فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائِهم ويُرْمَوْن به

حديث: فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائِهم ويُرْمَوْن به

عن ابن عباس، قال: أخبرني رجلٌ من أصحاب النبي ﷺ من الأنصار، أنّهم بينما هم جلوس ليلةً مع رسول اللَّه ﷺ رُمي بنجمٍ فاستنار، فقال لهم رسول اللَّه ﷺ: «ماذا كنتم تقولون في الجاهليّة إذا رُمي بمثل هذا؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، كنّا نقول: وُلد اللّيلة رجل عظيم، ومات رجلٌ عظيم. فقال رسول اللَّه ﷺ: «فإنها لا يُرمي بها لموت أحد ولا لحياته، ولكنْ ربُّنا تبارك وتعالى اسْمُه إذا قضى أمرًا سبَّح حملةُ العرش، ثم سَبَّح أهلُ السّماء الذين يَلُونَهم، حتّى يبلُغَ التَّسْبيحُ أهلَ هذه السّماء الدُّنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربّكم فيخبرونهم ماذا قال. قال: فيستخبر بعض أهل السّماوات بعضًا، حتى يبلغ الخبرُ هذه السّماء الدّنيا فتخطف الجنُّ السّمع فيقذفون إلى أوليائِهم. ويُرْمَوْن به. فما جاؤوا به على وجهه فهو حقٌّ، ولكنَّهم يَقْرِفون فيه ويزيدون».

صحيح: رواه مسلم في السلام (٢٢٢٩) من طرق عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدّثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، حدثني علي بن حسين، أن عبد اللَّه بن عباس قال (فذكره).

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه بيان لعقيدة مهمة تتعلق بالوحي وكيفية وصول أخبار الغيب إلى الكهنة والجن. وإليك الشرح المفصل له على النحو التالي:

1. شرح المفردات:

● رُمي بنجمٍ فاستنار: أي أُلقيت نجمة (شهاب) من السماء فصارت مضيئة متوهجة في السماء.
● في الجاهلية: يقصد الزمن قبل الإسلام.
● وُلد اللّيلة رجل عظيم، ومات رجل عظيم: هذا كان اعتقادهم الخاطئ عند رؤية الشهاب.
● قضى أمرًا: أي حكم وقدر أمراً من الأمور.
● حملة العرش: الملائكة الموكلون بحمل عرش الله تعالى.
● يَلُونَهم: أي الذين يكونون بعدهم وقريبين منهم في المنزلة.
● تخطف الجن السمع: تسمع الجن الأخبار من السماء بسرعة خاطفة.
● يَقْرِفون فيه: أي يكذبون ويدلسون ويخلطون الحق بالباطل.
● ويزيدون: يضيفون إلى الخبر الصحيح أكاذيب من عندهم.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً من الأنصار أخبره أنهم كانوا جالسين مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً، فرأوا شهاباً (نجماً) قد انقض من السماء متوهجاً. فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن اعتقادهم في الجاهلية عندما كانوا يرون مثل هذا المنظر. فأجابوا أنهم كانوا يعتقدون أن ذلك يعني ولادة عظيم أو موت عظيم. فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم خطأ هذا الاعتقاد، وشرح الحكمة الحقيقية من انقضاض الشهب.
فالحقيقة أن هذه الشهب لا ترسل لموت أحد أو ولادته، بل هي رجوم للشياطين الذين يحاولون استراق السمع من أخبار السماء. فإذا قضى الله تعالى أمراً في السماء، تسبح ملائكة العرش بحمد الله، ثم ينتقل هذا التسبيح عبر طبقات الملائكة في السماوات حتى يصل إلى السماء الدنيا. وعندما يتناقل الملائكة هذا الخبر بينهم، تحاول شياطين الجن استراق السمع، فيرمون بالشهب لصدهم. فتسمع الجن بعض الأخبار أحياناً وتنقلها إلى كهنتها من البشر، ولكنهم لا ينقلونها كما سمعوها بل يختلقون الأكاذيب ويضيفونها إلى الحق.

3. الدروس المستفادة منه:

● إثبات علو الله تعالى واستوائه على العرش: الحديث يصرح بحملة العرش، مما يؤكد صفة العلو لله تعالى.
● بطلان اعتقادات الجاهلية: بيان أن الاعتقادات الشائعة في الجاهلية حول النجوم والكواكب هي خرافات لا أساس لها.
● بيان حقيقة الكهانة والعرافة: الكهانة ليست علماً حقيقياً، بل هي مزيج من أخبار مسروقة من السماء مختلطة بأكاذيب الشياطين.
● عظمة الخلق والملائكة: الحديث يصور لنا عظمة خلق الله ونظام الكون، حيث الملائكة تؤدي مهامها بتسابيح وطاعة.
● تحذير من تصديق المنجمين والكهنة: يحرم الإسلام تصديق الكهنة والعرافين، لأنهم يبنون predictionsهم على الأكاذيب والاختلاقات.
● إثبات قدرة الله المطلقة: كل أمر في الكون يحدث بقضاء الله وقدره، وهو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في بيان حقيقة ما يسمى "بالاستراق السمع" من قبل الجن، وهو ما ذكره الله تعالى في سورة الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا}.
- الحديث يرد على من يعتقد في علم التنجيم والأبراج، ويبين أن هذه الأمور ليست علوماً حقيقية.
- يستفاد من الحديث وجوب إرجاع الأمور إلى الله ورسوله، وعدم الاعتماد على الخرافات والأوهام.
- فيه دليل على عظمة الملائكة واختلاف مراتبهم، فلكل سماء ملائكتها، وأعلى المراتب هم حملة العرش.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في السلام (٢٢٢٩) من طرق عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدّثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، حدثني علي بن حسين، أن عبد اللَّه بن عباس قال (فذكره).
وقوله: «يقرفون» معناه يكذبون.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 514 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائِهم ويُرْمَوْن به

📜 حديث: فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائِهم ويُرْمَوْن به

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائِهم ويُرْمَوْن به

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائِهم ويُرْمَوْن به

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائِهم ويُرْمَوْن به

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية