هلَّا انتفعتم بجلدها إنما حرم أكلها

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع والعمل الصالح.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو حديث صحيح معتمد.

---

شرح الحديث:

1. شرح المفردات:
● شاةً ميتةً: أي شاة ماتت دون ذكاة شرعية (أي لم تذبح وفق الشروط الإسلامية).
● مولاة الميمونة: الخادمة أو المرأة التي كانت تخدم أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها.
● أُعطيتْها من الصدقة: أي أن هذه الشاة كانت من الصدقة التي أُعطيت لهذه المولاة.
● هلَّا انتفعتم بجلدها: كلمة "هلا" تفيد التوبيخ اللطيف والتوجيه، أي: "ألا استفدتم من جلدها؟".
2. شرح الحديث:
وجد النبي صلى الله عليه وسلم شاة ميتة قد أُعطيت لمولاة أم المؤمنين ميمونة من الصدقة، فسأل عليه الصلاة والسلام: لماذا لم يستفيدوا من جلدها؟ فأجاب الصحابة رضي الله عنهم: لأنها ميتة (أي ماتت دون ذكاة شرعية)، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن التحريم هو على أكل الميتة فقط، أما الانتفاع بجلدها بعد دبغه فهو جائز.
3. الدروس المستفادة منه:
- جواز الانتفاع بجلد الميتة إذا دُبغ، لأن الدبغ يطهره. وهذا مذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
- التفريق بين حرمة الأكل وحرمة الانتفاع: فالميتة حرام أكلها، ولكن لا حرام في الانتفاع بأجزائها الأخرى كالجلد بعد الدبغ.
- الحكمة من التشريع: التيسير على الناس وعدم إضاعة المال، حيث أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاستفادة من الجلد بدل إهداره.
- أهمية سؤال العلماء والفقهاء في الأمور الشرعية، كما سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم هنا.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- الدبغ: هو معالجة الجلد بالمواد الطاهرة كالملح أو النباتات لتنقيته وإزالة النجاسة.
- اختلف العلماء في طهارة جلد الميتة بعد الدبغ، ولكن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يطهر بالدبغ، وهو قول الجمهور واستدلوا بهذا الحديث وغيره.
- هذا الحديث يدل على سماحة الإسلام ومراعاته للمصالح الاقتصادية والاستفادة من الطيبات دون إضاعة المال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.