قسم رسول الله ﷺ فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم

حديث: قسم رسول الله ﷺ فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم

عن عبد الرحمن بن غنم قال: رابطنا مدينة (قنسرين) مع شرحبيل بن السمط، فلمّا فتحها، أصاب فيها غنمًا وبقرًا، فقسم فينا طائفة منها، وجعل بقيتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل فحدثته؟ فقال معاذ: غزونا مع رسول الله ﷺ خيبر، فأصبنا فيها غنمًا، فقسم فينا رسول الله ﷺ طائفة وجعل بقيتها في المغنم.

حسن: رواه أبو داود (٢٧٠٧) - ومن طريقه البيهقيّ (٩/ ٦٠) - عن محمد بن المصفى، حَدَّثَنَا محمد بن المبارك، عن يحيى بن حمزة، حَدَّثَنَا أبو عبد العزيز - شيخ من أهل الأردن - عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكرتَه رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، وهو حديث صحيح. وهو من الأحاديث التي تُبيّن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم، وتوضح حكمة التشريع الإسلامي.

أولاً. شرح المفردات:

● رابطنا: أي حاصرنا وثبتنا فيها للجهاد.
● مدينة قنسرين: هي مدينة قديمة شهيرة في شمال الشام، بين حلب وأنطاكية، كانت من أمهات مدن المنطقة.
● شرحبيل بن السمط: هو شرحبيل بن السمط الكندي، صحابي جليل، كان أميرًا على جيش المسلمين في تلك الغزوة.
● لمّا فتحها: عندما انتصر المسلمون عليها وتمكنوا منها.
● أصاب فيها غنمًا وبقرًا: غنم المسلمون قطعانًا من الأغنام والأبقار.
● قسم فينا طائفة منها: وزع علينا جزءًا منها مباشرة كعطاء.
● وجعل بقيتها في المغنم: وأدخل الجزء الباقي في مجموع الغنائم الرئيسي ليقسم حسبما أمر الله في القرآن.
● لقيت معاذ بن جبل: قابلت الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهو من كبار فقهاء الصحابة.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي عبدالرحمن بن غنم رضي الله عنه عن واقعة حصلت معهم أثناء فتح مدينة قنسرين في بلاد الشام، حيث كانوا مرابطين تحت إمرة القائد شرحبيل بن السمط.
بعد أن منّ الله عليهم بفتح المدينة، غنموا قطعانًا من الأغنام والأبقار. هنا، قام القائد شرحبيل بفعلٍ حكيم: قسم جزءًا من هذه الأنعام مباشرة بين المجاهدين الذين شاركوا في القتال، كعطاء مباشر يشجعهم ويرفع من معنوياتهم، بينما أدخل الجزء الأكبر منها في "المغنم العام"، أي في مجموع الغنائم الكلي الذي سيُقسّم لاحقًا وفقًا للأنظمة الشرعية التي حددها الله في سورة الأنفال.
عبدالرحمن بن غنم، وهو فقيه ومحدث، لاحقًا قابل الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه وأخبره بما فعل قائدهم. فرد عليه معاذ موافقًا ومؤيدًا هذا الفعل، وحكى له أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل نفس الشيء تمامًا في غزوة خيبر. فقد غنموا غنمًا، فقسم النبي صلى الله عليه وسلم جزءًا منها بين الصحابة مباشرة، وجعل الباقي في المغنم العام ليقسمه على الأسهم الخمسة المذكورة في القرآن.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- شرعية إعطاء العطاء من الغنيمة قبل القسمة: يبيّن الحديث جواز أن يعطي الإمام أو القائد جزءًا من الغنيمة للمجاهدين كعطاء تشجيعي قبل أن تتم القسمة النهائية وفقًا للأنصبة الشرعية. وهذا من حكمة القيادة ومرونتها لتحفيز الجنود ورفع روحهم المعنوية.
2- اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم: فعل الصحابي شرحبيل بن السمط كان تطبيقًا عمليًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها معاذ، مما يدل على حرص الصحابة رضوان الله عليهم على تطبيق ما تعلموه من النبي في كل صغيرة وكبيرة.
3- الحكمة في القيادة والإدارة: الإسلام يمنح القائد صلاحية التصرف بما فيه مصلحة المسلمين والجيش، ضمن الضوابط الشرعية. تقسيم جزء بسيط كهدية أو عطاء مباشر هو تصرف حكيم يزيد من تماسك الصف وروح الجهاد.
4- أهمية مشورة العلماء: عندما استشكل عبدالرحمن بن غنم الأمر أو أراد التأكد من صحته، لم يتردد في سؤال عالمٍ كبيرٍ مثل معاذ بن جبل. وهذا دليل على وجوب الرجوع إلى أهل العلم في الأمور الشرعية.
5- بيان هدي النبي في الغنائم: يؤكد الحديث أن القسمة الكاملة للغنائم وفقًا للأنصبة (الخمس لأهله والأربعة أخماس للمقاتلين) هي الأصل، ولكن لا مانع من تقديم عطاء جزئي قبل ذلك إذا رأى القائد فيه مصلحة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الفعل (إعطاء جزء قبل القسمة) يسمى في كتب الفقه "العتق" أو "النفل".
- اتفق جمهور العلماء على جواز هذا الفعل للإمام إذا رأى فيه مصلحة راجحة للجيش الإسلامي.
- غزوة خيبر التي ذكرها معاذ كانت في السنة السابعة للهجرة، وكانت من الغزوات العظيمة التي غنم فيها المسلمون غنائم كثيرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٧٠٧) - ومن طريقه البيهقيّ (٩/ ٦٠) - عن محمد بن المصفى، حَدَّثَنَا محمد بن المبارك، عن يحيى بن حمزة، حَدَّثَنَا أبو عبد العزيز - شيخ من أهل الأردن - عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن المصفي وأبي عبد العزيز (وهو يحيى بن عبد العزيز) فإنهما حسنا الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 554 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قسم رسول الله ﷺ فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم

📜 حديث: قسم رسول الله ﷺ فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قسم رسول الله ﷺ فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قسم رسول الله ﷺ فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قسم رسول الله ﷺ فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية