الخرور إلى السجود - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب الخرور إلى السجود
صحيح: رواه ابن خزيمة (٦٢٧)، والدارقطني (١٣٠٣)، والحاكم (١/ ٢٢٦)، وعنه البيهقيّ (٢/ ١٠٠)، والطحاوي في شرحه (١/ ٢٥٤)، كلّهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراورديّ، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وإسناده صحيح ورجاله ثقات، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال أيضًا: فأما القلب في هذا فإنه إلى حديث ابن عمر أميل لروايات في ذلك كثيرة عن الصّحابة والتابعين. انتهى.
وعلَّقه البخاريّ في صحيحه (قبل حديث: ٨٠٣)، وعزاه الحافظ لمن عزوت إليهم.
ولكن رُوي عن ابن عمر خلاف ذلك. روى ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه، ويرفع يديه إذا رفع قبل ركبتيه.
أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٦٣) عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن
عمر. إِلَّا أن إسناده ضعيف من أجل ابن أبي ليلى فإنه سيء الحفظ.
وأمّا ما جاء عن ابن عمر موقوفًا ومرفوعًا أنه قال: «إذا سجد أحدكم فليضع ركبتيه، فإذا رفع فليرفعهما، فإنَّ اليدين تسجدان كما يسجد الوجه» سيأتي تخريجه. فهو يدل على أن السجدة تكون بوضع اليدين على الأرض مثل وضع الوجه عليها.
فهذا لا يعارض المرفوع كما فهم البيهقيّ (٢/ ١٠٠، ١٠١) فقال عقب إخراج حديث الدراوردي: «والمشهور عن عبد الله بن عمر في هذا ما أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد المقرئ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حمّاد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال ... (فذكره).
ثمّ رواه من طريق إسماعيل ابن علية، عن أيوب بإسناده ورفعه قال: «إنَّ اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، فإذا رفعه فليرفعهما«وكذلك رواه أحمد بن سنان عن إسماعيل. والمقصود منه وضع اليدين في السجود، لا التقديم فيهما» انتهى.
فكأنه يقول: إن المرفوع الذي رواه الدراوردي المقصود منه هذا، لا تقديم وضع اليدين في السجود. ولكن المتبادر من السياقين أنهما يختلفان.
صحيح: رواه أبو داود (٨٤٠)، والنسائي (١٠٩١)، وأحمد (٨٩٥٥)، والدارقطنيّ، والبيهقي (٢/ ٩٩) كلّهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراورديّ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. وإسناده صحيح. محمد بن عبد الله بن الحسن هو المعروف بالنفس الزكية الهاشمي ثقة، وثَّقه النسائيّ وغيره.
وقد أعلَّ البعض بأن الدراوردي تفرّد به عن محمد بن عبد الله بن الحسن.
قال الأعظمي: ولا يضر تفرده فإنه ثقة، وقد تابعه في الجملة عبد الله بن نافع، عن محمد بن عبد الله بن الحسن به مختصرًا بلفظ: «يعمد أحدكم فيبرك في صلاته بركة الجمل» رواه أبو داود (٨٤١).
والنسائي (١٠٩٠)، والتِّرمذيّ (٢٦٩) كلّهم من هذا الطريق. وفيه استفهام إنكار.
وعبد الله بن نافع هو: ابن أبي نافع الصائغ، المخزومي مولاهم ثقة من رجال مسلم.
وأعله البخاريّ بالانقطاع فقال في ترجمة محمد بن عبد الله بن حسن في «التاريخ الكبير» (١/ ١٣٩): «محمد بن عبد الله بن حسن لا يتابع عليه، وقال: لا أدري أسمع من أبي الزّناد أم لا؟».
قال الأعظمي: قال ذلك بناء على شرطه المعروف وهو: معرفة اللقاء، ولكن الجمهور خالفوه فاكتفوا بمجرد إمكان اللقاء مع أمْنِ التدليس. ومحمد بن عبد الله بن حسين لم يعرف بالتدليس، وقد عاصر شيخه أبا الزّناد طويلًا فإنه مات سنة (١٤٥ هـ)، ومات شيخه سنة (١٣٠ هـ)، وكان عمره ثلاثًا
وخمسين سنة.
وبهذا صحَّ الحديث. وقد صحَّحه عبد الحق في الأحكام، وقال النوويّ في «المجموع» (٣/ ٤٢١): «إسناده جيد». وكذا قال أيضًا في الخلاصة (١٢٨٤) وقال: «ولم يضعفه أبو داود».
وقال الحافظ في «بلوغ المرام»: «هو أقوى من حديث وائل بن حجر» وهو الآتي.
ولكن أعلّه الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: بأنَّ هذا الحديث وقع فيه وهم من بعض الرواة؛ فإنَّ أوَّل الحديث يخالف آخره، فإنَّه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير؛ فإنَّ البعير إنّما يضع يديه أوَّلًا. ولمَّا علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبنا البعير في يديه، لا في رجليه. فهو إذا برك وضع ركبته أوَّلًا، فهذا هو المنهي عنه. ثمّ قال: وهو فاسدٌ لوجوهٍ:
أحدها: أنَّ البعير إذا برك فإنَّه يضع يديه أوَّلًا، وتبقى رجلاه قائمتين.
والثاني: أنَّ قولهم ركبنا البعير في يديه .. كلام لا يُعقل، ولا يعرفه أهل اللغة، وَإِنَّما الرُّكبة في الرجلين، وإن أُطلق على اللتين في يديه اسم الركبة فعلى سبيل التغليب.
والثالث: أنَّه لو كان كما قالوه ثقال: «فليبرك كما يبرك البعير»، وإنَّ أوَّل ما يمسُّ الأرض من البعير يداه.
ثمّ ذكر ابن القيم بقية الوجوه وهي عشرة في ترجيح حديث وائل بن حجر من عشرة وجوه، فانظرها. انظر زاد المعاد (١/ ٢٢٧).
وحديث وائل بن حجر هو: «رأيتٌ النَّبِيّ ﷺ إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه».
رواه أبو داود (٨٣٧) واللّفظ له، والتِّرمذيّ (٢٦٨)، والنسائي (١٠٨٩)، وابن ماجة (٨٨٢)، وابن خزيمة (٦٢٦)، والدارقطني (١٣٠٧)، والدارمي (١/ ٣٠٣) كلّهم من طرق عن يزيد بن هارون، نا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر فذكر مثله.
قال الترمذيّ: «حسن غريب، لا نعرف أحدًا رواه مثل هذا عن شريك وقال: روي همام، عن عاصم هذا مرسلًا، ولم يذكر فيه وائل بن حجر».
قال الأعظمي: شريك هو: ابن عبد الله النحفي صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، كذا في التقريب.
ولعلَّ هذا مما أخطأ فيه، ولذا قال الدَّارقطنيّ: «تفرّد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به»، ومثله قال أيضًا البخاريّ، وابن أبي داود، والبيهقيّ، بأن شريكًا تفرّد به.
وقال البيهقيّ (٢/ ٩٩): «هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضيّ، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلًا. هكذا ذكره البخاريّ وغيره من الحفاظ المتقدمين». انتهى. انظر أيضًا «التلخيص» (١/ ٢٥٤).
فإذا كان شريك لا يحتج به إذا انفرد، فكيف إذا خالف، فقد روى أصحاب عاصم بن كليب عنه صفة صلاة النَّبِيّ ﷺ وسبق ذكر بعضه، ولم يذكر أحد منهم ما ذكره شريك.
وللحديث طريق آخر وهو معلول أيضًا، رواه أبو داود (٨٣٩) وعنه البيهقيّ (٢/ ٩٨) عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه أن النَّبِيّ ﷺ فذكر صفة الصّلاة، وقال: «فلمّا سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه». وعبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئًا كما قال ابن معين والبخاري.
والطريق الآخر رواه شقيق قال: حَدَّثَنِي عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النَّبِيّ ﷺ فذكر مثله، وزاد: «وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه». وشقيق لا يعرف.
وكذلك ما رواه الدَّارقطنيّ (١٣٠٨)، والحاكم (١/ ٢٢٦) - وصحَّحه على شرط الشّيخين -، من طريق حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس في حديثٍ فيه: «ثم انحط بالتكبير، فسبقتْ ركبتاه يديه». قال الدَّارقطنيّ: تفرّد به العلاء بن إسماعيل، عن حفص بهذا الإسناد.
وكذا قال أيضًا البيهقيّ (٢/ ٩٩). وقال الحافظ في «التلخيص» (١/ ٢٥٤) وهو «مجهول».
وكذلك ما رواه مصعب بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه قال: كنَّا نَضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين.
رواه ابن خزيمة (٦٢٨) عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حَدَّثَنِي أبيّ، عن أبيه، عن سلمة، عن مصعب به.
تفرّد به إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة، عن أبيه وهما ضعيفان، وفي التقريب: إبراهيم بن إسماعيل «ضعيف»، وأبوه إسماعيل بن يحيى «متروك».
قال الحازمي في كتابه «الاعتبار» (ص ٥٥): «أما حديث سعد ففي إسناده مقال، ولو كان محفوظًا لدل على النسخ، غير أن المحفوظ عن مصعب بن سعد، عن أبيه حديث نسخ التطبيق. انتهى.
وقد أعلّه أيضًا الحافظ ابن القيم قائلًا: «وإنَّما هو في قصَّة التطبيق».
وأشار الحافظ إلى رواية ابن خزيمة وقال: «لكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه، وهما ضعيفان». انتهى.
قال الأعظمي: ويمثل هذا الحديث الضعيف جدًّا بل مكذوب يستدل ابن خزيمة بأن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ! فلو قال عكس ذلك لكان متجهًا؛ لأنَّ وضع اليدين قبل الركبتين يساعد الضعفاء وكبار السن على الخرور إلى السّجود بخلاف وضع الركبتين قبل اليدين. ومن المعلوم أن النَّبِيّ ﷺ لما أسنَّ وثقل اختار الوضع الذي يساعده في أداء الصّلاة، فكان أكثر صلاته النافلة في البيت جالسًا، فليكن من آخر الأمرين منه وضع اليدين قبل الركبتين.
هذه خلاصة ما قيل في أحاديث هذا الباب، وللعلماء نفس طويل في دراسة الأحاديث من المصححين
والمضعفين، ولا أرى حشد أدلتهم، إنّما أكتفي بما وصلت إليه بعد دراسة هذه الأحاديث سائلًا الله تعالى التوفيق والسَّداد.
ونظرًا لتعارض الأدلة في كيفية الخرور إلى السجود اختلف أهل العلم في هذا الباب كما قال ابن المنذر: فممَّن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه: عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وبه قال النخعيّ، ومسلم بن يسار، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأهل الكوفة.
وقالت طائفة: يضع يديه قبل ركبتيه، قاله مالك. وقال الأوزاعي: أدركنا الناس يضعون أيديهم قبل رُكَبهم. قال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث. اهـ.
قال الأعظمي: وهي رواية أخرى عن أحمد أنه يضع يديه قبل ركبتيه لحديث أبي هريرة. المغني (١/ ١٩٣).
وعن مالك وأحمد، رواية بالتخيير؛ لأنَّ ترجيح أحد المذهبين على الآخر من حيث السنة لا يظهر كما قال النوويّ.
وهذا الاختلاف في الأفضلية، والصلاة صحيحة في الحالتين باتفاق العلماء، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى (٢٢/ ٤٤٩).
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 99 من أصل 423 باباً
- 74 باب ما جاء في القراءة آية آية
- 75 باب وجوب قراءة سورة الفاتحة
- 76 باب ما زاد على سورة الفاتحة فهو حسن
- 77 باب لا يجهر المأموم بالقراءة خلف الإمام
- 78 باب ما جاء في الجهر بآمين للإمام والمأموم فيما يجهر فيه بالقراءة، وإخفاؤها فيما يخفي فيه
- 79 باب النهي عن مبادرة الإمام بالتأمين
- 80 باب ما جاء في فضل التأمين وحسد اليهود عليه وعلى القبلة
- 81 باب ما جاء في القراءة في صلاة الصبح
- 82 باب القراءة في الفجر يوم الجمعة
- 83 باب القراءة في الصّبح والظّهر والعصر وفي الصّلوات الأخرى
- 84 باب القراءة في صلاة المغرب
- 85 باب القراءة في صلاة العشاء
- 86 باب ما جاء في تطويل الركعتين في الأوليين، والاقتصار في الأُخريين في العشاء
- 87 باب قراءة النبيّ ﷺ سرًّا وجهرًّا كان بيانًا لمجمل القرآن
- 88 باب ما جاء في تكرار قراءة سورة واحدة في كل ركعتين
- 89 باب الجمع بين السورتين في الركعة
- 90 باب ما جاء لكل سورة ركعة
- 91 باب ما يُجزئ من القراءة في الصلاة لمن لا يحسن القرآن
- 92 باب التعوذ من وسوسة الشيطان في الصلاة
- 93 باب التسبيح والسؤال والتّعوذ عند قراءة آيات التسبيح والرّحمة والعذاب
- 94 باب ما جاء في صفة الركوع
- 95 باب ما جاء من الخشوع في الصلاة والإقبال عليها والاعتدال في الركوع والسجود والتورك في الجلوس
- 96 باب النهي عن نقرة الغراب والدِّيك في السجود
- 97 باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
- 98 باب ما جاء في قول الإمام «سمع الله لمن حَمِدَه»
- 99 باب الخرور إلى السجود
- 100 باب الاعتدال في السّجود والنّهي عن افتراش الذِّراعين افتراش الكلب
- 101 باب التجافي في السجود
- 102 باب ما روي في الاستعانة بالركب في السجود
- 103 باب السجود على سبعة أعظم
- 104 باب السجود على الجبهة مع الأنف
- 105 باب من قال: الاكتفاء بالسجود على الأنف
- 106 باب السجود على اليدين مع الجبهة
- 107 باب نصب القدمين ورصّهما في السجود
- 108 باب في اليدين أين تكونان من الرأس عند السجود
- 109 باب الاعتماد على الكفين في السجود، وضم أصابعهما وتوجيهها إلى القبلة
- 110 باب ما جاء في جلسة الاستراحة
- 111 باب القعود على العقبين بين السجدتين وهو الإقعاء المباح
- 112 باب ما جاء في النهي عن عقبة الشيطان وهو الإقعاء المكروه
- 113 باب كيفية النهوض إلى الركعة الثانية وسائر الركعات
- 114 باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود
- 115 باب فضل السجود
- 116 باب الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود
- 117 باب ما جاء في الحث على كثرة السجود
- 118 باب ما يقال في الركوع والسجود
- 119 باب ما جاء من أدعية الركوع والسجود
- 120 باب المكث بين السجدتين
- 121 باب ما يقول بين السجدتين
- 122 باب ما جاء من التسوية بين أركان الصّلاة
- 123 باب هيئة الجلوس في التشهد
معلومات عن حديث: الخرور إلى السجود
📜 حديث عن الخرور إلى السجود
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ الخرور إلى السجود من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث الخرور إلى السجود
تحقق من درجة أحاديث الخرور إلى السجود (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث الخرور إلى السجود
تخريج علمي لأسانيد أحاديث الخرور إلى السجود ومصادرها.
📚 أحاديث عن الخرور إلى السجود
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع الخرور إلى السجود.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب