من قال لا إله إلا الله دخل الجنة

حديث: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة

عن جابر بن عبد الله قال: بعثني رسول الله ﷺ فقال: «نادِ في الناس: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة» فخرج فلقيه عمر في الطريق، فقال: أين تريد؟ قلت: بعثني رسول الله بكذا وكذا. قال: ارجعْ، فأبيتُ، فلهزني لَهْزةً في صدري فرجعتُ، ولم أجد بدًّا. قال: يا رسول الله، بعثتَ هذا بكذا وكذا؟ قال: «نعم». قال: يا رسول الله، إنّ الناس قد طمعوا وخشوا، فقال النبيُّ ﷺ: «اقعدْ».

حسن: رواه ابن خزيمة (٦٩٣)، وابن حبان (١٥١) كلاهما من طريق المحرر بن قعنب الباهلي، قال: حدثني رباح بن عبيدة، أن ذكوان السمان حدّثه، أن جابر بن عبد الله حدّثه وقال (فذكره)، واللفظ لابن حبان.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وهو حديث صحيح. وها هو شرحه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● بعثني: أرسلني.
● نادِ في الناس: ارفع صوتك بينهم مخبراً.
● لهزني: ضربني ضربة خفيفة بيده.
● لهزةً في صدري: الضربة التي وقعت على صدره.
● لم أجد بدًّا: لم أستطع الامتناع أو الرفض، اضطررت للرجوع.
● طمعوا: رغبوا في الثواب واغتروا بالوعد.
● خشوا: خافوا من التقصير في شروط الإيمان وأعماله.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ أرسله في مهمة عظيمة، وهي أن يعلن ويُنادي بين الناس أن "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة".
فانطلق جابر لتنفيذ أمر النبي ﷺ، فقابله في الطريق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسأله: إلى أين تذهب؟ فأخبره جابر بالمهمة التي كلفه بها الرسول ﷺ.
وهنا تظهر حكمة عمر وفقهه العميق؛ حيث خاف أن يفهم الناس هذا الكلام على غير وجهه، فيظنوا أن مجرد النطق بالشهادة دون عمل أو إيمان حقيقي يكفي لدخول الجنة، فيتكلوا ويتكاسلوا عن الطاعات.
لذلك طلب من جابر أن يعود إلى النبي ﷺ، ولكن جابر رفض لأنه يريد تنفيذ أمر النبي مباشرة. فلما رأى عمر إصراره، ضربه ضربة خفيفة في صدره (وهي من باب الزجر والتأديب الأخوي، لا الإيذاء) فرجع جابر مضطراً إلى النبي ﷺ.
وذهب عمر معه أو تبعه، وسأل النبي ﷺ تأكيداً: يا رسول الله، أبعثت جابراً ليقول للناس هذا الكلام؟ فأكد النبي ﷺ ذلك.
فشرح عمر رأيه بفقه وحكمة قائلاً: "يا رسول الله، إن الناس قد طمعوا (في ثوابك ورحمتك فاغتروا) وخشوا (أي خافوا من التقصير فربما ييأسون)"، أي خاف أن يفهم بعض الناس أن الأعمال غير ضرورية، فيتركوا الواجبات، أو أن ييأس المقصرون ظناً منهم أنهم لن ينفعهم عمل.
فأمر النبي ﷺ جابراً "اقعد"، أي لا تنادِ بهذا الآن، تأييداً لرأي عمر وفقهه، وموافقة على منع الإعلان بهذه الصيغة المجردة التي قد تُفهم خطأ.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم مكانة كلمة التوحيد: فهي مفتاح الجنة وأساس الدين، ولكن بشروطها التي لا تتم إلا بها.
2- فقه الصحابة وعمق فهمهم: حيث فهم عمر رضي الله عنه أن النص قد يحتمل سوء الفهم، فتصرف بحكمة لمنع المفسدة قبل وقوعها.
3- احترام آراء الصحابة وأخذ المشورة: النبي ﷺ قبل رأي عمر وأقرّه على ذلك، مما يدل على أهمية الشورى والحكمة في الدعوة.
4- الجمع بين الترغيب والترهيب: في الدعوة إلى الله يجب الجمع بين بشارة الرحمة وتحذير العقاب، حتى لا يغتر المطيع ولا ييأس المقصر.
5- أن قول "لا إله إلا الله" لا ينفع قائلها إلا إذا استوفت شروطها: وهي المعرفة واليقين والقبول والانقياد والصدق والمحبة والإخلاص، وأنها تقتضي العمل بفرائض الإسلام واجتناب محارمه.
6- التلطف في منع الخطأ: فعل عمر مع جابر كان بهدف المصحلة، وكانت الضربة خفيفة (لهزة) وغير مؤذية، مما يدل على الأدب حتى في حال الاختلاف.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من أبلغ الأدلة على فقه عمر رضي الله عنه وفراسته، حتى قال النبي ﷺ في حديث آخر: "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ".
- الشهادة ليست مجرد كلمة تقال باللسان، بل هي كلمة عظيمة تكون سبباً للنجاة إذا قيلت بإيمان صادق ويقين، وصدقتها الأعمال.
- هذا الموقف يدل على أن النصوص الشرعية تُفهم في ضوء مجموع النصوص الأخرى، فالنبي ﷺ بين في أحاديث أخرى أن دخول الجنة مرتبط بالإيمان والعمل الصالح، كقوله: "مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ".
أسأل الله أن يجعلنا من أهل لا إله إلا الله حقاً، وأن يدخلنا جنات النعيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن خزيمة (٦٩٣)، وابن حبان (١٥١) كلاهما من طريق المحرر بن قعنب الباهلي، قال: حدثني رباح بن عبيدة، أن ذكوان السمان حدّثه، أن جابر بن عبد الله حدّثه وقال (فذكره)، واللفظ لابن حبان.
وإسناده حسن من أجل محرر بن قعنب فإنه حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 67 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة

📜 حديث: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية