حديث: آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن الرحم يبل ببلالها

عن عمرو بن العاص، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ جهارا غير سر، يقول: «ألا إن آل أبي فلان، يعني فلانًا، ليسوا لي بأولياء، إنّما وليي الله وصالح المؤمنين».
وفي رواية البخاريّ: «ولكن لهم رحم أبلها ببلالها يعني أصلها بصلتها».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (٥٩٩٠)، ومسلم في الإيمان (٢١٥) كلاهما من طريق محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن عمرو بن العاص، قال: فذكره.

عن عمرو بن العاص، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ جهارا غير سر، يقول: «ألا إن آل أبي فلان، يعني فلانًا، ليسوا لي بأولياء، إنّما وليي الله وصالح المؤمنين».
وفي رواية البخاريّ: «ولكن لهم رحم أبلها ببلالها يعني أصلها بصلتها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظيه:


اللفظ الأول: عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله ﷺ جهارًا غير سر، يقول: «ألا إن آل أبي فلان، يعني فلانًا، ليسوا لي بأولياء، إنّما وليي الله وصالح المؤمنين».
اللفظ الثاني (رواية البخاري): «ولكن لهم رحم أبلها ببلالها» يعني أصلها بصلتها.


1. شرح المفردات:


● جهارًا غير سر: أي بصوت عالٍ يسمعه الناس، ليس سرًا بينه وبين أحد، مما يدل على أهمية البلاغ وأهمية أن يسمعه الجميع.
● آل أبي فلان، يعني فلانًا: ذكر النبي ﷺ هذا التعبير كناية وتلطفًا، ولم يصرح بالاسم تكرمًا وحفاظًا على حرمة القرابة، والعلماء مجمعون على أن المقصود هنا هو أبو طالب عم النبي ﷺ ووالد علي رضي الله عنه، وآل أبي طالب هم بنوه.
● ليسوا لي بأولياء: أي ليسوا بأنصارٍ لي في الدين، ولا يتولونني بنصرتي والدفاع عن دعوتي. (الولاية هنا بمعنى النصرة والمحبة في الله).
● إنّما وليي الله وصالح المؤمنين: تأكيد على أن أساس الولاية والموالاة في الإسلام هو الإيمان والتقوى، لا مجرد القرابة والنسب.
● ولكن لهم رحم أبلها ببلالها: (أبلها) من الإبلال، أي أصلها وأحسن إليها وأوصلها. و(ببلالها) أي بصلتها وإكرامها. والمعنى: ولكن بيني وبينهم رحم (قرابة) سأوصلها وأحسن إليها بحقها.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث العظيم يوضح مبدأً من أهم مبادئ الإسلام، وهو أن الرابطة الإيمانية مقدمة على رابطة القرابة والنسب.
● السبب المباشر للحديث: يُذكر في أسباب ورود هذا الحديث أن بعض أقارب النبي ﷺ من آل أبي طالب -وكان بعضهم لا يزال على الشرك- قد اغتروا بقرابتهم منه واعتقدوا أن ذلك سينفعهم يوم القيامة أو أن لهم مكانة خاصة بغض النظر عن إيمانهم. فجاء هذا الحديث ليقطع هذا الوهم ويبين أن النجاة والولاية لا تكون إلا بالإيمان والتقوى.
● الرسالة الأساسية: يريد النبي ﷺ أن يعلن لأمته أن القرابة منه لا تنفع إلا إذا اقترنت بالإيمان والعمل الصالح. فـ "الولاية" (النصرة والمحبة في الله) هي لله أولاً، ثم لصالح المؤمنين المتقين، بغض النظر عن أصولهم وأنسابهم. فالفاسق أو الكافر، حتى لو كان من أقرب الأقربين، لا ولاية له في الدين.
● الجمع بين الحقوق: وفي رواية البخاري «ولكن لهم رحم أبلها ببلالها» تظهر حكمة النبي ﷺ وعدله، حيث يفرق بين نوعين من الحقوق:
1- حق الولاية والنصرة في الدين: وهذا لا يكون إلا للمؤمنين.
2- حق القرابة والرحم: وهذا حق ثابت يجب صلته والإحسان إليه، حتى لو كان القريب غير مسلم. فالنبي ﷺ يعلن أنه سيصل رحمه ويبرهم بحكم القرابة الدنيوية، ولكن هذا لا يعني أن لهم منزلة في الدين أو ولاية.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- تقديم رابطة الإيمان على رابطة النسب: الإسلام يبني العلاقات على أساس العقيدة، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، والكافر لا ولاية له ولو كان من أقرب الأقربين. قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ} [المجادلة: 22].
2- التحذير من الغرور بالأنساب: الحديث تحذير صريح من الاغترار بالنسب الشريف دون عمل، فلا ينبغي لأحد أن يتكل على مجرد كونه من أسرة صالحة أو ذات نسب، بل النجاة بالعمل الصالح.
3- العدل والإنصاف: من روائع الإسلام أنه يأمر بالعدل حتى مع المخالفين في العقيدة، فيأمر بصلة الرحم وبر القرابة حتى مع غير المسلمين، ما لم يكونوا محاربين.
4- الحكمة في الدعوة والموعظة: استخدم النبي ﷺ أسلوب الكناية آل أبي فلان») ولم يصرح بالأسماء، مما يدل على الأدب والحكمة والرفق حتى في مواقف التصحيح والإنكار.
5- الشفافية والوضوح: كونه ﷺ قاله «جهارًا غير سر» يدل على أهمية بيان هذا المبدأ للناس كافة، لئلا يقع أحد في الغلط أو الغرور.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام البخاري أخرج جزءًا منه (قوله: «ولكن لهم رحم أبلها ببلالها»).
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن الكافر لا ولاية له بينه وبين المسلم، حتى لو كان من أهل بيته.
- كما يستدلون به على وجوب صلة الرحم حتى لو كانوا كفارًا، بمعنى الإحسان إليهم في أمور الدنيا ما لم يأمروني بمعصية، مع بقاء البراءة منهم في الدين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٥٩٩٠)، ومسلم في الإيمان (٢١٥) كلاهما من طريق محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن عمرو بن العاص، قال: فذكره. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه.
وزاد البخاريّ عقبه: زاد عنبسة بن عبد الواحد، عن بيان، عن قيس، عن عمرو بن العاص قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: فذكر الزيادة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 180 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين

  • 📜 حديث: آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب