أيما رجل أدركته الصلاة فليصل

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جُعِلت لي الأرض مسجدًا وطَهورًا، فأيما رجل من أُمَّتي أدركته الصلاة فليصل». [متفق عليه: البخاري (335) ومسلم (521)].

---

أولاً. شرح المفردات:

● جُعِلت: أي صُيِّرت وخصِّصت.
● الأرض: جميع أجزاء الكرة الأرضية.
● مسجدًا: أي مكانًا للسجود والصلاة.
● طَهورًا: ما يتطهر به من التراب عند عدم وجود الماء، وهو التيمم.
● أيما رجل: أي أي شخص.
● أدركته الصلاة: أي حان وقت الصلاة وهو في مكان ما.

---

ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فضيلة عظيمة من فضائل أمته، حيث جعل الله تعالى جميع أجزاء الأرض مكانًا صالحًا للصلاة، إلا ما استثناه الشرع (كالمقابر والحمامات وغيرها). كما جعل التراب طهورًا يتيمم به المسلم عند عدم وجود الماء أو عدم القدرة على استعماله. ثم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم كل مسلم أن يصلي في أي مكان حلَّ به وقت الصلاة، دون تأخير أو تردد.

---

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- يسر الإسلام وسماحته: فلم يوجب على المسلم مكانًا محددًا للصلاة، بل جعل الأرض كلها مسجدًا، تخفيفًا وتيسيرًا على الأمة.
2- التيمم بالتراب: شرع الله التيمم عند العجز عن استعمال الماء، مما يدل على رحمة الله تعالى بعباده ورفع الحرج عنهم.
3- المبادرة إلى الصلاة في وقتها: الأمر بالصلاة فور حلول وقتها في أي مكان كان الإنسان، مما يدل على أهمية المحافظة على الصلاة وعدم تأخيرها.
4- الاستثناءات الشرعية:رغم أن جعلت الأرض كلها مسجدًا، إلا أن هناك أماكن منهي عن الصلاة فيها، كالمقابر وأماكن الذبح والحمامات وأعطان الإبل، لما فيها من النجاسة أو عدم المناسبة.
5- فضل هذه الأمة: أن الله خصها بهذه الميزة العظيمة، حيث لم تكن للأمم السابقة، فكانوا يصلون فقط في الكنائس والبيع.

---

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في مشروعية الصلاة في أي مكان طاهر على وجه الأرض.
- التيمم يكون بضرب الكفين على الأرض الطاهرة ثم مسح الوجه واليدين إلى الكوعين.
- يستحب للمسلم أن يحمل معه سجادة صغيرة للصلاة عليها إذا كان المكان غير نظيف أو فيه ما يشغله في صلاته، لكن أصل الأرض طاهر.
- من فضائل هذه الشريعة أنها جاءت بما ييسر على الناس ولا يعسر، فالمهم أن تؤدى الصلاة في وقتها حيثما كان الإنسان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.