تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ البقرة: 8] .
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾
[ سورة البقرة: 8]
القول في تفسير قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر
ومن الناس فريق يتردد متحيِّرًا بين المؤمنين والكافرين، وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدَّقْنَا بالله وباليوم الآخر، وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
ومن الناس طائفة يزعمون أنهم مؤمنون، يقولون ذلك بألسنتهم خوفًا على دمائهم وأموالهم، وهم في الباطن كافرون.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 8
ونزل في المنافقين: «ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر» أي يوم القيامة لأنه آخر الأيام «وما هم بمؤمنين» روعي فيه معنى من، وفي ضمير يقول لفظها.
تفسير السعدي : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر
واعلم أن النفاق هو: إظهار الخير وإبطان الشر، ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي, والنفاق العملي، كالذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " آية المنافق ثلات: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا اؤتمن خان " وفي رواية: " وإذا خاصم فجر " وأما النفاق الاعتقادي المخرج عن دائرة الإسلام, فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها، ولم يكن النفاق موجودا قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم [من مكة] إلى المدينة, وبعد أن هاجر, فلما كانت وقعة " بدر " وأظهر الله المؤمنين وأعزهم، ذل من في المدينة ممن لم يسلم, فأظهر بعضهم الإسلام خوفا ومخادعة, ولتحقن دماؤهم, وتسلم أموالهم, فكانوا بين أظهر المسلمين في الظاهر أنهم منهم, وفي الحقيقة ليسوا منهم.
فمن لطف الله بالمؤمنين, أن جلا أحوالهم ووصفهم بأوصاف يتميزون بها, لئلا يغتر بهم المؤمنون, ولينقمعوا أيضا عن كثير من فجورهم [قال تعالى]: { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ } فوصفهم الله بأصل النفاق فقال: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فأكذبهم الله بقوله: { وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } لأن الإيمان الحقيقي, ما تواطأ عليه القلب واللسان
تفسير البغوي : مضمون الآية 8 من سورة البقرة
قوله: ومن الناس من يقول آمنا بالله: نزلت في المنافقين عبد الله بن أُبَي بن سلول، ومعتب بن قشير، وجَدّ بن قيس وأصحابهم حيث أظهروا كلمة الإسلام ليَسْلَمُوا من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه واعتقدوا خلافها، وأكثرهم من اليهود.والناس: جمع إنسان سمي به لأنه عهد إليه فنسي، كما قال الله تعالى: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي [115-طه]، وقيل: لظهوره من قولهم آنست أي أبصرت، وقيل: لأنه يستأنس به.وباليوم الآخر: أي بيوم القيامة.قال الله تعالى: وما هم بمؤمنين:: أي يخالفون الله.
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
قال صاحب الكشاف : " افتتح - سبحانه - كتابه بذكر الذين أخلصوا دينهم الله ، وواطأت قلوبهم ألسنتهم ، ووافق سرهم علنهم ، وفعلهم قولهم ، ثم ثنى بالذين محضوا الكفر ظاهراً وباطناً ، قلوباً وألسنة ، ثم ثلث بالذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، وأبطنوا خلاف ما أظهروا . وهم الذين قال فيهم : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء } وسماهم المنافقين وكانوا أخبث الكفرة وأبغضهم إليه وأمقتهم عنده ، لأنهم خلطوا بالكفر تمويهاً وتدليساً ، وبالشرك استهزاء وخداعاً ، ولذلك أنزل فيهم : { إِنَّ المنافقين فِي الدرك الأسفل مِنَ النار } ووصف حال الذين كفروا في آيتين ووصف حال الذين نافقوا في ثلاث عشرة آية ، نعى عليهم فيها خبثهم ، ومكرهم وفضحهم ، وسفههم ، واستجهلهم ، واستهزأ بهم ، وتهكم بفعلهم ، وسجل طغيانهم ، ودعاهم صما بكما عميا ، وضرب لهم الأمثال الشنيعة . وقصة المنافقين عن آخرها معطوفة على قصة الذين كفروا ، كما تعطف الجملة على الجملة " .والناس : اسم لجماعة الإِنس : قال القرطبي : " واختلف النحاة في لفظ الناس فقيل : هو من أسماء الجموع ، جمع إنسان وإنسانة على غير اللفظ ، وتصغيره نويس ، فالناس من النوس وهو الحركة ، يقال : ناس ، ينوس أي : تحرك . وقيل : أصله نسى ، فأصل ناس نسى ، قلب فصار نيس ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفاً ، ثم دخلت الألف واللام فقيل : الناس ، قال ابن عباس : نسى آدم عهد الله فسمي إنساناً . وقيل : سمي إنساناً لأنسه بربه ، قال الشاعر :وما سمي الإنسان إلا لأنسه ... ولا القلب إلا أنه يتقلبواليوم الآخر : هو اليوم الذي يبتدئ بالبعث ولا ينقطع أبداً ، وقد يراد منه اليوم الذي يبتدئ بالبعث وينتهي باستقرار أهل الجنة في الجنة . وأهل النار في النار .وقال القرآن في شأن المنافقين { وَمِنَ الناس } مجرداً إياهم من الوصفين السابقين ، وصف الإيمان ووصف الكفر ، لأنهم لم يكونوا بحسب ظاهر الأمر مع الكافرين ، ولا بحسب باطنه مع المؤمنين ، لذا عبر عنهم بالناس لينطبق التعبير على ما حاولوه لأنفسهم من أتهم لا هم مؤمنون ولا هم كافرون وفي ذلك مبالغة في الحط من شأنهم فهم لم يخرجوا عن كونهم ناساً فقط ، دون أن يصلوا بأوصافهم إلى أهل اليمين أو إلى أهل الشمال الصرحاء في كفرهم ، بل بقوا في منحدر من الأرض ، لا يمر بهم سالك الطريق المستقيم ولا سالك المعوج من الطرق .وعبر القرآن بلفظ { يَقُولُ آمَنَّا } ليفيد أنه مجرد قول باللسان ، لا أثر له في القلوب ، وإنما هم يقولون بأفواهم ما ليس في قلوبهم .وحكى القرآن عن هؤلاء المنافقين أنهم اقتصروا في إظهار الإيمان على ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر ، ليزيدوا في التمويه على المؤمنين بإدعاء أنهم أحاطوا بالإيمان من طرفيه ، لأن من يؤمن بالله واليوم الآخر ، استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن من شأنه أن يكون - أيضا - مؤمناً برسل الله وملائكته وكتبه .وقد كذبهم الله - تعالى - في دعواهم الإِيمان ، فقال :{ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } .فهذه الجملة الكريمة رد لما ادعوه من الإِيمان ، ونفي له على أبلغ وجه ، إذ جاء النفي مؤكداً بالباء في قوله { بِمُؤْمِنِينَ } . ثم إن الجملة نفت عنهم الإِيمان على سبيل الإِطلاق ، فهم ليسوا بمؤمنين لا بالله ولا باليوم الآخر ، ولا بكتب الله ولا برسله ولا بملائكته .ثم بين - سبحانه - الدوافع التي دفعتهم إلى أن يقولوا { آمَنَّا بالله وباليوم الآخر وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } فقال :
ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر: تفسير ابن كثير
النفاق : هو إظهار الخير وإسرار الشر ، وهو أنواع : اعتقادي ، وهو الذي يخلد صاحبه في النار ، وعملي وهو من أكبر الذنوب ، كما سيأتي تفصيله في موضعه ، إن شاء الله تعالى ، وهذا كما قال ابن جريج : المنافق يخالف قوله فعله ، وسره علانيته ، ومدخله مخرجه ، ومشهده مغيبه .
وإنما نزلت صفات المنافقين في السور المدنية ؛ لأن مكة لم يكن فيها نفاق ، بل كان خلافه ، من الناس من كان يظهر الكفر مستكرها ، وهو في الباطن مؤمن ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وكان بها الأنصار من الأوس والخزرج ، وكانوا في جاهليتهم يعبدون الأصنام على طريقة مشركي العرب ، وبها اليهود من أهل الكتاب على طريقة أسلافهم ، وكانوا ثلاث قبائل : بنو قينقاع حلفاء الخزرج ، وبنو النضير ، وبنو قريظة حلفاء الأوس ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وأسلم من أسلم من الأنصار من قبيلتي الأوس والخزرج ، وقل من أسلم من اليهود إلا عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - ولم يكن إذ ذاك نفاق أيضا ؛ لأنه لم يكن للمسلمين بعد شوكة تخاف ، بل قد كان عليه الصلاة والسلام وادع اليهود وقبائل كثيرة من أحياء العرب حوالي المدينة ، فلما كانت وقعة بدر العظمى وأظهر الله كلمته ، وأعلى الإسلام وأهله ، قال عبد الله بن أبي بن سلول ، وكان رأسا في المدينة ، وهو من الخزرج ، وكان سيد الطائفتين في الجاهلية ، وكانوا قد عزموا على أن يملكوه عليهم ، فجاءهم الخير وأسلموا ، واشتغلوا عنه ، فبقي في نفسه من الإسلام وأهله ، فلما كانت وقعة بدر قال : هذا أمر قد توجه ، فأظهر الدخول في الإسلام ، ودخل معه طوائف ممن هو على طريقته ونحلته ، وآخرون من أهل الكتاب ، فمن ثم وجد النفاق في أهل المدينة ومن حولها من الأعراب ، فأما المهاجرون فلم يكن فيهم أحد ، لأنه لم يكن أحد يهاجر مكرها ، بل يهاجر ويترك ماله ، وولده ، وأرضه رغبة فيما عند الله في الدار الآخرة .
قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } يعني : المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم .
وكذا فسرها بالمنافقين أبو العالية ، والحسن ، وقتادة ، والسدي .
ولهذا نبه الله - سبحانه - على صفات المنافقين لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون ، فيقع بذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم ، ومن اعتقاد إيمانهم ، وهم كفار في نفس الأمر ، وهذا من المحذورات الكبار ، أن يظن بأهل الفجور خير ، فقال تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } أي: يقولون ذلك قولا ليس وراءه شيء آخر ، كما قال تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله } [ المنافقون : 1 ] أي: إنما يقولون ذلك إذا جاءوك فقط ، لا في نفس الأمر ؛ ولهذا يؤكدون في الشهادة بإن ولام التأكيد في خبرها ؛ كما أكدوا قولهم : { آمنا بالله وباليوم الآخر } وليس الأمر كذلك ، كما أكذبهم الله في شهادتهم ، وفي خبرهم هذا بالنسبة إلى اعتقادهم ، بقوله : { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } [ المنافقون : 1 ] ، وبقوله { وما هم بمؤمنين } .
تفسير القرطبي : معنى الآية 8 من سورة البقرة
قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنينفيه سبع مسائل :الأولى : روى ابن جريج عن مجاهد قال : نزلت أربع آيات من سورة البقرة في المؤمنين ، واثنتان في نعت الكافرين ، وثلاث عشرة في المنافقين . وروى أسباط عن السدي في قوله : ومن الناس قال : هم المنافقون . وقال علماء الصوفية : الناس اسم جنس ، واسم الجنس لا يخاطب به الأولياء .الثانية : واختلف النحاة في لفظ الناس ، فقيل : هو اسم من أسماء الجموع ، جمع إنسان وإنسانة ، على غير اللفظ ، وتصغيره نويس . فالناس من النوس وهو الحركة ، يقال : ناس ينوس أي تحرك ، ومنه حديث أم زرع : " أناس من حلي أذني " . وقيل : أصله من نسي ، فأصل ناس نسي قلب فصار نيس تحركت الياء فانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ، ثم دخلت الألف واللام فقيل : الناس . قال ابن عباس : نسي آدم عهد الله فسمي إنسانا . وقال عليه السلام : نسي آدم فنسيت ذريته . وفي التنزيل : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي وسيأتي . وعلى هذا فالهمزة زائدة ، قال الشاعر :لا تنسين تلك العهود فإنما سميت إنسانا لأنك ناسيوقال آخر :فإن نسيت عهودا منك سالفة فاغفر فأول ناس أول الناسوقيل : سمي إنسانا لأنسه بحواء . وقيل : لأنسه بربه ، فالهمزة أصلية ، قال الشاعر :وما سمي الإنسان إلا لأنسه ولا القلب إلا أنه يتقلبالثالثة : لما ذكر الله جل وتعالى المؤمنين أولا ، وبدأ بهم لشرفهم وفضلهم ، ذكر الكافرين في مقابلتهم ، إذ الكفر والإيمان طرفان . ثم ذكر المنافقين بعدهم وألحقهم بالكافرين قبلهم ، لنفي الإيمان عنهم بقوله الحق : وما هم بمؤمنين . ففي هذا رد على الكرامية حيث قالوا : إن الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب ، واحتجوا بقوله تعالى : فأثابهم الله بما قالوا . ولم يقل : بما قالوا وأضمروا ، وبقوله عليه السلام : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم . وهذا منهم قصور وجمود ، وترك نظر لما نطق به القرآن والسنة من العمل مع القول والاعتقاد ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان . أخرجه ابن ماجه في سننه . فما ذهب إليه محمد بن كرام السجستاني وأصحابه هو النفاق وعين الشقاق ، ونعوذ بالله من الخذلان وسوء الاعتقاد .الرابعة : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : المؤمن ضربان : مؤمن يحبه الله ويواليه ، ومؤمن لا يحبه الله ولا يواليه ، بل يبغضه ويعاديه ، فكل من علم الله أنه يوافي بالإيمان ، فالله محب له ، موال له ، راض عنه . وكل من علم الله أنه يوافي بالكفر ، فالله مبغض له ، ساخط عليه ، معاد له ، لا لأجل إيمانه ، ولكن لكفره وضلاله الذي يوافي به . والكافر ضربان : كافر يعاقب لا محالة ، وكافر لا يعاقب . فالذي يعاقب هو الذي يوافي بالكفر ، فالله ساخط عليه معاد له . والذي لا يعاقب هو الموافي بالإيمان ، فالله غير ساخط على هذا ولا مبغض له ، بل محب له موال ، لا لكفره لكن لإيمانه الموافي به . فلا يجوز أن يطلق القول وهي :الخامسة : بأن المؤمن يستحق الثواب ، والكافر يستحق العقاب ، بل يجب تقييده بالموافاة ، ولأجل هذا قلنا : إن الله راض عن عمر في الوقت الذي كان يعبد الأصنام ، ومريد لثوابه ودخوله الجنة ، لا لعبادته الصنم ، لكن لإيمانه الموافي به . وإن الله تعالى ساخط على إبليس في حال عبادته ، لكفره الموافي به .وخالفت القدرية في هذا وقالت : إن الله لم يكن ساخطا على إبليس وقت عبادته ، ولا راضيا عن عمر وقت عبادته للصنم . وهذا فاسد ، لما ثبت أن الله سبحانه عالم بما يوافي به إبليس لعنه الله ، وبما يوافي به عمر رضي الله عنه فيما لم يزل ، فثبت أنه كان ساخطا على إبليس محبا لعمر . ويدل عليه إجماع الأمة على أن الله سبحانه وتعالى غير محب لمن علم أنه من أهل النار ، بل هو ساخط عليه ، وأنه محب لمن علم أنه من أهل الجنة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإنما الأعمال بالخواتيم ولهذا قال علماء الصوفية : ليس الإيمان ما يتزين به العبد قولا وفعلا ، لكن الإيمان جري السعادة في سوابق الأزل ، وأما ظهوره على الهياكل فربما يكون عاريا ، وربما يكون حقيقة .قلت : هذا كما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها . فإن قيل وهي :السادسة : فقد خرج الإمام الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد المصري من حديث محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة ، وهو محمد بن أبي قيس ، عن سليمان بن موسى وهو الأشدق ، عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس أخبرنا أبو رزين العقيلي قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأشربن أنا وأنت يا أبا رزين من لبن لم يتغير طعمه قال قلت : كيف يحيي الله الموتى ؟ قال : أما مررت بأرض لك مجدبة ثم مررت بها مخصبة ثم مررت بها مجدبة ثم مررت بها مخصبة قلت : بلى . قال : " كذلك النشور " قال قلت : كيف لي أن أعلم أني مؤمن ؟ قال : ليس أحد من هذه الأمة - قال ابن أبي قيس : أو قال من أمتي - عمل حسنة وعلم أنها حسنة وأن الله جازيه بها خيرا أو عمل سيئة وعلم أنها سيئة وأن الله جازيه بها شرا أو يغفرها إلا مؤمن .قلت : وهذا الحديث وإن كان سنده ليس بالقوي فإن معناه صحيح وليس بمعارض لحديث ابن مسعود ، فإن ذلك موقوف على الخاتمة ، كما قال عليه السلام : وإنما الأعمال بالخواتيم . وهذا إنما يدل على أنه مؤمن في الحال ، والله أعلم .السابعة : قال علماء اللغة : إنما سمي المنافق منافقا لإظهاره غير ما يضمر ، تشبيها باليربوع ، له جحر يقال له : النافقاء ، وآخر يقال له : القاصعاء . وذلك أنه يخرق الأرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهر الأرض أرق التراب ، فإذا رابه ريب دفع ذلك التراب برأسه فخرج ، فظاهر جحره تراب ، وباطنه حفر . وكذلك المنافق ظاهره إيمان ، وباطنه كفر ، وقد تقدم هذا المعنى .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين
- تفسير: إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين
- تفسير: وإنا لنحن المسبحون
- تفسير: واحلل عقدة من لساني
- تفسير: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنـزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون
- تفسير: ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا
- تفسير: وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا
- تفسير: فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين
- تفسير: فحشر فنادى
- تفسير: ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا
تحميل سورة البقرة mp3 :
سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب