تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ما جاء في تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذَّن فهو يقيم

عن أنس بن مالك قال: أمر بلال أن يشفعَ الأذانَ، وأن يُوتر الإقامة إلا الإقامة.

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٦٠٥) ومسلم في الصلاة (٣٧٨) كلاهما من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس فذكره، وبعض طرق الحديث مضى في بدء الأذان.
عن ابن عمر قال: إنما كان الأذان على عهد رسول الله ﷺ مرتين مرتين، والاقامة مرةً مرةً غير أنه يقول: قد قامتِ الصلاة، قد قامت الصلاة، فإذا سمعنا الإقامة توضأنا، ثم خرجنا إلى الصلاة.

حسن: رواه أبو داود (٥١٠)، والنسائي (٦٢٨) كلاهما من حديث شعبة، قال: سمعتُ أبا جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى، عن ابن عمر فذكر الحديث، وصححه ابن خزيمة (٣٧٤).
قال شعبة: لم اسمع من أبي جعفر غير هذا الحديث.
وفي رواية عند النسائي (٦٦٩) عن شعبة قال: سمعت أبا جعفر مؤذن مسجد العريان، عن أبي المثنى مؤذن مسجد الجامع قال: سألت ابن عمر عن الأذان فذكر الحديث.
وأبو جعفر هو: محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى المؤذن، وقد ينسب لجد أبيه ولجد جده وهو حسن الحديث، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال الدارقطني: بصري يحدث عن جده ولا بأس بهما، وقال ابن عدي: ليس له من الحديث إلا البير، ومقدار ما له لا يتبيَّن صدقُه
من كذبه، وقال فيه الحافظ: «صدوق يخطئ» ومثله يحسن حديثه.
وأما جده: فمسلم بن مهران بن المثنى وقد ينسب إلى جده فقد وثَّقه أبو زرعة وغيره، وجعله الحافظ في مرتبة «ثقة».
هذا هو الصحيح الثابت من تثنية الأذان، وإفراد الإقامة إلا قوله: «قد قامت الصلاة»، فيكرَّر مرتين، وصححه أيضًا الحاكم (١/ ١٩٨) إلا أنه أخطأ في تعيين أبي جعفر فقال: هو عمير بن يزيد بن حبيب الخطمي.
والصواب هو: محمد بن إبراهيم بن مسلم كما ذكرت.
وهو مؤذن العريان، والخطْمي لم يعرف بأنه مؤذن العريان.
وأما ما رواه أبو داود (٥٠٧) من حديث المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال، وساق نص الحديث بطوله، واقتصَّ ابن المثنى منه قصة صلاتهم نحو بيت المقدس فقط، قال: الحال الثالث أن رسول الله ﷺ قدم المدينة فصلى - يعني نحو بيت المقدس - ثلاثة عشر شهرًا، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: ١٤٤] فوجهَّه الله تعالى إلى الكعبة، وتم حديثه، وسمي نصرٌ صاحب الرؤيا قال: فجاء عبد الله بن زيد رجلٌ من الأنصار، وقال فيه: فاستقبل القبلة قال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة، مرتين، حيَّ على الفلاح، مرتين، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم أمهل هنيَّةً، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه قال: زاد بعدما قال: «حيَّ على الفلاح»: «قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة»، قال: فقال رسول الله ﷺ: «لقنها بلالا» فأذن بها بلال. ورواه أيضًا شعبة، عن عمرو بن مرَّة، قال: سمعت ابن أبي ليلى.
/ح/ وحدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، سمعت ابن أبي ليلى قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله ﷺ قال: «لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين، أو [قال] المؤمنين، واحدة، حتى لقد هممت أن أَبُثَّ رجالا في الدور يُنادون الناس بحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر رجالًا يقومون على الآطام يُنادون المسلمين بحين الصلاة، حتى نقسوا أو كادوا أن ينقُسوا».
قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله! إني لما رجعت لِما رأيت من اهتمامك رأيت رجلا كأن عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد فأذن، ثم قعد قعْدة، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: «قد قامت الصلاة»، ولولا أن يقول الناس - قال ابن المثنى: أن تقولوا - لقلت:
إني كنت يقظانًا غير نائم، فقال رسول الله ﷺ، وقال ابن المثنى: «لقد أراك الله عز وجل خيرًا» ولم يقل عمرو: «لقد أراك الله خيرًا» فمُر بلالًا فليؤذن، قال: فقال عمر: أما إني قد رأيت مثل الذي رأى، ولكني لما سُبقت استحييت، قال: وحدثنا أصحابنا، قال: وكان الرجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته، وأنهم قاموا مع رسول الله ﷺ من بين قائم وراكع وقاعد ومُصلٍّ مع رسول الله ﷺ، قال ابن المثنى: قال عمرو: وحدثني بها حصين، عن ابن أبي ليلى: حتى جاء معاذ قال شعبة: وقد سمعتها من حُصين، فقال: لا أراه على حال، إلى قوله: «كذلك فافعلوا».
فقد قال البيهقي في «المعرفة» (٢/ ٢٥٧): «حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى في رؤيا عبد الله بن زيد الأذان والإقامة مثنى مثنى، وقول النبي ﷺ: عَلِّمها بلالًا، وحكاية عبد الرحمن أذان بلال وإقامته في بعض الروايات عنه، حديث مختلف فيه على عبد الرحمن، فروي عنه، عن عبد الله بن زيد، وروي عنه قال: حدثنا أصحاب محمد، أن عبد الله بن زيد، وروي عنه، عن معاذ بن جبل في قصة عبد الله بن زيد، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، ولا من عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب الأذان، فغير جائز أن يُحتج بخبرٍ غير ثابتٍ على أخبار ثابتةٍ».
قال البيهقي: وكما لم يسمع منهما لم يسمع من بلال، ولا أدرك أذانه وقال: إن عبد الرحمن بن أبي ليلى وُلد لِسِتٍّ بقين من خلافة عمر، ومعاذ بن جبل مات بعمواس عام الطاعون بالشام في خلافة عمر، وتوفي بلال بدمشق سنة عشرين، فصحَّ بهذا كله انقطاع حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى كما قال الشافعي.
ثم قال البيهقي: والترجيح بالزيادة إنما يجوز بعد ثبوت الزيادة، وقد ذكرنا ضعْف رواية من روي في قصة تثنية الإقامة، ثم حديث أنس بن مالك الذي قد اتفق أهل العلم بالحديث على صحته، وحديث ابن عمر فيه دلالة على أن الأمر صار إلى إفراد الإقامة، إن كانت مثنى قبل ذلك. انتهى كلام البيهقي باختصار.
وفيه رد لمن يجعل حديث أبي محذورة هذا ناسخًا لحديث أنس بن مالك؛ لأن حديث بلال كان أول ما شرع الأذان، وحديث أبي محذورة كان عام حنين، وبينهما عدة مديدة فقالوا: حديث ضعيف لا يصلح أن يكون ناسخًا لحديث صحيح، أو أقوى منه، لأن من شرط النسخ أن يكون الناسخ أقوى من المنسوخ، ويمنع الجمع بينهما، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن لفظة: «تثنية الإقامة» غير محفوظة في حديث أبي محذورة، إذ حديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس بوجه من الوجوه، بل الصحيح الثابت عن أبي محذورة عكس هذا الحديث وهو أن النبي ﷺ أمره أن يشفع الأذان ويُوتر الإقامة.
ثم إن حديث أبي محذورة وإن كان وقع بعد فتح مكة، فقد رجع النبي ﷺ إلى المدينة، وأقرَّ بلالًا على أذان عبد الله بن زيد، أخرج الحازمي في كتابه «الناسخ والمنسوخ» من طريق أبي بكر
الخلال، أخبرني محمد بن علي، أنبأنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل: أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد، لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد رجع النبي إلى المدينة فأقر بلالًا على أذان عبد الله بن زيد؟ وبالإسناد قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، قال: ناظرت أبا عبد الله في أذان أبي محذورة، فقال: نعم، قد كان أبو محذورة يؤذن، ويثبت تثنية أذان أبي محذورة، ولكن أذان بلال هو آخر الأذان. انتهى.
انظر «نصب الراية» (١/ ٢٧٣).
وأما ما رواه أبو داود وابن ماجه من طريق همام بن يحيى، عن عامر الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة قال: علَّمني رسول الله ﷺ الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة فقد سبق ذكره وتضعيفه في باب الترجيع في الأذان.
هذه من أصح ما ورد في تثنية الإقامة، وقد رأيت ما فيه من ضعف، فما بال دون هذه فإنها كلها معلولة من انقطاع وإرسال ووقف، انظر في ذلك ما ذكره الزيلعي في نصب الراية (١/ ٢٧٠)، والحافظ في الدراية (١/ ١١٠).
وأما ما رُوي مرفوعًا: «من أذَّن فهو يقيم» فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٥١٤)، والترمذي (١٩٩)، وابن ماجه (٧١٧) كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن زياد بن نُعيم، عن زياد بن الحارث الصدائي قال: كنت مع رسول الله ﷺ في سفر فأمرني فأذَّنتُ، فأراد بلال أن يقيم فقال رسول الله ﷺ: «إن أخا صداء قد أَذَّن، ومن أذَّن فهو يُقيم».
وعبد الرحمن بن زياد ضعيف عند أهل العلم. انظر: «المنة الكبرى» (١/ ٣٨٣).
قال الترمذي: حديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي، والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي، قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يُقَوِّي أمره ويقول: هو يقارب الحديث. انتهى.
وقال البيهقي في «السنن الكبري» (١/ ٣٩٩) وله شاهد من حديث ابن عمر في إسناده ضعف، ثم روي من طريق سعيد بن راشد المازني، ثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر أن النبي ﷺ كان في مسير له، فحضرت الصلاة فنزل القومُ، فطلبوا بلالًا فلم يجدوه، فقام رجل فأذَّن، ثم جاء بلال، فقال القوم: إن رجلًا قد أذَّن، فمكث القومُ هونًا، ثم إن بلالًا أراد أن يقيم، فقال له النبي ﷺ: مهلًا! يا بلال! فإنما يُقيم من أذّن».
قال البيهقي: تفرد به سعيد بن راشد وهو ضعيف. انتهى.
قال الأعظمي: ثم يعارض هذا ما رواه أبو داود (٥١٢) وأحمد (٤/ ٤٢) والبيهقي (١/ ٣٩٩) من طريق محمد بن عمرو الواقفي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن عمه عبد الله بن زيد أنه رأى الأذان في المنام، فأتى النبي ﷺ فذكر ذلك له، فأذَّن بلال، قال: وجاء عمي إلى النبي ﷺ فقال: يا
رسول الله! إني أرى الرؤيا، ويؤذّن بلال، قال: «فأقم أنت» فأقام عمي، ومحمد بن عمرو الواقفي ضعيف.
فتعارض حديثان ضعيفان فمن أخذ بحديث الصدائي وهو الشافعي قال: من أذَّن فهو يُقيم، وجعل حديث الصدائي ناسخًا لتأخره، وذهب أكثر أهل العلم منهم مالك وأبو حنيفة إلى جواز ذلك لحديث عبد الله بن زيد، انظر للمزيد: «المنة الكبرى» (١/ ٣٨٤).

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 38 من أصل 423 باباً

معلومات عن حديث: تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم

  • 📜 حديث عن تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم

    تحقق من درجة أحاديث تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع تثنية الأذان وإفراد الإقامة وأن من أذن فهو يقيم.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب