استواء الله تعالى على العرش - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ما جاء في استواء اللَّه تعالى على العرش

قال تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [سورة طه: ٥].

وقال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [سورة الأعراف: ٥٤، يونس: ٣، الرعد: ٢، الفرقان: ٥٩، السجدة: ٤، الحديد: ٤].
ومعنى قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ علا على العرش.
قال ابن عباس: «الكرسيّ موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحدٌ قدره».
رواه الحاكم (٢/ ٢٨٢) وصحّحه وقال: على شرط الشيخين، وأورده الذهبي في «العلو» (١٤٨) وقال: «رواته ثقات».
ولما قبض رسول اللَّه ﷺ قال أبو بكر الصدّيق ﵁: «أيُّها النّاس إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فإنه قد مات، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإنّ إلهكم حيٌّ لا يموت، ثم تلا: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [سورة آل عمران: ١٤٤]». رواه البزّار في البحر الزّخار (١٠٣) وقال الهيثميّ في «المجمع» (٩/ ٣٧ - ٣٨): «رواه البزّار، ورجاله رجال الصّحيح غير علي بن المنذر وهو ثقة».
قال الأعظمي: وقد تُوبع، فقد رواه الدّارميّ في «الرّد على الجهميّة» (٧٨) عن عبد اللَّه بن أبي شيبة كلاهما -أعني علي بن المنذر، وعبد اللَّه بن أبي شيبة- عن محمد بن فضيل، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، عن أبي بكر، فذكره. واللفظ للدارميّ، ولفظ البزّار أطول.
وقال ابن خزيمة: «نحن نؤمن بخبر اللَّه -جلّ وعلا- أنّ خالقنا مستوٍ على عرشه، لا نبدّل كلام اللَّه، ولا نقول قولًا غير الذي قيل لنا، كما قالت الجهمية المعطّلة: إنّه استولى على عرشه لا استوى، فبدّلوا قولًا غير الذي قيل لهم، لفعل اليهود كما أُمروا أن يقولوا: حطّة، فقالوا: حنطة، مخالفين لأمر اللَّه جلّ وعلا، كذلك الجهمية». كتاب التوحيد (١/ ٢٣٠).
وقال الحافظ الذهبيّ رحمه اللَّه تعالى في كتابه «العلو» (١/ ٧٨٦ - ٧٨٧): «ومما يدل على أن الباري تعالى عالٍ على الأشياء فوق عرشه المجيد غيرُ حالّ في الأمكنة، قوله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [سورة البقرة: ٢٥٥]، وقال: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سورة سبأ: ٢٣]، وقال: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [سورة الرعد: ٩]، وقال: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [سورة الأعلى: ١]. وقد أمرنا نبيُّنا أن نقول إذا سجدنا: «سبحان ربي الأعلى». وقال تعالى في وصف الشهداء: ﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [سورة آل عمران: ١٦٩]، وقالت امرأة فرعون: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾ [سورة التحريم: ١١].
وفي الصّحيحين -كذا قال- (والصّواب عند أبي داود (٣٨٥٤)، وأحمد (١٢٤٠٦): أنّ النّبيّ ﷺ دعا لقوم فقال: «أكلَ طعامَكم الأبرار، وأفطر عندكم الصّائمون، وصلّت عليكم الملائكة، وذكركم اللَّه فيمن عنده».
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [سورة الأعراف: ٢٠٦]، وقال: ﴿وَلَهُ

مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [سورة الأنبياء: ١٩].
وفي صحيح مسلم (٤٣٠) من حديث جابر بن سمرة مرفوعًا: «ألا تصفُّون كما تصُفُّ الملائكةُ عند ربّهم، يتمّون الأوّل فالأوّل، ويتراصّون في الصّف».
وفي صحيح مسلم (٢٦٥٢) من طريق يزيد بن هرمز، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «احتج آدم وموسى عند ربِّهما» وذكر الحديث.
قال الأعظمي: لقد تمّ تخريج جميع هذه الأحاديث التي أوردها الذهبي في مواضعها، وفي هذه الآيات والأحاديث دليل على اختصاص بعض المخلوقات بالعنديّة له ﷾، وفيه دليل على إثبات علوه ﷾، كما هو مستلزم لنفي وجود اللَّه في كل مكان، وعند جميع المخلوقات حسب ما يدّعيه الحلوليون وأصحاب وحدة الوجود.
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لما قضى اللَّه الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إنّ رحمتي غلبتْ غضبي».

متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (٣١٩٤)، ومسلم في التوبة (٢٧٥١) كلاهما من حديث أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
قال ابن خزيمة: «هذا الخبر دالٌ على أنّ ربَّنا جلّ وعلا فوق عرشه الذي كتابُ -إنّ رحمته غلبتْ غضبَه- عنده».
عن أبي ذر، قال: قال النبيُّ ﷺ لأبي ذر حين غربتِ الشّمس: «أتدري أين تذهبُ؟» قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «فإنّها تذهب حتى تسجد تحت العرش. . . .».

متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (٣١٩٩)، ومسلم في الإيمان (١٥٩) كلاهما من حديث إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر في حديث طويل، وهو مذكور في موضعه
وفي رواية: «قال أبو ذر: سأل رسول اللَّه عن قول اللَّه تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ [سورة يس: ٣٨] قال: «مستقرّها تحت العرش».
عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «الرّحم معلّقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله اللَّه، ومن قطعني قطعه اللَّه».

متفق عليه: رواه مسلم في البر والصّلة (٢٥٥٥)، والبخاري في الأدب (٥٩٨٩) كلاهما من حديث معاوية بن أبي مُزرِّد، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن الرّحم معلقة بالعرش، وليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا انقطعتْ رحمُه وصلَها».

صحيح: رواه الإمام أحمد عن يعلى بن عبيد (٦٥٢٤)، وعن وكيع (٦٨١٧) كلاهما عن فِطر (وهو ابن خليفة)، عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وصحّحه ابن حبان (٤٤٥)، ورواه من وجه آخر عن فطر بإسناده، مثله.
وقال الذّهبيّ في «العلو» (٩٣): «إسناده قويّ».
عن وهب بن جابر الخيوانيّ، قال: كنت عند عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فقدم عليه قهرمان من الشّام، وقد بقيت ليلة من رمضان، فقال له عبد اللَّه: هل تركت عند أهلي ما يكفيهم؟ قال: قد تركت عندهم نفقة. فقال عبد اللَّه: عزمت عليك لما رجعت وتركت لهم ما يكفيهم. فإني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «كفى إثمًا أن يضيّع الرّجلُ من يقوت». قال: ثم أنشأ يحدثنا قال: «إنّ الشّمس إذا غربت سلّمت وسجدت واستأذنتْ، قال فيؤذن لها، حتى إذا كان يومًا غربتْ فسلّمتْ وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها. فتقول: أيْ ربّ إنّ المسير بعيد وإني لا يؤذن لي، لا أبلغ. قال: فتحبس ما شاء اللَّه ثم يقال لها: اطْلعي من حيث غربت، قال فمن يومئذ إلى يوم القيامة: ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ [سورة الأنعام: ١٥٨]. قال: وذكر يأجوج ومأجوج، قال: ما يموتُ الرّجلُ منهم حتى يولد له من صلبه ألف، وإنّ من ورائهم ثلاثَ أمم، ما يعلم عدَّتَهم إلا اللَّه: منسك، وتاويل، وتاويس».

حسن: رواه عبد الرزاق في «المصنف» (٢٠٨١٠) عن معمر، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر الخيوانيّ، به، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (٤/ ٥٠٠ - ٥٠١) وقال: «صحيح على شرط الشّيخين». وأورده الذّهبي في «العلو» (٢٢١) نقلًا عن ابن منده بأنّ إسناده صحيح.
قال الأعظمي: هو حسن فقط من أجل وهب بن جابر فإنّه مختلف فيه فوثّقه ابن معين، والعجليّ، وذكره ابن حبان في الثقات، وجهّله ابن المديني.
ثم هو ليس من رجال الشيخين، وإنما أخرج له أبو داود والنسائي فقط.
عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: «أنا سيّد النّاس يوم القيامة. . .». فذكر حديث الشّفاعة الطويل، وهو مخرج في موضعه - وفيه: «فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربّي، ثم يفتح اللَّه عليَّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه لأحد قبلي. . . .».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٧١٢)، ومسلم في الإيمان (١٩٤) كلاهما من حديث
أبي حيان التيميّ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، فذكر الحديث بطوله، ولفظهما قريب.
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «سبعة يظلُّهم اللَّه في ظلّه، يوم لا ظلَّ إلّا ظلُّه. . .». وساق الحديث وهو مذكور في موضعه.

متفق عليه: رواه مالك في كتاب الشعر (١٤) عن خُبيب بن عبد الرحمن الأنصاريّ، عن حفص ابن عاصم، عن أبي سعيد الخدريّ أو عن أبي هريرة، فذكره
ورواه مسلم في الزكاة (١٠٣١) عن يحيى بن يحيى، قال: قرأتُ على مالك، فذكر إسناده ومتنه.
ورواه البخاريّ في الصلاة (٦٦٠)، ومسلم كلاهما من حديث يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن خبيب بن عبد الرحمن، بإسناده من حديث أبي هريرة بدون تردّد.
عن مسروق قال: سألنا عبد اللَّه بن مسعود عن هذه الآية: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [سورة آل عمران: ١٦٩]، فقال: «أما إنّا قد سألنا عن ذلك، فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنّة حيث شاءتْ، ثم تأوي إلى تلك القناديل» فذكر الحديث بطوله.

صحيح: رواه مسلم في الإمارة (١٨٨٧) من طرق عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرّة، عن مسروق، فذكر الحديث، وسيأتي بكامله في موضعه.
وقوله: «سألنا عن ذلك» الظّاهر أن المسؤول هو النبيّ ﷺ، وحذفه لظهور العلم به، كما قال ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٣٧٤).
عن ابن مسعود، عن النّبيّ ﷺ قال: «يجمع اللَّه الأوّلين والآخرين لميقات يوم معلوم أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السّماء ينتظرون فصْل القضاء، وينزل اللَّه في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسيّ». الحديث بطوله.

حسن: رواه ابن منده في التوحيد (٥٣١) من طرق عن إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، حدّثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكر الحديث بطوله.
وإسناده حسن، وقد حسّنه أيضًا الذهبيّ في «العلو» (٢٠٠). انظر: تخريجه المفصل في رؤية المؤمنين ربّهم يوم القيامة.
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن اللَّه تبارك وتعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابُّون لجلالي، اليوم أظلُّهم في ظلي يوم لا ظلّ إلا ظلّي».

صحيح: رواه مالك في كتاب الشعر (١٣) عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي الباب سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
ورواه مسلم في البر والصلة (٢٥٦٦) عن قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، بإسناده، مثله.
ومن طريق مالك رواه أيضًا الإمام أحمد (٧٢٣١).
وأورده الحافظ الذهبي في «العلو» (١٧٦) من حديث فليح (وهو ابن سليمان عن أبي طُوالة، عن سعيد بن يسار، بإسناده، وفيه: «أظلّهم في ظلّ عرشي يوم لا ظلّ إلّا ظلّي».
وحديث فليح بن سليمان رواه أبو داود الطيالسيّ في مسنده (٢٣٣٥) عنه، عن سعيد بن يسار، بإسناده وليس فيه: «ظلّ العرش».
عن العرباض بن سارية، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «قال اللَّه عز وجل: المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظلّ إلا ظلّي».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٧١٥٨)، والطبرانيّ في الكبير (٨/ ٢٥٨) كلاهما من حديث إسماعيل ابن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن العرباض بن سارية، فذكره.
وإسناده حسن من أجل إسماعيل بن عياش الحمصيّ فإنّه صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا منه فإنّ صفوان بن عمرو وهو السكسكيّ من حمص وهو ثقة.
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٢٧٩) وقال: «رواه أحمد، والطبرانيّ، وإسنادهما جيد». وكذا قال المنذريّ في الترغيب والترهيب أيضًا (٤/ ٤٨) إلّا أنه قصر في العزو على أحمد.
عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «قال اللَّه تبارك وتعالى: وجبتْ محبّتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ».

صحيح: رواه مالك في الشعر (١٦) عن أبي حازم بن دينار، عن أبي إدريس الخولانيّ أنه قال: «دخل مسجد دمشق، فإذا فتى شابّ برّاق الثّنايا، وإذا النّاس معه، إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه، وصدروا عن قوله، فسألتُ عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجّرتُ، فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي، قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئتُه من قبل وجهه فسلمت عليه، ثم قال: واللَّه إني لأحبُّك للَّه، فقال آللَّه؟ فقلت: آللَّه، فقال: آللَّه؟ فقلت: آللَّه، فقال: آللَّه؟ فقلت: آللَّه. قال: فأخذ بحبُوة ردائي فجبذني إليه وقال: أبشر فإنّي سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول (فذكر الحديث).
وفي رواية قال: «المتحابون في اللَّه في ظلّ العرش يوم القيامة».
رواه الإمام أحمد (٢٢٠٣١) عن روح، حدّثنا الحجاج بن أسود، عن شهر بن حوشب، عن معاذ ابن جبل، فذكره.
وفيه شهر بن حوشب، وفيه كلام مع الانقطاع فإنه لم يلق معاذًا.
ولكن رواه الطبراني في الكبير (٢٠/ ٧٨)، والبزّار في البحر الزّخّار (٢٦٧٢)، وعبد اللَّه بن المبارك في الزهد (٧١٥) كلّهم من حديث عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: حدثني عائذ اللَّه بن عبد اللَّه، قال: قلت لمعاذ بن جبل، فذكر القصة.
وعائذ اللَّه هو أبو إدريس الخولاني وقد اختلف في سماعه من معاذ بن جبل، والصحيح أنّه سمع منه كما تدل عليه قصة مالك.
وأخرجه الحاكم (٤/ ١٦٩) من وجه آخر عن أبي إدريس، عن معاذ بن جبل، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد جمع أبو إدريس -بإسناد صحيح- بين معاذ وعبادة بن الصّامت في هذا المتن».
ولكن نقل الدارقطني في العلل (٦/ ٧١) عن محمد بن مسلم الزّهريّ بأنه رواه عن أبي إدريس الخولانيّ فقال: «أدركتُ عبادة بن الصّامت ووعيتُ عنه. . . وقال: فاتني معاذ بن جبل، وأُخبرتُ عنه» ثم قال الدارقطني: «والقول قول الزهري لأنه أحفظ الجماعة». انتهى.
وذكر قبله جماعة من أهل الحجاز والشام منهم: أبو حازم سلمة بن دينار، والوليد بن عبد الرحمن، وقيس بن محمد القاص، وذكر أيضًا عطاء الخراساني، ويزيد بن أبي مريم، ويونس ابن ميسرة بن حلبس كلّهم ذكروا أنّ أبا إدريس سمعه من معاذ، فترجيح رواية الزّهريّ على هؤلاء جميعًا فيه نظر.
عن ابن عمر، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «إنّ للَّه عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الشّهداء والنّبيّون يوم القيامة لقربهم من اللَّه تعالى، ومجلسِهم منه». فجثا أعرابيٌّ على ركبتيه فقال: يا رسول اللَّه، صفهم لنا. قال: «قومٌ من أقناء النّاس من نزّاع القبائل، تصادقوا في اللَّه، وتحابوا فيه، يضع اللَّه عز وجل لهم يوم القيامة منابر من نور، يخاف الناس ولا يخافون، هم أولياء اللَّه عز وجل الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون».

صحيح: رواه الحاكم (٤/ ١٧٠ - ١٧١) عن أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الزّاهد الأصبهانيّ، ثنا أحمد بن يونس الضبيّ بأصبهان، ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، قال: سمعت زياد بن خيثمة، يحدث عن أبيه، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده صحيح، رجاله ثقات؛ أحمد بن يونس بن المسيب، أبو العباس الضّبيّ، كوفي الأصل، بغداديّ المنشأ، نزل أصبهان وحدّث بها، وثّقه الدارقطني وغيره، انظر: تاريخ بغداد ٥/ ٢٢٣ - ٢٢٤.
وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد».
عن أبي مالك الأشعريّ، قال: كنتُ عند رسول اللَّه ﷺ، فنزلت هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [سورة المائدة: ١٠١]. قالوا: فنحن نسأله، إذا قال: «إنّ للَّه عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النّبيّون والشهداء بقربهم ومقعدهم من اللَّه يوم القيامة». قال: وفي ناحية القوم أعرابي فقام فحثى على وجهه ورمي بيديه ثم قال: حدِّثنا يا رسول اللَّه عنهم من هم؟ قال: فرأيتُ وجه رسول اللَّه ﷺ أَبْشَرَ، فقال النَّبيُّ ﷺ: «هم عبادٌ من عباد اللَّه من بلدان شتّى، وقبائل شتّى، من شعوب القبائل لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتبادلون بها، يتحابُّون بروح اللَّه، يجعلُ اللَّه وجوههم نورًا، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن يفزع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون».

حسن: رواه عبد الرزّاق في المصنف (٢٠٣٢٤) عن معمر، عن ابن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعريّ، فذكره.
وعنه الطبرانيّ في «الكبير» (٣٤٣٣)، والبغويّ في «شرح السنة» (٣٤٦٤).
وفيه شهر بن حوشب مع الكلام الذي فيه فإنه لم يلق أبا مالك الأشعريّ.
لكن أقام إسناده عبد اللَّه بن المبارك في «الزهد» (٧١٤)، والإمام أحمد في «المسند» (٢٢٩٠٦)، فأدخلوا بين شهر بن حوشب، وبين أبي مالك الأشعريّ «عبد الرحمن بن غنم» وهو الأشعريّ من ثقات التابعين.
ورواه أبو يعلى (٦٨٤٢) من وجه آخر عن شهر بن حوشب قال: كان منا رجلٌ -معشر الأشعرين- قد صحب رسول اللَّه ﷺ وشهد معه المشاهد الحسنة الجملية، مالكٌ أو ابن مالك -شكّ عوفٌ- فأتانا يومًا فقال: أتيتكم لأعلمكم وأصلّي بكم كما كان رسول اللَّه ﷺ يصلي بنا. قال: فدعا بجفنة عظيمة فجعل فيها من الماء، ثم دعا بإناء صغير، فجعل يُفرغ في الإناء الصغير على أيدينا، ثم قال: اسبغوا الآن الوضوء، فتوضّأ القوم، ثم قام فصلّى بنا صلاةً تامّة وجيزة، فلما انصرف، قال: قال لنا رسول اللَّه: «قد علمتُ أنّ أقوامًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبِطُهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من اللَّه».
فقال رجل من حَجْرة القوم أعرابيٌّ قال: وكان يعجبُنا إذا شهدنا رسولَ اللَّه ﷺ أن يكون فينا الأعرابيُّ؛ لأنهم يَجْترئون أن يسألوا رسول اللَّه ﷺ ولا نجترئ فقال: يا رسول اللَّه، سمِّهم لنا؟ قال: فرأينا وجه رسول اللَّه ﷺ يتهلّل. قال: «هم ناسٌ من قبائل شتى يتحابُّون في اللَّه، واللَّه إنّ وجوههم لنُور، وإنّهم لعلى نور، ما يخافون إذا خاف الناس، ولا يَحْزنون إذا حَزِنُوا».
قال الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ٢٧٧): «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصّحيح غير شهر، وقد
وثقه غير واحد».
وقد حسّن الحافظ المنذريّ في الترغيب والترهيب (٤٥٦٣) إلّا أنه وهم فعزاه للحاكم، والصّواب أن الحاكم لم يخرّج حديث أبي مالك الأشعريّ، وإنّما أخرج حديث ابن عمر، كما سبق.
وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب فإنه حسن الحديث إذا لم يرو ما ينكر عليه.
وفي معنى: المتحابين في اللَّه أحاديث كثيرة ستأتي في مواضعها.
عن أبي إدريس عائذ اللَّه قال: مرّ رجلٌ فقمتُ إليه، فقلتُ: إنّ هذا حدّثني بحديث رسول اللَّه ﷺ فهل سمعته؟ يعني معاذًا، قال: ما كان يحدّثُك إلّا حقًّا، فأخبرته. قال: قد سمعتُ هذا من رسول اللَّه ﷺ يعني المتحابين في اللَّه يظلّهم اللَّه في ظلّ عرشه، يوم لا ظل إلا ظله، وما هو أفضل منه. قلت: أيْ رحمك اللَّه! وما هو أفضل منه؟ قال: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يأثر عن اللَّه عز وجل قال: «حقّت محبّتي للمتحابين فىَّ، وحقّتْ محبّتي للمتواصلين فيَّ، وحقّت محبّتي للمتزاورين فيّ، وحقّت محبّتي للمتباذلين فيَّ». ولا أدري بأيتها بدأ. قلت: من أنتَ رحمك اللَّه؟ قال: أنا عُبادة بن الصّامت».

صحيح: رواه الحاكم (٤/ ١٦٩) من طريق الأوزاعيّ، عن ابن حلبس، عن أبي إدريس، فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين».
ورواه الإمام أحمد (٢٢٠٠٢) ومن طريقه الحاكم (٤/ ١٦٩ - ١٧٠) عن محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن أبي إدريس، والسياق نفسه بزيادة بعض الألفاظ.
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد رواه عطاء الخراسانيّ عن أبي إدريس الخولانيّ».
عن أبي الدّرداء قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ليبعثنَّ اللَّهُ أقوامًا يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللّؤلؤ، يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء». قال: جثا أعرابيّ على ركبتيه فقال: يا رسول اللَّه حِلَّهم لنا نعرفهم. قال: «هم المتحابون في اللَّه من قبائل شتى، وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر اللَّه يذكرونه».

حسن: رواه الطبرانيّ وإسناده حسن كما قال المنذريّ في «الترغيب والترهيب» (٢٣٤٨، ٤٥٧١) ولم أقف على إسناده لأنّ مسند أبي الدّرداء لم يطبع بعد.
ويشهد له حديث عمرو بن عَبسَة قال: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «عن يمين الرّحمن -وكلتا يديه يمين- رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشى بياض وجوههم وقربهم من اللَّه عز وجل». قيل:
يا رسول اللَّه من هم؟ قال: «هم جُمّاع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر اللَّه، فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكلُ التمر أطايبه».
رواه الطبرانيّ، وإسناده مقارب لا بأس به، كذا قال المنذريّ في «الترغيب والترهيب» (٢٣٤٧)، ولم أتمكن من الوقوف على إسناده؛ لأنّ مسند عمرو بن عبسة لم يطبع بعد، وقول المنذريّ بأن إسناده مقارب يشير إلى علّة خفية، وإلّا لحسّنه، فإنه يحسّن الأحاديث المعلولة فكيف إذا خليت من العلة؟ ولذا ذكرته في الباب ولم أذكره في صلب الموضوع.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ طرف صاحب الصّور مُذْ وُكِّل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأنّ عينيه كوكبان درّيان».

حسن: رواه الحاكم (٤/ ٥٥٨ - ٥٥٩) من طريق محمد بن هشام بن ملاس النّمريّ، عن مروان ابن معاوية الفزاريّ، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الأصمّ، ثنا يزيد بن الأصمّ، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه أبو الشيخ في «العظمة» (٣٩١) من وجه آخر عن مروان بن معاوية، بإسناده نحوه.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وقال الذهبي: «صحيح على شرط مسلم». وأخرجه في «العلو» (٨١) عن الحاكم وأقرّ تصحيحه.
قال الأعظمي: الصواب أنه حسن فقط؛ فإنّ محمد بن هشام بن ملاس النمريّ الدّمشقيّ، ليس من رجال مسلم، بل ليس من رجال التهذيب غير أنه «صدوق» كما قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٨/ ١١٦).
ولذا حسّنه الحافظ في «الفتح» (١١/ ٣٦٨).
وسيأتي مزيد من التخريج مع شاهده عن أنس في جموع الإيمان باليوم الآخر.
عن جابر قال: لما رجعتْ إلى رسول اللَّه مهاجرة البحر، قال: «ألا تحدّثوني بأعاجيبَ ما رأيتم بأرض الحبشة؟». قال فتية منهم: بلى يا رسول اللَّه، بينا نحن جلوسٌ مرّتْ بنا عجوزٌ من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلَّةً من ماء، فمرّتْ بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرّت على ركبتيها فانكسرت قلّتُها. فلما ارتفعت التفتتْ إليه، فقالت: سوف تعلم يا غُدَر! إذا وضع اللَّه الكرسيَّ وجمع الأوّلين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدًا. قال: فقال رسول اللَّه ﷺ: «صدقتْ صدقتْ، كيف يقدس اللَّه أمّةً لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم».

حسن: رواه ابن ماجه (٤٠١٠)، وابن حبان (٥٠٥٨)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (٢٤٢)
كلهم من طريق عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم فإنه حسن الحديث.
وأورده الذهبي في «العلو» (١٧٩) وقال: «إسناده صالح».
عن بريدة قال: سأل رسولُ اللَّه ﷺ جعفرًا حين قدم من الحبشة: «ما أعجبُ شيء رأيتَه؟». قال: رأيتُ امرأةً تحمل على رأسها مكتلًا من طعام، فمر فارس فركضه فأبذره، فجلست تجمع طعامها، ثم التفتتْ فقالت: ويلٌ لك، إذا وضع الملك تبارك وتعالى كرسيَّه فأخذ للمظلوم من الظالم، فقال رسول ﷺ تصديقا لقولها: «لا قُدِّستْ أمّةٌ -أو كيف تقدّس أمّة- لا يأخذ ضعيفُها حقَّه من شديدها، وهو غير متعتع».

حسن: رواه البزار -كشف الأستار (١٥٩٦) -، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٦٠) كلاهما من طريق سعيد بن سليمان، عن منصور بن أبي الأسود، ثنا عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة (وهو سليمان)، عن أبيه بريدة بن الحصيب، فذكره.
قال البزّار: «لا نعلم له عن بريدة طريقًا غير هذا، تفرّد به منصور».
قال الأعظمي: ليس كما قال، فقد رواه عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السّائب، ومن طريقه رواه ابن أبي عاصم في السنة (٥٨٢).
ولكن في الإسناد عطاء بن السّائب وهو مختلط، ومنصور بن أبي الأسود وعمرو بن أبي قيس ليسا ممن سمع منه قبل الاختلاط، ولكن الشّواهد تؤكّد أنّ عطاء بن السّائب لم يختلط في هذا الحديث، ولذا حسّنه ابنُ حجر وغيره.
وللجزء المرفوع شاهد من حديث أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، عن النبيّ ﷺ قال: «إنّ اللَّه لا يقدّس أمّة لا يأخذ الضّعيف حقّه من القويّ وهو غير متعتع».
أخرجه الحاكم في المستدرك (٣/ ٢٥٦) ولكن فيه شيخ لم يسم، قال الحاكم: «وقد سمّاه غندر (محمّد بن جعفر) غير أنه لم يذكر أبا سفيان في الإسناد». انتهى.
قال الأعظمي: فهو إمّا منقطع أو مرسل.
وأما ما روي عن أبي هريرة، أنّ النبيّ ﷺ أخذ بيدي، فقال: يا أبا هريرة، إنّ اللَّه خلق السماوات والأرضين وما بينهما في ستّة أيام، ثم استوى على العرش يوم السابع، وخلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الاثنين، والتُقْن يوم الثلاثاء، والنّور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النّهار بعد العصر، وخلق أديم الأرض، أحمرها وأسودها وطيّبها وخبيثها، من أجل ذلك جعل اللَّه عز وجل من آدم الطيب
والخبيث». فهو غريب.
رواه النسائي في السنن الكبرى (١١٣٢٨) في سورة السجدة عن إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثني محمد بن الصّباح، قال: حدثنا أبو عبيد الحدّاد، قال: حدثنا الأخضر بن عجلان، عن ابن جريج المكيّ، عن عطاء، عن أبي هريرة، فذكره.
وأورده الذهبي في «العلو» (٢٠٥) عن النسائي وقال: «الأخضر وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وليّنه الأزديّ، وحديثه في السنن الأربعة. وهذا الحديث غريب من أفراده». انتهى.
قال الأعظمي: وهو كما قال، وقد وثقه أيضًا النسائيّ، وذكره ابن حبان في «الثقات» (٤/ ٦٣).
ويشهد لمتنه ما رواه مسلم في «صحيحه» في صفات المنافقين (٢٧٨٩) من طرق عن حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد اللَّه بن رافع مولى أمّ سلمة، عن أبي هريرة، قال: «أخذ رسول اللَّه ﷺ يدي فقال: «خلق اللَّه عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشّجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدّواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر والليل».
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (٨٣٤١).
وقد عاب العلماءُ إخراج مسلم هذا الحديث في صحيحه؛ لأنه مخالف لصريح القرآن، لأن اللَّه يقول: ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [سورة الأعراف: ٥٤، يونس: ٣، هود: ٧، الفرقان: ٥٩، السجدة: ٤، ق: ٣٨، الحديد: ٤]، وقد ثبت أنّ آخر الخلق كان يوم الجمعة، فيلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة لكان قد خلقه في سبعة أيام، وهو خلاف ما أخبر به القرآن.
انظر: مجموع فتاوي شيخ الإسلام (١٧/ ٢٣٥)، (١٨/ ١٨ - ١٩).
وقال ابن كثير في تفسيره بعد أن أورد الحديث من طريق مسلم: «هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم«، وقد تكلّم عليه ابن المديني، والبخاريّ وغير واحد من الحفّاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنّما اشتبه على بعض الرّواة فجعلوه مرفوعًا».
وقال أيضًا: «وفيه استيعاب الأيام السبعة، واللَّه تعالى قال: ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾، ولهذا تكلّم البخاريّ وغير واحد من الحفّاظ في هذا الحديث، وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار ليس مرفوعًا».
قال الأعظمي: وهو ما ذكره البخاريّ في «التاريخ الكبير» (١/ ٤١٣ - ٤١٤) من طريق إسماعيل بن أمية، به ثم قال: وقال بعضهم عن أبي هريرة، عن كعب، وهو أصح».
ورواه البيهقي في «الأسماء والصفات» (٨١٢) من طريق مسلم وقال: قال ابن المديني: «وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا عن إبراهيم بن أبي يحيى. قلت (يعني البيهقي): وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الرّبذيّ عن أيوب بن خالد، إلّا أنّ موسى بن عبيدة ضعيف، وروي عن بكر بن الشرود، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سُليم، عن أيوب بن خالد، وإسناده ضعيف».
ويرى بعض أهل العلم أن هذا الحديث يشير إلى تدبير الأرض لا الخلق، ولكن يصادم هذا القول قوله تعالى في سورة فصلت: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ [فصلت: ٩، ١٠] فجعل تدبير الأرض مع خلقها في أربعة أيام: الأحد والاثنين خلق الأرض، والثلاثاء والأربعاء تدبيرها، ثم قال: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ. . .﴾ [فصلت: ١٢] أي: بقية اليومين من السنة، وهما: الخميس والجمعة.
هكذا تم خلْق السماوات والأرض وما فيهما في ستة أيام كما نص عليه القرآن في عدة آيات في كتاب اللَّه.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 79 من أصل 361 باباً

معلومات عن حديث: استواء الله تعالى على العرش

  • 📜 حديث عن استواء الله تعالى على العرش

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ استواء الله تعالى على العرش من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث استواء الله تعالى على العرش

    تحقق من درجة أحاديث استواء الله تعالى على العرش (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث استواء الله تعالى على العرش

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث استواء الله تعالى على العرش ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن استواء الله تعالى على العرش

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع استواء الله تعالى على العرش.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب