حديث: ليس الواصل بالمكافئ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ليس الواصل بالمكافئ

عن عبد الله بن عمرو: عن النَّبِيّ ﷺ ﷺ قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».

صحيح: رواه البخاريّ في الأدب (٥٩٩١) عن محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، والحسن بن عمرو، وفطر، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.

عن عبد الله بن عمرو: عن النَّبِيّ ﷺ ﷺ قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: عن النَّبِيّ ﷺ قال: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا».


١. شرح المفردات:


* الوَاصِلُ: هو الشخص الذي يصل رحمه، أي يحسن إلى أقاربه ويبرهم.
* المُكَافِئُ: من الكفاءة والمماثلة. وهو الذي إذا أحسن إليه قريبه أحسن إليه بالمثل، وإذا أساء إليه قريبه أساء إليه أو قاطعه.
* رَحِمُهُ: تشير إلى الأقارب من ذوي القرابة والنسب. وأصلها من "الرحم" التي هي محل الولد، وسميت القرابة رحمًا للتراحم بينهم والاتصال.
* قُطِعَتْ: أي هُجِرَتْ وأُسِيءَ إليها وأُهمِلَ حقها.
* وَصَلَهَا: أي أحسن إليها وأعاد العلاقة معها، ولم يقابل الإساءة بالإساءة.


٢. شرح الحديث:


يُعرِّف النبي ﷺ في هذا الحديث الصحيح (رواه البخاري) الوصل الحقيقي للرحم، ويصحح مفهوماً قد يختلط على الناس.
* "لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ": يبدأ النبي ﷺ بنفي الصفة الحقيقية عن صورة شائعة. فليس الشخص الذي يصل رحمه فقط عندما يصلونه، أو يحسن إليهم فقط إذا أحسنوا إليه، بالواصل الحقيقي. هذا النوع من المعاملة هو مجرد مقابلة ومعاوضة ومجازاة، أشبه بالتجارة ("أعطيك لأنك تعطيني")، وليس برًا حقيقيًا يتجاوز حدود المصلحة المباشرة.
* "وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا": ثم يبين النبي ﷺ صفة الواصل الحقيقي، وهو الذي يتحلى بأخلاق عالية جدًا. هذا الشخص لا ينظر إلى معاملة قريبه له، بل ينظر إلى أمر الله تعالى. حتى لو قاطعه قريبه، أو أساء إليه، أو هجره، فإنه هو لا يقطعهم، بل يزيد من إحسانه وصِلته لهم، طاعة لله ورجاءً لثوابه. هو يصل من قطع الله صلته به، ويحسن إلى من أساء إليه.
مثال توضيحي: لو أن رجلاً يزور أخاه ويهديه دائماً، فإذا توقف الأخ عن الزيارة والهدية، توقف هو أيضًا، فهذا هو "المكافئ". أما الواصل الحقيقي فهو الذي يستمر في زيارته وإهدائه وإحسانه لأخيه حتى لو قاطعه هذا الأخ ولم يزره أبدًا. هو يصل الصلة لله، لا للناس.


٣. الدروس المستفادة والعبر:


1- البر الحقيقي يتجلى في الشدة: فضيلة صلة الرحم تظهر بوضوح عندما تكون هناك مشكلة أو قطيعة. فالصلة وقت الود والوئام أمر سهل، ولكن الصلة عند الجفاء والهجران هي التي تميز المؤمن حقًا.
2- الإحسان لغير المحسنين: الحديث يدعو إلى خلق الإحسان وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة، خاصة مع الأقارب. وهو تطبيق عملي لقوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
3- طلب الأجر من الله وحده: الواصل الحقيقي لا ينتظر شكرًا من الناس ولا مكافأة منهم، بل يكون همه رضا الله تعالى والأجر العظيم الذي وعد به الواصلين، كما في الحديث: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» (متفق عليه).
4- إصلاح ذات البين: في هذا السلوك النبوي العظيم علاج ناجع لمشاكل القطيعة بين الأسر والأقارب، فهو يشجع الطرف الأقوى أخلاقًا والأكثر طاعة لله على Initiative المبادرة بالإصلاح وكسر حاجز الجليد، مما قد يذيب جليد القلوب ويعيد العلاقة إلى سابق عهدها.
5- التخلق بأخلاق الأنبياء: هذا الخلق هو خلق الأنبياء والصالحين. فقد كان النبي ﷺ يصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه.


٤. معلومات إضافية مفيدة:


* ثمرات صلة الرحم: لصلة الرحم فضائل عظيمة ذكرتها النصوص، منها:
* سبب للبركة في الرزق والعمر.
* سبب لدخول الجنة.
* محبة الأهل والأقارب.
* صلة الله للواصل، كما في الحديث القدسي: «مَنْ وَصَلَكَ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكَ قَطَعْتُهُ».
* القطيعة من الكبائر: كما أن الصلة فضيلة عظيمة، فإن قطيعة الرحم من الذنوب الكبيرة، وقد توعد الله عليها في كتابه.
* المرونة في مفهوم الصلة: الصلة ليست فقط بالمال والهدايا، بل تكون بالسؤال، والزيارة، والاطمئنان، والسلام، وحسن الخلق، ودفع الأذى.
وصلى الله على
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٥٩٩١) عن محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، والحسن بن عمرو، وفطر، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.
قال سفيان: لم يرفعه الأعمش إلى النَّبِيّ ﷺ، ورفعه حسن وفطر.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 187 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ليس الواصل بالمكافئ

  • 📜 حديث: ليس الواصل بالمكافئ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ليس الواصل بالمكافئ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ليس الواصل بالمكافئ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ليس الواصل بالمكافئ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب