لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية

حديث: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية

عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله - وكان كاتبا له - قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية فقرأته فإذا فيه: «إن رسول الله ﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس، فقال: «أيها
الناس لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف»، ثم قال: «اللهم! منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم، وانصرنا عليهم».

متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٢٤ - ٣٠٢٥)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٤٢: ٢٠) كلاهما من حديث موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر فذكره والسياق للبخاري.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الجهاد والقتال في سبيل الله، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:

● الحرورية: هم الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسُمُّوا بذلك لأنهم خرجوا على جماعة المسلمين.
● مالت الشمس: أي زالت عن كبد السماء، وقاربت على الغروب، وهو وقت الظهيرة.
● لا تمنوا لقاء العدو: لا تتمنوا المواجهة والحرب مع الأعداء.
● العافية: السلامة من الشرور والأذى.
● ظلال السيوف: مقابضها وأغمادها، أي أن الجنة تُنال بالقتال والجهاد.
● منزل الكتاب: الذي أنزل القرآن.
● مجري السحاب: الذي يسير السحاب ويوجهه كما يشاء.
● هازم الأحزاب: الذي هزم الأحزاب (قريش وحلفاءها) في غزوة الأحزاب.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي سالم أبو النضر، وهو كاتب لعمر بن عبيد الله، أن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- كتب إليه حين خرج لقتال الحرورية (الخوارج) ناصحًا ومذكرًا بهذا الحديث النبوي الشريف.
ففي أحد الأيام التي كان النبي ﷺ يواجه فيها العدو، انتظر حتى مالت الشمس (أي قارب وقت الظهيرة)، ثم قام خطيبًا في الناس فقال:
1- "لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية":
هذا تحذير من التهوّر وتمني الحرب والقتال؛ لأن الحرب فيها مخاطر وشدائد، وقد يؤدي التمني إلى الاستخفاف بالعدو والاستعداد غير الكافي. بل ينبغي للمسلم أن يسأل الله العافية والسلامة، فإن وقع القتال وجب الصبر والثبات.
2- "فإذا لقيتموهم فاصبروا":
إذا حصل اللقاء والقتال، فالواجب على المسلم الصبر والثبات وعدم الفرار أو التخاذل.
3- "واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف":
هذه بشرى عظيمة للمجاهدين، فالجنة لا تُنال بالراحة والدعة، بل بالتضحية والجهاد في سبيل الله. ومعنى "تحت ظلال السيوف" أي أن الجنة تُنال بالسيف والقتال، وأن الشهادة في سبيل الله طريقٌ إلى الجنة.
ثم دعا النبي ﷺ بهذا الدعاء العظيم:
"اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم".
وهو دعاء جامع، يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، فالله هو منزل القرآن، وهو الذي يسير السحاب ويُنزل المطر، وهو الذي هزم الأحزاب (أي قريش ومن تحزب معها ضد المسلمين). فسأله النبي ﷺ أن يهزم الأعداء وينصر المسلمين.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- عدم تمني لقاء العدو:
لا ينبغي للمسلم أن يتمنى الحرب أو يستعجلها، بل يسأل الله العافية والسلامة، فإن وقعت الحرب وجب الاستعداد والثبات.
2- الصبر عند اللقاء:
من أهم صفات المجاهد الصبر عند لقاء العدو، وعدم الفرار أو التخاذل.
3- الجنة ثمنها الغالي:
الجنة لا تُنال بالتمني، بل بالجهاد والتضحية، والشهادة في سبيل الله من أعظم الدرجات.
4- التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته:
الدعاء بهذه الصيغة (منزل الكتاب، مجري السحاب، إلخ) يدل على أهمية التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته في الدعاء.
5- الدعاء قبل القتال:
من السنة أن يدعو المسلم قبل القتال بهذا الدعاء أو بما يشابهه، طلبًا للنصر من الله.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على حكمة النبي ﷺ في قيادة المعارك، حيث كان يخطب في الجنود ويحثهم على الصبر والثبات.
- الدعاء في الحديث يدل على أن النصر من عند الله، وليس بالعدد أو العدة فقط.
- الحديث يربي المسلم على التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب.
أسأل الله أن يجعلنا من المجاهدين في سبيله، والصابرين عند اللقاء، وأن ينصر المسلمين على أعدائهم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٢٤ - ٣٠٢٥)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٤٢: ٢٠) كلاهما من حديث موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر فذكره والسياق للبخاري.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 371 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية

📜 حديث: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية