حديث: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا تصحب الملائكةُ رُفقة فيها كلبٌ ولا عيرًا التي فيها جرسٌ

عن أمّ حبيبة أمّ المؤمنين، عن النبيّ ﷺ قال: «لا تصحبُ الملائكة رفقة فيها جرس».

حسن: رواه أبو داود (٢٥٥٤)، وأحمد (٢٦٧٨٠)، وابن حبان (٤٧٠٥) كلهم من حديث نافع، عن سالم، عن أبي الجراح مولى أمّ حبيبة، عن أمّ حبيبة، فذكرته.

عن أمّ حبيبة أمّ المؤمنين، عن النبيّ ﷺ قال: «لا تصحبُ الملائكة رفقة فيها جرس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظه:


عن أم حبيبة أم المؤمنين، عن النبي ﷺ قال: «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رَفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ».
(رواه مسلم في صحيحه)


أولاً. شرح المفردات:


● تَصْحَبُ: ترافق وتلازم وتكون معهم.
● الْمَلَائِكَةُ: هم الكائنات المكرمة المخلوقة من نور، الموكلون بحمل وحفظ كتاب الله، واستقبال أرواح المؤمنين، وغير ذلك من الأعمال التي أسندها الله إليهم.
● رَفْقَةً: الجماعة المسافرة أو القافلة.
● جَرَسٌ: هو الجلاجل أو الأجراس التي كانت تُعلَّق في أعناق الدواب (كالخيل أو الإبل) أثناء السفر لإحداث صوت.


ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي ﷺ أن الملائكة الكرام، الذين هم سفرة الله بين السماء والأرض، والتي من مهماتها حفظ بني آدم ومرافقة القوافل الذاكرين لله، تتأذى وتنفر من صوت الجرس المعلق في الدواب. وبالتالي، فإنها لا ترافق تلك الرفقة (القافلة) التي معها هذا الصوت، ولا تسير معها لتسجيل أعمالها أو حفظها أو الدعاء لأهلها. وهذا الحرمان من صحبة الملائكة خسارة عظيمة، إذ يفوت على المسافرين بركتها ودعاءها وحفظها.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عناية الإسلام بآداب السفر: يضع الإسلام منهجًا كاملاً لآداب السفر، منها ما يتعلق باختيار الرفقة الصالحة، والدعاء، والأذكار، ومنها تجنب ما ينفر الملائكة ويحرم المسافر من بركتها.
2- حساسية الملائكة وتأذيهم من بعض الأصوات: هذا الحديث أصل في بيان أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، بل وأكثر، كصوت الجرس، وصوت الكلاب النباح، كما في الأحاديث الأخرى. وهذا يدل على وجوب اجتناب كل ما ينفرهم ويحرم العبد من صحبتهم.
3- خطر التشبه بأعداء الله: ذكر شراح الحديث، كالإمام النووي، أن تعليق الأجراس كان عادة للكفار في الجاهلية، وكانوا يعلقونها في معابدهم وديارتهم وفي دوابهم. فالنهي عن ذلك يحمل معنى النهي عن التشبه بهم.
4- الحكمة من النهي عن الجرس: الجرس يشبه أجراس الكنائس والمعابد عند غير المسلمين، فكرهه الإسلام وحذر منه. كما أن صوته المستمر المثير قد يكون له أثر في تشتيت الذهن عن ذكر الله، والله أعلم.
5- سعة رحمة الله بعباده: حيث أرسل الملائكة لتحفظ عباده وتستغفر لهم وتدعو لهم في أسفارهم، وجعل عدم مصاحبتهم لعقوبة فعل ما ينفرهم حافزًا للمسلم ليجتنب هذه الأمور.
6- أن الأعمال لا تقتصر على القصد فقط: فقد يعلق الإنسان الجرس لزينة أو لغير قصد سيء، ومع ذلك يحرم من صحبة الملائكة. وهذا يدل على وجوب سؤال أهل العلم عن أمور الدين، وعدم التفريط في اتباع الهدي النبوي في كل صغيرة وكبيرة.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم تعليق الجرس: ذهب جمهور العلماء إلى كراهة تعليق الجرس في الدواب وغيرها تحريمًا أو كراهة تنزيه، وهو الراجح لقوة النهي الوارد في الحديث.
● الفرق بين الجرس والجلجل: قد يظن البعض أن النهي خاص بالجرس الكبير، ولكن الصحيح أن النهي يعم كل ما يصدر صوتًا متواصلًا مشابهًا له، سواء كان كبيرًا أم صغيرًا.
● هل يدخل في ذلك أجراس الهواتف؟: المسألة فيها خلاف بين المعاصرين. والأحوط للمسلم أن يتجنب الأصوات المشابهة لأصوات أجراس الكنائس أو التي فيها تشبه بالكفار، وأن يختار для هاتفه نغمة لا تشبهها، عملاً بالاحتياط وخروجًا من خلاف العلماء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٥٥٤)، وأحمد (٢٦٧٨٠)، وابن حبان (٤٧٠٥) كلهم من حديث نافع، عن سالم، عن أبي الجراح مولى أمّ حبيبة، عن أمّ حبيبة، فذكرته.
وإسناده حسن من أجل أبي الجراح قيل: اسمه الزبير، ذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٥٦)، وقال العجلي: «مدني تابعي ثقة»، فمثله يحسّن حديثه إذا كان له أصل، وهذا منه.
وفي معناه ما روي عن ابن عمر، أنّ النبيّ ﷺ قال: «لا تصحب الملائكةُ ركبًا فيهم جلجل، كم ترى مع هؤلاء من الجُلْجل».
رواه النسائيّ (٥٢١٩، ٥٢٢٠، ٥٢٢١) من طرق عن نافع بن عمر الجمحيّ، عن أبي بكر بن أبي شيخ، قال: «كنتُ جالسًا مع سالم، فمرّ بنا ركْبٌ لأمّ البنين معهم أجراس، فحدَّث نافعًا سالمٌ عن أبيه، فذكره.
وهو في مسند الإمام أحمد (٤٨١١) من هذا الوجه.
وفيه أبو بكر بن أبي شيخ ويقال له: بكير بن موسى السهمي، قال الذهبيّ في: الميزان«: «لا يُعرف».
قال الأعظمي: تفرّد بالرّواية عنه نافع بن عمر الجمحي، ولم يذكره ابن حبان في: ثقاته«، وقال فيه الحافظ: «مقبول».
ورواه ابن عدي في: الكامل (٥/ ١٨٧١) من وجه آخر عن عبد اللَّه بن نافع، قال: أخبرني عاصم بن عمر، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر، فذكر الحديث.
وعاصم هو: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب، ضعيف.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن بُنانة مولاة عبد الرحمن بن حسان الأنصاريّ، عن عائشة، قالت: «بينما هي عندها إذ دُخِل عليها بجارية، وعليها جلاجل يصوِّتن. فقالت: لا تُدْخلها عليَّ إلّا أن تقطعوا جلاجلها، وقالت: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا تدخل الملائكةُ بيتًا فيه جرس».
رواه أبو داود (٤٢٣١) عن محمد بن عبد الرّحيم، حدّثنا روح، حدّثنا ابن جريج، عن بُنانة مولاة عبد الرحمن بن حسان، فذكرته.
ورواه الإمام أحمد (٢٦٠٥٢) عن روح به، وزاد فيه بعد قوله: «تقطعوا جلاجلها»: «فقطع جلاجلها، فسألتها بُنانة عن ذلك».
وبنانة مولاة عبد الرحمن قال فيها المنذريّ: «مجهولة».
وفي الباب أيضًا عن أمِّ سلمة زوج النّبيّ ﷺ قالت: سمعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقول: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جلجل، ولا جرس، ولا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس».
رواه النسائيّ (٥٢٢٢) عن يوسف بن سعيد بن مسلم، ثنا حجّاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني سليمان بن بابيه -مولى آل نوفل-، عن أمَّ سلمة فذكرته.
وسليمان بن بابيه، ويقال: باباه، مجهول، لم يرو عنه غير ابن جريج، ولم يوثقه أحدٌ إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته على قاعدته.
و«الرُّفقة» بضم الرّاء وكسرها، الجماعة المرافقون في السّفر.
و«الجلجل» بضم الجيم، وجمعه «الجلاجل» هو الجرس الذي يكون في عنق الدّابة. ويقال أيضًا للذي تلبسه المرأة في رجليها، ويخرج منها الصّوت إذا مشتْ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 496 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس

  • 📜 حديث: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب