إثبات العلم لله تعالى - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب ما جاء في إثبات العلم للَّه تعالى
وقال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ [سورة لقمان: ٣٤].
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [سورة الملك: ٢٦].
وقال تعالى: ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ [سورة الجاثية: ٢٣].
قال ابن عباس: «أضلّه اللَّه في سابق علمه».
وقال في قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [سورة طه: ٧]: «يعلم ما أسرّ ابن آدم في نفسه، وما خفي على ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعمله، فاللَّه تعالى يعلم ذلك كلّه، وعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد».
وقال أيضًا: «فإنّه يعلم السّر في نفسك، ويعلم ما تعمل غدًا».
وحكى المزنيّ عن الشّافعيّ في قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ [سورة البقرة: ١٤٣]: يقول: «إلّا لنعلم أن قد علمتم من يتبع الرّسول، وعلم اللَّه تعالى كان قبل اتباعهم وبعده سواء. وقال غيره: إلا لنعلم من يتبع الرسول بوقوع الاتباع منه كما علمناه قبل ذلك أنه يتبعه». انظر: الأسماء والصفات (١/ ٣١٠ - ٣١١).
وقال مالك رحمه اللَّه تعالى: «اللَّه في السّماء، وعلمه في كلّ مكان لا يخلو منه شيءٌ».»السنة لعبد اللَّه بن أحمد (٥٣٢).
متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (١٢٢)، ومسلم في الفضائل (٢٣٨٠) كلاهما من حديث سفيان بن عينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إنّ نوفًا البكالي يزعم أنّ موسى ليس بموسى بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر؟ فقال: كذب عدوُّ اللَّه!
حدّثنا أُبي بن كعب، قال (فذكر الحديث بطوله).
ونوف هو ابن فضالة الحميريّ البكاليّ -بفتح الموحدة وكسرها وتخفيف الكاف، منسوب إلى بكال بطن من حمير- وهو ابن امرأة كعب الأحبار. ذكره خليفة في الطبقة الأولى من الشاميين، وعن أبي عمران الجوني: كان نوفٌ ابن امرأة كعب أحد العلماء، وعن يحيى بن أبي عمرو الشّيبانيّ: كان نوف إمامًا لأهل دمشق.
ووقع ذكره في الصحيحين في هذا الحديث، وإنّما كذّبه ابن عباس لأنه رواه عن أهل الكتاب وهم كذبوا على موسى عليه السلام، وإلّا فهو تابعيّ فاضل.
وقوله: «ما نقص علمي وعلمك من علم اللَّه» لفظ النّقص ليس على ظاهره، لأنّ علم اللَّه لا يدخله النّقص.
قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي: هذا له وجهان:
أحدهما: أنّ نقر العصفور ليس بناقص للبحر فكذلك علمنا لا ينقص من علمه شيئًا، وهذا كما قيل:
ولا عيب فينا غير أنّ سيوفنا ... بهنٌ فلول من قراع الكتائب
أي ليس فينا عيب. وعلى هذا قول اللَّه عز وجل: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا﴾ [مريم: ٦٢] أي لا يسمعون فيها لغوًا البتّة.
والآخر: أنّ قدر ما أخذناه جميعًا من العلم إذا اعتبر بعلم اللَّه عز وجل الذي أحاط بكلّ شيء، لا يبلغ من علم معلوماته في المقدار إلّا كما يبلغ أخذ هذا العصفور من البحر، فهو جزء يسير فيما لا يدرك قدره، فكذلك القدر الذي علّمناه اللَّه تعالى في النسبة إلى ما بعلمه عز وجل كهذا القدر اليسير من هذا البحر، واللَّه ولي التوفيق. انظر: الأسماء والصفات للبيهقيّ (١/ ٢٩٧).
ثم قال البيهقي: «وقد رواه حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير مبيّنًا إلّا أنّه وقفه على ابن عباس ﵄».
ثم قال: أخبرناه أبو عبد اللَّه الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا إسماعيل بن الخليل، أنا علي بن مسهر، أنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﵄ قال: بينما موسى يخاطب الخضر، والخضر يقول: ألستَ نبي بني إسرائيل؟ فقد أوتيتَ من العلم ما تكتفي به. وموسى يقول له: إنّي قد أُمرتُ باتباعك، والخضر يقول: إنك لن تستطيع معي صبرًا. قال: فبينا هو يخاطبه إذ جاء عصفورٌ فوقع على شاطئ البحر فنقر منه نقرة ثم طار فذهب، فقال الخضر لموسى: يا موسى هل رأيتَ الطير أصاب من البحر؟ قال: نعم، قال: ما أصبت أنا وأنت من العلم في علم اللَّه عز وجل إلّا بمنزلة ما أصاب هذا الطّير من هذا البحر. انتهى.
كما يعلّمنا السورة من القرآن يقول: «إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللَّهمَّ إنّي أستخيرك بعلمك، وأستقدرُك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنّك تقدر ولا أقدر، وتعلمُ ولا أعلمُ وأنت علّام الغيوب، اللهم إن كنتَ تعلمُ أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدُره لي، ويسِّرهُ لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنتَ تعلمُ أنّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عنّي واصرفني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيث كان ثم أرضني، قال: ويسمِّي حاجته».
صحيح: رواه البخاريّ في التهجد (١١٦٢) عن قتيبة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالِي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكر مثله.
وفي الاستخارة أحاديث أخرى ستأتي في موضعها.
صحيح: رواه النسائيّ (١٣٠٥)، وصحّحه ابن خزيمة في التوحيد (١٤) وعنه ابن حبان في صحيحه (١٩٧١)، والحاكم (١/ ٥٢٤)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٢٢٧)، والدّارميّ في الرّد على الجهمية (١٨٨) كلّهم من حديث حماد بن زيد، عن عطاء بن السّائب، عن أبيه، قال: «صلّى بنا عمّار بن ياسر يومًا صلاة فأوجز فيها، فقال بعض القوم: لقد خفّفت -أو كلمة نحوها- فقال: لقد دعوتُ بدعوات سمعتهنّ من رسول اللَّه ﷺ. قال: فلما انطلق عمار أتبعه رجل -وهو أبي- فسأله عن الدّعاء، ثم جاء فأخبر به، فذكر الحديث.
وإسناده صحيح عطاء بن السائب ثقة وثّقه الأئمة إلا أنه اختلط في آخره ولكن رواية حماد بن زيد عنه قبل اختلاطه.
انظر تخريجه مفضلًا في باب إثبات الوجه اللَّه تعالى.
أخطأه ضلّ».
فلذلك أقول: جفّ القلم على علم اللَّه عز وجل.
حسن: رواه الترمذيّ (٢٦٤٢) عن الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو الشّيبانيّ، عن عبد اللَّه بن الدّيلميّ، قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو، فذكره. قال الترمذي: «حديث حسن».
وإسناده حسن، من أجل إسماعيل بن عباس فإنّه صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذه منها.
طرق أخرى بمجموعها تصل إلى درجة الصّحيح. انظر تخريجه المفصّل في القضاء والقدر.
وقوله: «جف القلم على علم اللَّه» هو من قول عبد اللَّه بن عمرو.
وأمّا ما روي عن أبي الدّرداء يقول: سمعتُ أبا القاسم ﷺ يقول: «إنّ اللَّه عز وجل يقول: يا عيسى، إنّي باعث من بعدك أمّةٌ إن أصابهم ما يحبّون حمدوا اللَّه وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حِلم ولا علم. قال: يا ربّ كيف هذا لهم، ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حِلْمي وعلْمي». فيه رجل مجهول.
رواه الإمام أحمد (٢٧٥٤٥)، والطبرانيّ في الأوسط (٣٢٧٦)، والبزّار -كشف الأستار (٢٨٤٨) -، وصحّحه الحاكم (١/ ٣٤٨)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٢٣٠)، وحسّنه الحافظ في «الأمالي المطلقة» (ص ٤٨).
كلّهم من طريق معاوية بن صالح، عن أبي حلبس يزيد بن ميسرة أنه قال: سمعتُ أمّ الدّرداء تقول: سمعتُ أبا الدّرداء يقول: سمعتُ أبا القاسم ﷺ ما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها- يقول (فذكر الحديث).
قال البزّار: «لا نعلم رواه من الصّحابة إلّا أبو الدّرداء، ومعاوية ويونس شاميّان عابدان ثقتان، وإسناده حسن».
قال الأعظمي: هذا وهم من البزّار، فإنّ أبا حلبس هذا هو يزيد بن ميسرة، كما في جميع المصادر الحديثية، ولم يرو عنه سوى اثنين ولم يوثقه غير ابن حبان على قاعدته في توثيق المجاهيل، وعليه اعتمده الحافظ الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ٦٧، ٦٨) فقال: «رواه أحمد، والبزار، والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن سوار، وأبي حلبس يزيد بن ميسرة وهما ثقتان».
ولكن أخطأ الحافظ البزّار فظن أنّ أبا حلبس هو يونس بن ميسرة، ويزيد ويونس أخوان، كلاهما يكنى بأبي حلبس، ويزيد مجهول، ويونس ثقة، يزيد بن ميسرة من رجال «التعجيل»، ويونس بن ميسرة من رجال التهذيب روى عنه أبو داود والترمذي، وابن ماجه، وهو ثقة عابد كما في «التقريب».
والحافظ البزار قد وُصِف بأنّه يخطئُ في الإسناد والمتن، كما قال الدّارقطنيّ.
وأمّا قول الحاكم: «صحيح على شرط البخاري»، فهو ليس كما قال؛ فإنّ أبا حلبس يزيد بن ميسرة ليس من رجال البخاريّ، بل ليس هو من رجال التهذيب أصلًا كما سبق.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 76 من أصل 361 باباً
- 51 باب من عمل خيرًا في الكفر ثم أسلم
- 52 باب من لم يؤمن لم ينفعه عمل صالح
- 53 باب أنّ الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا
- 54 باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة
- 55 باب بيان الزّمن الذي لا يُقبل فيه الإيمان
- 56 باب المعاصي من أمر الجاهليّة، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إِلَّا بالشّرك
- 57 باب مثل المؤمن كشجرة تؤتي أكلها كل حين
- 58 باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا اللَّه، وإن كان أوجع في المسلمين
- 59 باب ما جاء من التحذير في تكفير المسلم
- 60 باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم
- 61 باب إطلاق اسم الكفر على العبد الآبق
- 62 باب ما جاء في تحريم الكهانة وإتيان الكهان
- 63 باب أخذ اللَّه الميثاق من عباده على ربوبيته
- 64 باب ما جاء في ردّ الوسوسة
- 65 باب أنّ الوسوسة من صريح الإيمان
- 66 باب ما ذكر في الذّات
- 67 باب ما جاء من الدّعوة إلى توحيد الإلهية
- 68 باب أن الإيمان باللَّه تعالى من أفضل الأعمال
- 69 باب أنّ الشّرك من أعظم الذّنوب
- 70 باب المبايعة على عدَم الإشراك باللَّه
- 71 باب وصية نوح ﵇ لابنه أن لا يشرك باللَّه
- 72 باب ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾، وهي توقيفية، أظهرها اللَّه لعباده للمعرفة والدّعاء والذّكر
- 73 باب أسماء اللَّه تعالى دالة على صفاته وأفعاله
- 74 باب قل هو اللَّه أحد صفة الرحمن
- 75 باب إثبات صفة الحياة للَّه تعالى
- 76 باب ما جاء في إثبات العلم للَّه تعالى
- 77 باب ما جاء في إثبات القدرة للَّه تعالى
- 78 باب إثبات العلو للَّه تعالى
- 79 باب ما جاء في استواء اللَّه تعالى على العرش
- 80 باب نزول الرّب ﷿ إلى السّماء الدّنيا
- 81 باب إثبات الصورة للَّه تعالى
- 82 باب ما جاء في إثبات الوجه للَّه تعالى
- 83 باب إثبات العينين للَّه ﷿
- 84 باب إثبات السّمع والبصر للَّه ﷿
- 85 إثبات اليدين للَّه تعالى
- 86 باب ما جاء في إثبات اليمين للَّه تعالى، وكلتا يديه يمين لا شمال له، تعالى اللَّه عن صفات المخلوقين
- 87 باب ما جاء في كفّ الرحمن ﷿
- 88 باب إثبات الإصابع للَّه تعالى
- 89 باب ما جاء أنّ يد اللَّه ملآى
- 90 باب أن يد اللَّه فوق أيديهم جميعًا
- 91 باب إثبات القدم للَّه ﷿
- 92 باب ما جاء في صور وجوه حملة العرش
- 93 باب ما جاء في السّاق
- 94 باب في إتيان الرّب ﷿ يوم القيامة
- 95 باب ما جاء من قول اللَّه تعالى في الحديث القدسي: «إن أتاني يمشي أتيتُه هرولةً».
- 96 باب ما جاء في الضّحك
- 97 باب ما جاء في إثبات العجب للَّه تعالى
- 98 باب إثبات الفرح للَّه ﷿
- 99 باب ما جاء في الاستحياء
- 100 باب في غيرة اللَّه تعالى
معلومات عن حديث: إثبات العلم لله تعالى
📜 حديث عن إثبات العلم لله تعالى
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ إثبات العلم لله تعالى من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث إثبات العلم لله تعالى
تحقق من درجة أحاديث إثبات العلم لله تعالى (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث إثبات العلم لله تعالى
تخريج علمي لأسانيد أحاديث إثبات العلم لله تعالى ومصادرها.
📚 أحاديث عن إثبات العلم لله تعالى
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع إثبات العلم لله تعالى.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب