قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن محاججة المنكرين والجاحدين في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [البقرة: 23]
يا له من تحدٍّ للبشر جميعًا في كلِّ عصرٍ ومِصر! ألا فاعقِدوا ما شئتم من مؤتمرات، وادعُوا من استطعتم من ذوي القدُرات، إنكم لن تأتوا بسورةٍ من مثل هذا القرآن، ولا بضع آيات. تيقَّن أن الشكوك مهما طال أمدُها، واشتدَّ عودُها، فإن نور الحقِّ سيبدِّد ظلامها، ويمحق كِيانها؛ ﴿بل نقذِفُ بالحقِّ على الباطلِ فيدمَغُه فإذا هو زاهِق﴾ . عبوديَّتك أشرفُ أوصافك، وقد آثر نبيُّك ﷺ العبوديةَ لله تعالى على المُلك العظيم، فأضافه الله إليه؛ تشريفًا لقدره، ورفعًا لذِكره. |
﴿فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [البقرة: 24]
القرآن حجَّةٌ قائمة باقية، لا يزداد الإعجاز فيه مع الأيام إلا ظهورًا، فمَن صدَّق به فقد جعل بينه وبين عذاب الله سُتورًا، ومَن جحد به فقد جعل من نفسه للنار وَقودًا! أعظِم بها من نارٍ توقَد بأجساد المرَقة الفاجرين، وبحجارة الأصنام التي كانوا عليها عاكفين! إنه مصيرُ العابد والمعبود بالباطل؛ ﴿إنَّكم وما تعبُدونَ من دونِ الله حَصَبُ جهنَّم أنتم لها وارِدون﴾ . |
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ﴾ [البقرة: 91]
كلُّ من فرَّق الحقَّ فآمن ببعضه وكفر ببعضه، فإنه لا ينفعه إيمانُه بما آمن به حتى يؤمنَ بالحقِّ جميعًا. علامة الصِّدق في اتِّباع الحقِّ المسارعةُ إلى قَبوله والأخذ به، فإن الحكمة ضالَّة المؤمن أينما وجدها انتفع بها. إنهم أنبياء الله العليم الحكيم، أرسلهم هدًى ورحمةً للعالمين، وحسبُهم هذا من تشريفٍ لهم وتكريم، ومَن كان كذلك فحقُّه أن يُعظَّم ويُنصَر، لا أن يُهانَ ويُقتَل! |
﴿۞ وَلَقَدۡ جَآءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ ﴾ [البقرة: 92]
هي صورة شنيعةٌ للظلم حين يبلغ مداه؛ أنقذهم الله من العبوديَّة، وأراهم من المعجزات والآيات ما لا يقبل الشكَّ، ثم لم يلبثوا أن كفروا بأنعُمه واتَّخذوا من دونه إلهًا باطلًا. |
﴿قُلۡ إِن كَانَتۡ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةٗ مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [البقرة: 94]
ادِّعاءاتك معرَّضة للاختبار، فلا تدَّعِ ما ليس لك، وضَع نفسك موضعَها الصحيح، واعلم أن كلَّ قول لا بيِّنةَ عليه باطلٌ لا يُعوَّل عليه. |
﴿وَلَن يَتَمَنَّوۡهُ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [البقرة: 95]
هيهاتَ أن يطمئنَّ المكذِّبون إلى أنهم على حقٍّ قويم، وسيظلُّون في شكٍّ ورَيب عميم، ولو أحسنوا ما قدَّموا لأقدموا! |
﴿مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67]
جعل الله لإبراهيمَ عليه السلام لسانَ صدقٍ في العالمين، فكلُّ أهل كتاب ينتحلونه، وهو ما جاء إلا بالإسلام، عليه من الله الصلاة والسلام. الإسلام هو التوحيد المُطلَق بكلِّ خصائصه، والشِّرك نقيضُه في كلِّ مقتضَياته، فكيف يلتقيان؟! |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَأَنتُمۡ تَشۡهَدُونَ ﴾ [آل عمران: 70]
كلَّما كان المرء أعلمَ بكتاب الله، كان إعراضُه عن الحقِّ وكفرُه به أعظمَ عند الله. |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 71]
للعدوِّ معك طريقان: إمَّا أن يكتُمَ الحقَّ فيمنعَه عنك، وإمَّا أن يَلبِسَه بالأوهام والضَّلالات بعد أن يصلَ إليك، فاعرِف عدوَّك واعرِف سبُله. قد يدعو أهلُ الباطل إلى بعض الحق، لا محبَّةً فيه، ولكن لأن باطلهم لا يَروجُ إلا بمَزجه بشيءٍ من الحقِّ. فلنحذَر! دين الله حقٌّ لا لبسَ فيه ولا تخليط، مهما حاول الكائدون تشويهَه أو الطعنَ فيه. |
﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّٰنِيِّـۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ ﴾ [آل عمران: 79]
يختار الله من عباده لحمل رسالته إلى خَلقه، مَن يدعو إلى توحيده وإفراده بالتعظيم؛ فلذلك كان الأنبياء أبعدَ الناس عن الدعوة إلى أنفسهم، وترك عبادة ربِّهم. أعلى مراتب العبد أن يكونَ ربَّانيًّا؛ يربِّي الناسَ بمبادئ العلم قبل نهاياته، وبأصوله قبل فروعه، ويدعوهم إلى العمل بفعله قبل قوله. غاية الأنبياء جميعِهم تبليغُ رسالات ربِّهم، فمَن كان على نهجهم فهو الداعيةُ الحقُّ. ضلَّ أقوامٌ غلَوا في رسول الله ﷺ فجعلوا له بعضَ حقوق الله عزَّ وجل، هلَّا استجابوا لأمره: «لا تُطروني كما أطرَت النصارى عيسى ابنَ مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبدُ الله ورسوله». أعظم آثار العلم تحقيقُ التوحيد، وتعميقُ مفاهيمه في حياة الداعية إليه وحياة الناس. |
﴿وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 80]
مَن اعتقد شيئًا من صفات الربوبيَّة في مخلوقٍ من المخلوقات، أو صرف له العبادةَ من دون الله، سواءٌ كان ملَكًا مقرَّبًا أو نبيًّا مرسلًا، فقد اتخذه ربًّا وكفر بما أنزل الله. |
﴿كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [آل عمران: 86]
كيف يوفَّق إلى الهداية مَن عرَفها ثم انحرف عنها، ومَن استبانت له الحقيقةُ ثم تركها؟! ليس كلُّ مَن شهد أن الرسول حقٌّ فهو من المهتدين، حتى يتَّبعَه ويكونَ مع المؤمنين، وما أضلَّ مَن شهد برسالته واتَّبع الشياطين! |
﴿۞ كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلّٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ قُلۡ فَأۡتُواْ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [آل عمران: 93]
القرآن قاضٍ على دعاوى الكتابيِّين، يصحِّح لهم، ويكشف كذبَهم، ويقيم الحُجَّة عليهم. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 98]
كان الواجبَ عليهم وهم أهلُ الكتاب أن يؤمنوا به وبما يصدِّقه من القرآن، لا أن يُعرضوا عنه ويكفروا به، وكذلك كلُّ مَن أوتيَ العلم فإن الإثم منه أقبح وأشنع. مَن يعرف أن الله يشهَد عملَه، وأنه ليس بغافلٍ عنه، وأنه قادرٌ على إيقاع العقوبة به، كيف يكفر به ويعمل على الإفساد والتضليل؟! |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَأَنتُمۡ شُهَدَآءُۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 99]
حين يُصَدُّ الناسُ عن سبيل الله وهو الصِّراط المستقيم، ويُفتَنون عن منهج الله وهو الهديُ القويم، فلن يصحَّ في الأرض ميزان، ولن يستقيمَ سوى دين الله دين! قد أغنى الله المؤمنين عن التلقِّي عن أهل الكتاب والتعويل عليهم، والتبعيَّة لهم، ففي نظُم الإسلام وشرائعه كفايةٌ للصادقين، وأيُّ كفاية! |
﴿ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ قُلۡ قَدۡ جَآءَكُمۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِي بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِي قُلۡتُمۡ فَلِمَ قَتَلۡتُمُوهُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [آل عمران: 183]
مَن أعرضَ عن الحقِّ واتَّبع هواه وأُقيمَت عليه الحُجَج، فليس أهلًا لأن تمهَّدَ له الأعذار ويجابَ إلى ما أراد؛ فإن ذلك لن يزيدَه إلا تماديًا ومَطلًا، وجدالًا وعِنادًا. إفحام المعاند بما يدَّعيه، وإقامةُ الحُجَّة عليه من فِيه، أسلوبٌ جَدليٌّ ناجح؛ لأن مَن خُوصِم بما يقول لم تبقَ له حُجَّة ولا عذر. تسويغ الجريمة والدفاعُ عن أهلها اشتراكٌ فيها، وإن وقعَت قبل مئات السنين؛ ألا ترى كيف نُسِب القتلُ إلى الأحفاد مع أنَّ القتلةَ هم الأجداد؟! |
﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [المائدة: 18]
محبة الله للعبد منزلة عظيمة رفيعة، لا تكون إلا لمن صدق في محبَّته له وبرهن على ذلك بطاعته واتباع رسُله؛ فكيف يدعيها من لا إيمان له ولا طاعة؟! ما أسهلَ الدعوى وأصعبَ البرهان! الحبيب لا يعذِّب محبوبَه إلا إذا استحقَّ تعذيبَه؛ بامتناعه عن القيام إلى ما يحبُّ، وإسراعه الخُطا إلى ما يكره. كلُّ البشر عند الله في الخَلق سواء، لا يتفاضلون بصُورهم ولا أوطانهم ولا أعراقهم، فلا يدَّعيَنَّ أحدٌ محبَّةَ الله له لسببٍ من تلك الأسباب، فلا تفاضلَ عنده إلا بالتقوى. لا ينال الغفرانَ مستحقُّوه، ولا العذابَ أهلُه، إلا بمشيئة الله وبأسبابهما، فاعمل بأسباب رضاه تنَل غُفرانَه. كل الخلق صائرون إلى خالقهم؛ مَن أقبل منهم عليه ومَن أدبر عنه، ولكن ما أجملَ حروفَ (إلى الله المصير) في آذان المُقبِلين، وما أشدَّ وقعَها على مسامع المُدبِرين! |
﴿وَكَيۡفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِيهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوۡنَ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [المائدة: 43]
إذا كان الإيمانُ بالله تعالى يعني قَبولَ شريعته، والاحتكامَ إليها، فما موقعُ الذين يتولَّون عنها من الإيمان؟ |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَٰسِقُونَ ﴾ [المائدة: 59]
المؤمن المخلصُ يعمل ويَمضي غيرَ ملتفتٍ إلى ذمِّ الذامِّين، وتثبيطِ المثبِّطين، فأمامَه وِجهةٌ يسعى إليها، وربٌّ يطلب رضاه، فلا يبالي حينئذٍ بقطاع السبيل، فإن الله غايتُه. لا ينفكُّ الفاسق ينقِمُ على المستقيم استقامتَه؛ لأنه كلَّما رآه ذكر فسوقَه، فلم يَرُق له النظرُ إلى مَن أبان عن قصوره، وكشف للناس عن شروره. |
﴿وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ ﴾ [الأنعام: 8]
طلبُ ما لا يمكن حصولُه عادةً متمسَّكٌ واهٍ يلجأ إليه من ألجمَته براهينُ الحق، ولم يجد في بيداءِ الباطل طريقًا تُخرجُه من حَيرته. ليسـت مهمَّـة رسـول الله ﷺ التصـدِّيَ لرغَباتِ الكافرين، وتلبيةَ اقتراحات المُعرضين، التي إن تحقَّقَ بعضُها طلبوا المزيد؛ عِنادًا واستكبارًا، وإنما عليه البلاغُ المبين. |
﴿وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ مَلَكٗا لَّجَعَلۡنَٰهُ رَجُلٗا وَلَلَبَسۡنَا عَلَيۡهِم مَّا يَلۡبِسُونَ ﴾ [الأنعام: 9]
مجيءُ الرسولِ إلى البشر من جنسهم وليس من الملائكة رحمةٌ من الله تعالى؛ إذ يحصُل بذلك كمالُ الاقتداء، وتمامُ الاهتداء، فلا عذرَ لمَن كذَّب به، أو قصَّر في اتِّباعه. قال قَتادة: (ما لبَّس قومٌ على أنفسهم إلا لبَّسَ اللهُ عليهم، واللَّبْسُ إنما هو من الناس، قد بيَّن اللهُ للعباد، وبعثَ رسلَه، واتخذ عليهم الحجَّة، وأراهمُ الآيات، وقدَّم إليهم بالوعيد). |
﴿سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأۡسَنَاۗ قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 148]
إن مشيئةَ اللهِ تعالى النافذةَ يجب ألا تُتَّخذَ عذرًا ولا ذريعةً لتقصير العبد في جنب الله، ولا لاتِّباعه هواه، فالاحتجاجُ بالقدَر إنما يَصِحُّ في المصائب لا في المَعايب. لا يَحتجُّ على فعل المعصية بقدر الله إلا مكذِّبٌ بالأمر والنهي، ولا يزيد باحتجاجه هذا معصيتَه إلا قُبحًا واستمرارًا. مَن خالف ظاهرَ الأمر والنهي دون صارفٍ يُفيد العلم، فهو متخرِّصٌ مذموم على اتِّباع الظنون. |
﴿قُلۡ فَلِلَّهِ ٱلۡحُجَّةُ ٱلۡبَٰلِغَةُۖ فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ ﴾ [الأنعام: 149]
حُججُ الله تعالى أعلى درجاتِ الحقِّ قوَّةً ورصانة، وبيانًا ووضوحًا؛ لأنها براهينُ مَن كمُلَ في قدرته وعلمه. لا أبلغَ من حُجج هذا التشريع البديع، فمَن احتجَّ بها على وجهها ظهرت حُجَّتُه، واتضحت مَحَجَّتُه، ومَن عارضها لم تخفَ هزيمتُه. قضى الله بأن يجعلَ الهدى في قلب مَن هو صادقٌ في سعيه إليه، فإنه أنفَسُ من أن يُوضعَ في قلب مَن هو زاهدٌ فيه. |
﴿قُلۡ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشۡهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَاۖ فَإِن شَهِدُواْ فَلَا تَشۡهَدۡ مَعَهُمۡۚ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 150]
لا حُجَّةَ لضالٍّ عن الحقِّ يستطيع أن يجدَ لها شهودَ صدقٍ وشهادةَ عدل، فما أقطعَ حجَّتَهم وأبينَ كذبَهم! إذا شهد الناسُ بالباطل ووقفوا مع أهله فلا تشهد معهم، ولا تُداهنهم ضعفًا أو رجاءً أو خوفًا. مَن كان مكذِّبًا بالآيات، متَّبعًا للأهواء والشبهات، غيرَ مؤمن بربِّ الأرض والسماوات؛ فليس بأهلٍ للاتِّباع والتأسِّي. الإيمان بالله واليوم الآخر يحجُز صاحبَه عن الأهواء المضلَّة، والأعمالِ المنحرفةِ عن الحقِّ. |
﴿أَن تَقُولُوٓاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلۡكِتَٰبُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيۡنِ مِن قَبۡلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمۡ لَغَٰفِلِينَ ﴾ [الأنعام: 156]
القرآن حجَّةٌ تُنيرُ المَحَجَّة، وتسقِطُ الشُّبهة، وتعالجُ الشهوة، وتردُّ ضُلَّالَ الأهواء إلى جادَّة الحقِّ، بما فيها من القوَّة في الاحتجاج، والدعوة إلى صفاء المِنهاج. كم أغنت دراسةُ القرآن عن غيره من الكتب المُنزَلة! فهل يتنبَّهُ إلى ذلك الغافلون عن الإسلام؟ |
﴿أَوۡ تَقُولُواْ لَوۡ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡكِتَٰبُ لَكُنَّآ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمۡۚ فَقَدۡ جَآءَكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنۡهَاۗ سَنَجۡزِي ٱلَّذِينَ يَصۡدِفُونَ عَنۡ ءَايَٰتِنَا سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصۡدِفُونَ ﴾ [الأنعام: 157]
لم يُبقِ القرآنُ لمَن ترك الاستهداءَ به عذرًا؛ فقد أبانَ السبيل، وأقام لدعوةِ الحقِّ كلَّ دليل. جُلُّ مقاصد القرآن في الدعوة إظهارُ البيِّنة والهداية، وسلوكُ سبيلِ الحكمة والرحمة، وهذه دعوةٌ لكلِّ داعٍ إلى الحقِّ أن تقومَ دعوتُه على هذه المقاصد الحسنة. كيف يكذِّب عاقلٌ آياتِ الله ويُعرِض عنها وهي تدعوه إلى الهُدى والرشاد، وتنقذُه من الشُّرور والفساد، فأيُّ ظلمٍ أعظمُ من هذا؟! يا لَبؤسِ مَن أعرض عن الحقِّ؛ إيثارًا للدنيا الفانية، وانصرفَ عن آيات الله إلى حظوظه العاجلة، فما أقربَ حالَه من حال المكذِّبين المعاندين، وما أشدَّ عذابَهم يوم الدين! |
﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]
لو تُرك الناسُ إلى فطرتهم النقيَّة لأقرُّوا بربِّ البَريَّة، وما أشركوا به أحدًا. استيقِظ من غفلتك اليوم؛ فعسى أن تُسلَكَ في نَظْم الصالحين، وإيَّاك والاستمرارَ عليها فتعتذرَ يوم القيامة بأنك كنت من الغافلين. |
﴿قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [يونس: 16]
الوحيُ والبلاغ بمشيئة الله تعالى، ولو كان من تِلقاء نفس النبيِّ ﷺ لكان في سِنِّ الحداثة والشباب أَولى به، ولم يؤخِّره حتى بلغَ الأربعين. على مَن يهيِّئ نفسَه لقيادة الناس أن يضبِطَ تصرُّفاته في وقتٍ مبكِّر؛ فإن لهذا أثرًا بعد أخذ زِمام القيادة. السيرة الحسنة أدعى لقَبول دعوة الداعي، والاستجابةِ لما جاء به، وهكذا كان حالُ الأنبياء والمرسَلين، وسادةِ الدعاة والمصلحين. إذا رُزقَ الإنسانُ العقلَ المستنيرَ أيقنَ أن القرآن من عند العليم الخبير سبحانه، وأن رسولَ اللهِ ﷺ هو المبلِّغُ الأمينُ له. |
﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ ﴾ [يونس: 17]
ما أشدَّ وعيدَ مَن يحرِّفُ كلامَ اللهِ تعالى ليُرضيَ أهواءَ الناس وينالَ حظًّا من الدنيا! المتمسِّكون بالوحي هم أهلُ الفلاحِ والنجاة، والمفترون عليه أهلُ الخِزي والنَّكال، وسوءِ الأحوال. |
﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [يونس: 18]
لا ترجُ غيرَ خالقك، ولا تخشَ سوى ربِّك، فإن غيرَه لن يملِك لك ضَرًّا ولا نفعًا، إلا ما شاء الله. لن تبلغَ المعبوداتُ أن تضُرَّ من شاء اللهُ حمايتَه من الضَّرِّ، أفليسَ من يمنعُ الضَّرَّ عن عباده هو الأحقَّ بالشكر؟! إن كانت عبادةُ غيرِ اللهِ ليست نافعةً أصحابَها؛ فإن عبادةَ الله تعالى بلا شكٍّ ستنفعُ أهلَها في العاجل والآجل. عجيبٌ كيف يصرُّ عبَّادُ الأصنام على الاستمرار في عبادتها، مع اعترافهم الدائم بأن المتصرِّفَ هو اللهُ تعالى وحدَه! ليس لما يعبُد الناسُ من دون الله عنده يدٌ، ولا نوعُ تصرُّفٍ، فمن طلبَ رضا هؤلاء الوُسطاء بعبادتهم فقد ظنَّ بالله ظنَّ السَّوء. اللهُ تعالى أقربُ إلى عباده مِن حاجته إلى شُفعاءَ يوصلونهم إليه، وأعظمُ من أن يكون له وُسَطاءُ يُزكُّون الناسَ لديه. تعالى ربُّنا أن يجهلَ أحوالَ خَلقه حتى يخبرَه بها أحد! لقد جَهلَ مقامَ الربوبيةِ والألوهية مَن شبَّهَ ربَّ العالمين بعبيده من الملوك الجاهلين العاجزين وغيرِهم. |
﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31]
كم من جهةٍ يَفيضُ عليك منها رزقُ ربِّك، ويجيئُك منها جزيلُ فضله، فسبحانه من ربٍّ وسِعتنا رحمتُه، فوجبَ علينا حمدُه وشكرُه. تذكَّر أن الله يملك سمعَك وبصرك، فاحذر أن يسلُبَك إيَّاهما وأنت تعصيه بهما. السمع والبصر هما طريقا العلم والتمييز، فإذا كان الله مالكَهما فكيف نجعل شيئًا من أعمالنا أو علومنا لغير الله المالك لها؟! يا مَن ترى مظاهرَ قدرة الله بعينك، قِس عليها قدرتَه على بعثك ومُجازاتك. |
﴿قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهۡدِي لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ﴾ [يونس: 35]
إن كان شأنُ المعبود أن يَهديَ عِبادَه إلى ما فيه صلاحُ أمرهم، فكيف يتَّبع ناسٌ مَن لا يَنهى عن غَيٍّ، ولا يَهدي إلى سبيل؟! الوحيُ هدايةٌ وإرشاد، فمَن اتَّبعَه نجا وسلِم، ومَن لم يتَّبِعه ضلَّ وندِم، وتاه في أودية الضلال. مَن يدعو إلى الحقِّ وينهى عن الباطل هو من يُتَّبع، وليس مَن يملكُ المالَ أو الجاهَ أو السلطان. |
﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [يونس: 38]
تأمَّلْ في عظَمة هذا القرآن الذي تحدَّى به اللهُ الفصحاء والبُلغاء، ولو كانوا يَقدِرون على معارضته لنأَوا بأنفسهم عن كلِّ الحروب. |
﴿قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِتَلۡفِتَنَا عَمَّا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا نَحۡنُ لَكُمَا بِمُؤۡمِنِينَ ﴾ [يونس: 78]
مَن نشأَ على شيءٍ ألِفَه وتعلَّق بأحوالِه ومُلابَساته، وما أقبحَ أن ينشأ المرءُ على باطلٍ فيَقبله دون تفكُّرٍ ولا نظر! نزع جذور البيئة السيِّئة من العقول والقلوب يحتاج من الداعية إلى صبر؛ لأنها صارت لدى بعض الناس كالدِّين المتَّبع. التمسُّكُ بتقليد الآباء أو العظماءِ في النفوس، والحرصُ على الرئاسة الدنيوية؛ يمنعانِ أصحابَهما من قَبول دعوةِ الحق. اتهامُ داعيةِ الحق بالحرص على الشهرة، وخطفِ أضواء الإعجاب، ونَيلِ مآرب الدنيا الظاهرة أمرٌ قديم جديد، لم تتجدَّد إلا وسائلُه، وكثرةُ المتفوِّهين به. |
﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [هود: 13]
لو اجتمع الشعراءُ والأدباء، والخطباءُ والعلماء، والفلاسفةُ والحكماء، على معارضة القرآن، واستعانوا بمَن أرادوا؛ لما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. ما أكثرَ تُهمَ أهلِ الباطل للحقِّ وأهله! وما أبينَ افتقارَها إلى الأدلَّة التي تشهد لها! |
﴿فَإِلَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾ [هود: 14]
حُجَج القرآن تقتضي أن ينتقلَ متأمِّلها من الظنِّ إلى العلم، ومن يقينٍ إلى يقينٍ أرسخ منه. إذا كانت الدلائلُ قد تظاهرت على أن هذا القرآن المعجزَ هو من عند الله، فما فيه من التوحيد يُوجبُ على العباد توحيدَ ربهم، وعبادتَه دون مَن سواه. ليكُن مقصِدُ الداعية من إقامة الحُجةِ على الناس بإعجاز القرآن حضَّهم على الإسلام، وترغيبًا لهم في الهداية إلى سُبلِ السلام. |
﴿قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ لَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعٗا وَلَا ضَرّٗاۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِي ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ ﴾ [الرعد: 16]
مَن اعترفَ بالله خالقًا مدبِّرًا، ألا يدعوه ذلك إلى أن يعترفَ به إلهًا معبودًا لا شريك له؟ مَن كان لا يقدِرُ على الضَّرر ولا النفع، فأيَّ شيءٍ يستطيعُ، وأيَّ تعظيم يستحق، فضلًا عن عبادته؟ مَن لا يملكُ شيئًا لنفسِه، فهو أعجزُ عن أن يملك شيئًا لغيرِه. الإيمانُ نورٌ وضياءٌ يُرى به الطريقُ إلى الله، والكفرُ عمى وظلماتٌ يحولُ بين المرء وبين رؤيةِ تلك السبيلِ الهادية. احتجَّ سبحانه على تفرُّده بالإلهيَّة بتفرُّده بالخَلق، وعلى بطلان إلهيَّة ما سواه بعَجزهم عن الخلق، وعلى أنه واحدٌ بأنه قهَّار؛ إذ القهر التامُّ يستلزم الوحدة، فما أبدعَه من استدلال! |
﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ﴾ [النحل: 35]
لا حُجَّةَ للعبد على الله تعالى ولا عُذرَ إذا خالف أمرَه فآخذَه؛ لأنه قد جعل له قوَّةً ومشيئة، وقدرةً وتمكينًا، وإنما الاحتجاجُ بالقدَر على المعاصي من فعل المشركين، إذا جاءهم الحقُّ المبين. الحكيم من البشر لا يسلُك مسلكَ قومٍ عُذِّبوا على سلوك ذلك الطريق؛ إذ لو كان الله راضيًا عن أفعالهم لما انتقم منهم. ما على الداعية أن يستجيبَ الناسُ لدعوته، بل حسبُه أن يجتهدَ في إبلاغ الحق، واللهُ تعالى وحدَه هو الهادي إلى سواء السبيل. |
﴿وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ ﴾ [النحل: 103]
محاولة إسقاط هيبة النَّصِّ القرآني في نفوس الناس قديمةٌ قِدمَ الرسالة، فكم مرَّ على التاريخ من أشباه هؤلاء، وبقيت مكانةُ القرآنِ في النفوس كما هي! كيف يمكن لدى العقلاء لأعجميٍّ أن يأتيَ بمثل كتابٍ عربيٍّ قد عجَز أربابُ الفصاحة والبلاغة والبيان عن معارضته؟! |
﴿قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا ﴾ [الإسراء: 42]
سبحان من تنزَّه أن يكون معه في عبادته شريك ينازعه، أو نِدٌّ يقاسمه حقَّه الذي انفرد به سبحانه وتعالى. الله سبحانه هو ذو العرش المجيد، الذي يجب التوجُّه إليه وعبادته وحدَه دون مَن سواه، وإن التفكُّر في عظمة عرشه داعٍ إلى توحيده. |
﴿وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا ﴾ [الإسراء: 49]
لقد جهل أشدَّ الجهل من قاسَ قدرةَ المخلوق الضعيف العاجز على قدرة القويِّ القادر، فأيُّ عاقل ينكر أظهرَ الأشياء؟! |
﴿۞ قُلۡ كُونُواْ حِجَارَةً أَوۡ حَدِيدًا ﴾ [الإسراء: 50]
مَن قدَر على الخلق من غير مثال، فإنه قادرٌ على بعث مَن خلق على كلِّ حال، سواءٌ كنتم بشرًا من تراب أو حجرٍ أو حديد، فإن المبدأ واحد: القادر على الابتداء قادرٌ على الإعادة. المكذِّب إذا أُلزم بحجَّة، أو قطع شبهتَه برهان، انتقل إلى المحاججة بشبهةٍ أخرى حتى يقرِّر باطلَه، وأنَّى لحقٍّ أن يصلَ قلبًا يسعى صاحبُه جاهدًا لقطع كلِّ طريق إليه؟! ليس في تعيين وقت القيامة فائدة، وإنما الفائدةُ في الإقرار به وإثباته، وإلا فكلُّ آتٍ قريب. ما أجملَ أسلوبَ القرآن الكريم في الحوار! إنه الحوارُ الهادئ، الذي لا غِلظةَ فيه ولا فظاظة. |
﴿أَوۡ خَلۡقٗا مِّمَّا يَكۡبُرُ فِي صُدُورِكُمۡۚ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖۚ فَسَيُنۡغِضُونَ إِلَيۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا ﴾ [الإسراء: 51]
مَن قدَر على الخلق من غير مثال، فإنه قادرٌ على بعث مَن خلق على كلِّ حال، سواءٌ كنتم بشرًا من تراب أو حجرٍ أو حديد، فإن المبدأ واحد: القادر على الابتداء قادرٌ على الإعادة. المكذِّب إذا أُلزم بحجَّة، أو قطع شبهتَه برهان، انتقل إلى المحاججة بشبهةٍ أخرى حتى يقرِّر باطلَه، وأنَّى لحقٍّ أن يصلَ قلبًا يسعى صاحبُه جاهدًا لقطع كلِّ طريق إليه؟! ليس في تعيين وقت القيامة فائدة، وإنما الفائدةُ في الإقرار به وإثباته، وإلا فكلُّ آتٍ قريب. ما أجملَ أسلوبَ القرآن الكريم في الحوار! إنه الحوارُ الهادئ، الذي لا غِلظةَ فيه ولا فظاظة. |
﴿وَيَقُولُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوۡفَ أُخۡرَجُ حَيًّا ﴾ [مريم: 66]
العقول الصغيرة تنكر بلا دليل، فهي مأسورة بالحاضر المشاهَد عن غيب دلت الأدلة عليه، فالعجَب منك أيها المتعجب، والإنكار عليك أيها المنكر. |
﴿أَوَلَا يَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ يَكُ شَيۡـٔٗا ﴾ [مريم: 67]
النصوص الشرعية ليست أخبارًا وأحكامًا مجرَّدة، فهي ملأى بالبراهين العقليَّة الدالَّة على الأمور الغيبيَّة، فضلًا عن غيرها. |
﴿وَقَالُواْ لَوۡلَا يَأۡتِينَا بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّهِۦٓۚ أَوَلَمۡ تَأۡتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ ﴾ [طه: 133]
عجبًا! يطلبون أي آية، كأن الرسول أتى بلا آية، وهو جاء ببينة تربو على كل بينة: مذكور في كتب السماء التي ملأ ذكرها الأرض، ومبين لها غاية التبيين. |
﴿لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22]
تأمَّل انسجامَ هذا الكون وحُسنَ نظامه، على كثرة أجزائه وموجوداته، ترَ فيه دليلًا واضحًا على أن مدبِّره هو ذو الكمال وحده. لا شيءَ تملكه هذه الآلهة أو تدبِّره، فالعاقل يتسامى عن ذلك إلى ربِّ العرش العظيم؛ فربوبيته سبحانه لما دون العرش أولى، فما أقبحَ الشركَ بآلهة مفتراة، وما أعظم تنزُّهَ الله عنها! |
﴿وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 71]
رحم الله تعالى العباد حيث لم يَكِلهم إلى عقولهم؛ لأنهم لو وكِلوا إليها لفسدت السماوات والأرض، فكل إنسان يقول: العقل عندي والصواب معي؛ ولكن الله تعالى بعث النبيين، وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. ما كان للعرب من ذكر بين الأمم، حتى جاءها الإسلام، فأعلى شأنها، فلما تخلت عنه، لم يعد لها قيمة، فمتى تؤوب إلى رشدها؛ لتعود قوتها إلى سابق عهدها؟ |
﴿مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 91]
سبحان مَن تنزه عن الصاحبة والأولاد، وتعالى عن الأمثال والأنداد، لكمال وَحدانيته، وغناه وقيوميته! ليس من مخلوقٍ شذ عن سلطان الله فيُقال فيه: خَلَقَهُ غيرُ الله، وليس من أحدٍ نازعَ الله في سلطانه فتكون له العظمة من دون الله، ﴿ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين﴾ . مَن تمَّ علمه تمَّت قدرته، وكملت قوته وقهره، فسبحان ربِّنا العليم بكل شيء، القادر على كل شيء، الذي لا شريك له ولا نظير. |
﴿أَوَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ ءَايَةً أَن يَعۡلَمَهُۥ عُلَمَٰٓؤُاْ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ﴾ [الشعراء: 197]
ما يحصُل به اشتباه فمرَدُّ الحكم عليه إلى أهل الخبرة فيه والدراية به، فأهل الكتاب المؤمنون أعلم من المشركين بصحَّة القرآن المبين، وصدقِ النبيِّ الأمين. |
﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلۡغَرۡبِيِّ إِذۡ قَضَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلۡأَمۡرَ وَمَا كُنتَ مِنَ ٱلشَّٰهِدِينَ ﴾ [القصص: 44]
القرآن الكريم يثبت لرسول الله محمَّد عليه الصلاة والسلام صدقَ رسالته؛ إذ كيف يأتي بتفاصيل وحي الله لموسى عليه السلام وهو لم يحضُر مكانه، ولم يشهد زمانه؟ |
﴿فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [القصص: 50]
لا طريقَ إلى الحقِّ سوى الاتِّباع لرسول الله ﷺ فمَن لم يأتمَّ به في أحكامه، ويستجِبْ له فيما جاء به، فقد جعل الهوى له إمامًا. أيُّ ضلال أعظمُ من ضلال مَن ترك الطريق الموصلة إلى الجنَّة والرضوان، واتَّبع سبُل الهوى المفضية إلى العذاب والهوان؟ مَن اتَّبع الهوى وترك الهدى فقد ظلم نفسَه، ولو أنه ابتغى العدل، ووضعَ الأمور مواضعها، ما اختار غير طريق الحق. ما أشأم الظلمَ في منع الهداية عن صاحبه! |
﴿وَمَا كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]
أزاح الله عن رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام كل شبهة توصل إلى اتهامه؛ تنزيهًا لجناب رسوله، ورحمةً للناس ليؤمنوا بالحق الذي أرسل به. مَن عرف حال رسول الله من القراءة والكتابة لم يشُكَّ في كون هذا الكتاب الذي جاء به هو من عند الله تعالى لا من عنده، بل حتى لو كان رسول الله كاتبًا، فإن أهل الإيمان لا يشكُّون بأن القرآن من عند الله. في قوله تعالى: ﴿إذًا لارتاب المبطلون﴾ توجيهٌ لأهل الإسلام ألا يفعلوا شيئًا يجعل غيرهم من أهل الملل يرتاب في صحَّة هذا الدين، أو تشويه صورته. |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ ﴾ [العنكبوت: 61]
الإقرار لله بأفعال الربوبية لا يكفي صاحبه للنجاة حتى يقوم بأفعال العبودية. |
﴿وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ ﴾ [الروم: 55]
قال قَتادةُ رحمه الله: (استقَلَّ القوم أجَلَ الدنيا لمَّا عاينوا الآخرة). يقصر الزمان عند الموت لدى مَن أسرف على نفسه، حتى يصير كأنه يوم واحد، فحينئذٍ يَستعتب فلا يُعتب، ويطلب الرجعى فلا يُجاب، فيا لحسرته وخسارته! سيُحشر المكذِّبون على الخُلق الذميم الذي تخلَّقوا به في الدنيا، فليتحامَ المسلم الرذائلَ والكبائر؛ خشية أن يُحشرَ عليها. |
﴿كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [الروم: 59]
لن يدركَ الحقَّ مَن لا يطلب العلم ولا يتحرَّاه، وإنما يُصرُّ على خرافاتٍ يعتقدها، وترهات يبتدعها. |
﴿وَلَوۡلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ لَّجَعَلۡنَا لِمَن يَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ لِبُيُوتِهِمۡ سُقُفٗا مِّن فِضَّةٖ وَمَعَارِجَ عَلَيۡهَا يَظۡهَرُونَ ﴾ [الزخرف: 33]
لم يجعل الله هذه الدنيا صِرفةً خالصةً في أيدي الكفَّار برغم حقارتها، فلو كانت كذلك لافتتن الناس ومالوا إلى الكفر والشرك. المؤمن مطمئنٌّ لاختيار الله، فلا يتأثَّر البتَّة بما يكون في هذه الدنيا من ابتلاء أو رخاء؛ لأنه يعلم أن الدنيا فانية، وأن الآخرة هي الباقية. من رحمة الله أنه لم يفتح خزائنه لكلِّ من كفر به؛ لئلا يكون ذلك فتنة للمؤمنين، فيميلوا إلى الكفر بعد الإيمان؛ لأن حبَّ الأموال والشهوات مزين في قلوب الناس. |
﴿فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الزخرف: 43]
الاستمساك بالوحي واتِّباعه هو مِعراجُ الوصول إلى خيرَي الدنيا والآخرة، ومَن كان كذلك فليطمئنَّ؛ فإنه على الطريق الراشد، والدرب القويم. إنْ علِمَ المؤمنُ وأيقنَ بأن هذا الصراطَ مستقيمٌ لا اعوجاج فيه، أورثه ذلك طُمَأنينةً وراحةً يواجه بها عوائق هذا الطريق. |
﴿أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف: 52]
الانتقاص من أنبياء الله وأوليائه الصالحين سمةُ العاجزين الذين أدركوا قوَّة الدعوة وضعف حُجَجهم. أهل الباطل لا يواجهون الحجَّة بالحجَّة، بل هم يَجنَحون دائمًا إلى التشغيب والتدليس الذي لا يدفع حُجَّة، ولا يُظهر حقًّا. الخيريَّة والاجتباء لا عَلاقةَ لها بالمال والثراء، لكنها اختيارٌ مبنيٌّ على علم وحكمة، فمَن كان أقربَ من الله كان أحبَّ إليه جلَّ جلاله. إن الإنسان لا يُعاب على أمر خلقه الله فيه، وكم من إنسانٍ مُبتلًى فاق الأصحَّاءَ ببذله لهذا الدين، وتفانيه في خدمته. |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ ﴾ [الزخرف: 87]
الذي عرَف خالقه حقَّ المعرفة، وأسلم نفسه إليه، لا يخالف أوامره، ولا يتجرَّأ على انتهاك حدوده، فضلًا عن اتخاذ آلهة من دونه. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوٓاْ إِن زَعَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ أَوۡلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [الجمعة: 6]
علامةُ صدق الوليِّ محبَّة لقاء ربِّه، فمَن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. لو يُترك الناس لدعواهم لادَّعَوا ما شاؤوا من أباطيل، ولكن على المِحَكِّ يظهر صدقُ الصادقين، وينكشف إفكُ الكاذبين. لا تزال الذنوب تُثقل كاهلَ العصاة حتى تبغِّضَ إليهم بشناعتها لقاءَ الله، فيُبغض الله لقاءَهم، ويَكِلُهم إلى سوء عملهم. شتَّانَ بين مَن يُؤثر طولَ العمر رغبةً في الاستزادة من الطاعات والصالحات، ومَن يُؤثره فرارًا من الموت ولقاء الله. |
﴿وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الجمعة: 7]
علامةُ صدق الوليِّ محبَّة لقاء ربِّه، فمَن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. لو يُترك الناس لدعواهم لادَّعَوا ما شاؤوا من أباطيل، ولكن على المِحَكِّ يظهر صدقُ الصادقين، وينكشف إفكُ الكاذبين. لا تزال الذنوب تُثقل كاهلَ العصاة حتى تبغِّضَ إليهم بشناعتها لقاءَ الله، فيُبغض الله لقاءَهم، ويَكِلُهم إلى سوء عملهم. شتَّانَ بين مَن يُؤثر طولَ العمر رغبةً في الاستزادة من الطاعات والصالحات، ومَن يُؤثره فرارًا من الموت ولقاء الله. |
﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8]
هذه الحياةُ إلى انتهاء، والبعد من الله فيها يؤولُ إلى الرجوع إليه، فلا ملجأَ منه إلا إليه، والحسابُ والجزاء لا محالةَ واقعان، فأنَّى لك الفَكاك؟! مواكبُ الأموات تمرُّ بنا كلَّ يوم، ونبصر القبورَ تملأ من حولنا البِطاح، ولكنَّ حالنا توحي وكأننا نظنُّ أن الموت كُتب على الخلق جميعًا إلا علينا، وأن مردَّهم إلى القبور إلا نحن! إنه الموت؛ حقيقةُ الحقائق التي ستُدركها بلا ريب، وتلقاها بلا شك، فأحسن العمل، وأحسن الظنَّ بربِّك، فإنَّ مردَّك إليه. كلَّما أمعنتَ في الفرار من الموت أسرعتَ بالإقدام عليه، وما استدبرتَه إلا استقبلك، وما أبعَدتَّ منه إلا دنا منك، فأصلح عملَك تفُز وتسعَد. لو أنَّ الموت هو النهايةُ لهان خَطبُه ولما فرَّ منه أحد، ولكنَّه البدايةُ لحساب لا يذَرُ من عملك صغيرًا ولا كبيرًا، ظاهرًا أو مستترًا إلا أحصاه. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
مالك خازن النار إمداد المؤمنين خصائص النبي خصائص الكتاب المقدس الحث على الدعاء التثبت من الخبر رب المشارق القسيسون الاستدراج
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب