حديث: رسول الله ﷺ لا يرد السلام حتى يتوضأ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التيمم لردّ السلام

عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله ﷺ من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل، فسلم عليه، فلم يردّ عليه رسول الله ﷺ حتَّى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط، ثمَّ مسح وجهه ويديه، ثم ردّ رسول الله ﷺ على الرجل السلامَ.

حسن: رواه أبو داود (٣٣١) عن جعفر بن مسافر، ثنا عبد الله بن يحيى البُرلُّسي، حدَّثنا حيوة بن شريح، عن ابن الهاد، أن نافعًا حدثه عن ابن عمر، فذكره.

عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله ﷺ من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل، فسلم عليه، فلم يردّ عليه رسول الله ﷺ حتَّى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط، ثمَّ مسح وجهه ويديه، ثم ردّ رسول الله ﷺ على الرجل السلامَ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْغَائِطِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ عِنْدَ بِئْرِ جَمَلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْحَائِطِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ.
رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني.


الشرح الوافي:



# 1. شرح المفردات:


● الغائط: المكان المنخفض من الأرض الذي يقصده الإنسان لقضاء الحاجة، والمقصود هنا أنه كان عائدًا من موضع قضاء الحاجة.
● بئر جمل: بئر معروفة في المدينة المنورة، سُميت بذلك نسبة إلى رجل من بني عدي يقال له جمل، أو لأن جملاً كان قد سقط فيها.
● الحائط: الجدار أو الحائط المبنيّ بالحجارة أو الطين. والمقصود هنا جدار قريب من البئر.
● مسح وجهه ويديه: أي أمرّ يده على وجهه ويديه، وهذه هي صفة التيمم.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ كان عائدًا من قضاء حاجته، فقابله رجل عند بئر تسمى "بئر جمل"، فسلم هذا الرجل على النبي ﷺ. فلم يرد النبي ﷺ على سلامه في الحال، بل توجه إلى جدار قريب ووضع كفيه عليه، ثم مسح بهما وجهه ويديه (متيممًا)، وبعد أن انتهى من ذلك، رد على الرجل السلام.

# 3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


هذا الحديث العظيم يحوي عددًا من الفوائد الجليلة والعبر المستفادة:
● وجوب الطهارة لرد السلام الواجب: السلام له حكم الرد بالوجوب على من سلم، لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]. لكن الرد على السلام من الذكر الذي يشترط له الطهارة، كقراءة القرآن أو الدعاء. فالنبي ﷺ أخَّر الرد حتى يتطهر؛ لأنه كان على غير طهارة، فلم يرد السلام وهو على حال لا يليق بذكر الله، فالتيمم هنا كان شرطًا لاستباحة الرد.
● التيمم بديل عن الوضوء عند عدم الماء أو الحاجة إليه: في هذا الموقف لم يكن مع النبي ﷺ ماء ليتوضأ، أو كان من المشقة عليه العودة إلى البئر أو الانتظار، فشرع له التيمم، وهو المسح على الصعيد الطيب (التراب النقي) أو ما شابهه كالحائط غير المطلي.
● جواز التيمم على الحائط إذا كان من جنس الأرض: الحائط المبني من الطين أو الحجر يعتبر من جنس الصعيد الطيب، فيجوز التيمم عليه إذا لم يكن مغطى بطلاء أو شيء ينقض حكمه.
● الأدب الرفيع مع الله تعالى: تأخير النبي ﷺ للرد حتى يتطهر يدل على تعظيمه لذكر الله، فكلام الله ورد السلام الذي هو من الذكر لا يليق أن يُقال إلا على طهارة. وهذا أدب عظيم نفتقده في زماننا.
● التيسير ورفع الحرج في الشريعة: لو أن النبي ﷺ انتظر حتى يجد ماء أو عاد إلى البئر لشَقَّ عليه وعلى من معه، فشرع الله له التيمم تيسيرًا وتخفيفًا.
● الحرص على تطبيق السنة عمليًا: النبي ﷺ هو المشرع، فكان يحرص على تطبيق الأحكام أمام أصحابه ليتعلموا منه عمليًا، ففي هذا الموقف علم الأمة كيفية التيمم العملي عند الحاجة.
● عدم مخاطبة أو إلقاء السلام على من يقضي حاجته: يستفاد من جانب آخر أن الرجل لم يسلم على النبي ﷺ وهو في موضع قضاء الحاجة، بل سلم عليه بعد أن أقبل وفرغ، وهذا من الأدب الذي ينبغي مراعاته.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أدلة جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة وغيرهم) على أن الطهارة شرط لاستباحة ذكر الله تعالى على سبيل الوجوب، كالسلام وردّه، وقراءة القرآن، والدعاء.
- بينما ذهب الحنفية والمالكية إلى أن الطهارة لذكر الله مستحبة وليست شرطًا للجواز، ولكنهم يستدلون بهذا الحديث على أفضلية الطهارة للذكر واستحبابها.
- الحديث دليل على أن التيمم يرفع الحدث ويبيح للمتيمم ما يباح للمتوضئ من صلاة وذكر وقراءة، حتى يجد الماء أو تزول عذرته.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، ويعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٣١) عن جعفر بن مسافر، ثنا عبد الله بن يحيى البُرلُّسي، حدَّثنا حيوة بن شريح، عن ابن الهاد، أن نافعًا حدثه عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده حسن ورجاله ثقات؛ إلَّا جعفر بن مسافر قال فيه النسائي: صالح. وقال أبو حاتم: شيخ. وذكره ابن حبَّان في الثقات.
وعبد الله بن يحيى البُرلُّسي - بضم الموحدة والراء، وتشديد اللام المضمومة وبعدها مهملة: - من رجال الصحيح. قال أبو حاتم: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات.
وتابعهما عند الدارقطني (١/ ١٧٧) فقال: حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن عتاب، نا الحسن بن عبد العزيز الجروي، نا عبد الله بن يحيى المعافري، نا حيوة بإسناده مثله. ولم يتكلم عليه الدارقطني بشيء.
إلَّا أن بعض الحفاظ جعلوه موقوفًا على ابن عمر، ولم أجد له وجها يحمله على الوقف؛ فإنَّ الحديث يوافق ما رواه أبو جهيم بن الحارث.
فالذي يجب أن يحكم عليه بالنكارة والضعف هو الحديث الذي يرويه محمد بن ثابت العبدي، قال: أخبرنا نافع، قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فقضى ابن عمر حاجته، فكان من حديثه يومئذ أن قال: مرّ رجل على رسول الله ﷺ في سكة من السكك، وقد خرج من غائط أو بول، فسلَّم عليه، فلم يردّ عليه، حتَّى إذا كاد الرجل أن يتواراي في السكة ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثمَّ ضرب أخرى فمسح ذراعيه، ثم ردّ على الرجل السلام وقال: «إنه لم يمنعني أن أردَّ عليك السلام إلَّا أنِّي لم أكن على طهره. (سنن أبي داود: ٣٣٠).
قال تقي الدين ابن دقيق في الإمام: ورُدَّت هذه الرواية بالكلام في محمد بن ثابت، فعن ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين. وقال البخاري: خولف في حديثه عن نافع عن ابن عمر مرفوعا في التيمم، وخالفه أيوب وعبد الله وغيرهم فهانوا: عن نافع، عن ابن عمر فعله. انتهى.
قال الأعظمي: وكذلك رواه مالك في الموطأ (٩٠، ٩١) عن نافع أنَّه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجُرُف، حتَّى إذا كان بالمربد نزل عبد الله فتيمّم صعيدًا طيبًّا، فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلَّى. وفي رواية عنده: أن ابن عمر كان يتيمّم إلى المرفقين.
فالنكارة في رواية محمد بن ثابت العبدي أنَّه ذكر ضربتين والمسح إلى الذراعين. إلَّا أن البيهقي يرى أن حديث ابن عمر الأوَّل يكون شاهدًا لحديث ابن عمر الثاني، ولا منافاة بينهما، فقد قال ﵀:
وقد أنكر بعض الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي، فقد رواه جماعة عن نافع من فعل ابن عمر، والذي رواه غيره عن نافع من فعل ابن عمر إنَّما هو التيمم فقط، فأما هذه القصة فهي عن النبي ﷺ مشهورة برواية أبي الجُهيم بن الحارث بن الصِّمة وغيره، وثابت عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر أن رجلًا مرَّ ورسول الله ﷺ يبول، فسلم عليه، فلم يردّ عليه. رواه مسلم (٣٧٠). إلَّا أنه قصر بروايته ورواية يزيد بن الهاد عن نافع أتمّ من ذلك.
ثمَّ روى حديث أبي داود عن جعفر بن مسافر إلى آخره، وقال: فهذه الرواية شاهدة لرواية
محمد بن ثابت العبدي، إلَّا أنه حفظ فيها الذراعين، ولم يثبتها غيره كما ساق هو وابن الهاد الحديث بذكر تيممه، ثمَّ رده جواب السلام، وإن كان الضحاك بن عثمان قصر به. وفعل ابن عمر التيمم على الوجه والذراعين إلى المرفقين شاهد لصحة رواية محمد بن ثابت غير مناف لها. انتهى. «السنن الكبرى» (١/ ٢٠٦).
قال الأعظمي: هكذا جعل البيهقي حديث الضحاك، عن نافع، عن ابن عمر مجملًا، وحديث يزيد بن الهاد، عن نافع، عن ابن عمر تفصيلًا له، وأنا جعلتهما حديثين؛ ليأخذ كل واحد منهما رقمه الخاص.

معلومات عن حديث: رسول الله ﷺ لا يرد السلام حتى يتوضأ

  • 📜 حديث: رسول الله ﷺ لا يرد السلام حتى يتوضأ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رسول الله ﷺ لا يرد السلام حتى يتوضأ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رسول الله ﷺ لا يرد السلام حتى يتوضأ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رسول الله ﷺ لا يرد السلام حتى يتوضأ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب