قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الفلاح والسعادة في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]
أعظِم به من هدًى يناله المؤمنون المتَّقون! وكيف لا يكون كذلك وهو عطاءُ الجواد الكريم، وفضلُ المنَّان العظيم؟ وعدُ الله عبدَه المؤمنَ بالنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة يملأ قلبَه باليقين، ألا تشعرُ بالطُّمَأنينة تغشى روحَك وأنت تعلم عاقبةَ إيمانك؟ كيف لا يتمكَّن من الهدى ويثبُت عليه ويستعلي فيه مَن جمع صلاحَ الباطن بالإيمان، وصلاحَ الظاهر بلزوم الصالحات؟ لا يبلغ الإنسانُ رتبة الفلاح، حتى يعظُمَ حظُّه من الإيمان والصلاح. |
﴿۞ يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ وَلَيۡسَ ٱلۡبِرُّ بِأَن تَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِنۡ أَبۡوَٰبِهَاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189]
من التفكُّر في خلق السماوات والأرض وما فيهما أن تلتمسَ عند النظر إليها الحكمةَ من خلقها؛ لما يترتَّب على ذلك من عمل، ويزداد به من إيمان. |
﴿وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]
حقُّ القائمين بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التأييدُ والعون؛ لأنهم تحمَّلوا تبعات هذه الفريضة. حريٌّ بمَن اجتهد في تكميل نفسه أن يسعى إلى تكميل غيره؛ وبذلك يكون الناس أمَّةً واحدة؛ إيمانًا وصلاحًا. كن ممَّن يدعون إلى الخير في كلِّ مكان وزمان، ويسهمون بالكلمة الطيِّبة في كلِّ مشروع ومَيدان، ويشجِّعون غيرَهم على كل برٍّ وإحسان. عطفُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الدعوة إلى الخير مع اندراجهما فيه؛ يُظهر فضلهما وعلوَّهما في الخيرات. لا بدَّ أن نجتهدَ في إقامة مجتمعٍ يجد فيه فاعل الخير أنصارًا، وصانع الشرِّ مقاومةً وخِذلانًا. أحقُّ الناس بوصف الفلاح أولئك الذين بأعباء الحِسبة يقومون، وعلى أدائها يحافظون، وعلى ضرَّائها يصبرون. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130]
اجتناب الرِّبا من مقتضَيات الإيمان، والمؤمن الصادق في إيمانه يجتنبُ الرِّبا في كلِّ معاملاته. لا تزال تقوى الله تعالى تأخذُ بيد صاحبها إلى ما فيه صلاحُ حاله ونجاحُ أمره في الدنيا والآخرة، حتى يكونَ من المفلحين. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]
على العبد أن يلازمَ الصبر، ولا ينقطعَ عن مجاهدة نفسه عليه في جميع حالاته؛ فإنَّ الصبر محتاجٌ إلى صبر. ما أفلحَ عبدٌ إلا بالصبر والمصابرة، والجهاد والمرابطة، ولا خابَ إلا وكان إخلالُه بها أو ببعضها سببَ خَيبته. إذا كان أهلُ الباطل يَمضون في باطلهم بصبرٍ وإصرار، فما أجدرَ أهلَ الحقِّ أن يكونوا أعظمَ منهم صبرًا وإصرارًا. لا ينفع المؤمنَ الصبرُ ولا المصابرة ولا المرابطة إلا بالتقوى، كما أن التقوى لا تقوم إلا على ساق الصبر، فهي صفاتٌ يقوم بعضُها ببعض. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35]
التقوى زِمامٌ عن الفساد، ومِقوَدٌ إلى الخير بين العباد، فمَن اتَّقى الله لم يعتَدِ على حقِّ الخلق، ولم يتجاوز حدودَ الخالق. رحِمَ الله عبدًا نظرَ في جميع الطرُق الموصلة إلى رضا خالقه، فسلكَ منها ما استطاعَ إلى بلوغ مقصِده. العمل بشرع الله أحسنُ وسيلةٍ إليه، وبالطاعات يبلغ المرءُ الغايات. إن أمَّة تتَّقي اللهَ باجتناب المحظورات، وتبتغي إليه الوسيلةَ بفعل المأمورات، وترفع في سبيله رايةَ الجهاد والكفاح، لهي أمَّةٌ تستحقُّ العزَّ والفلاح. الفوز بالمطالب العالية عند الله تعالى غايةٌ سامية، لا تُنال بالأمانيِّ الفارغة، والدَّعاوى الكاذبة، ولكن تُنال بالجِدِّ في طاعته، والصدقِ في حُسن معاملته. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]
لو تأمَّلتَ الاقترانَ بين هذه المحرَّمات التي لا يقارفُها مؤمن، لتبَدّى لك عظيمُ خطَرها. لا تحرِّمُ الشريعةُ إلا كلَّ قذِرٍ نجِسٍ، حسيٍّ أو معنوي؛ فإنها تريد للمؤمن أن يكونَ طاهرًا كلَّ الطهارة، منزَّهًا عن كلِّ رِجس. انظر إلى علل الأحكام تعرِف بها عظمةَ الإسلام؛ فإنه لا يُجيزُ ضياعَ العقل بالخمر، ولا ضياعَ المال بالمَيسِر، ولا ضياعَ العزَّة بالتذلُّل للأنصاب، ولا ضياعَ العلم بالجهل بالثَّمن والمثمَّن. حسبُ المؤمن أن يعلمَ عن عملٍ ما أنه من الشيطان حتى يَنفِرَ منه حسُّه، وتشمئزَّ منه نفسُه، ويُعرضَ عنه كِيانُه، وتتنزَّهَ عنه أركانُه. الفلاح مرهونٌ بترك المحرَّمات، ولا سيَّما هذه المنكرات؛ إذ ما أكثرَ مفاسدَها الداعية إلى اجتنابها لمَن كان له عقلٌ ناهٍ وقلبٌ حي! |
﴿قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [المائدة: 100]
ميزان العدل لا يجمعُ بين المختلفات، ولا يفرِّق بين المتماثلات، فلا يستوي عند الله الخبيثُ من الأشخاص والأعمالِ والأموال مع الطيِّبِ منها والحلال. لا تهتمَّ بكميَّةِ الأشياء وأعدادِها بقدر ما تهتمُّ بكيفيَّاتها وصفاتها؛ فالطيِّبُ وإن قلَّ خيرٌ من الخبيث وإن كثُر. العقلاء يعتبِرون بعواقبِ الأمور التي تدلُّ عليها أوائلُها بعد التأمُّلِ فيها، فلا يُصرُّون على الاغترار بكثرةِ الخبيثِ بعد التنبيهِ والتذكير. |
﴿قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةٗ قَالُواْ يَٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِيهَا وَهُمۡ يَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [الأنعام: 31]
كيف لا يخسر الخسارةَ الكبرى مَن كذَّب بلقاء الله، فلم يؤمن ببعثٍ ولا نشور، ومآلُ تكذيبه دخولُ النار، وغضبُ المنتقم الجبَّار؟! تحسَّرَ خاسرو القيامة على ما ضيَّعوه من عمل الجنَّة، أما لو آمنوا بالبعثِ وعملوا له لما تحسَّروا، فهل منهم عاقل يستدرك ليُوقَى العذاب، قبل أن يَستعتِبَ فلا يُجاب؟ لا يُحاسَب على ذنبك غيرُك، ولا يحملُ وِزرَك إلا ظهرُك، فخفِّف من خطاياك اليوم؛ ليخِفَّ ظهرُك غدًا، فما أثقلَ الخطايا في ذلك اليوم! |
﴿قُلۡ يَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَامِلٞۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ [الأنعام: 135]
ثِق أيها الداعي إلى الحقِّ بأنك على الجادَّة، وأن مَن لم يستجب لدعوتك إنما يضرُّ نفسَه، ويسيءُ لعاقبته، فلا تتوقَّف عن الدعوة والإنذار، ولا تحزن لقلَّة المستجيبين. أمَّا المؤمنُ فيعلم حُسنَ عاقبة المحسنين، فيقدِّم لتلك العاقبةِ طاعاتِه، وأمَّا غيرُ المؤمن فتراه غيرَ مبالٍ بالعاقبة، فيُسرف في سيِّئاته، ولكنَّه سيعلم عند لقاء ربِّه كم كان مفرِّطًا. إذا كان الظلمُ يُبعِدُ صاحبَه عن الفلاح، فكيف بالكفرِ الذي هو أشدُّ أنواع الظلم؟! لا تغترَّ بحال ظالمٍ مهما تقلَّب في مُتَع الحياة، وتنعَّم في أعطاف النعيم؛ فإن ذلك زائل، وإن الخسرانَ نازل، فلا فلاحَ مع الظلم. |
﴿وَٱلۡوَزۡنُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّۚ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 8]
ويلٌ للخطَّائين يومَ المحشر؛ فإن الله يشهد والرسُل تشهد والموازين العادلة تشهد، فكم هو الخزيُ بين أيدي هؤلاء الشهود، في اليوم العظيم الموعود؟! الفلاح والخسرانُ الحقيقيَّان هناك يومَ العَرض الأكبر، فمَن رجَحَ ميزانُ حسناتِه فقد أفلح، ومن رجَحَ ميزانُ سيِّئاتِه فقد خسر. |
﴿أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 69]
على الداعية ألا ينزعجَ من زهد الناس عنه وعن دعوته، فيدعَ دعوتهَم من أجل ذلك؛ فقد زهد بعضُ أتباع الأنبياء فيهم، وفيما جاؤوا به من السماء. على أرباب النِّعم من جاهٍ وقوَّةٍ ومال أن يشكروا الله على ما أعطاهم فيتَّبعوا الحقَّ ويذودوا عنه، وألا يكونوا أوَّلَ المُعرضين، ففي قِصص الغابرين عبرةٌ للمعتبِرين. نِعَمُ اللهِ من أسباب الهداية حين يتذكَّرها صاحبُها، فمَن تذكَّر وصولَ نِعَم الله إليه عرَف حقَّ الله عليه، فشكر رِفدَه، وعبده وحدَه. شكر النِّعَم من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة، فمَن شكر آلاءَ اللهِ ازدادَ لله حمدًا وحبًّا، وطاعة وقربًا، ففاز الفوزَ العظيم. |
﴿ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157]
قبيحٌ بالمرء أن يكذِّبَ بحقيقةٍ يوقن بصدقها، ويُبطل قضيَّةً يعلم صوابَها؛ فنبوَّة نبيِّنا محمَّد ﷺ لا ينكرُها من أهل الكتاب إلا مكابرٌ أو حاسد. ما أعظمَ شريعةَ الإسلام، وحرصَها على مصالح الأنام! فلقد أحلَّت كلَّ ما كان في نفسه طيِّبًا، وحرَّمت كلَّ ما كان في نفسه خبيثًا. في شريعتنا ليس تحريمُ المحرَّمات يجري مَجرى العقوبات، ولكنَّه إنقاذٌ للأمَّة ممَّا فيها من المفسِدات. ألا نشكرُ اللهَ الكريم على فضله علينا؛ فقد جعل شريعتَنا أسهلَ الشرائع، فوضع عنها ما كان يثقُل على مَن كان قبلَنا من التكاليف. من حقِّ رسولنا الكريم ﷺ، وما جاء به من الدين العظيم: الجهادُ بالسِّنان، والقلم واللسان؛ نصرةً للرسول الأمين، ونشرًا لهذا الدين في العالمين. ما أشبهَ المهتديَ بنور القرآن بسارٍ وراء نورٍ يضيءُ له طريقَ الأمان! فلا يزال يتَّبعه ويتحرَّاه؛ إذ يرى باتِّباعه نجاتَه وهداه. لقد أفلحَ أصحابُ رسول الله ﷺ كلَّ الفلاح، وورَّثوا مَن بعدهم أعلامَ الصلاح، فكم لهم من فضل، وخَلَفٍ من الخير جزل! فكُن على طريقهم، عساك تلحقُ بهم. لا سعادةَ ولا فلاحَ إلا باتِّباع الرسول ﷺ ظاهرًا وباطنًا، في أصول الدين وفُروعه، ونصرة دينه واتِّباع شريعته. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]
لقاء الأعداءِ في مَيدان الحرب يحتاج إلى ثباتٍ ومصابرة؛ لأن المسلم المقارعَ للعدوِّ يمثِّل مَن وراءه من المسلمين، وبثباته يعلو صرحُ الدين، ومثل ذا في ميادين الفكر. إذا كانت كثرةُ الذِّكرِ مطلوبةً والعبدُ أشغلُ ما يكون قلبًا، وأطيَشُ ما يكون لُبًّا، فما الذي ينبغي أن يكونَ عليه حالَ الرخاء؟! للهِ درُّ المحبِّ الذي لا ينسى محبوبَه جلَّ جلاله، وإن كان المحبُّ في خطر؛ ذلك أنه أغلى عليه من نفسه وأعزُّ، أليس في سبيله يجاهد؟ لولا أن ذكرَ الله والصلاةَ هما من أحبِّ الأعمال إلى الله لما أمر بهما عبادَه عند القتال. |
﴿لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [التوبة: 88]
إذا تخلَّفَ المنافقون عن الجهاد، فإن الله سيغني عنهم بقومٍ من صالحي العباد، اختصَّهم بفضله، يحبُّهم ويحبُّونه. ما بخِلَ رسول الله ﷺ بنفسه فقعد عن الجهاد، وحياتُه أغلى حياةٍ للدعوة وللناس، ولا بخِلَ بماله عن النفقة في سبيل الله؛ مع كثرة مَن يَعُول. إن الذين امتلأت قلوبُهم بحبِّ الله تعالى، فآثروه على كلِّ ما في الوجود، ورضُوا بالمشقة في سبيله مهما اشتدَّت؛ حازوا منازلَ الرِّفعة. الجهادُ مفتاحُ الخيرات، وسُلَّمُ الدرجات العاليات، ومَدرَج العواقب الحميدة التي تُرغِّبُ المتخلِّفين عن هذه السبيل الرشيدة. |
﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ ﴾ [يونس: 17]
ما أشدَّ وعيدَ مَن يحرِّفُ كلامَ اللهِ تعالى ليُرضيَ أهواءَ الناس وينالَ حظًّا من الدنيا! المتمسِّكون بالوحي هم أهلُ الفلاحِ والنجاة، والمفترون عليه أهلُ الخِزي والنَّكال، وسوءِ الأحوال. |
﴿قُلۡ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ ﴾ [يونس: 69]
كتب اللهُ على مَن افترى عليه الكذبَ ألا يُظفِرَه ببُغيته، ولا يُوصلَه إلى مَأرَبه، ولا يجعلَه من الفالحين، أفلا تكفي المفترين هذه العقوباتُ؟ |
﴿قَالَ مُوسَىٰٓ أَتَقُولُونَ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمۡۖ أَسِحۡرٌ هَٰذَا وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّٰحِرُونَ ﴾ [يونس: 77]
مهما اتُّهِم الحقُّ فإن تلك الاتهامات لا تَغشى عينَ العاقلِ المتبصِّر؛ لأنه ينظر بوعيٍ وحكمة، وتتبُّعٍ وإنصاف. لا يرتفعُ بالسحرِ حقٌّ بين الناس، ولا يَرُوجُ به باطلٌ عند أهل الحق؛ فإنه بعيدٌ كلَّ البعد عن الحق وأهلِه، وصاحبُه خاسرٌ دنيا وأخرى. |
﴿وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]
مَن حاصرَته الفتنة، واجتمعت عليه جيوشُ الهوى، وراودَته الفاحشة، فليعتصِم بالله كما اعتصم يوسفُ عليه السلام ، وما هي إلا لحظاتُ مصابرةٍ حتى يتصدَّعَ ذلك الجمعُ الشيطاني. طوبى لعبدٍ حفظ إحسانَ مولاه إليه، ولم ينسَ فضلَه القديمَ عليه. المعتدي على أعراض الناس ظالمٌ يُفارقُه الفلاح، ويُباينُه عند الله النجاح. |
﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ ﴾ [النحل: 116]
ما من حكم بالتحليل والتحريم لا يوافق الشرع إلا كان وصفًا كاذبًا لا يُلتفتُ إلى مدَّعيه، ولا يؤبَهُ بقائليه. من يحرِّمُ الحلالَ آثم؛ لأنه يُضيِّقُ على الخلق ما وسَّع اللهُ لهم، ومثلُه من يحلِّلُ الحرام؛ إذ يوقع الناسَ في تجاوزات غيرِ مأذونٍ فيها. وكلاهما يُبعدان عن طريق الفلاح في الدنيا والآخرة. عن أبي نضرةَ قال: (قرأتُ هذه الآيةَ فلم أزل أخافُ الفُتيا إلى يومي هذا). |
﴿وَأَلۡقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلۡقَفۡ مَا صَنَعُوٓاْۖ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيۡدُ سَٰحِرٖۖ وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ ﴾ [طه: 69]
قد يبدو الباطل ضخمًا مخيفًا، لكنَّ للحق قوةً كامنة لا تتبختر ولا تتظاهر، إلا أنها تدمغ الباطل في النهاية فإذا هو زاهق، وتلقَفُه فتطويه فإذا هو يتوارى. لا يأتي الساحرُ البتةَ بخيرٍ ولا فلاح، فعلامَ يستعين به بعض الناس في طلب النجاح؟! |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩ ﴾ [الحج: 77]
من أدلِّ الدلائل على صدق إيمان العبد، صلاته وخضوعه لله في ركوعه وسجوده، وهي أرجى ما يُقابل به العبد ربَّه يوم لقائه. بالعبادةِ لله تقوم حياة الأمة المسلمة الفردية على قاعدة ثابتة وطريق واصل، وبفعل الخير تستقيم حياتها الجماعية على قاعدة من الإيمان وسبيل قاصد، وتلك أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة. |
﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 1]
مَن اتصف بما أمر الله تعالى أن يُتصف به فقد أفلح الفلاحَ كلَّه في كلِّ آنٍ، فمتى زاد حظُّه من تلك الصفات زاد حظُّه من الفلاح والنجاح. |
﴿فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [المؤمنون: 102]
يا مَن تبغي الفلاح اسعَ نحوه جاهدًا بتثقيل موازين حسناتك؛ فإن الخسارة الكبرى أن يطيش ميزان السيئات بميزان الحسنات، فهلَّا تفكرت في هذه الحقيقة! ما الذي يتبقَّى لإنسان قد خسر نفسَه التي بين جنبيه، وفقد أعزَّ ما لديه، في وقت لا يمكنه تعويضُ ما خسر، ولا السلوُّ عمَّا ضيَّع. |
﴿وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117]
كلُّ دعوى بألوهيَّة أحد مع الله هي دعوى ليس معها برهانٌ من الدلائل الكونيَّة، أو من منطق الفِطرة السويَّة، أو من حُجَّة العقل النقيَّة. ما يصيب المشركين من العذاب في الدنيا ليس هو الجزاءَ كلَّه، وإنما لهم حسابٌ عند ربِّهم هو أشدُّ وأخزى. ما أوسعَ ما بين فلاح المؤمنين الذي ابتدأت به السورة، وخسارة الكافرين التي انتهت بها! |
﴿وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [النور: 31]
لمَّا كان في بعض الرجال ما يُعجِب الأنثى إذا نظرت إليه، كانت مأمورةً بأن تغضَّ بصرها عنه. ميلُ الرجل إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل أمرٌ جِبِلِّي، وخُلقٌ طَبَعي، فكما يؤمَر الرجل بغضِّ بصره وحفظ فرجه، فكذلك المرأة. انظر إلى دقة التعبير القرآني؛ فإن المرأة لما كانت مأمورة بالصيانة والتستر في كل مكان يمكن أن تصل إليها عينٌ لا يحل لها النظر إليها، فقد ذكرت الزينة دون مواقعها. المرأة الحريصة على تمام سَترها وحشمتها هي التي تُعِمُّ حجابها الساتر على كلِّ موضع منها، وإطالةُ الخمار حتى يصلَ إلى الجيب من أقوى أدلَّة الحجاب الساتر للوجه وما حوله. ما من أنثى إلا وهي مولعةٌ بجمالها، ويطربها ثناء الناس على حُسنها ورونقها، فخصَّ الإسلام بذلك زوجَها، وأباح إبداء بعض ذلك لمحارمها. حفظُ المرأة زينتَها لزوجها إكرامٌ لها، وحرصٌ عليها، وطريقٌ إلى إدامة العَلاقة بينهما، وحمايةٌ لها من العيون القاتلة، والذئاب الصائلة. تَعداد مَن يُباح إظهارُ بعض الزينة لهم دليلٌ على شدَّة حُرمة اطِّلاع غيرهم عليها، فقد وصفهم الله وسمَّاهم بدقيق الوصف. من زينة المرأة ما تُغرى به العيون، ومنه ما تُغرى به الآذان، فوجب عليها سَتر ذلك كلِّه. شريعة تنهى عن ضرب الرِّجل؛ حتى لا يُعلمَ ما تخفي من زينتها، لا يمكن أن تبيحَ ما هو أشدُّ فتنةً للرجل من مجرَّد صوت خَلخال. |
﴿إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [النور: 51]
المؤمنُ يثق بعدل الله في حكمه، وبصواب ما جاء في تشريعه، فيُقبل عليه، ويتحاكم إليه، قضى له أو قضى عليه. أفلح مَن يُدَبِّر الله له أمره بحكمته وعلمه ورحمته، فيرضى بذلك ويسلِّم، ويطمئن إلى عدالة حكمه القويم، ومنهجه السالك السليم، لا يمزقه الهوى ولا تقوده الشهوات؟ |
﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيٓ أَعۡلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ مِنۡ عِندِهِۦ وَمَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ [القصص: 37]
جواب الأنبياء عن افتراء المعاندين الجهلاء مملوءٌ بالأدب الجمِّ، ونصاعة البرهان وحسن البيان، والثقة بالله والطُّمَأنينة إلى العاقبة الحسنة للحقِّ وأهله. من فضل الله تعالى على أهل الهدى أنه يوفِّقهم ويحسن عاقبتَهم؛ لأن الهدى هداه، والعاقبة له دون سواه. ما من امرئ إلا وهو يرجو حسن العاقبة، ولكن لا يبلغها إلا مَن عمل لها على النحو الذي يرضي مولاه جلَّ جلاله. من أعظم ما يطَمئن المؤمنين ويثبتهم على الحق في مواجهة الكافرين أن الله كتب الفلاح لهم، ونفى الفلاح عن أعدائهم الظالمين. |
﴿فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ ﴾ [القصص: 67]
أبعد الناسِ عن الفلاح أبعدُهم عن التوبة والإيمان والعمل الصالح. |
﴿وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوۡاْ مَكَانَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَقُولُونَ وَيۡكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُۖ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ﴾ [القصص: 82]
ليس بسطُ الرزق وتضييقه براجع إلى علم العباد أو جهلهم باكتساب الأرزاق، بل هو خاضع لمشيئة الله وحكمته. العالم العامل يعرف الفتنة حينما تُقبل، والجاهل لا يعرفها إلا حينما تدبر. كم دعوةٍ يُحزن صاحبَها أن الله تعالى لم يستجبها له! وما علمَ العبد الضعيف أن خِيرةَ الله خيرٌ له ممَّا يتمنَّاه لنفسه. لا فلاح مع الكفر، فلا يغترنَّ امرؤٌ بما أعطيه هؤلاء من عاجلة، فما أسرع زوالها! |
﴿فَـَٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [الروم: 38]
مَن يبسط الرزق ويقبِض، ويعطي ويمنع، وَفْقَ مشيئته هو مَن يبيِّن للناس الطريق الذي تَربو أموالهم فيه وتربح. العبرة بقصد المنفق لا بإنفاقه، فمَن أنفق جميعَ أمواله رياءً وتفاخرًا فلا فلاح له، ومَن أنفق القليل مُريدًا به وجهَ الله تعالى تقبَّله منه. لو أيقن العبد بأن صدقته تقع في كفِّ الرحمن فيربِّيها له، ويثيبه عليها؛ لذهب كثيرٌ من شحِّ النفوس، وإرادة غير وجه الله في العطاء. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [لقمان: 5]
لو آمن القلب بالآخرة حق الإيمان لراقب الله سبحانه وتعالى في سرِّه وعلانيته، مراقبةً تصل به إلى درجة الإحسان. |
﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنۡهُۖ وَيُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱللَّهِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]
النقيضان لا يجتمعان؛ فلا يكون المرء مؤمنًا صادقَ الإيمان حتَّى يُحبَّ في الله ويُبغضَ فيه، وإنَّ محبَّة الكفَّار والرضا عن فِعالهم يُناقض الإيمانَ ولوازمَه. إذا أردتَّ أن تعلمَ ما عندك من إيمان، فتأمَّل فيمَن تُوالي وتُعادي، وأين موقعُك من أهل الحقِّ وأهل الباطل. مَن ترك شيئًا لله عوَّضه خيرًا منه؛ فلمَّا تبرَّأ المؤمنون من أقرب المقرَّبين لمعاداتهم لله؛ عوَّضهم ربُّهم بالرضا عنهُم، وأرضاهم عنه بما أعطاهُم، من نعيم مُقيم، وفضل عَميم. مَن جعل ولاءه وبراءه في الله، ثبَّت الله قلبَه على الإيمان، وآتاه استقامةً في المنهج وبصيرةً نافذة يميِّز بها بين الحقِّ والباطل، حتى يلقى ربَّه وهو عنه راض. احرِص أن تكونَ من جُند الملك القويِّ الذي أحاط بجميع صفات الكمال والجلال؛ لتكونَ في فوز دائم، واجعل وُدَّك في الله ولا تخَف فيه لومةَ لائم. خالف هواك، واجعل رضا قرابتك في رضا مولاك، تفُز بمحبَّة الله ورضاه، ويبوِّئُك من الفردوس أعلاه. حزبُ الله ليس شعارًا يرفعه كلُّ مَن هبَّ ودبَّ، ولكنَّه شرفٌ لا يبلغُه إلا مَن استحقَّه بالتمسُّك بالكتاب والسنَّة، والبراءة من المحرِّفين المزوِّرين. |
﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]
سلفُ الأمَّة من المهاجرين الأوَّلين والأنصار المتَّقين هم خيرُ الناس، وما أحرانا أن نبَرَّهم؛ بالتنويه بشمائلهِم، والتأسِّي بسِيَرهِم. مَن استقام على الإيمان واليقين، غَدا الإيمان وطنَه ومستقرَّه الذي يأوي أبدًا إليه، ولا يجد السَّكينة إلا فيه. أَمارةُ صدق الإيمان حبُّ المؤمنين والحَدَبُ عليهم، والسعيُ في حوائجهم، ومواساتُهم بالنفس والمال. أنصارُ الله هم الذين يحبُّون أولياء الله وينصرونهم، دون نظر إلى حسَب أو نسَب أو منفعة ممكنة، وهكذا كان الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم. إن الشحَّ أشبهُ بعدوٍّ متربِّص بنفس الإنسان يتحيَّن غفلةً منه لينقضَّ عليه ويفتكَ به، وقد وعدَ الله مَن اتَّقاه بالفوز والفلاح. لمَّا كان الشحُّ مَجمَعَ رذائل، حذَّرَنا منه رسولُ الله ﷺ بقوله: «واتَّقوا الشحَّ، فإن الشحَّ أهلكَ من كان قبلكم، حملَهُم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم» نعوذ بالله منه. |
﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]
لمَّا كان الاشتغالُ بالدنيا عمومًا والتجارة خصوصًا مَظِنَّةَ الغفلة عن ذكر الله، أمرَنا سبحانه بالإكثار من الذِّكر؛ لتبقى أفئدتنا متعلِّقةً به دومًا. قال مجاهد: (لا يكون العبدُ من الذَّاكرين كثيرًا حتى يذكُرَه قائمًا وقاعدًا ومُضطجعًا). كان عِراكُ بن مالك رضي الله عنه إذا صلَّى الجمعةَ انصرف، فوقف عند باب المسجد فقال: (اللهم إني أجبتُ دعوتَك، وصلَّيت فريضتَك، وانتشرتُ كما أمرتني، فارزُقني من فضلك، وأنت خيرُ الرازقين). لا رهبانيَّةَ في الإسلام ولا غُلوّ، وهو دينُ الانضباط والتوازن، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ولا تطغَ بجانب على حساب جانب. |
﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ وَٱسۡمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنفِقُواْ خَيۡرٗا لِّأَنفُسِكُمۡۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16]
يتجلَّى لطفُ الله بعباده في أنه لا يشقُّ عليهم ولا يُعنتهم، ويرضى منهم ما يُطيقون من عمل في طاعته وتقواه. مَن تلقَّى أوامرَ الله تعالى ورسوله ﷺ باهتمام وتعظيم، كانت طاعتُه على بصيرة، وعن حبٍّ وانشراح صدر. حين يتيقَّن المسلم أنَّ ما يُنفقه في وجوه البِرِّ إنما هو إنفاقٌ لنفسه لا لغيره، فإنَّ ذلك يَحفِزُه إلى بذل المزيد؛ ليكونَ من الفائزين. يا لها من مرتبةٍ رفيعة؛ مرتبة التحرُّر من الأثَرة والبُخل، وتربية النفس على السَّخاء والبَذل، بأريحيَّة ونُبل. |
﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ﴾ [الأعلى: 14]
أعظم ما يُزكِّي النفوسَ كثرةُ الصلاة وذكر الله، فكلَّما ذكر العبدُ اسمَ الله اتَّعظ وأقبل على ربِّه، وذلك هو الفلاحُ العظيم. |
﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ﴾ [الشمس: 9]
لو أنَّ شخصًا ثقة أقسم قسَمًا لصدَّقناه، وإنَّ ربَّنا بجلاله قد أقسم أحدَ عشرَ قسَمًا أنَّ الفلاح والنجاح لمَن طهَّر نفسَه من المعاصي وزكَّاها بالطَّاعات، أفلا نكون منهم؟! إنَّ الخيبة والإخفاق حليفان لكلِّ مَن حَقَر نفسَه وحجَبَها عن ضياء الوحيِ ونور الحقِّ، بإقامته على المعاصي واستمرائه الآثام. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
النصب والاحتيال اسم الله الرحمن صلاة الخوف عزير الذي أماته الله مئة عام الأنبياء بشر مثلنا حكم التجارة الدين أهمية الصلاة اسم الله الرؤوف النهي عن سب الكفار
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب