حديث: من يستغفرني فأغفر له

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل الثلث الليل الأخير

عن رفاعة الجهنيّ قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ حتى إذا كُنّا بالكديد - أو قال: بقُديد - فجعل رجالٌ منّا يستأذنون إلى أهليهم، فيَأْذنُ لهم، فقام رسول الله ﷺ فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «ما بال رجال يكون شِقُّ الشجرة التي تلي رسول الله ﷺ أبغضَ إليهم من الشِّقِ الآخر». فلم نرَ عند ذلك من القوم إلّا باكيًا، فقال رجل: إنّ الذي يستأذِنُك بعد هذا لسفيهٌ. فحمدَ الله وقال حينئذ: «أشهد عند الله لا يموتُ عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله صِدْقًا من قلبه، ثم يُسدِّدُ إلّا سلك في الجنة». قال: «وقد وعدني ربي عز وجل أن يُدخلَ من أُمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، وإني لأرْجُو أن لا يدخلوها حتى تبوَّءُوا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة».
وقال: «إذا مضى نصفُ اللّيل - أو قال: ثُلثا اللّيل - ينزلُ الله عز وجل إلى السّماء الدُّنيا، فيقول: لا أسألُ عن عبادي أحدًا غيري، من ذا يستغفرني فأغفر له، من الذي يدْعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأُعطيه حتى ينفجر الصُّبحُ».

صحيح: رواه أحمد (١٦٢١٥) عن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا هشام الدّستوائيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن رفاعة الجهنيّ، فذكره.

عن رفاعة الجهنيّ قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ حتى إذا كُنّا بالكديد - أو قال: بقُديد - فجعل رجالٌ منّا يستأذنون إلى أهليهم، فيَأْذنُ لهم، فقام رسول الله ﷺ فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «ما بال رجال يكون شِقُّ الشجرة التي تلي رسول الله ﷺ أبغضَ إليهم من الشِّقِ الآخر». فلم نرَ عند ذلك من القوم إلّا باكيًا، فقال رجل: إنّ الذي يستأذِنُك بعد هذا لسفيهٌ. فحمدَ الله وقال حينئذ: «أشهد عند الله لا يموتُ عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله صِدْقًا من قلبه، ثم يُسدِّدُ إلّا سلك في الجنة». قال: «وقد وعدني ربي ﷿ أن يُدخلَ من أُمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، وإني لأرْجُو أن لا يدخلوها حتى تبوَّءُوا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة».
وقال: «إذا مضى نصفُ اللّيل - أو قال: ثُلثا اللّيل - ينزلُ الله ﷿ إلى السّماء الدُّنيا، فيقول: لا أسألُ عن عبادي أحدًا غيري، من ذا يستغفرني فأغفر له، من الذي يدْعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأُعطيه حتى ينفجر الصُّبحُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم جامع، رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه من الفوائد والعبر ما ينبغي الوقوف عنده، وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● بالكديد أو قديد: موضع بين مكة والمدينة.
● شِقُّ الشجرة: جانبها أو ناحيتها، والمقصود هنا التشبيه بالمجلس القريب من النبي صلى الله عليه وسلم.
● يُسدِّد: أي يلتزم الاستقامة والتوسط في الأمور دون غلو أو تفريط.
● تَبوَّءُوا: تتخذوا وتستقروا.
● ينفجر الصبح: يطلع الفجر.


ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل رفاعة الجهني رضي الله عنه عن موقف حدث أثناء عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة مع أصحابه، فلما وصلوا إلى مكان يسمى "الكديد" أو "قديد"، طلب بعض الرجال الإذن بالانصراف إلى أهليهم، فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وهنا قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبًا، وحمد الله وأثنى عليه، ثم عبّر عن أسفه واستغرابه من أن يكون الجلوس بقربه صلى الله عليه وسلم ثقيلاً على بعضهم، حتى أنهم يفضلون الانصراف عنه، فقال: «ما بال رجال يكون شِقُّ الشجرة التي تلي رسول الله ﷺ أبغضَ إليهم من الشِّقِ الآخر»، أي كيف يكون الجلوس بجانبي أمرًا غير محبب لبعضكم حتى يسرعوا بالانصراف؟!
فلما سمع الصحابة هذا الكلام، تأثروا وبكوا؛ لأنهم أدركوا أنهم قصّروا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال أحدهم: "إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه"، أي لا يعقل أن يطلب أحد الانصراف بعد هذا الكلام.
ثم انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بشارة عظيمة، فحمد الله مرة أخرى، ثم قال: «أشهد عند الله لا يموتُ عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله صِدْقًا من قلبه، ثم يُسدِّدُ إلّا سلك في الجنة»، أي من مات وهو مؤمن بالله وبرسوله إيمانًا صادقًا، ثم سار في حياته على الاستقامة والتوسط في العبادة والعمل، فإن مصيره الجنة.
ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم البشارة الثانية: أن الله وعده أن يدخل الجنة من أمته سبعين ألفًا بدون حساب ولا عذاب، وأضاف صلى الله عليه وسلم أنه يرجو أن لا يدخل هؤلاء الجنة حتى يستقر فيها أيضًا من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.
ثم ختم النبي صلى الله عليه وسلم بذكر فضل الله تعالى في الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ويقول: «لا أسأل عن عبادي أحدًا غيري، من ذا يستغفرني فأغفر له، من الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه حتى ينفجر الصبح».


ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- محبة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة: فالنبي صلى الله عليه وسلم عاتب من يفضل الانصراف عن الجلوس معه، مما يدل على عظم حقه علينا، وأنه يجب على المسلم أن يقدّر صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وقربه.
2- الإيمان الصادق والاستقامة طريق الجنة: من مات على التوحيد والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، وسلك طريق الاستقامة دون غلو أو تفريط، فإن الجنة مصيره.
3- البشارة بدخول الجنة بدون حساب: فيها بشرى للمؤمنين بأن هناك فئة من هذه الأمة تدخل الجنة بدون عذاب ولا حساب، وهم السبعون الألف، ويدخل معهم من صلح من ذرياتهم وأزواجهم وآبائهم.
4- فضائل الدعاء والاستغفار في آخر الليل: فيه الحث على اغتنام وقت النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل للدعاء والاستغفار، فإن الله يستجيب فيه الدعاء ويغفر الذنوب.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- الحديث يدل على عظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وحب الصحابة له، وأنهم كانوا يحرصون على صحبته والتأدب معه.
- قوله: «ثم يُسدِّد» أي يلتزم طريق الاستقامة، وهو منهج الاعتدال في الدين، وهو ما يدعو إليه الإسلام.
- الحديث يذكر فضل الله تعالى ورحمته بعباده، حيث ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ليقبل توبة التائبين ويستجيب لدعاء الداعين.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا للاستقامة على دينه، وأن يدخلنا الجنة بدون حساب ولا عذاب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٦٢١٥) عن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا هشام الدّستوائيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن رفاعة الجهنيّ، فذكره.
إسناده صحيح، صحّحه ابن خزيمة وأخرجه في كتاب التوحيد (١/ ٢٨٩ - ٢٩١)، وابن حبان (٢١٢) من طرق، عن الوليد بن مسلم، قال: حدّثني الأوزاعيّ، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني هلال بن أبي ميمونة، قال: حدثني عطاء بن يسار، قال: حدثني رفاعة بن عرابة الجهنيّ، فذكر الحديث نحوه.
هكذا رواه ابن خزيمة وابن حبان بالتحديث إلى آخر الإسناد.
وهذا الإسناد أصحّ ما جاء به هذا الحديث، وقد صحّحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والحافظ ابن حجر وغيرهم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 58 من أصل 62 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يستغفرني فأغفر له

  • 📜 حديث: من يستغفرني فأغفر له

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يستغفرني فأغفر له

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يستغفرني فأغفر له

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يستغفرني فأغفر له

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب