حديث: خروج النبي إلى الصفا وإنذاره عشيرته الأقربين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

عداوة أبي لهب للنبي ﷺ & هو: عبد العزى بن عبد المطلب، وهو أحد أعمام رسول الله ﷺ، وكان شديد العداوة والأذى للنبي ﷺ، فذمّه الله تعالى بهذا الذمّ العظيم الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة، وكنيته أبو عتبة، باسم ولده، وأما كنيته أبو لهب فأراد الله أن يكون مصيره إلى النار، فاشتهر بهذه الكنية في الجاهلية، كما جاء في حديث ربيعة بن عباد، وبه خاطبه القرآن.

عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) [الشعراء: ٢١٤] ورهطك منهم المخلصين. خرج رسول الله ﷺ حتى صعد الصفا فهتف: «يا صباحاه». فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فاجتمعوا إليه فقال: «يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب» فاجتمعوا إليه فقال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقيّ؟». قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد». قال: فقال أبو لهب: تبا لك، أما جمعتنا إلا لهذا، ثم قام، فنزلت هذه السورة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة.

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٧١) ومسلم في الإيمان (٢٠٨) كلاهما من طريق أبي أسامة، حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: فذكره، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.

عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)﴾ [الشعراء: ٢١٤] ورهطك منهم المخلصين. خرج رسول الله ﷺ حتى صعد الصفا فهتف: «يا صباحاه». فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فاجتمعوا إليه فقال: «يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب» فاجتمعوا إليه فقال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقيّ؟». قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد». قال: فقال أبو لهب: تبا لك، أما جمعتنا إلا لهذا، ثم قام، فنزلت هذه السورة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)﴾ كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يروي لنا قصة نزول آية الإنذار وبداية الدعوة الجهرية، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
أولاً: شرح المفردات:
● عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ: أقرباؤك وذوو قرابتك من بني هاشم وبني المطلب.
● رَهْطُك: جماعتك الخاصة وأقرب الناس إليك.
● المُخْلَصِينَ: الخُلَّص، وهم الأقارب الأوثق صلة.
● صَعِدَ الصَّفَا: جبل صغير معروف بمكة قرب المسجد الحرام، وكانوا يستعملونه للمناداة على القبائل.
● هَتَفَ: نادى بصوت عال.
● يَا صَبَاحَاه: كلمة كانوا يصرخون بها عند الاستغاثة أو الإنذار بخطر داهم، كأن ينبهوا على عدو قد أغار عليهم.
● سَفْحَ الْجَبَل: أسفله وجانبه.
● تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ: خسرت يدا أبي لهب وهلكتا، و"تب" تعني الخسران والهلاك.
ثانياً: شرح الحديث:
1- سبب الحديث ونزول الآية:
نزلت الآية الكريمة من سورة الشعراء: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} على النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره الله تعالى أن يبدأ دعوته وينذر بالعذاب الشديد أقرب الناس إليه، وهم عشيرته وقبيلته من بني هاشم وبني المطلب.
2- فعل النبي صلى الله عليه وسلم:
امتثل النبي صلى الله عليه وسلم لأمر ربه، فذهب إلى جبل الصفا، وهو مكان مرتفع يُسمع منه النداء، ونادى بأعلى صوته "يا صباحاه" وهي صيحة إنذار وتنبيه ليجمع الناس.
3- تجمع القبائل وموقف أبي لهب:
لما سمع الناس النداء، تساءلوا عن الذي ينادي، فلما عرفوا أنه محمد صلى الله عليه وسلم اجتمعوا إليه. فبدأ صلى الله عليه وسلم ينادي قبائل قريش بأسمائها: "يا بني فلان، يا بني فلان..." حتى اجتمعوا.
ثم قال لهم كلمة جامعة موجزة، ضرب لهم فيها مثلاً يعرفونه، فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم، أكنتم تصدقوني؟". فأجابوه: نعم، ما جربنا عليك كذباً قط. فاستغل صلى الله عليه وسلم هذه الثقة التي كان يتمتع بها بينهم – وكانوا يسمونه "الصادق الأمين" – لينقل لهم الإنذار الإلهي، فقال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". أي أنا منذركم ومحذركم من عذاب الله الشديد إن لم تؤمنوا به وتوحدوه.
4- رد فعل أبي لهب ونزول سورة المسد:
لكن вместо أن يستمعوا وينقادوا للحق، قام أبو لهب – وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم – ورد عليه رداً شديداً وقال: "تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟"، أي هلاكاً لك وخيبة، ألهذا الجمع الحقير جمعتنا؟! ثم قام وترك المجلس غاضباً.
فأنزل الله عز وجل سورة كاملة في ذمه وتوعده بالعذاب في النار، هي سورة المسد، والتي قرأها الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كما سمعها من الأعمش (أحد رواة الحديث).
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- وجوب البدء بالأقربين في الدعوة: من الحكمة في الدعوة إلى الله أن يبدأ الداعية بأهله وأقاربه، فهم أولى الناس بالخير، ولديه من الصلة والقرب ما يعين على وصول الحق إليهم.
2- الحكمة في أسلوب الدعوة: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسلوباً حكيماً جداً، فقد استعمل النداء المشهور لجمع الناس، ثم استعمل المثل المحسوس الذي يفهمونه (خيل تخرج من الجبل) ليؤكد لهم صدقه، ثم نقل لهم الإنذار. وهذا درس للدعاة في اختيار الأساليب المؤثرة والمناسبة للجمهور.
3- صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته: اعتراف كفار قريش بأنهم ما جربوا عليه كذباً قط هو أعظم شهادة على صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها.
4- سنة الابتلاء والصد عن الدعوة: أن المعارضة والصد عن سبيل الله سنة ماضية، وقد يواجه الداعية أشد العداوة ممن هم أقرب إليه، كما حدث من أبي لهب وهو عم النبي.
5- عناية الله بنبيه وتثبيته: نزول سورة كافية ترد على أبي لهب وتخزيه وتتوعد له بالنار، هو نوع من النصر والتثبيت من الله لنبيه في لحظة يحتاج فيها إلى الدعم.
6- أن القرآن نزل واقعاً حياً: نزلت هذه السورة معايشة للحدث، مما يزيد القلب تعلقاً بالقرآن وإيماناً بأنه كلام الله الحكيم الخبير.
رابعاً: معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنبأ عن شيء قبل وقوعه، وهو هلاك أبي لهب وزوجته على الكفر، وقد ماتا على ذلك.
- سورة المسد هي من السور التي نزلت في ذم شخص بعينه (أبي لهب)، وهي تظهر مصير من يعادي الله ورسوله.
- في هذا الحديث بيان لعظم جرم أبي لهب، حيث كان رده سبباً في حرمان بق
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٩٧١) ومسلم في الإيمان (٢٠٨) كلاهما من طريق أبي أسامة، حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: فذكره، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.
قوله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) الأول دعاء عليه، أي: خسرت وخابت. والثاني خبر عنه، وقد تبَّ أي تحققت خسارته وهلاكه.
وإسناد التب إلى اليدين لما روي أن أبا لهب كان أخذ حجرا بيده ليرمي به النبي ﷺ.
وقوله: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) المال في الغالب كان يطلق عند العرب على الإبل والغنم.
وقوله: ﴿وَمَا كَسَبَ﴾ أي: ما جمع من نقود من الذهب والفضة والسلاح.
وروي عن عبد الله بن عباس وغيره: يعني ولده، لأن الولد من كسب أبيه.
وروي عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ لما دعا قومه إلى الإيمان قال أبو لهب: إذا كان ما يقول ابن أخي حقا، فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي، فأنزل الله تعالى: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢).
وقوله: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) يصلى نارا، أي: يشوى بها، يقال: صلاه بالنار إذا شواه، أي: ذات شرر ولهيب، وإحراق شديد.
والسين للتحقيق مثل قوله تعالى: ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ [يوسف: ٩٨].
وكانت هذه الآية نزلت في حياة أبي لهب، وقد مات كافرا، فكانت هذه الآية إعلاما بأنه لا يسلم، ولا ينجو من نار ذات لهب، وكانت من دلائل نبوته ﷺ.
وقوله: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) هي زوجته، واسمها أروى بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان بن حرب، وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فتكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم، فتحمل الحطب فتلقي على زوجها ليزداد على ما هو فيه. وقيل: إنها كانت تضع الشوكة في طريق النبي ﷺ من بيته إلى الكعبة.
وقوله: ﴿وَامْرَأَتُهُ﴾ عطف على الضمير المستتر في ﴿سَيَصْلَى﴾ أي: وتصلى امرأته نارا.
وقوله: ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) صفة ثانية لهذه المرأة الخبيثة، أي جُعِل في عنقها حبل تحمل فيه الحطب في جهنم لإسعار النار على زوجها.
والجيد: العنق، وغلب على عنق المرآة على محل القلادة، لبيان الحسن، وهذه المرأة وُصِفَت بهذه الصفات جزاء لعملها في الدنيا.
وهذه المرأة أيضا ماتت على الكفر والشرك، وتحقق فيها أيضا دلائل النبوة، كما تحقق في زوجها، فكلاهما ماتا على الكفر ويدخلان النار.
وكانت هذه المرأة بذيئة كما جاء في الحديث

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1919 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خروج النبي إلى الصفا وإنذاره عشيرته الأقربين

  • 📜 حديث: خروج النبي إلى الصفا وإنذاره عشيرته الأقربين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خروج النبي إلى الصفا وإنذاره عشيرته الأقربين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خروج النبي إلى الصفا وإنذاره عشيرته الأقربين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خروج النبي إلى الصفا وإنذاره عشيرته الأقربين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب