حديث: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في إثبات العلم للَّه تعالى

عن أبي بن كعب، قال: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: (فذكر قصة موسى والخضر عليهما السلام وجاء فيه: «فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، ليس لهما سفينة، فمرّت بهما سفينة فكلّموهم أن يحملوهما، فعُرف الخضر فحملوهما بغير نَولٍ، فجاء عصفور فوقع على حرف السّفينة، فنقر نقرَةٌ أو نقرتين في البحر، فقال الخضر: يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم اللَّه إلا كنقرة هذا العصفور في البحر».

متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (١٢٢)، ومسلم في الفضائل (٢٣٨٠) كلاهما من حديث سفيان بن عينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إنّ نوفًا البكالي يزعم أنّ موسى ليس بموسى بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر؟ فقال: كذب عدوُّ اللَّه!
حدّثنا أُبي بن كعب، قال (فذكر الحديث بطوله).

عن أبي بن كعب، قال: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: (فذكر قصة موسى والخضر ﵉ وجاء فيه: «فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، ليس لهما سفينة، فمرّت بهما سفينة فكلّموهم أن يحملوهما، فعُرف الخضر فحملوهما بغير نَولٍ، فجاء عصفور فوقع على حرف السّفينة، فنقر نقرَةٌ أو نقرتين في البحر، فقال الخضر: يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم اللَّه إلا كنقرة هذا العصفور في البحر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم جزء من قصة موسى مع الخضر عليهما السلام، الواردة في الصحيحين من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، وهي قصة مليئة بالعبر والعظات. وسأشرح لكم هذا المقطع شرحاً وافياً على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● ساحل البحر: شاطئ البحر أو حافته.
● فكلّموهم أن يحملوهما: طلبا من أصحاب السفينة أن يأخذوهما معهم.
● بغير نَولٍ: بغير أجر. والنَّول: هو الأجرة أو العوض.
● عصفور: طائر صغير.
● وقع على حرف السفينة: حطَّ على طرفها أو جانبها.
● نَقْرَةٌ أو نَقْرَتَيْنِ: غَرْفَة أو غَرْفَتَيْنِ بمنقاره من ماء البحر.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا النبي ﷺ في هذا المقطع من القصة أن موسى والخضر عليهما السلام كانا يمشيان على شاطئ البحر بلا سفينة، فمرت بهما سفينة فعرف أصحابها الخضر (لكونه معروفاً among الصالحين أو لأمر آخر) فحملوهما بدون أن يطلبا أجرة. وفي أثناء إبحار السفينة، حط عصفور صغير على حافة السفينة، ثم غرف بمنقاره غرفة أو غرفتين من ماء البحر، فقال الخضر لموسى موبخاً له على تساؤله واستعجاله في الحكم على أفعاله: يا موسى، ما نقص علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقصه هذا العصفور من ماء البحر بهاتين النقرتين. أي أن علمنا المحدود لا يساوي شيئاً في جنب علم الله اللامتناهي.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة علم الله تعالى وإحاطته: الحديث يوضح ضآلة علم المخلوق مهما بلغ، مقابل علم الخالق سبحانه الذي لا يحيط به أحد. فكما أن نقرات العصفور لا تنقص من البحر شيئاً يذكر، فكذلك علم جميع الخلق لا ينقص من علم الله شيئاً.
2- التواضع في طلب العلم: حتى الأنبياء والرسل – وهم أعلم الخلق – يُذَكَّرون بضآلة علمهم نسبه إلى علم الله، فكيف بغيرهم؟ وهذا درس في التواضع وعدم الغرور بالعلم.
3- الحكمة من الأفعال التي لا نعقلها: القصة كلها تدور حول تعليم موسى – ومن بعده الأمة – أن هناك حكماً إلهية خفية وراء الأحداث، قد لا يدركها البشر بعقولهم المحدودة، ويجب التسليم لله وحكمته.
4- ضرورة الصبر وعدم الاستعجال في الحكم على الأمور: كان موسى يستعجل في الحكم على أفعال الخضر التي بدت منافية للشرع ظاهراً، فكان جواب الخضر هذا تذكيراً له بأن العلم المحدود لا يؤهله لإصدار الأحكام على كل شيء.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذه القصة وردت في سورة الكهف (آيات 60-82)، وهذا الحديث يشرح جانباً منها ويضيف تفاصيل لم ترد في القرآن.
- الخضر عليه السلام على الراجح من أقوال العلماء نبي وليس ولياً فقط، وقد اجتمع بنبي الله موسى ليعلمه دروساً في القدر الإلهي والحكمة.
- قوله "فعُرف الخضر" يدل على مكانته العالية ومعرفته بين الناس، مما سهل قبولهم حمله بدون أجر.
- يستفاد من القصة أهمية التوكل على الله والسعي في الأسباب، حيث سعى موسى والخضر للركوب في السفينة مع عدم وجودها في البداية.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتواضعين في علمهم، المعترفين بقدرة الله وعظمته، وأن يرزقنا الفهم في الدين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في العلم (١٢٢)، ومسلم في الفضائل (٢٣٨٠) كلاهما من حديث سفيان بن عينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إنّ نوفًا البكالي يزعم أنّ موسى ليس بموسى بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر؟ فقال: كذب عدوُّ اللَّه!
حدّثنا أُبي بن كعب، قال (فذكر الحديث بطوله).
ونوف هو ابن فضالة الحميريّ البكاليّ -بفتح الموحدة وكسرها وتخفيف الكاف، منسوب إلى بكال بطن من حمير- وهو ابن امرأة كعب الأحبار. ذكره خليفة في الطبقة الأولى من الشاميين، وعن أبي عمران الجوني: كان نوفٌ ابن امرأة كعب أحد العلماء، وعن يحيى بن أبي عمرو الشّيبانيّ: كان نوف إمامًا لأهل دمشق.
ووقع ذكره في الصحيحين في هذا الحديث، وإنّما كذّبه ابن عباس لأنه رواه عن أهل الكتاب وهم كذبوا على موسى عليه السلام، وإلّا فهو تابعيّ فاضل.
وقوله: «ما نقص علمي وعلمك من علم اللَّه» لفظ النّقص ليس على ظاهره، لأنّ علم اللَّه لا يدخله النّقص.
قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي: هذا له وجهان:
أحدهما: أنّ نقر العصفور ليس بناقص للبحر فكذلك علمنا لا ينقص من علمه شيئًا، وهذا كما قيل:
ولا عيب فينا غير أنّ سيوفنا ... بهنٌ فلول من قراع الكتائب
أي ليس فينا عيب. وعلى هذا قول اللَّه عز وجل: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا﴾ [مريم: ٦٢] أي لا يسمعون فيها لغوًا البتّة.
والآخر: أنّ قدر ما أخذناه جميعًا من العلم إذا اعتبر بعلم اللَّه عز وجل الذي أحاط بكلّ شيء، لا يبلغ من علم معلوماته في المقدار إلّا كما يبلغ أخذ هذا العصفور من البحر، فهو جزء يسير فيما لا يدرك قدره، فكذلك القدر الذي علّمناه اللَّه تعالى في النسبة إلى ما بعلمه عز وجل كهذا القدر اليسير من هذا البحر، واللَّه ولي التوفيق. انظر: الأسماء والصفات للبيهقيّ (١/ ٢٩٧).
ثم قال البيهقي: «وقد رواه حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير مبيّنًا إلّا أنّه وقفه على ابن عباس ﵄».
ثم قال: أخبرناه أبو عبد اللَّه الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا إسماعيل بن الخليل، أنا علي بن مسهر، أنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﵄ قال: بينما موسى يخاطب الخضر، والخضر يقول: ألستَ نبي بني إسرائيل؟ فقد أوتيتَ من العلم ما تكتفي به. وموسى يقول له: إنّي قد أُمرتُ باتباعك، والخضر يقول: إنك لن تستطيع معي صبرًا. قال: فبينا هو يخاطبه إذ جاء عصفورٌ فوقع على شاطئ البحر فنقر منه نقرة ثم طار فذهب، فقال الخضر لموسى: يا موسى هل رأيتَ الطير أصاب من البحر؟ قال: نعم، قال: ما أصبت أنا وأنت من العلم في علم اللَّه عز وجل إلّا بمنزلة ما أصاب هذا الطّير من هذا البحر. انتهى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 220 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر

  • 📜 حديث: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب