نهي رسول الله ﷺ عن جلود السباع أن تفترش

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف وفق منهج أهل السنة والجماعة:

---

الحديث:

عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه أن رسول الله ﷺ نهى عن جلود السباع. وزاد في رواية: أن تفترش.

---

1. شرح المفردات:

● نهى: أي حَرَّمَ أو منع منعًا شديدًا.
● جلود السباع: هي جلود الحيوانات المفترسة التي لها أنياب وتصطاد غيرها لتأكله، مثل: الأسد، والنمر، والفهد، والذئب، وغيرها.
● أن تفترش: أي أن تُبسَط وتُجعل فراشًا يجلس أو ينام عليه الإنسان.

---

2. شرح الحديث:

نهى النبي ﷺ عن استخدام جلود السباع، سواء للجلوس عليها أو الاتكاء أو النوم، وذلك لعدة أسباب منها:
● الخبث والنجاسة: لأن هذه الحيوانات تأكل اللحوم وتفترس غيرها، فجلودها قد تكون متلوثة بالرطوبة أو الدماء أو غيرها من النجاسات.
● التشبه بأهل الكبر والجبروت: لأن اتخاذ جلود السباع فراشًا قد يكون من عادة المتكبرين والمتجبرين، والإسلام ينهى عن التشبه بهم.
● التقوى والطهارة: الإسلام يحث على الطهارة والنظافة في المأكل والمشرب والملبس والفراش، وجلود السباع لا تليق بهذه الطهارة.

---

3. الدروس المستفادة منه:

- النهي عن استخدام كل ما فيه خبث أو نجاسة أو تشبه بالكافرين أو المتكبرين.
- التأكيد على أهمية الطهارة والنظافة في حياة المسلم.
- وجوب تجنب كل ما قد يكون سببًا في الكبر أو العجب أو الرياء.
- الاقتداء برسول الله ﷺ في تجنب الأمور المشبوهة أو المستقذرة.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدل على تحريم اتخاذ جلود السباع فراشًا، لكن بعض العلماء أجاز استخدامها إذا دبغت، لأن الدباغ يطهرها، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". ولكن الأفضل تركها احتياطًا واتباعًا للنهي.
- النهي هنا للكراهة التنزيهية عند بعض العلماء، والتحريم عند آخرين، والأحوط تركها إلا لحاجة.
- ينطبق هذا النهي على كل جلد من سبع، سواء كان أسدًا أو نمرًا أو ذئبًا أو ثعلبًا أو كلبًا وغيرها.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه محمد ﷺ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.