حديث: صِلِي أُمَّكِ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الأمر بصلة الوالدين وإن كانا مشركين

عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريشْ إذ عاهدهم فاستفتيت رسول الله ﷺ، فقلت: يا رسول الله! قدمت عليّ أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: «نعم، صلي أمك».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الهبة (٢٦٢٠)، ومسلم في الزّكاة (١٠٠٣) كلاهما من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر، فذكرت الحديث.

عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريشْ إذ عاهدهم فاستفتيت رسول الله ﷺ، فقلت: يا رسول الله! قدمت عليّ أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: «نعم، صلي أمك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من صحيح البخاري، يحمل قصة مؤثرة ودرساً بليغاً في بر الوالدين وحسن الخلق، حتى مع اختلاف الدين.

أولاً. شرح المفردات:


● قدمت عليّ أمي: أي جاءتني زائرة.
● وهي مشركة: تعبد غير الله.
● في عهد قريش: أي في فترة الهدنة التي عقدها النبي ﷺ مع قريش (صلح الحديبية).
● وهي راغبة: طامعة في صلتي وإحساني لها، أو فقيرة محتاجة.
● أفأصل أمي؟: هل يجوز لي أن أبرها وأحسن إليها وهي على شركها؟
● صلي أمك: من الصلة، أي وصلها وأحسن إليها وبرها.

ثانياً. شرح الحديث:


تخبرنا السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، أن أمها (قُتيلة بنت عبد العزى) جاءت لزيارتها من مكة إلى المدينة في فترة الهدنة بين المسلمين وكفار قريش. وكانت الأم لا تزال على شركها.
شعرت أسماء بالحيرة؛ فمن ناحية، هي تريد بر أمها والإحسان إليها، ولكن من ناحية أخرى، أمها مشركة ومعادية للإسلام. فذهبت إلى رسول الله ﷺ تستفتيه وتسأله عن حكم الشرع في هذا الموقف الحساس.
فأجابها النبي ﷺ بإجابة واضحة وحاسمة: «نعم، صلي أمك». أي نعم، أحسني إليها ووصليها وأبرريها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم حق الوالدين ووجوب برهما: لقد أكد النبي ﷺ أن بر الوالدين واجب حتى لو كانا غير مسلمين، ما داما لا يأمران بمعصية الله. فالإحسان إليهما وصلة الرحم لا تسقط بكفرهم.
2- الرحمة والخلق الكريم مع غير المسلمين: الحديث يدل على سماحة الإسلام وعدله، فالإحسان لغير المسلمين جائز بل ومستحب، خاصة إذا كانوا أقارب أو جيراناً أو محتاجين.
3- الفصل بين العلاقات الإنسانية والخلاف العقدي: يمكن للمسلم أن يحافظ على علاقة إنسانية طيبة مع غير المسلم، مع الحفاظ على عقيدته وعدم التنازل عنها.
4- الجواب الحكيم للنبي ﷺ: لم يقل النبي ﷺ "أحسني إليها مع كونها مشركة"، بل حذف هذه الجملة تأدباً وحكمة، حتى لا تجرح مشاعر السيدة أسماء، وليركز على فعل الخير والإحسان.
5- حرص الصحابة على طلب العلم والاستفتاء: يظهر لنا حرص السيدة أسماء على سؤال أهل العلم فيما أشكل عليها، وهذا دليل على تقواها.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل من أصول التعامل مع الوالدين غير المسلمين، وهو متفق على صحته.
- البر بالوالدين غير المسلمين يكون بالمعاملة الحسنة، والإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين، والدعاء لهما بالهداية، ولكن لا يجوز الصلاة عليهما بعد موتهما أو الاستغفار لهما إذا ماتا على الكفر.
- هذه القصة كانت سبباً في نزول آية من القرآن تؤكد هذا المعنى، قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
نسأل الله أن يرزقنا بر آبائنا وأمهاتنا، وأن يهديهم ويهدينا إلى صراطه المستقيم.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الهبة (٢٦٢٠)، ومسلم في الزّكاة (١٠٠٣) كلاهما من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر، فذكرت الحديث.
ورواه البخاريّ في الأدب (٥٩٧٨) من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام به مختصرًا وزاد: فأنزل الله تعالى فيها: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: ٨].

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 162 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صِلِي أُمَّكِ

  • 📜 حديث: صِلِي أُمَّكِ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صِلِي أُمَّكِ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صِلِي أُمَّكِ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صِلِي أُمَّكِ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب