حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب في تعظيم أهل الجاهلية لشهر رجب
صحيح: رواه البخاري (٤٣٧٦) عن الصلت بن محمد، قال: سمعت مهدي بن ميمون، قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله تعالى أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه في "كتاب المناقب"، وهو حديث شريف يصور لنا صورة حية ونموذجاً ملموساً من صور الجاهلية والضلال الذي كان يعيش فيه العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف أنقذهم الله تعالى بالإسلام من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث وفق الخطوات المطلوبة:
أولاً. شرح المفردات:
● أبو رجاء العطاردي: هو صحابي جليل، كان من سكان البصرة، واسمه عُتيبة بن الحارث، أو عُبيد بن حُصين، ويكنى أبا رجاء.
● نعبد الحجر: أي كنا نتخذ الحجارة آلهة ونعبدها من دون الله.
● هو أخير منه: أي أجمل أو أحسن شكلاً ومنظراً.
● جثوة من تراب: أي كومة أو كِدْسة من التراب نجمعها على شكل تل صغير.
● منصل الأسنة: "منصل" بفتح الميم وكسر الصاد، أي نزع السنان (الحديد الذي في رأس الرمح أو السهم). وشهر رجب كانوا يعظمونه في الجاهلية.
● رمحاً فيه حديدة: أي الرمح الذي في رأسه سنّ من حديد.
● سهماً فيه حديدة: أي السهم الذي فيه نصل من حديد.
ثانياً. شرح الحديث:
يصف الصحابي الجليل أبو رجاء العطاردي رضي الله عنه حال قومه في الجاهلية قبل الإسلام، حيث كانوا يعبدون الأحجار ويتخذونها آلهة من دون الله. وكان من سذاجة شركهم وضلالهم أنهم إذا وجدوا حجراً أجمل من الحجر الذي يعبدونه، ألقوا حجرهم الأول وأخذوا الحجر الجديد ليعبدوه بدلاً منه! وهذا منتهى الجهل، فكيف يعبدون ما يصنعونه بأيديهم ويستبدلون بعضه ببعض؟
ثم يصف حالة أخرى من ضلالهم، وهي أنه إذا لم يجدوا حجراً أصلاً، فإنهم كانوا يجمعون كومة من التراب، ثم يأتون بشاة ويحلبون لبنها على هذه الكومة من التراب، ثم يطوفون حولها كما يطوف الحجاج حول الكعبة! وهذا تشبه بغير فهم، وعبادة لغير مستحق.
ثم يذكر صورة أخرى من صور تعظيمهم للأشهر الحرم، وخاصة شهر رجب، حيث كانوا يسمونه "منصل الأسنة" أي شهر نزع سنان الرماح والسنانير من الأسهم. فكانوا إذا دخل شهر رجب، امتنعوا عن القتال فيه تعظيماً له، حتى أنهم كانوا ينزعون الحديد من رؤوس الرماح والسهام ويتركونها طوال الشهر، فلا يستعملونها في قتال.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- بيان حال الجاهلية الأولى: يصور لنا هذا الحديث صورة واضحة لعمق الضلال والجهل الذي كان يعيش فيه العرب قبل الإسلام، حيث عبدوا الأحجار والتراب، وهي جمادات لا تضر ولا تنفع.
2- عظمة نعمة الإسلام: هذا الحديث يذكرنا بالنعمة العظيمة التي أنعم الله بها على هذه الأمة بإخراجها من ظلمات الشرك والجهل إلى نور التوحيد والعلم. فالحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
3- سذاجة الشرك وفساد عقيدته: حيث كانوا يعبدون حجراً اليوم ويستبدلونه بغره غداً إذا وجدوا أجمل منه! فكيف يعبدون من يكون هذه حاله؟!
4- التشريع والتقليد الأعمى: قيامهم بالطواف حول كومة التراب بعد حلب اللبن عليها تقليداً بغير فهم لشعائر الحج، مما يدل على أن التقليد الأعمى بدون دليل شرعي يؤدي إلى الضلال.
5- تعظيم الأشهر الحرم: كان للعرب في جاهليتهم بقايا من دين إبراهيم عليه السلام، فكانوا يعظمون الأشهر الحرم ويحرّمون القتال فيها، وهذا من الحق الذي كان عندهم، لكنهم خالطوه بالباطل والشرك.
6- بيان فضل الله على هذه الأمة: حيث أرسل الله تعالى إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، فأنقذهم من هذا الضلال المبين.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
● شهر رجب: هو أحد الأشهر الحرم الأربعة التي قال الله تعالى فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]. والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، ورجب.
● العبادة لا تكون إلا لله: هذا الحديث يوضح أن العبادة بجميع أنواعها من ذبح وحلب وطواف وغيرها، يجب أن تكون خالصة لله تعالى وحده، ولا يجوز صرفها لغيره.
● الحديث شاهد على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: فمن كان هذا حاله من الضلال، ثم اهتدى إلى التوحيد الخالص، لا بد أن يكون ذلك بمعجزة وهداية من الله، وذلك ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، والثبات على التوحيد، وأن يحفظنا من الشرك والضلال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 62 حديثاً له شرح
- 1 الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض
- 2 إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام
- 3 صيام النبي بين المواصلة والافطار
- 4 كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه
- 5 كان رسول الله ﷺ في شعبان أكثر صيامًا
- 6 أحب الشهور إلى رسول الله أن يصومه شعبان ثم يصله...
- 7 صيام النبي شهر شعبان كاملا ووصله برمضان
- 8 لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من...
- 9 فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين
- 10 يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر
- 11 تفتح أبواب السماء في رمضان وتغلق أبواب النار
- 12 صيام رمضان إيمانا واحتسابا سبب مغفرة للذنوب
- 13 من الصديقين والشهداء
- 14 من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوّال كان كصيام الدهر
- 15 صيام رمضان بعشر أشهر والستة أيام بشهرين
- 16 فضل صيام شهر محرم
- 17 ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا...
- 18 أناسا من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا...
- 19 انظروا إلى عبادي شعثا غبرا
- 20 إن الله ﷿ يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة
- 21 صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية
- 22 صوم الاثنين فيه ولدت وفيه أنزل علي
- 23 صيام النبي يومي الاثنين والخميس
- 24 أحب أن يعرض عملي وأنا صائم
- 25 تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس
- 26 يوم النحر يوم الحج الأكبر
- 27 فنحن أحق وأولى بموسى منكم
- 28 سئل النبي ﷺ عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: «يكفر السنة...
- 29 صيام يوم عاشوراء وفضلُه على الأيام
- 30 يصوم يوم السبت والأحد مخالفةً للمشركين
- 31 صوم ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة
- 32 صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر
- 33 صوموا من كل شهر ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة
- 34 يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام
- 35 إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء
- 36 أيام العشر العمل فيهن أحب إلى الله
- 37 العمل في العشر أفضل من الجهاد إلا رجل يخرج بنفسه...
- 38 خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة
- 39 فضل يوم الجمعة على سائر الايام
- 40 ملائكة يكتبون الأول فالأول يوم الجمعة على أبواب المسجد
- 41 من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح...
- 42 ثواب التبكير لصلاة الجمعة
- 43 من يتطهر يوم الجمعة ثم يغتسل ويتطيب ويصلي ولا يفرق...
- 44 من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم...
- 45 من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله غفر له ما بينه...
- 46 من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه.
- 47 من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته
- 48 فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي
- 49 من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر.
- 50 من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقاه الله فتنة...
معلومات عن حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه
📜 حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








