حديث: زوّج النجاشي أم حبيبة للنبي ﷺ وأمهرها أربعة آلاف.

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في قصة أم حبيبة أم المؤمنين وأخبارها

عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوّجها النجاشي النبي ﷺ وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله ﷺ مع شرحبيل بن حسنة، ولم يبعث إليها رسول الله ﷺ بشيء، وكان مهر نسائه أربع مائة درهم.
قال أبو داود: حسنة هي أمه.

صحيح: رواه أبو داود (٢٠١٧)، والنسائي (٣٣٥٠)، وأحمد (٢٧٤٠٨)، والحاكم (٢/ ١٨١)، والبيهقي (٧/ ٢٣٢) كلهم من حديث معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أم حبيبة فذكرته.

عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوّجها النجاشي النبي ﷺ وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله ﷺ مع شرحبيل بن حسنة، ولم يبعث إليها رسول الله ﷺ بشيء، وكان مهر نسائه أربع مائة درهم.
قال أبو داود: حسنة هي أمه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أبو داود في سننه، وهو حديث صحيح، ويحكي قصة زواج النبي ﷺ من أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها وأرضاها في ظروف استثنائية، وهو مليء بالدروس والعبر.

أولاً. شرح المفردات:


● أم حبيبة: هي رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب، من كبار الصحابيات، وأخت الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
● تحت عبيد الله بن جحش: أي كانت زوجة له. وكان عبيد الله هذا من المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة، ولكنه ارتد هناك وتنصر ومات على النصرانية.
● النجاشي: هو ملك الحبشة في ذلك الوقت، وهو الملك الصالح الذي آوى المسلمين المهاجرين وحماهم، وقد أسلم ولم يُعلن إسلامه إلا عند موته، كما في روايات أخرى.
● زوّجها النجاشي النبي ﷺ: أي قام بدور الولي في عقد النكاح نيابة عن النبي ﷺ.
● أمهرها عنه أربعة آلاف: أي جعل صداقها (مهرها) من قبل النبي ﷺ أربعة آلاف درهم.
● شرحبيل بن حسنة: هو شرحبيل بن عبد الله الكناني، صحابي جليل، كان عاملاً للنبى ﷺ ثم للخلفاء من بعده. وقول أبي داود "حسنة هي أمه" يعني أن "حسنة" هي اسم أمه، واشتهر بها، فيقال "شرحبيل بن حسنة" نسبة إلى أمه.


ثانيًا. شرح الحديث:


تخبرنا أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها بقصتها، وهي:
كانت هي وزوجها الأول عبيد الله بن جحش من المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة فرارًا بدينهم من persecution المشركين في مكة. وفي الحبشة، حدثت مأساة حيث ارتد زوجها عن الإسلام واعتنق النصرانية ومات عليها، فصارَت أرملة مسلمة غريبة في أرض الغربة.
فلما علم النجاشي الملك العادل – وقد عرف صلاحه وعدله وحبه للمسلمين – بأمرها، قام بأمر عظيم. فقد أرسل إلى النبي ﷺ يخطبها له، فلما وافق النبي ﷺ، قام النجاشي بدور الولي في عقد نكاحها على النبي ﷺ. وهو عمل جائز شرعًا لأن النجاشي كان مسلمًا، ويجوز لوليّ المرأة أن ينيب غيره في تزويجها.
وقام النجاشي أيضًا بدفع المهر عن النبي ﷺ، وهو أربعة آلاف درهم، وهو مهر كبير وكريم، ثم جهزها وأرسلها مع الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة في رحلة عودة إلى المدينة المنورة لتصير من أمهات المؤمنين. ولم يرسل النبي ﷺ لها مهرًا آخر لأن النجاشي قد دفعه already نيابة عنه وقام بالمقصد وهو إبرام عقد الزواج وإتمامه.
ويختم الراوي بالإشارة إلى أن مهر نساء النبي ﷺ كان في العادة أربعمائة درهم، مما يجعل مهر أم حبيبة مهرًا مميزًا، وقد يكون هذا من بركة صبرها وإيمانها، أو تكريمًا من النجاشي لها وللنبي ﷺ.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- مكانة الصبر على البلاء: قصة أم حبيبة هي قصة صبر عظيمة على فراق الزوج وموته مرتدًا، ثم على الغربة، فكرمها الله بأن جعلها من زوجات خاتم النبيين.
2- عدل الإسلام وحفظه لحقوق المرأة: الإسلام حفظ حق أم حبيبة ولم يتركها أرملة ضائعة في بلاد الغربة، بل هيأ لها من يتولى أمرها ويحفظ كرامتها.
3- جواز أن يكون الولي نائبًا عن ولي آخر: حيث وكّل النبي ﷺ النجاشي في عقد النكاح، فقام به على أكمل وجه.
4- جواز دفع المهر من قبل الولي أو وكيل الزوج: إذا كان ذلك برضى الجميع، كما فعل النجاشي.
5- مكانة النجاشي وفضله: فقد كان ملكًا عادلاً، ناصر المظلومين، وقام بواجب الأخوة الإسلامية خير قيام، وكانت تصرفاته من أحكم وأجمَل ما يكون.
6- قدرة الله على تحويل المصائب إلى منح وعطايا: فمن مصيبة الردة وموت الزوج في الغربة، إلى أن تصير المرأة من أهل بيت النبوة.
7- التيسير في أمور الزواج وعدم المغالاة في المهور: فمهور النبي ﷺ كانت معتدلة (400 درهم)، وما زاد على ذلك في حالة أم حبيبة كان من كرم النجاشي وتقديره الخاص، وليس قاعدة.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الزواج كان له بُعد سياسي حكيم أيضًا، حيث إن أم حبيبة هي ابنة أبي سفيان (زعيم قريش وقائد جيوش الشرك آنذاك)، فكان في هذا الزواج ما يلين قلبه ويخفف من حدة عدائه للإسلام، وقد أسلم أبو سفيان بعد ذلك.
- توفيت أم حبيبة رضي الله عنها في السنة 44 هـ في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان.
- الحديث يدل على أن المهر ليس شرطًا لصحة العقد، بل هو حق للمرأة، ويمكن أن يدفعه أي شخص برضى الزوج.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٠١٧)، والنسائي (٣٣٥٠)، وأحمد (٢٧٤٠٨)، والحاكم (٢/ ١٨١)، والبيهقي (٧/ ٢٣٢) كلهم من حديث معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أم حبيبة فذكرته. وإسناده صحيح.
وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
وتوفيت ﵂ في خلافة معاوية سنة أربع وأربعين، وقيل: سنة اثنتين وأربعين.
وأما ما روي عن ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي ﷺ: يا نبي الله ثلاث أعطنيهن، قال: «نعم». قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها، قال: «نعم». قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: «نعم». قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار، كما كنت أقاتل المسملبن، قال: «نعم».
قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي ﷺ ما أعطاه ذلك، لأنه لم يكن يسأل شيئا إلا قال: «نعم». ففيه وهم.
رواه مسلم في الفضائل (١٦٨: ٢٥٠١) من طرق عن النضر بن محمد اليمامي، حدثنا عكرمة، حدثنا أبو زميل، حدثني ابن عباس قال: فذكره.
فهو مخالف للتاريخ وذلك أن أبا سفيان أسلم عام الفتح سنة ثمان بلا خلاف.
وكان النبي ﷺ قد تزوج أم حبيبة - وهي بالحبشة - سنة ست أو سبع. وقد تقدم في المغازي
أن أبا سفيان لما جاء إلى المدينة يطلب من النبي ﷺ أن يزيد في مدة الهدنة دخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله ﷺ طوته دونه وقالت: هذا فراش رسول الله ﷺ وأنت امرؤ نجس مشرك.
فالصواب أن ملك الحبشة أصحمة النجاشي هو الذي زوج أم حبيبة النبي ﷺ، ومن قصة النجاشي ما رواه ابن هشام في السيرة (١/ ٣٣٩ - ٣٤٠) عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: حدثت عروة بن الزبير بحديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة بقصة النجاشي، وقوله لعمرو بن العاص: فوالله! ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ عليّ ملكي، وما أطاع الناس فيَّ فأطيع الناس فيه، فقال عروة: أتدري ما معناه؟ قلت: لا، قال: إن عائشة حدثتني أن أباه كان ملك قومه، ولم يكن له ولد إلا النجاشي، وكان للنجاشي عم له من صلبه اثنا عشر رجلًا، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة. فقالت الحبشة بينها: لو أنا قتلنا أبا النجاشي، وملكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام، وإن لأخيه اثني عشر ولدا، فتوارثوا ملكه من بعده فبقيت الحبشة بعده دهرًا. فعدوْا على أبي النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه فمكثوا على ذلك، ونشأ النجاشي مع عمه، وكان لبيبا حازمًا من الرجال، فغلب على أمر عمه ونزل منه بكل منزلة، فلما رأت الحبشة مكانه منه، قالت بينها: والله! إنا لنتخوف أن يملَّكه، ولئن ملَّكه علينا ليقتلنا أجمعين، ولقد عرف أنا نحن قتلنا أباه. فمشوا إلى عمه فقالوا له: إما أن تقتل هذا الفتى، وإما أن تخرجه من بين أظهرنا، فإنا قد خفنا على أنفسنا منه، قال: ويلكم، قتلتم أباه با لأمس وأقتله اليوم، بل أخرجوه من بلادكم، فخرجوا به، فباعوه من رجل تاجر بست مئة درهم، ثم قذفه في سفينة فانطلق به حتى إذا كان المساء من ذلك اليوم، هاجت سحابة من سحاب الخريف، فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته، ففزعت الحبشة إلى ولده، فإذا هم حمقى ليس في ولده خير، فمرج على الحبشة أمرهم، فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض: تعلمون والله! أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتموه غدوة، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه، قال: فخرجوا في طلبه، حتى أدركوه فأخذوه من التاجر، ثم جاءوا به فعقدوا عليه التاج، وأقعدوه على سرير الملك وملَّكوه. فجاءهم التاجر فقال: إما أن تعطوني مالي وإما أن أكلمه في ذلك، فقالوا: لا نعطيك شيئًا، قال: إذن والله! لأكلمنه، قالوا: فدونك، فجاءه فجلس بين يديه فقال: أيها الملك، ابتعت غلاما من قوم بالسوق بست مئة درهم، فأسلموه إليَّ، وأخذوا دراهمي حتى إذا سرت بغلامي أدركوني، فأخذوا غلامي ومنعوني دراهمي، فقال لهم النجاشي: لتعطنه دراهمه أو ليسلمنّ غلامه في يديه، فليذهبن به حيث يشاء، قالوا: بل نعطيه دراهمه، قالت: فلذلك يقول: ما أخذ الله مني رشوة حين ردَّ عليَّ ملكي فآخذ الرشوة فيه. وكان ذلك أول ما خبر من صلابته في دينه وعدله في حكمه. ثم قالت: لما مات النجاشي، كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 606 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: زوّج النجاشي أم حبيبة للنبي ﷺ وأمهرها أربعة آلاف.

  • 📜 حديث: زوّج النجاشي أم حبيبة للنبي ﷺ وأمهرها أربعة آلاف.

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: زوّج النجاشي أم حبيبة للنبي ﷺ وأمهرها أربعة آلاف.

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: زوّج النجاشي أم حبيبة للنبي ﷺ وأمهرها أربعة آلاف.

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: زوّج النجاشي أم حبيبة للنبي ﷺ وأمهرها أربعة آلاف.

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب