كيف قسمت غنائم خيبر - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب كيف قسمت غنائم خيبر

عن ابن عمر قال: قسم رسول الله ﷺ يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهمًا.
قال: فَسَّرَه نافع فقال: إذا كان مع الرّجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن فرس فله سهم.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٢٨) ومسلم في الجهاد والسير (٥٧: ١٧٦٢) كلاهما من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: فذكره. والسياق للبخاري، وليس في مسلم قول عبيد الله.
عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفّان إلى النَّبِيّ ﷺ فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر، وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك؟ فقال: «إنَّما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد».
قال جبير: ولم يقسم النَّبِيّ ﷺ لبني عبد شمس، وبني نوفل شيئًا.

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٢٩) عن يحيى بن بكير، حَدَّثَنَا اللّيث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن جبير بن مطعم أخبره فذكره.
عن أبي موسى قال: قدّمنا على النَّبِيّ ﷺ بعد أن افتتح خيبر، فقسم لنا، ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٣٣) ومسلم في فضائل الصّحابة (١٦٩: ٢٥٠٢) كلاهما من طريق بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن ابن عباس قال: فذكره. والسياق للبخاري، وسياق المسلم أطول.
وقوله: «ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا» أراد أبو موسى أنه لم يسهم لأحد لم يشهد الوقعة من غير استرضاء أَحدٍ من الغانمين إِلَّا لأصحاب السفينة، وأمّا أبو هريرة وأصحابه فلم يعطهم إِلَّا عن طيب خواطر المسلمين.
فتح الباري (٧/ ٤٨٩)
عن عمر بن الخطّاب قال: أما والذي نفسي بيده! لولا أن أترك آخر الناس بَبَّانًا ليس لهم شيء ما فُتحتْ عليّ قرية إِلَّا قسمتها كما قسم النَّبِيّ ﷺ خيبر، ولكن أتركها خزانة لهم يقتسمونها.

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٣٥) عن سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني زيد (هو ابن أسلم) عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: فذكره.
قوله: «ببان» هو المعدم الذي لا شيء له.
عن عبد الرحمن بن غنم قال: رابطنا مدينة (قنسرين) مع شرحبيل بن السمط، فلمّا فتحها، أصاب فيها غنمًا وبقرًا، فقسم فينا طائفة منها، وجعل بقيتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل فحدثته؟ فقال معاذ: غزونا مع رسول الله ﷺ خيبر، فأصبنا فيها غنمًا، فقسم فينا رسول الله ﷺ طائفة وجعل بقيتها في المغنم.

حسن: رواه أبو داود (٢٧٠٧) - ومن طريقه البيهقيّ (٩/ ٦٠) - عن محمد بن المصفى، حَدَّثَنَا محمد بن المبارك، عن يحيى بن حمزة، حَدَّثَنَا أبو عبد العزيز - شيخ من أهل الأردن - عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن المصفي وأبي عبد العزيز (وهو يحيى بن عبد العزيز) فإنهما حسنا الحديث.
عن سهلٍ بن أبي حثمة، قال: قسم رسول الله ﷺ خيبر نصفين: نصفًا لنوائبه وحاجته، ونصفًا بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهمًا.

صحيح: رواه أبو داود (٣٠١٠) عن الربيع بن سليمان المؤذن، حَدَّثَنَا أسد بن موسى، حَدَّثَنَا يحيى بن زكريا، حَدَّثَنِي سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة فذكره.
إسناده صحيح إِلَّا أنه اختلف على يحيى بن سعيد وهو الأنصاري، فرواه سفيان عنه عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة، ورواه أبو شهاب، عنه عن بشير بن يسار، أنه سمع نفرًا من أصحاب النَّبِيّ ﷺ قالوا: فذكر هذا الحديث، قال: فكان النصف سهام المسلمين، وسهم رسول الله ﷺ وعزل النصف للمسلمين لما ينوبه من الأمور والنوائب.
ورواه محمد بن فضيل عنه، عن بشير بن يسار مولى الأنصار، عن رجال من أصحاب النَّبِيّ ﷺ أن رسول الله ﷺ لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله ﷺ وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس.
ورواه أبو خالد - يعني سليمان بن حيان، عنه عن بشير بن يسار مرسلًا، قال: لما أفاء الله على نبيه ﷺ خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل سهم مائة سهم، فعزل نصفها لنوائبه، وما ينزل به: الوطيحة والكتيبة وما أُحيز معهما، وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين: الشق والنطاة وما أُحيز معهما، وكان سهم رسول الله ﷺ مما أحيز معهما.
وكذلك رواه سليمان بن بلال عنه، عن بشير بن يسار مرسلًا. أن رسول الله ﷺ، لما أفاء الله عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهمًا جمعًا، فعزل للمسلمين الشطر: ثمانية عشر سهما يجمع كلَّ سهم مائة، النبيُّ ﷺ معهم، له سهم كسهم أحدهم، وعزل رسول الله ﷺ ثمانية عشر سهما - وهو
الشطر - لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها، فلمّا صارت الأموال بيد النَّبِيّ ﷺ والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها، فدعا رسول الله ﷺ اليهود فعاملهم.
وهذه الطرق كلها رواها أبو داود، وهي لا تُعِلّ من رفعه، وإنما تفسره، فإذا جمعت هذه الروايات وغيرها يتضح كيف كان تقسيم غنائم خيبر، وإليه يشير الخطّابي بقوله: فيه من الفقه أن الأرض إذا غنمت قسمت كما يقسم المتاع والخرثي، لا فرق بينها وبين غيرها من الأموال. والظاهر من أمر خيبر أن رسول الله ﷺ فتحها عَنوة، وإذا فتحها عَنوة فهي مغنومة، وإذا صارت غنيمة فإنما حصته من الغنيمة خمس الخمس وهو سهمه الذي سماه الله تعالى في قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١] فكيف يكون له النصف منها أجمع حتَّى يصرفه في حوائجه ونوائبه على ظاهر ما جاء في الحديث. قلت (القائل الخطّابي): وإنما يشكل هذا على من لا يشبع طرق الأخبار المروية في فتوح خيبر حتَّى يجمعها ويرتبها، فمن فعل ذلك تبين أمر صحة هذه القسمة من حيث لا يشكل معناه. وبيان ذلك: أن خيبر كانت لها قرى وضياع خارجة عنها منها الوطيحة والكتيبة والشق والنطاة والسلاليم وغيرها من الأسماء، فكان بعضها مغنوما وهو ما غلب عليها رسول الله ﷺ كان سبيلها القسم، وكان بعضها فيئًا، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكان خاصًا لرسول الله ﷺ يضعه حيث أراه الله تعالى من حاجته ونوائبه ومصالح المسلمين، فنظروا إلى مبلغ ذلك كله فاستوت القسمة فيها على النصف والنصف، وقد بين ذلك الزهري.
وأمّا حديث الزهري فهو ما رواه أيضًا أبو داود (٣٠١٦) وغيره مرسلًا عن محمد بن إسحاق، عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله ﷺ أن يحقن دماءهم ويُسَيِّرهُم، ففعل، فسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، فكانت لرسول الله ﷺ خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
ورواه أيضًا مالك عن الزهري: أن سعيد بن المسيب أخبره: أن رسول الله ﷺ افتتح بعض خيبر عَنوة.
قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين - وأنا شاهد - أخبركم ابن وهب، حَدَّثَنِي مالك، عن ابن شهاب: أن خيبر كان بعضها عنوة، وبعضها صلحًا، والكتيبة أكثرها عنوة، وفيها صلح.
قلت لمالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق.
ورواه يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: خمّس رسول الله ﷺ خيبر، ثمّ قسم سائرها على من شهدها ومن غاب عنها من أهل الحديبية.
وهذه المراسيل تقويها الأحاديث المرفوعة.
قال الواقدي: وتحولت اليهود إلى قلعة الزُّبير - حصن منيع في رأس قلة - فأقام رسول الله ﷺ
ثلاثة أيام، فجاء رجل من اليهود يقال له: عزال فقال: يا أبا القاسم، إنك لو أقمت شهرًا ما بالوا، إن لهم شرابًا وعيونًا تحت الأرض، يخرجون بالليل فيشربون منها، ثمّ يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك. فسار رسول الله ﷺ إلى مائهم فقطعه عليهم، فلمّا قطع عليهم، خرجوا، فقاتلوا أشد القتال، وقتل من المسلمين نفر، وأصيب نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله ﷺ، ثمّ تحول رسول الله ﷺ إلى أهل الكتيبة والوطيح والسلالم حصن ابن أبي الحقيق، فتحصن أهله أشد التحصن، وجاءهم كل فل كان انهزم من النطاة والشق، فإن خيبر كانت جانبين الأوّل: الشق والنطاة، وهو الذي افتتحه أولا، والجانب الثاني: الكتيبة والوطيح والسلالم، فجعلوا لا يخرجون من حصونهم حتَّى هم رسول الله ﷺ أن ينصب عليهم المنجنيق، فلمّا أيقنوا بالهلكة وقد حصرهم رسول الله ﷺ أربعة عشر يومًا، سألوا رسول الله ﷺ الصلح، وأرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله ﷺ: أنزل فأكلمك؟ فقال رسول الله ﷺ: «نعم»، فنزل ابن أبي الحقيق فصالح رسول الله ﷺ على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله ﷺ وبين ما كان لهم من مال وأرض وعلى الصفراء والبيضاء والكراع والحلقة، إِلَّا ثوبًا على ظهر إنسان. فقال رسول الله ﷺ: «وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئًا». فصالحوه على ذلك.
لكن يرى الحافظ ابن القيم في زاده (٣/ ٣٢٨ - ٣٢٩) وقبله الحافظ ابن عبد البر في الدرر ص ٢١٤ بأن خيبر كلها فتحت عنوة، وأن رسول الله ﷺ استولى على أرضها كلها بالسيف عنوة، ولو فتح شيء منها صلحًا لم يُجلهم رسول الله ﷺ منها، فإنه لما عزم على إخراجهم منها قالوا: نحن أعلم بالأرض منكم دعونا نكون فيها، ونعمرها لكم بشطر ما يخرج فيها، وهذا صريح جدًّا في أنها إنّما فتحت عنوة: وقد حصل بين اليهود والمسلمين من الحرب والمبارزة والقتل من الفريقين ما هو معلوم، ولكنهم لما ألجئوا إلى حصنهم، نزلوا على الصلح الذي ذكر أن لرسول الله ﷺ الصفراء والبيضاء، والحلقة والسلاح، ولهم رقابهم وذريتهم ويجلوا من الأرض، فهذا كان الصلح ولم يقع بينهم صلح أن شيئًا من أرض خيبر لليهود ولا جرى ذلك البتة، ولو كان كذلك لم يقل نقركم ما شئنا، فكيف يقرهم على أرضهم ما شاء، ولما كان عمر أجلاهم كلّهم من الأرض ولم يصالحهم أيضًا على أن الأرض للمسلمين وعليها خراج يؤخذ منهم هذا لم يقع فإنه لم يضرب على خيبر خراجًا البتة. فالصواب الذي لا شك فيه: أنها فتحت عنوة والإمام مخير في أرض العنوة بين قسمها ووقفها، أو قسم بعضها ووقف البعض، وقد فعل رسول الله ﷺ الأنواع الثلاثة، فقسم قريظة والنضير ولم يقسم مكة، وقسم شطر خيبر وترك شطرها. انتهى كلام ابن القيم.
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام بِنْتَ النَّبِيِّ ﷺ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ
خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَة، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ هَذَا الْمَالِ» وَإنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيئًا مِن صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَن حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشتْ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ، دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْه حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا، وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضرِ عُمَرَ. فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ! لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي؟ وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ، وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَصِيبًا. حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَصنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ لأَبِي بَكْر: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ، وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: أَصَبْتَ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٤١، ٤٢٤٠) ومسلم في الجهاد والسير (٥٢: ١٧٥٩) كلاهما من طريق اللّيث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: فذكرته.
وفي الباب عن رجل من أصحاب النَّبِيّ ﷺ حدَّثه قال: لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمهم من المتاع والسبي، فجعل الناس يتبايعون غنائمهم، فجاء رجل حين صلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله لقد ربحت ربحًا ما ربح اليوم مثله أحد من أهل هذا الوادي. قال: «ويحك وما
ربحت؟» قال: ما زلت أبيع وأبتاع، حتَّى ربحت ثلاث مائة أوقية، فقال رسول الله ﷺ: «أنا أنبئك بخير رجل ربح» قال: ما هو يا رسول الله؟ قال: «ركعتين بعد الصّلاة».
رواه أبو داود (٢٧٨٥) ومن طريقه البيهقيّ (٦/ ٣٣٢) عن الربيع بن نافع، حَدَّثَنَا معاوية - يعني ابن سلّام - عن زيد، يعني ابن سلّام أنه سمع أبا سلّام يقول: حَدَّثَنِي عبيد الله بن سلمان أن رجلًا من أصحاب النَّبِيّ ﷺ حدَّثه فذكره.
وفي إسناده عبيد الله بن سلمان، لم يرو عنه سوى أبي سلّام الأسود، ولم يوثقه أحد، فهو مجهول، وكذا قال أيضًا الحافظ ابن حجر في «التقريب».
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ بالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا، وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ - إِمَّا قَالَ: بِضْعٌ وِإمَّا قَالَ: فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنينِ وَخَمْسِينِ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَة، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفرَ بْنَ أَبِي طَالِب فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ ﷺ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا، - يَعْنِي لأَهْلِ السَّفِينَةِ - سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ: الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ، الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. قَالَ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارٍ - أَوْ فِي أَرْضِ - الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللهِ وَفِي رَسُولِهِ ﷺ وَايْمُ اللَّهِ، لَا أَطْعَمُ طَعَامًا، وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ. فلمّا جاء النَّبِيّ ﷺ قالت: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا؟ قال: «فما قلت له؟» قالت: قلت له: كذا وكذا، قال: «ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان» قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا، يسألونني عن هذا الحديث، ما من الدُّنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النَّبِيّ ﷺ. قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٣١، ٤٢٣٥) ومسلم في فضائل الصّحابة (١٦٩: ٢٥٠٣، ٢٥٥٢) كلاهما عن محمد بن العلاء، حَدَّثَنَا أبو أسامة، حَدَّثَنِي بريد بن عبد الله عن
أبي بردة، عن أبي موسى قال: فذكره.
عن أبي هريرة قال: أتيت رسول الله ﷺ وهو بخيبر بعد ما افتتحوها فقلت: يا رسول الله! أسهم لي، فقال بعض بني سعيد بن العاص: لا تسهم له يا رسول الله! فقال أبو هريرة: هذا قاتل ابن قوقل، فقال ابن سعيد بن العاص: واعجبًا لوبر تدلى من قدوم ضأن، ينعى عليّ قتل رجل مسلم أكرمه الله على يدي، ولم يُهِنِّي على يديه، قال: فلا أدري أسهم له أم لم يسهم له.

صحيح: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٨٢٧) عن الحميدي، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا الزّهري، قال: أخبرني عنبسة بن سعيد، عن أبي هريرة قال: فذكره.
«ابن قوقل» اسمه النعمان بن مالك بن ثعلبة وقوقل لقب ثعلبة، استشهد يوم أحد.
«بعض بني سعيد بن العاص» هو أبان بن سعيد.
قوله: «لوبر تدلى علينا من قدوم ضأن» الوبر: دابة صغيرة كالسنور وحشية، أراد أبان بهذا تحقير أبي هريرة.
«وتدلى» كأنه يقول: تهجم علينا بغتة.
«وقدوم ضأن» أي طرف ضأن وأمّا الضأن فقيل: هو رأس الجبل لأنه في الغالب مرعى الغنم، وميل: هو بغير همز، جبل لدوس قوم أبي هريرة.
وجاء في رواية باللام، الضال بدل النون ومعناه السدر البري.
قوله: «أكرمه الله على يدي ..» يعني أن النعمان بن مالك بن قوقل استشهد بيد أبان فأكرمه الله بالشهادة، ولم يقتل أبان على كفره فيدخل النّار وهو المراد بالإهانة، بل عاش أبان حتَّى تاب وأسلم.
قوله: «لا أدري أسهم له أم لم يسهم له» القائل هو ابن عيينة.
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ بعث أبان بن سعيد بن العاص على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان بن سعيد وأصحابه على رسول الله ﷺ بخيبر بعد أن فتحها، وإن حزم خيلهم ليف، فقال أبان: اقسم لنا يا رسول الله، قال أبو هريرة: فقلت: لا تقسم لهم يا رسول الله، فقال أبان: أنت بها يا وبر تحدر علينا من رأس ضال، فقال النَّبِيّ ﷺ: «اجلس يا أبان» ولم يقسم لهم رسول الله ﷺ.

حسن: رواه أبو داود في الجهاد (٢٧٢٣) عن سعيد بن منصور وهو في سننه (٢/ ٢٨٥) حَدَّثَنَا إسماعيل بن عَيَّاش، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزّهري، أن عنبسة بن سعيد أخبره أنه سمع
أبا هريرة يحدّث: سعيد بن العاص أن رسول الله ﷺ بعث: فذكره. ومن طريق أبي داود البيهقيّ في الكبرى (٦/ ٣٣٤).
ورواه البخاريّ في المغازي (٤٢٣٨) معلقًا عن الزبيدي، عن الزهري به.
وإسناده حسن من أجل إسماعيل بن عَيَّاش فإنه حسن الحديث في روايته عن أهل بلده، وهذا منها.
كذا في رواية الزبيدي: أنه لم يسهم له بدون شك، ولكن الثابت في كتب السير والمغازي أن النَّبِيّ ﷺ أعطى أبا هريرة وبعض الدوسيين من المغانم برضى الغانمين، كما أن في هذه الرواية أن أبا هريرة هو السائل أن يقسم له، وأن أبان هو الذي أشار بمنعه، وفي رواية الزبيدي أن أبان هو الذي سأل، وأن أبا هريرة هو الذي أشار بمنعه، وقد رجّح الذهلي رواية الزبيدي، ويؤيد ذلك وقوع التصريح في روايته بقول النَّبِيّ ﷺ: «يا أبان اجلس» ولم يقسم لهم، ويحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون كل من أبان وأبي هريرة أشار أن لا يقسم للآخر، ويدل عليه أن أبا هريرة احتج على أبان بأنه قاتل ابن قوقل، وأبان احتج على أبي هريرة بأنه ليس ممن له في الحرب يد. يستحق بها النفل، فلا يكون فيه قلب. الفتح (٧/ ٤٩٢ - ٤٩٣).
قال الأعظمي: ويجوز للإمام أن يعطي بعض الناس الذين لم يشاركوا القتال تطييبًا لخاطرهم وتأليفا لقلوبهم كما فعل رسول الله ﷺ جمع أصحاب السفينة جعفر وأصحابه. وكما أعطى أبا هريرة رضى الله عنه.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 285 من أصل 659 باباً

معلومات عن حديث: كيف قسمت غنائم خيبر

  • 📜 حديث عن كيف قسمت غنائم خيبر

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ كيف قسمت غنائم خيبر من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث كيف قسمت غنائم خيبر

    تحقق من درجة أحاديث كيف قسمت غنائم خيبر (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث كيف قسمت غنائم خيبر

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث كيف قسمت غنائم خيبر ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن كيف قسمت غنائم خيبر

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع كيف قسمت غنائم خيبر.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب