دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا

حديث: دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا

عن أنس بن مالك قال: دعا النبيُّ ﷺ على الذين قَتَلوا - يعني أصحابه - ببئر مَعونة ثلاثين صباحًا، حين يدعو على رِعْلٍ ولَحيانَ: «وعُصيَّةَ عَصتِ الله ورسولَه» قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيِّه في الذين قُتِلوا - أصحاب بئرِ مَعونة - قرآنًا قرأناه حتَّى نُسخ بعدُ: «بَلِّغُوا قومَنا فقد لَقِينا ربَّنا، فرضي عنَّا، ورضَينا عنه».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٩٥)، ومسلم في المساجد (٦٧٧) كلاهما من طريق مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم يحكي قصة مؤلمة من قصص الصحابة الكرام، ودعاء النبي ﷺ على من اعتدى عليهم، وما ترتب على ذلك من نسخ لآية كانت تُتلى. وإليك الشرح الوافي له على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

● بِئر مَعونة: اسم بئر في أرض بين مكة والمدينة، تقع في ديار قبيلة بني سُليم، وسميت الحادثة بها.
● رِعْلٍ وذَكْوانَ (وفي رواية: لَحيانَ): هما بطنان من قبيلة بني سُليم.
● عُصَيَّةَ: اسم قبيلة أخرى من بني سُليم.
● عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ: خالفت وأبت الطاعة لله ورسوله.
● قُرآنًا قرأناه: أي آية من القرآن كنا نقرؤها وتُتلى.
● نُسِخَ بَعْدُ: رُفِع حكمها وتلاوتها، فلم تعد جزءًا من المصحف.

2. شرح الحديث:

القصة بإيجاز:
أرسل النبي ﷺ سبعين من خيرة قراء الصحابة (في رواية: أربعين) ليعلموا قبيلة "عُضل" و"القارة" أمور دينهم، فنزلوا عند بئر مَعونة. غدر بهم رجال من قبائل "رِعْل" و"ذَكوان" و"عُصية" (من بني سليم)، وقتلوهم جميعًا إلا واحدًا نجا بأعجوبة. فلما بلغ النبي ﷺ النبأ، حزن حزنًا شديدًا، ودعا على هذه القبائل الغادرة في قنوته (دعاء القنوت في صلاة الصبح) لمدة ثلاثين صباحًا بقوله: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ».
الآية المنسوخة:
أنزل الله تعالى في هؤلاء الشهداء الأبرار آية تبلغ أهلهم وتُسليهم، وكان الصحابة يقرؤونها ويتعبدون بها، ثم نُسخت تلاوتها لاحقًا (أي رُفعت من المصحف)، وكان نصها: «بَلِّغُوا قَوْمَنَا فَقَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ». وهي تبشر أهل الشهداء بأن أرواحهم قد لقيت ربها، وهو راض عنهم، وهم راضون عن ثوابه وجزائه.

3. الدروس المستفادة منه:

1- عظم مصيبة قتل المؤمنين غدرًا: يظهر من حزن النبي ﷺ ودعائه المستمر شهرًا كاملاً عظم الجرم الذي ارتكبه المعتدون، وعظم مكانة الشهداء عند الله ورسوله.
2- جواز الدعاء على الكفار المعتدين: دلَّ فعل النبي ﷺ على مشروعية الدعاء على أعداء الله الذين يبطشون بالمسلمين ويغدرون بهم.
3- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم: هذه القصة من أوضح الأمثلة على "نسخ التلاوة" وهو رفع آية من المصحف مع بقاء حكمها أو ثوابها. فالثواب والأجر للشهداء باقٍ، ولكن الآية التي أخبرت بذلك رُفعت تلاوتها.
4- بشرى الشهادة والرضا: تضمنت الآية المنسوخة أعلى درجات البشرى للمؤمن، وهو لقاء الله تعالى مع الرضا المتبادل بين العبد وربه، وهذا هو غاية المنى.
5- الصبر على أقدار الله المؤلمة: على الرغم من شدة المصيبة، إلا أن النبي ﷺ والصحابة صبروا ورضوا بقضاء الله وقدره، وعلموا أن للشهداء مرتبة عظيمة عنده.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● مصدر الحديث: أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" (كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة) ومسلم وغيرهما.
● تاريخ الحادثة: وقعت حادثة بئر معونة في السنة الرابعة للهجرة.
● الفرق بين النسخ types: النسخ في القرآن ثلاثة أنواع:
1. نسخ التلاوة والحكم معًا (مثل آية الرجم).
2. نسخ الحكم وبقاء التلاوة (وهو الأكثر).
3. نسخ التلاوة وبقاء الحكم (كما في حديثنا هذا).
● الحكمة من نسخ التلاوة: من حكم الله تعالى أن ينزل بعض الآيات لأسباب خاصة، فإذا زال السبب أو كانت لها حكمة إلهية أخرى، رُفعت تلاوتها مع بقاء أجرها وعبرتها.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الشهادة في سبيله، وأن يجمعنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٠٩٥)، ومسلم في المساجد (٦٧٧) كلاهما من طريق مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك فذكره. واللفظ للبخاري، وزاد مسلم «وذكوان» بعد «رِعْل».
وهو في الموطأ برواية الشيباني (٩٠٩).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 300 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا

📜 حديث: دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية