دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

حديث: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

عن أمّ الدّرداء، قالت: كان النبيُّ ﷺ يقول: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكَّل، كلّما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكَّلُ به: آمين، ولك بمثل».

صحيح: رواه مسلم في الذِّكر والدّعاء (٢٧٣٣) عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عيسى بن يونس، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن صفوان (وهو ابن عبد اللَّه بن صفوان) وكانت تحته أمّ الدّرداء.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى خلق كريم من أخلاق المسلم، ويبين لنا فضل الدعاء للمسلمين في غيابهم.

شرح الحديث:

الراوي: أم الدرداء، وهي الصحابية الجليلة هجيمة بنت حيي الوصابية، زوج الصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنهما.
متن الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكَّل، كلّما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكَّل به: آمين، ولك بمثل».

1. شرح المفردات:

* دعوة المرء المسلم: دعاء المسلم وطلبه من الله تعالى.
* لأخيه: لأخيه في الدين والإيمان، أي لأي مسلم.
* بظهر الغيب: في حال غيبة الأخ وعدم حضوره، أي تدعو له وهو لا يراك ولا يسمعك.
* مستجابة: مقبولة عند الله تعالى، تحققها الله أو يدخر لصاحبها أجرها العظيم.
* مُوَكَّل: ملك معين ومكلف من قبل الله تعالى بهذه المهمة.
* آمين: اللهم استجب.
* ولك بمثل: ولك مثل ما دعوت به لأخيك، من خير وبركة وأجر.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء الذي يدعو به المسلم لأخيه المسلم في غيبته (أي في حال عدم وجوده ومشاهدته) هو دعاء ذو مكانة عالية عند الله، وهو أقرب إلى القبول والإجابة.
ويكشف لنا النبي صلى الله عليه وسلم عن سر عظيم، وهو أن للمسلم ملكاً موكلاً به، يقف عند رأسه، فكلما دعا هذا المسلم لأخيه بخير (كالرحمة، المغفرة، التوفيق، الرزق، etc.)، يقول هذا الملك الموكل: "اللهم استجب هذه الدعوة الطيبة، واجعل لصاحبها – الذي دعا – مثل ما دعا به لأخيه".
فالدعاء لأخيك بظهر الغيب هو هدية تقدمها له، وترجع إليك منها هدية مضاعفة من الله تعالى، حيث يستجيب الله دعاءك لأخيك، ويمنحك أنت أيضاً مثل ما دعوت له.

3. الدروس المستفادة منه:

1- عظم فضل الدعاء للمسلمين في غيابهم: فهو من صفات الأخوة الإيمانية الصادقة، التي لا تحمل حقداً ولا حسداً، بل تتحرى الخير للآخرين حتى في غيابهم.
2- إجابة الدعاء مضمونة: وعد النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذه الدعوة "مستجابة"، مما يشجع المسلم على الإكثار منها.
3- الأجر العظيم للداعي: ليس فقط يُستجاب دعاؤه لأخيه، بل يُعطى هو نفسه مثل ما دعا به، فتكون له حسنتان: حسنة الدعاء، وحسنة نيل المثل.
4- إثبات وجود الملائكة وعملهم: الحديث دليل على وجود الملائكة الكرام، وأن منهم من هو موكل بحفظ بني آدم وتدوين أعمالهم والدعاء لهم.
5- تربية النفس على الإخلاص: الدعاء بظهر الغيب أبعد عن الرياء والنفاق، لأنه لا يطلع عليه إلا الله والملائكة، فهو دليل على إخلاص النية لله تعالى.
6- تقوية أواصر المحبة بين المسلمين: عندما يعلم المسلم أن أخاه يدعو له في غيبته، يزداد حبه له وتماسك المجتمع.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
* يستحب للمسلم أن يخصص جزءاً من دعائه في السجود وفي أوقات الإجابة (كآخر الليل، بين الأذان والإقامة، etc.) للدعاء لإخوانه المسلمين عامة، ولأهله وأصحابه وأقاربه خاصة.
* من صيغ الدعاء التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في غيابهم: «اللهم اغفر لعبدك فلان» أو «اللهم اجعل فيه بركة».
* هذا الفضل العظيم (وجود الملك الموكل الذي يقول آمين) خاص بالدعاء لأخيك بظهر الغيب. أما الدعاء له بحضرته فله فضل آخر وهو إدخال السرور على قلبه.
فاحرص – أخي المسلم – على هذه السنة العظيمة، ولا تدع فرصة تمر إلا ودعوت فيها لأخيك المسلم بخير، ففي ذلك صلاح للمجتمع، وزيادة في الألفة، ونيل لأجر عظيم من الله تعالى.
والله تعالى أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الذِّكر والدّعاء (٢٧٣٣) عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عيسى بن يونس، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن صفوان (وهو ابن عبد اللَّه بن صفوان) وكانت تحته أمّ الدّرداء. قال: قدمت الشّام، فأتيتُ أبا الدّرداء في منزله فلم أجده، ووجدت أمَّ الدّرداء، فقالت: أتريد الحجَّ العام؟ فقلت: نعم. قالت: فادعُ لنا بخير، فإنّ النبيَّ ﷺ قال (فذكرته).
قال: فخرجتُ إلى السُّوق فلقيتُ أبا الدّرداء فقال لي مثل ذلك، يرويه عن النبيّ ﷺ. رواه مسلم من وجه آخر عن عبد الملك بن أبي سليمان، به.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 507 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

📜 حديث: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية