حديث: اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما يتعوذ منه

عن أنس، أنّ النّبيَّ ﷺ كان يقول: «اللهمّ! إنّي أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يُرفع، وقلبٍ لا يخشع، وعلم لا ينفع».

صحيح: رواه أحمد (١٣٠٠٣)، وصحّحه ابن حبان (٨٣) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، فذكره.

عن أنس، أنّ النّبيَّ ﷺ كان يقول: «اللهمّ! إنّي أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يُرفع، وقلبٍ لا يخشع، وعلم لا ينفع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وصححه الألباني، هو من الأدعية العظيمة التي كان النبي ﷺ يكثر من التوجه بها إلى ربه، سائلاً ومتعوذاً من شرور هذه الأمور الأربعة. وفيما يلي شرح وافٍ لهذا الحديث:

أولاً. شرح المفردات:


● أعوذ بك: ألجأ وأتحصن بك، وأستجير بجنابك من شر هذه الأمور.
● قول لا يسمع: الدعاء الذي لا يُستجاب، أو الكلام الذي لا يُقبل لعدم искренيته أو موافقته للشرع.
● عمل لا يرفع: العبادة أو العمل الصالح الذي لا يتقبله الله تعالى لوجود خلل فيه.
● قلب لا يخشع: القلب القاسي الذي لا يخضع لذكر الله، ولا يتأثر بآياته.
● علم لا ينفع: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه ولا ينتفع به الناس، إما لعدم العمل به أو لسوء القصد.

ثانياً. شرح الحديث:


يدعو النبي ﷺ ربه في هذا الدعاء العظيم أن يعيذه ويحفظه من أربع آفات خطيرة تصيب الدين والدنيا معاً:
1- "اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع": أي أعوذ بك من الدعاء الذي لا يُستجاب، أو من الكلام الذي لا يُقبل ولا يُصغى إليه، سواء كان في الخير أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وسبب عدم استجابة الدعاء قد يكون من قبَل الداعي نفسه، كأن يكون قلبه غافلاً، أو يأكل الحرام، أو يستعجل الإجابة. وهذا تعوذ من ضياع الجهد وعدم تحقيق المقصود من القول.
2- "وعمل لا يرفع": أي أعوذ بك من العمل الصالح الذي لا يتقبله الله تعالى ولا يرفعه إليه. وذلك كالرياء والسمعة، أو العمل بغير إخلاص، أو عدم المتابعة للنبي ﷺ، أو أن يتبع العملُ معصيةً تُحبطه كالغِلول أو الأذى. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً». فالعمل وإن بدا صالحاً، فإنه قد لا يصل إلى الله لعدم استكمال شروط القبول.
3- "وقلب لا يخشع": أي أعوذ بك من القلب القاسي الذي لا يخضع لذكر الله، ولا يتأثر بمواعظه، ولا يلين للحق. فالخشوع هو روح العبادة، وبفقده تفقد الأعمال قيمتها وحلاوتها. قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد:16]. وهذا تعوذ من مرض القسوة الذي يميت القلب ويجعله غير قابلٍ لاستقبال نور الإيمان.
4- "وعلم لا ينفع": أي أعوذ بك من العلم الذي لا يُعمل به، ولا ينتفع به صاحبه في دينه أو دنياه، ولا ينتفع به الناس. وهذا يشمل علم الشرع إذا لم يعمل به العالم، أو لم يُعلِّمه الناس، أو كان مقصوده به الرياء والجدال. ويشمل أيضاً العلوم الدنيوية إذا لم تُستخدم في طاعة الله ونفع الخلق. وهو من أعظم العقوبات، حيث يحرم صاحبه بركة العلم وفائدته.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- حرص النبي ﷺ على الكمال في جميع أحواله: فهو يسأل ربه أن يعيذه من النقص في الأقوال والأعمال والقلوب والعلوم.
2- اهتمام الإسلام بنية العمل وقبوله: فليس المهم كثرة العمل، بل المهم إخلاصه وصحته وقبوله عند الله.
3- خطر القسوة على القلب: فالقلب هو ملك الجوارح، إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله.
4- ضرورة العمل بالعلم: فالعلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر، وهو حجة على صاحبه يوم القيامة.
5- التواضع والاستعانة بالله: حتى النبي ﷺ وهو المعصوم المؤيد بالوحي، يتعوذ من هذه الآفات، فغيره أولى بالالتجاء إلى الله.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الدعاء من أذكار الصباح والمساء، فيستحب للإنسان أن يحرص على قوله كل يوم.
- يجمع هذا الدعاء بين سؤال الله العصمة في القول والعمل والقلب والعلم، وهي أركان الدين الرئيسية.
- ينبغي للمسلم أن يتفقد نفسه دائماً، ويحاسبها على هذه الأمور الأربعة، لئلا يصيبه شيء منها.
أسأل الله تعالى أن يعيذنا من قول لا يسمع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع، وعلم لا ينفع، وأن يتقبل منا صالح الأعمال، ويجعلنا من عباده الخاشعين المتعلمين النافعين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٣٠٠٣)، وصحّحه ابن حبان (٨٣) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، فذكره. وإسناده صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 574 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع

  • 📜 حديث: اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب