عشر صاعاً.
● الصن: هو الزنبيل أو الوعاء الكبير.


ثانياً. شرح الحديث:


تذكر السيدة خولة بنت ثعلبة -رضي الله عنها- أن زوجها أوس بن صامت كان شيخاً كبيراً سيء الخلق، وفي يوم من الأيام غضب منها فقال لها: "أنت علي كظهر أمي"، وهي كلمة كانت في الجاهلية تطلق للتحريم، فكأنه حرمها على نفسه بهذه العبارة. ثم بعد ذلك أراد أن يجامعها، فامتنعت وقالت: لا أفعل حتى يحكم الله ورسوله فينا. فذهبت إلى رسول الله ﷺ تشكو له، فكان النبي ﷺ يوصيها بالصبر على سوء خلق زوجها لأنه شيخ كبير. ولكنها أصرت على شكواها، فنزل الوحي على النبي ﷺ بهذه الآيات من سورة المجادلة، والتي فيها بيان حكم الظهار وكفارته.


ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عدل الإسلام ورحمته: حيث جاء الإسلام ليكرم المرأة ويحفظ حقوقها، وليضع حداً للعادات الجاهلية الجائرة.
2- وجوب اللجوء إلى الله ورسوله: فالسيدة خولة لم تنتقم أو تغضب فقط، بل ذهبت إلى النبي ﷺ لتحكم الشريعة في مشكلتها.
3- التيسير في التكاليف الشرعية: حيث راعى النبي ﷺ حال زوجها الشيخ الذي لا يستطيع الصيام، فعدل إلى الإطعام.
4- التعاون على البر والتقوى: حيث ساعد النبي ﷺ والمرأة زوجها في دفع الكفارة.
5- حسن الخلق مع الزوج: مع أن الزوج كان سيئ الخلق، إلا أن النبي ﷺ نصحها بأن تتقي الله فيه وتصبر عليه.
6- مكانة المرأة في الإسلام: حيث استمع الله لشكواها ونزل القرآن بسببها، مما يدل على تكريم الإسلام للمرأة.


رابعاً. معلومات إضافية:


- سورة المجادلة سميت بهذا الاسم لأن الله تعالى ذكر مجادلة المرأة للنبي ﷺ في حقها.
- الكفارة في الظهار هي عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
- هذا الحديث يدل على أن الصحابة كانوا يتحرون الدقة في رواية الحديث، حتى إنهم يذكرون سند الحديث كاملاً.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٧٣١٩) واللفظ له، وأبو داود (٢٢١٤، ٢٢١٥)، وابن الجارود (٧٤٦)، وصحّحه ابن حبان (٤٢٧٩)، والبيهقي (٧/ ٣٨٩) كلهم من حديث محمد بن إسحاق، حدثني معمر بن عبد الله بن حنظلة، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن خولة بنت مالك بن ثعلبة فذكرته.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، ومن أجل شيخه معمر بن عبد الله بن حنظلة فقد وثّقه ابن حبان، وأخرج حديثه في صحيحه، وحسنه أيضًا الحافظ ابن حجر، وقال ابن كثير في تفسيره بعد أن رواه من طريق أحمد: «هذا هو الصحيح في سبب نزول صدر هذه القصة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 627 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سبب نزول سورة المجادلة

  • 📜 حديث: سبب نزول سورة المجادلة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: سبب نزول سورة المجادلة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: سبب نزول سورة المجادلة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: سبب نزول سورة المجادلة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب