ثواب التبكير لصلاة الجمعة

حديث: ثواب التبكير لصلاة الجمعة

عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله ﷺ، أنَّه قال: «إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد، فيكتبون الناس من جاء من الناس على منازلهم، فرجل قدَّم جزورًا، ورجل قدَّم بقرةً، ورجل قدَّم شاةً، ورجل قدَّم دجاجةً، ورجلٌ قدَّم عصفورًا، ورجلٌ قدَّم بيضةً. قال: فإذا أذَّن المؤذِّن وجلس الإمام على المنبر، طُوِيت الصحف، ودخلوا المسجد يستمعون الذكر».

حسن: رواه أحمد (١١٧٦٩) ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم حديث نبيه ﷺ.
هذا الحديث الشريف الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، يوضح لنا جانبًا من جوانب الإعجاز التشريعي والتربوي في الإسلام، حيث يرتبط الأجر والثواب على قدر النية والعمل والمسارعة إلى الخير.

أولاً. شرح المفردات:

● قعدت الملائكة: أي حضرت وجلست بأمر الله تعالى لكتابة الحاضرين.
● على أبواب المسجد: مداخل المسجد ومخارجه.
● على منازلهم: حسب أوقات حضورهم وتقديمهم للمسجد، فالمبكر أعلى منزلة وأعظم أجرًا.
● قدَّم جزورًا... إلخ: استعارة وتمثيل لبيان تفاوت الأجر والثواب بحسب تفاوت التبكير، فليس المقصود تقديم هذه الحيوانات حقيقة، بل هو تشبيه لأجر المبكرين بأجر من يقدم هذه الهدايا القيمة، فالمبكر جدًا كمن قدم هدية عظيمة (جزورًا)، والمتأخر قليلاً كمن قدم هدية أقل قيمة (بقرةً)، وهكذا حتى من حضر في آخر وقت كمن قدم هدية صغيرة جدًا (بيضةً).
● طويت الصحف: رفعت وغلقت دفاتر الحفظة، وانتهى وقت كتابة فضيلة التبكير.
● يستمعون الذكر: يحضرون لاستماع الخطبة التي هي موعظة وذكرى للمؤمنين.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا النبي ﷺ عن أمر عظيم يحدث كل يوم جمعة، حيث تكلف ملائكة كرام بالوقوف على أبواب المساجد لكتابة أسماء من يحضر لصلاة الجمعة، وتسجيلهم بحسب وقت قدومهم وتقدمهم إلى المسجد.
فليس الأمر مجرد حضور، بل هناك تفاضل عظيم في الأجر مرتبط بالتبكير. فالصف الأول ليس كالذي يليه، والمبكر بعد الأذان ليس كالمبكر قبله. وقد شبه النبي ﷺ هذا التفاضل في الأجر بتفاضل قيمة ما يقدمه الإنسان من قربان أو هدية:
- فمن جاء في أول الوقت (أعلى درجة في التبكير) فكأنه قدم جزورًا (أعلى الهدايا قيمة ونفقة).
- ومن جاء بعده (درجة أقل في التبكير) فكأنه قدم بقرةً (قيمة أقل من الجزور).
- ثم يليهم من قدم شاةً، ثم دجاجةً، ثم عصفورًا، حتى من جاء في آخر وقت قبل الخطبة فكأنه قدم بيضةً (أقل هذه الهدايا قيمة).
ثم يبين الحديث أن هذا التسجيل الخاص بفضيلة التبكير ينتهي ببداية الخطبة، حيث يقول: "فإذا أذَّن المؤذِّن (أي أذان الجمعة الثاني الذي يكون عند دخول الإمام وجلوسه على المنبر) وجلس الإمام على المنبر، طُوِيت الصحف" أي توقف الملائكة عن كتابة هذا الفضل الخاص بالتبكير، ويدخل الجميع - الملائكة والمصلين - ليستمعوا إلى الخطبة، والتي هي ركن من أركان صلاة الجمعة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- بيان فضل التبكير إلى صلاة الجمعة: يحثنا الحديث على المسارعة إلى الذهاب للمسجد يوم الجمعة في أول الوقت لتحقيق أعلى الدرجات وأعظم الأجور.
2- تفاضل الأعمال عند الله تعالى: ليس الثواب موحدًا، بل يتفاوت بحسب اجتهاد العبد ومسابقته في الخير، فكلما بكر العبد زاد أجره وارتفعت درجته.
3- الحكمة من التشبيه بالهدايا: لتقريب المعنى للناس، فكما يتفاخر الناس بقيمة ما يهدونه، فليتفاخر المؤمن بقيمة ما يقدمه لربه من طاعة ومسارعة إلى الخير.
4- انتهاء وقت فضيلة التبكير ببداية الخطبة: وهذا يؤكد على وجوب الإنصات للخطبة، فإذا بدأت الخطبة انتهى وقت "سباق الأجر" بالتبكير وبدأ وقت الاستماع والإنصات، وهو واجب شرعي.
5- عناية الله تعالى بأعمال عباده: حيث يكلف ملائكته بتسجيل هذه الأعمال والتفاصيل الدقيقة لها، مما يبعث في نفس المؤمن الخشية والمراقبة لله في كل أحواله.

رابعًا. معلومات إضافية:

- الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن خزيمة، والبيهقي، وصححه العديد من أهل العلم كالألباني.
- يستحب للمسلم أن يكثر من الصلاة على النبي ﷺ والذكر والقراءة في وقت انتظار الصلاة بعد الذهاب إلى المسجد مبكرًا.
- هذا الفضل العظيم (التبكير) خاص بيوم الجمعة، مما يميز هذا اليوم عن غيره من الأيام.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على التبكير إلى طاعته، والمسارعة في مرضاته، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١١٧٦٩) ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد، فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن إسحاق، وقد صرَّح بالتحديث، وهو حسن الحديث، وكذلك العلاء بن عبد الرحمن أيضًا لا ينزل حديثه عن درجة الحسن.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 62 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثواب التبكير لصلاة الجمعة

📜 حديث: ثواب التبكير لصلاة الجمعة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ثواب التبكير لصلاة الجمعة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ثواب التبكير لصلاة الجمعة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ثواب التبكير لصلاة الجمعة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية