‘AAabdullah Ibn Qays (Peace Be Upon Him) related that the Prophet (Peace Be Upon Him) said to him: ‘ O ‘AAabdullah Ibn Qays, shall I not inform you of a treasure from the treasures of paradise?’ He (Peace Be Upon Him) then said: ‘Say: La hawla wala quwwata illa billah. ‘There is no might nor power except with Allah.
(1) وقال صلى الله عيه وسلم: \"يا عبد الله بن قيس، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟\"، فقلت: بلى يا رسول الله، قال: \"قل: لا حول ولا قوة إلا بالله\"، البخاري مع الفتح، 11/ 213، برقم 4206، ومسلم، 4/ 2076، برقم 2704.
شرح معنى لا حول ولا قوة إلا بالله
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
1043- لفظ البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، أَوْ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ»، وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ لِي: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، قَالَ: «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (1). 1044- وفي رواية أخرى للبخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ، وَلَا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا»، ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ، وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ»، أَوْ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (2). 1045- وفي رواية أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَخْلٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: حَثَا بِكَفَّيْهِ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ -، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ»، ثُمَّ مَشَى سَاعَةً فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟» فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ»، ثُمَّ مَشَى سَاعَةً فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ النَّاسِ عَلَى اللَّهِ، وَمَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» (3). 1046- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا مِنْ غَرْسِ الْجَنَّةِ؛ فَإِنَّهُ عَذْبٌ مَاؤُهَا، طَيِّبٌ تُرَابُهَا، فَأَكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِهَا: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (4).
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «يا عبد اللَّه بن قيس»: هو اسم أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. 2- قوله: «ألا»: كلمة تنبيه ليهيئ المستمع إلى شيء مهم، ويرى العلامة ابن هشام الأنصاري : أَن تكون ألا: للتّنْبِيه فتدل على تحقق مَا بعْدهَا، وَتدْخل على الجملتين ... وفِيهَا حرف استفتاح يفيد التَّحْقِيق من جِهَة تركيبها من الْهمزَة وَلَا، وهمزة الِاسْتِفْهَام إِذا دخلت على النَّفْي أفادت التَّحْقِيق... ومن معاني ألا: الْعرض والتحضيض، ومعناهما: طلب الشَّيْء، لَكِن الْعرض طلب بلين، والتحضيض طلب بحث، وتختص أَلا هَذِه بالفعلية، وهي هنا جاءت قبل الجملة الفعلية (5)، وقال العلامة ابن عثيمين : «والاستفهام هنا للتشويق يعني: يشوقه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يستمع إلى ما يقول» (6). 3- قوله: «أدلك»: أي: أرشدك وأعلمك، قال ابن منظور : « ودَلَّه عَلَى الشَّيْءِ يَدُلُّه دَلًّا ودَلالةً فانْدَلَّ: سدَّده إِليه ... ودَلَلْت بِهَذَا الطَّرِيقِ: عَرَّفْتُه» (7). 4- قوله: «على كنز»: أي: في نفاسته، والمراد الأجر المترتب على قولها، وقال السيوطي : أَي: ثَوَاب نَفِيس مدخر فِيهَا» (8). 5- قوله: «على كنز من كنوز الجنة» قال الطيبي : «قد سبق مثل هذا التركيب أنه ليس باستعارة؛ لذكر المشبه، وهو الحوقلة، والمشبه به، وهو الكنز، ولا التشبيه الصرف؛ لبيان الكنز بقوله: «من كنوز الجنة»؛ بل هو من إدخال الشيء في جنس، وجعل أحد أنواعه على التغليب... فالكنز إذن نوعان: المتعارف، وهو المال الكثير يجعل بعضه فوق بعض، ويحفظ، وغير المتعارف، وهي هذه الكلمة الجامعة المكتنزة بالمعاني الإلهية، كما أنها محتوية على التوحيد الخفي... وأثبتت للَّه على سبيل الحصر، وبإيجاده، واستعانته، وتوفيقه، لم يخرج شيء من ملكه وملكوته، ومن الدلالة على أنها دالة على التوحيد الخفي قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: «ألا أدلك على كنز من الكنوز» مع أنه كان يذكرها في نفسه، والدلالة إنما تستقيم على ما لم يكن عليه، وهو أنه لم يعلم أنه توحيد خفي، وكنز من الكنوز، ولأنه لم يقل: ما ذكرته كنز من الكنوز، بل صرح بها، وقال: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» تنبيهاً له على هذا السر» (9). 6- قوله: «قلت: بلى»: أي: نعم، قال ابن منظور : « وبَلَى: جَوَابُ اسْتِفْهَامٍ فِيهِ حَرْفُ نَفْيٍ، كَقَوْلِكَ: أَلم تَفْعَلْ كَذَا؟ فَيَقُولُ: بَلَى، وبَلَى: جَوَابُ اسْتِفْهَامٍ مَعْقُودٍ بِالْجَحْدِ، وَقِيلَ: يَكُونُ جَوَابًا لِلْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ الْجَحْدُ ...لأَنها رُجُوعٌ عَنِ الْجَحْدِ إِلَى التَّحْقِيقِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَلْ، وَبَلْ سَبِيلُهَا أَن تأَتي بَعْدَ الْجَحْدِ» (10). 7- قوله: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه»: أي: لا حيلة في دفع شر ولا قوة في جلب خير إلا بإرادته وإعانته ?، قال الإمام النووي : « وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِالْحَوْقَلَةِ، وَالْحَوْلَقَةِ... وَيُقَالُ أَيْضًا: لَا حَيْلَ، وَلَا قُوَّةَ في لغة غريبة» (11)، وقال الطيبي : «الأصل في الحول تغيير الشيء، وانفصاله عن غيره، فيفسر بالحالة, وهي ما يتوصل به إلى حيلة ما خفية، وقيل: الحيلة هي الحول, قلبت واوه ياء لانكسار ما قبلها، والمعنى لا توصل إلا تدبير أمر، وتغيير حال إلا بمشيئتك ومعونتك، وقيل: الحول الحركة، يقال: حال الشخص إذا تحرك، فالمعنى لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة اللَّه» (9)، وقال ابن رجب : «لَا تَحَوُّلَ لِلْعَبْدِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَلَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَهَذِهِ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ» (12). 8- قوله: «غزا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيبر»: قال الراغب الأصفهاني : «الْغَزْوُ: الخروج إلى محاربة العدوّ » (13)، وخيبر: قال الفيروزآبادي : «حِصْنٌ، ومدينة قُرْبَ المدينةِ النبوية» (14)، وقال الإمام النووي : «اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَغَازِي فِي عَدَدِ غَزَوَاتِهِ صلى الله عليه وسلم، وسراياه، فذكر ابن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ عَدَدَهُنَّ مُفَصَّلَاتٍ عَلَى تَرْتِيبِهِنَّ، فَبَلَغَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزَاةً، وَسِتًّا وَخَمْسِينَ سَرِيَّةً، قَالُوا: قَاتَلَ فِي تِسْعٍ مِنْ غَزَوَاتِهِ، وَهِيَ: بَدْرٌ، وَأُحُدٌ، وَالْمُرَيْسِيعُ، وَالْخَنْدَقُ، وَقُرَيْظَةُ، وَخَيْبَرُ، وَالْفَتْحُ، وَحُنَيْنٌ، وَالطَّائِفُ، هَكَذَا عَدُّوا الْفَتْحَ فِيهَا، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: فُتِحَتْ مَكَّةُ عَنْوَةً» (15). 9- قوله: «توجه رسول اللَّه»: قال ابن منظور : « ووَجَّه إِلَيْهِ كَذَا: أَرسله، ووجَّهْتُهُ فِي حاجةٍ ووجَّهْتُ وجْهِيَ لِلَّهِ وتوَجَّهْتُ نحوَكَ وَإِلَيْكَ» (16)، وقال العيني : «ظَاهر هَذَا يُوهم أَن ذَلِك وَقع وهم ذاهبون إِلَى خَيْبَر، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل إِنَّمَا وَقع ذَلِك حَال رجوعهم لِأَن أَبَا مُوسَى إِنَّمَا قدم بعد فتح خَيْبَر مَعَ جَعْفَر، فَحِينَئِذٍ يحْتَاج إِلَى تَقْدِير ليَصِح الْكَلَام، تَقْدِيره: لما توجه النَّبِي صلى الله عليه وسلم، إِلَى خَيْبَر فحاصرها فَفَتحهَا ففرغ، فَرجع فَأَشْرَف النَّاس» (17). 10- قوله: «أشرف الناس على واد»: قال ابن الأثير : «أَشْرَفْتُ الشيءَ أَيْ: عَلَوتُه، وأَشْرَفْتُ عَلَيْهِ: اطَّلعْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَوق» (18)، وقال الفيومي : «الْوَادِي: وَهُوَ كُلُّ مُنْفَرَجٍ بَيْنَ جِبَالٍ، أَوْ آكَامٍ، يَكُونُ مَنْفَذًا لِلسَّيْلِ، وَالْجَمْعُ أَوْدِيَةٌ» (19). 11- قوله: «رفعوا أَصواتهم بالتكبير»: قال ابن منظور : «أَي: كبّروا لأَنهم قد علموا أَنهم قد قربوا» (20). 12- قوله: «اللَّه أكبر»: قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «اللَّهُ أَكْبَرُ: إثْبَاتُ عَظَمَتِهِ؛ فَإِنَّ الْكِبْرِيَاءَ تَتَضَمَّنُ الْعَظَمَةَ، وَلَكِنَّ الْكِبْرِيَاءَ أَكْمَلُ» (21). 13- قوله: «لا إله إلا اللَّه»: قال الباجي : «وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» إظْهَارٌ لِلتَّوْحِيدِ، وَإِعْلَامٌ بِهِ، وَاسْتِدَامَةٌ لِلْإِيمَانِ بِهِ» (22)، وقال الحافظ ابن حجر : «... وفِي تَعقِيب التَّكبِير بِالتَّهلِيلِ إِشارَة إِلَى أَنَّهُ المُتَفَرِّد بِإِيجادِ جَمِيع المَوجُودات، وأَنَّهُ المَعبُود فِي جَمِيع الأَماكِن» (23)، أي: المعبود بحق، وهو مستوٍ على عرشه، استواءً يليق بجلاله سبحانه وتعالى. 14- قوله: «اربعوا»: قال ابن الأثير : «يقال: اربع على نفسك، أي: تثبت، وانتظر» (24)، وقال الإمام النووي : «ارْبَعُوا: مَعْنَاهُ ارْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ، وَاخْفِضُوا أَصْوَاتَكُمْ؛ فَإِنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ إِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ لِبُعْدِ مَنْ يُخَاطِبُهُ لِيُسْمِعَهُ، وَأَنْتُمْ تدعون اللَّه تعالى، وليس هو بأصم، ولاغائب، بَلْ هُوَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، وَهُوَ مَعَكُمْ بِالْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ» (25)، وقال الطيبي : «أي: ارفقوا بها، يقال: أربع على نفسك، أي: انتظر، وقيل: المعنى أمسكوا عن الجهر، وقفوا عنه،من أربع الرجل بالمكان، إذا وقف عن السير وأقام» (26). 15- قوله: «لا تدعون أصم ولا غائباً»: قال ابن حجر : «نَفْيُ الْآفَةِ الْمَانِعَةِ مِنَ السَّمْعِ، وَالْآفَةِ الْمَانِعَةِ مِنَ النَّظَرِ، وَإِثْبَاتُ كَوْنِهِ سَمِيعًا بَصِيرًا، قَرِيبًا، يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا تَصِحَّ أَضْدَادُ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَلَيْهِ» (27)، وهو سبحانه ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. 16- قوله: «إنكم تدعون سميعاً بصيراً»: قال الطيبي : «كالتعليل لقوله: «لا تدعون أصم»،وقوله: «وهو معكم» لقوله: «ولا غائباً»، فإن قلت: فما فائدة الزيادة في قوله: «بصيراً»؟ قلت: السميع البصير أشد إدراكاً، وأكمل إحساساً من الضرير والأعمى» (26). 17- قوله: «والذي تدعونه»: قال الطيبي : «أقرب تمثيل لمعنى قرب القريب، والمبالغة فيه، فيكون ترقياً» (9). 18- قوله: «وهو معكم»: قال النووي : «وهو معكم أينما كنتم، فمعناه: بالعلم والإحاطة» (28). 19- قوله: «خلف دابة»: قال القسطلاني : «وأنا خلف: أي: وراء» (29). 20- قوله: «لبيك يا رسول اللَّه»: أي: استجابة لندائك، وامتثالًا لأمرك». 21- قوله: «فداك أبي وأمي»: قال ابن الملقن : «هي كلمة تقال للتبجيل، ليس على الدعاء، ولا على الخبر» (30)، وقال العيني : «فدَاك أبي وَأمي، الْفِدَاء بِكَسْر الْفَاء وبالمد، وبفتح الْفَاء يقصر، يَعْنِي: أَنْت مُفدَّى بِأبي وَأمي، وَالْفِدَاء فكاك الْأَسير، فدَاء يفْدِيه فدَاء وفدًى، وفاداه يفاديه مفاداة إِذا أعْطى فداءه وأنقذه، وفداه بِنَفسِهِ فدَاء إِذا قَالَ لَهُ: جعلت فدَاك، وَقيل: المفاداة أَن يفك الْأَسير بأسير مثله» (31). 22- قوله: «إلا من قال هكذا»: قال الطيبي : «العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتطلقه على غير الكلام، فيقول: قال بيده، أي: أخذ، وقال برجله، أي: مشى، وقال بالماء على يده، أي: قلب، وقال بثوبه، أي: رفعه، كل ذلك على المجاز والاتساع، وقال في الحديث بمعنى: أشار، وهكذا: صفة مصدر محذوف، أي: أشار بيده إشارة مثل هذه الإشارة» (32). 23- قوله: «وقليل ما هم»: قال الطيبي : «ما: زائدة مؤكدة للقلة، (وهم) مبتدأ، و(قليل): خبره مقدم عليه، قدم اختصاصًا، وأن الأكثر من المكثرين ليسوا على هذه الصفة» (32). 24- قوله: «هلك المكثرون»: قال العيني : «لأن كثرة المال مذمومة في الأصل، قال صلى الله عليه وسلم: «هلك المكثرون إلا من قال بماله هكذا وهكذا» أي: تصدق به، ... لأن الغنى لا ثبات له، لا يستمر في يد شخص؛ لأنه يروح ويأتي» (33). 25- قوله: « ثلاث مرات حثى بكفيه» قال ابن الأثير : «أَيْ: ثَلَاثَ غُرف بيَدَيْه، واحدُها حَثْيَة» (34)، وقال ابن قرقول : «حَثَى، ويَحْثُو، ويَحْثِي، واحْثِ، واحْثُ، كله بمعنى: اغرف بيديك...وهو الغرف ملء اليدين، وقيل: الحثية باليد والحفنة باليدين» (35).
ما يستفاد من الحديث:
1- حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تعليم أمته ما تثقل به موازينهم يوم القيامة، وعدم تأخير البيان عن وقت الحاجة بتعليمهم أن اللَّه عز وجل أقرب إلى أحدهم من عنق راحلته (36). 2- فضل قول: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» والإكثار منها؛ لأنها كلمة استسلام وتفويض إلى اللَّه عز وجل واعتراف بالإذعان والخضوع له سبحانه وأنه هو الذي بيده مقاليد الأمور كلها، وقد جاء في رواية أنها: «كلمة من كنز الجنة» (37)، و«كنوز الجنة» (38)، وتعرف هذه الكلمة بالحوقلة وهذه الكلمة ليست كلمة استرجاع كما يظن بعض الناس فإنه يحوقل إذا أصيب بمكروه والسنة أن يسترجع لا أن يحوقل. 3- قال الإمام النووي : في سبب قول: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه»: «قَالَ الْعُلَمَاءُ: سبب ذلك أنها كلمة استسلام، وَتَفْوِيضٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاعْتِرَافٍ بِالْإِذْعَانِ لَهُ، وأنه لاصانع غيره، ولارادّ لأمره، وأن العبد لايملك شَيْئًا مِنَ الْأَمْرِ، وَمَعْنَى الْكَنْزِ هُنَا: أَنَّهُ ثَوَابٌ مُدَّخَرٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ ثَوَابٌ نَفِيسٌ، كَمَا أَنَّ الْكَنْزَ أَنْفَسُ أَمْوَالِكُمْ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْحَوْلُ الْحَرَكَةُ وَالْحِيلَةُ، أَيْ: لَا حَرَكَةَ، وَلَا اسْتِطَاعَةَ، وَلَا حِيلَةَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَا حَوْلَ فِي دَفْعِ شَرٍّ، وَلَا قُوَّةَ فِي تَحْصِيلِ خَيْرٍ إِلَّا بِاللَّهِ، وَقِيلَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلا بعصمته، ولاقوة على طاعته إلا بمعونته» (25). 4- وقال أيضاً : «فَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى خَفْضِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إِذَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إِلَى رَفْعِهِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا خَفَضَهُ كَانَ أَبْلَغَ فِي تَوْقِيرِهِ، وَتَعْظِيمِهِ؛ فإن دعت حاجة إلى الرَّفْعِ، رَفَعَ كَمَا جَاءَتْ بِهِ أَحَادِيثُ» (25). 5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «الْكَنْزُ: مَالٌ مُجْتَمِعٌ، لَا يَحْتَاجُ إلَى جَمْعٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ التَّوَكُّلَ، وَالِافْتِقَارَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَنَّ الْخَلْقَ لَيْسَ مِنْهُمْ شَيْءٌ إلَّا مَا أَحْدَثَهُ اللَّهُ فِيهِمْ، فَإِذَا انْقَطَعَ طَلَبُ الْقَلْبِ لِلْمَعُونَةِ مِنْهُمْ، وَطَلَبَهَا مِنَ اللَّهِ فَقَدْ طَلَبَهَا مِنْ خَالِقِهَا الَّذِي لَا يَأْتِي بِهَا إلَّا هُوَ... وَلِهَذَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ» (39). 6- قال العلامة ابن عثيمين : «هذه الكلمة فيها التبرؤ من الحول والقوة إلا باللَّه عز وجل، فالإنسان ليس له حول، وليس له قوة، فلا يتحول من حال إلى حال، ولا يقوى على ذلك إلا باللَّه عز وجل، فهي كلمة استعانة إذا أعياك الشيء، وعجزت عنه، قل: لا حول ولا قوة إلا باللَّه؛ فإن اللَّه تعالى يعينك عليه، وليست هذه الكلمة كلمة استرجاع كما يفعله كثير من الناس، إذا قيل له حصلت المصيبة الفلانية، قال: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» ولكن كلمة الاسترجاع أن تقول: «إنا للَّه وإنا إليه راجعون»، أما هذه فهي كلمة استعانة، إذا أردت أن يعينك اللَّه على شيء، فقل: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» وكما مر ... في سورة الكهف قصة صاحبي الجنتين، ... فالمهم أن كلمة لا حول ولا قوة إلا باللَّه كنز من كنوز الجنة، تقولها أيها الإنسان عندما يعييك الشيء، ويثقلك، وتعجز عنه: قل: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» ييسر الله لك الأمر» (6).
3
مسند أحمد، برقم 8085، وصححه محققو المسند، 13/ 448، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 1/ 50: «وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ»، وقال الحافظ ابن حجر : في المطالب العالية، 14/ 160،: «وهذا إسناد صحيح»
4
أخرجه الطبراني، 12/364، برقم 13354، وفي الدعاء له، ص 474، برقم 1658، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم 1213.
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .