حديث: فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الخرور إلى السجود

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه».

صحيح: رواه أبو داود (٨٤٠)، والنسائي (١٠٩١)، وأحمد (٨٩٥٥)، والدارقطنيّ، والبيهقي (٢/ ٩٩) كلّهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراورديّ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.
وفيما يلي الشرح المفصل له:

1. شرح المفردات:


● سَجَدَ: هو أن يخضع العبد لله تعالى بوضع جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وأطراف قدميه على الأرض في صلاته.
● يَبْرُكُ: ينزل ويجلس على الأرض، وأصل البروك: نزول البعير على ركبتيه.
● البَعِيرُ: الإبل، سواء كان ذكراً أم أنثى.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


ينهى النبي ﷺ المصلي عن طريقة الهوي إلى السجود، فلا ينزل إلى سجوده على ركبتيه أولاً كما يفعل البعير عندما ينزل للراحة أو للأكل، بل يأمره ﷺ بأن يقدم يديه على ركبتيه عند الهوي إلى السجود.
فالصفة الصحيحة هي: أن يبدأ المصلي برفع يديه للتكبير، ثم يهوي إلى السجود، فينزل بيديه إلى الأرض قبل أن تنزل ركبتاه.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الإرشاد إلى كمال الخشوع في الصلاة: الصلاة هي صلة بين العبد وربه، ويجب أن تؤدى بهيئة تليق بمقام المناجاة، بعيدة عن مشابهة الأنعام في حركاتها. فالمسلم يعبد الله بكامل جوارحه بخشوع وأدب.
2- التخالف عن مشابهة الحيوانات: نهى النبي ﷺ عن التشبه ببروك الجمل، وهو من باب سد الذرائع حتى لا تفقد الصلاة روحانيتها ومعناها التعبدي.
3- بيان هدي النبي ﷺ في الصلاة: الحديث دليل على أن السنة في الهوي إلى السجود هي تقديم اليدين على الركبتين.
4- العناية بدقائق الأمور في العبادة: الإسلام يهتم بكيفية أداء العبادة، لا بمجرد فعلها، مما يدل على عظم شأن الصلاة وأهمية الاتباع فيها.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● الحكمة من تقديم اليدين: ذكروا لها حِكماً منها:
- أن اليدين هما اللتان تليان الوجه، فيكون إرغاء الأنف في الأرض (أي لصقه بها) بخشوع أفضل.
- أن في ذلك تعظيماً للوجه، فلا يهوي به إلى الأرض فجأة، بل يكون إنزاله بعد أن تستقر اليدان.
- أن ذلك أبلغ في التواضع والخشوع لله تعالى.
● خلاف العلماء: اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
● فريق من العلماء : يستحبون وضع اليدين قبل الركبتين عند الهوي للسجود.
● الفريق الآخر: يرون أن المصلي يقدم ركبتيه قبل يديه عند النزول.
● الجمع بين الأحاديث: هناك حديث آخر عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي ﷺ "يضع ركبتيه قبل يديه" عند السجود. وقد جمع العلماء بين الأحاديث بأن حديث أبي هريرة (وضع اليدين أولاً) هو في حال الهوي إلى السجود، بينما حديث وائل بن حجر (وضع الركبتين أولاً) محمول على حال القيام من السجود، أو أنه وصف لسجود النبي ﷺ في حال التمكين وليس عند الهوي. والله أعلم.

الخلاصة: السنة للمصلي عند الهوي إلى السجود أن ينزل بيديه إلى الأرض قبل ركبتيه، ولا يشبه في هيئته بروك البعير الذي يقدم ركبتيه. وهذا من كمال أدب الصلاة وهدي النبي ﷺ الذي ينبغي للمسلم أن يتحرى اتباعه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٨٤٠)، والنسائي (١٠٩١)، وأحمد (٨٩٥٥)، والدارقطنيّ، والبيهقي (٢/ ٩٩) كلّهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراورديّ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. وإسناده صحيح. محمد بن عبد الله بن الحسن هو المعروف بالنفس الزكية الهاشمي ثقة، وثَّقه النسائيّ وغيره.
وقد أعلَّ البعض بأن الدراوردي تفرّد به عن محمد بن عبد الله بن الحسن.
قال الأعظمي: ولا يضر تفرده فإنه ثقة، وقد تابعه في الجملة عبد الله بن نافع، عن محمد بن عبد الله بن الحسن به مختصرًا بلفظ: «يعمد أحدكم فيبرك في صلاته بركة الجمل» رواه أبو داود (٨٤١).
والنسائي (١٠٩٠)، والتِّرمذيّ (٢٦٩) كلّهم من هذا الطريق. وفيه استفهام إنكار.
وعبد الله بن نافع هو: ابن أبي نافع الصائغ، المخزومي مولاهم ثقة من رجال مسلم.
وأعله البخاريّ بالانقطاع فقال في ترجمة محمد بن عبد الله بن حسن في «التاريخ الكبير» (١/ ١٣٩): «محمد بن عبد الله بن حسن لا يتابع عليه، وقال: لا أدري أسمع من أبي الزّناد أم لا؟».
قال الأعظمي: قال ذلك بناء على شرطه المعروف وهو: معرفة اللقاء، ولكن الجمهور خالفوه فاكتفوا بمجرد إمكان اللقاء مع أمْنِ التدليس. ومحمد بن عبد الله بن حسين لم يعرف بالتدليس، وقد عاصر شيخه أبا الزّناد طويلًا فإنه مات سنة (١٤٥ هـ)، ومات شيخه سنة (١٣٠ هـ)، وكان عمره ثلاثًا
وخمسين سنة.
وبهذا صحَّ الحديث. وقد صحَّحه عبد الحق في الأحكام، وقال النوويّ في «المجموع» (٣/ ٤٢١): «إسناده جيد». وكذا قال أيضًا في الخلاصة (١٢٨٤) وقال: «ولم يضعفه أبو داود».
وقال الحافظ في «بلوغ المرام»: «هو أقوى من حديث وائل بن حجر» وهو الآتي.
ولكن أعلّه الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: بأنَّ هذا الحديث وقع فيه وهم من بعض الرواة؛ فإنَّ أوَّل الحديث يخالف آخره، فإنَّه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير؛ فإنَّ البعير إنّما يضع يديه أوَّلًا. ولمَّا علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبنا البعير في يديه، لا في رجليه. فهو إذا برك وضع ركبته أوَّلًا، فهذا هو المنهي عنه. ثمّ قال: وهو فاسدٌ لوجوهٍ:
أحدها: أنَّ البعير إذا برك فإنَّه يضع يديه أوَّلًا، وتبقى رجلاه قائمتين.
والثاني: أنَّ قولهم ركبنا البعير في يديه .. كلام لا يُعقل، ولا يعرفه أهل اللغة، وَإِنَّما الرُّكبة في الرجلين، وإن أُطلق على اللتين في يديه اسم الركبة فعلى سبيل التغليب.
والثالث: أنَّه لو كان كما قالوه ثقال: «فليبرك كما يبرك البعير»، وإنَّ أوَّل ما يمسُّ الأرض من البعير يداه.
ثمّ ذكر ابن القيم بقية الوجوه وهي عشرة في ترجيح حديث وائل بن حجر من عشرة وجوه، فانظرها. انظر زاد المعاد (١/ ٢٢٧).
وحديث وائل بن حجر هو: «رأيتٌ النَّبِيّ ﷺ إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه».
رواه أبو داود (٨٣٧) واللّفظ له، والتِّرمذيّ (٢٦٨)، والنسائي (١٠٨٩)، وابن ماجة (٨٨٢)، وابن خزيمة (٦٢٦)، والدارقطني (١٣٠٧)، والدارمي (١/ ٣٠٣) كلّهم من طرق عن يزيد بن هارون، نا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر فذكر مثله.
قال الترمذيّ: «حسن غريب، لا نعرف أحدًا رواه مثل هذا عن شريك وقال: روي همام، عن عاصم هذا مرسلًا، ولم يذكر فيه وائل بن حجر».
قال الأعظمي: شريك هو: ابن عبد الله النحفي صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، كذا في التقريب.
ولعلَّ هذا مما أخطأ فيه، ولذا قال الدَّارقطنيّ: «تفرّد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به»، ومثله قال أيضًا البخاريّ، وابن أبي داود، والبيهقيّ، بأن شريكًا تفرّد به.
وقال البيهقيّ (٢/ ٩٩): «هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضيّ، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلًا. هكذا ذكره البخاريّ وغيره من الحفاظ المتقدمين». انتهى. انظر أيضًا «التلخيص» (١/ ٢٥٤).
فإذا كان شريك لا يحتج به إذا انفرد، فكيف إذا خالف، فقد روى أصحاب عاصم بن كليب عنه صفة صلاة النَّبِيّ ﷺ وسبق ذكر بعضه، ولم يذكر أحد منهم ما ذكره شريك.
وللحديث طريق آخر وهو معلول أيضًا، رواه أبو داود (٨٣٩) وعنه البيهقيّ (٢/ ٩٨) عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه أن النَّبِيّ ﷺ فذكر صفة الصّلاة، وقال: «فلمّا سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه». وعبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئًا كما قال ابن معين والبخاري.
والطريق الآخر رواه شقيق قال: حَدَّثَنِي عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النَّبِيّ ﷺ فذكر مثله، وزاد: «وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه». وشقيق لا يعرف.
وكذلك ما رواه الدَّارقطنيّ (١٣٠٨)، والحاكم (١/ ٢٢٦) - وصحَّحه على شرط الشّيخين -، من طريق حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس في حديثٍ فيه: «ثم انحط بالتكبير، فسبقتْ ركبتاه يديه». قال الدَّارقطنيّ: تفرّد به العلاء بن إسماعيل، عن حفص بهذا الإسناد.
وكذا قال أيضًا البيهقيّ (٢/ ٩٩). وقال الحافظ في «التلخيص» (١/ ٢٥٤) وهو «مجهول».
وكذلك ما رواه مصعب بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه قال: كنَّا نَضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين.
رواه ابن خزيمة (٦٢٨) عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حَدَّثَنِي أبيّ، عن أبيه، عن سلمة، عن مصعب به.
تفرّد به إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة، عن أبيه وهما ضعيفان، وفي التقريب: إبراهيم بن إسماعيل «ضعيف»، وأبوه إسماعيل بن يحيى «متروك».
قال الحازمي في كتابه «الاعتبار» (ص ٥٥): «أما حديث سعد ففي إسناده مقال، ولو كان محفوظًا لدل على النسخ، غير أن المحفوظ عن مصعب بن سعد، عن أبيه حديث نسخ التطبيق. انتهى.
وقد أعلّه أيضًا الحافظ ابن القيم قائلًا: «وإنَّما هو في قصَّة التطبيق».
وأشار الحافظ إلى رواية ابن خزيمة وقال: «لكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه، وهما ضعيفان». انتهى.
قال الأعظمي: ويمثل هذا الحديث الضعيف جدًّا بل مكذوب يستدل ابن خزيمة بأن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ! فلو قال عكس ذلك لكان متجهًا؛ لأنَّ وضع اليدين قبل الركبتين يساعد الضعفاء وكبار السن على الخرور إلى السّجود بخلاف وضع الركبتين قبل اليدين. ومن المعلوم أن النَّبِيّ ﷺ لما أسنَّ وثقل اختار الوضع الذي يساعده في أداء الصّلاة، فكان أكثر صلاته النافلة في البيت جالسًا، فليكن من آخر الأمرين منه وضع اليدين قبل الركبتين.
هذه خلاصة ما قيل في أحاديث هذا الباب، وللعلماء نفس طويل في دراسة الأحاديث من المصححين
والمضعفين، ولا أرى حشد أدلتهم، إنّما أكتفي بما وصلت إليه بعد دراسة هذه الأحاديث سائلًا الله تعالى التوفيق والسَّداد.
ونظرًا لتعارض الأدلة في كيفية الخرور إلى السجود اختلف أهل العلم في هذا الباب كما قال ابن المنذر: فممَّن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه: عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وبه قال النخعيّ، ومسلم بن يسار، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأهل الكوفة.
وقالت طائفة: يضع يديه قبل ركبتيه، قاله مالك. وقال الأوزاعي: أدركنا الناس يضعون أيديهم قبل رُكَبهم. قال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث. اهـ.
قال الأعظمي: وهي رواية أخرى عن أحمد أنه يضع يديه قبل ركبتيه لحديث أبي هريرة. المغني (١/ ١٩٣).
وعن مالك وأحمد، رواية بالتخيير؛ لأنَّ ترجيح أحد المذهبين على الآخر من حيث السنة لا يظهر كما قال النوويّ.
وهذا الاختلاف في الأفضلية، والصلاة صحيحة في الحالتين باتفاق العلماء، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى (٢٢/ ٤٤٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 339 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه

  • 📜 حديث: فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب