حديث: نهى رسول الله ﷺ عن لبس جلود السباع والركوب عليها
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في النهي عن جلود السباع
حسن: رواه أبو داود (٤١٣١)، والنسائي (٤٢٦٦) كلاهما عن عمرو بن عثمان الحمصي، حدّثنا بقية، عن بحير، عن خالد (هو ابن معدان) فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي سألت عنه رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، وهو حديث صحيح.
أولاً: شرح المفردات:
● المقدام بن معديكرب رضي الله عنه: صحابي جليل، كان من الشجعان الأبطال، شهد العديد من الغزوات مع النبي ﷺ.
● أنشدك بالله: أي أسألك وأناشدك بالله، وهي صيغة استحلاف وتأكيد قوية.
● جلود السباع: جلود الحيوانات المفترسة التي لها أنياب وتفترس بنابها، كالنمر والفهد والذئب والأسد.
● الركوب عليها: أي استخدامها كسروج أو بسط توضع على الدواب للركوب.
ثانياً: شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل المقدام بن معديكرب رضي الله عنه أنه سأل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه - وهو أمير المؤمنين في ذلك الوقت - سؤلاً مؤكداً ومستحلفاً له بالله: هل تعلم أن رسول الله ﷺ نهى عن أمرين؟
1. عن لبس جلود السباع، أي ارتدائها كملابس أو أغطية.
2. عن الركوب عليها، أي جعلها سروجاً أو فرشاً للدواب التي يركبها الإنسان.
فأجاب معاوية رضي الله عنه وهو من كبار الصحابة وعلمهم: "نعم"، أي: نعم، أعلم ذلك وأشهد أن رسول الله ﷺ indeed نهى عن ذلك.
فهذا إقرار من صحابي جليل وخليفة مسلم على وجود هذا النهي عن النبي ﷺ، مما يؤكد صحته وقوته.
ثالثاً: الدروس المستفادة والأحكام:
1- حرمة الانتفاع بجلود السباع: يبين الحديث تحريم استخدام جلود الحيوانات المفترسة في اللبس والركوب. وهذا الحكم يمتد إلى كل شكل من أشكال الانتفاع التي فيها تشبه بالكبرياء والخيلاء، أو إضفاء هيبة مصطنعة، كالبسط والزينة.
2- العلة في النهي: ذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة إلى أن النهي للتحريم، وعللوا ذلك بأمور، منها:
* التشبه بأهل الكبر والجبروت: ففي لبسها والافتخار بها تشبه بالجبابرة والمتكبرين.
* أن في ذلك خيلاء وفخراً لا يليق ب Muslim.
* أن هذه الحيوانات نجسة لعينها، لأنها من الخبائث، وجلودها تابعة لها في ذلك.
3- التأكيد على نقل السنة: حرص الصحابة رضي الله عنهم على نشر السنة والتثبت منها، حتى بين بعضهم البعض، كما فعل المقدام مع معاوية.
4- الأمانة في الرواية: انظر إلى دقة معاوية رضي الله عنه في الإجابة، حيث لم يزد كلمة لم يسمعها من النبي ﷺ، بل أجاب بما يعلم فقط.
5- جواز الاستحلاف للحاجة: يجوز الاستحلاف بالله للحاجة المهمة، كالتأكد من أمر ديني، كما فعل المقدام.
رابعاً: معلومات إضافية:
* هذا النهي خاص بجلود السباع المفترسة. أما جلود ما يؤكل لحمه (كالإبل والبقر والغنم) فهي طاهرة ويجوز الانتفاع بها بعد دبغها.
* إذا كانت جلد السبع قد دُبغ، فقد ذهب بعض العلماء إلى طهارتها وجواز الانتفاع بها (وهو قول عند الحنابلة ورواية عن أحمد)، ولكن الأرجح عند جمهور العلماء هو القول بالمنع مطلقاً، لأن النهي وارد وعلته قائمة حتى بعد الدبغ (وهو مذهب الشافعية والحنفية ورواية مختارة عند أحمد).
* الحديث يدل على تحريم الانتفاع بهذه الجلود في الأمور التي فيها تكرمة، كاللبس والفرش. أما الانتفاع بها في أمور أخرى لا يتطرق إليها الكبر، كحمل متاع ثقيل عليها، ففيه خلاف بين العلماء.
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا العمل بسنة نبينا محمد ﷺ.
والله أعلم.
تخريج الحديث
واللفظ للنسائي، وهو عند أبي داود مطولا وفيه قصة.
ورواه أيضًا الطبراني في الكبير (٢٠/ ٢٦٩) مطولا، وفي مسند الشامين (١١٢٧) مختصرًا، والطحاوي في مشكل الآثار (٣٢٥١) من طرق عن بقية به.
وإسناده حسن من أجل بقية؛ فإنه رواه عن بحير بن سعد.
وفي الباب عن أبي الحصين - يعني الهيثم بن شفي - قال: خرجت أنا وصاحبٌ لي يكنى أبا عامر - رجل من المعافر - لنصلي بإيلياء، وكان قاصهم رجلٌ من الأزد يقال له: أبو ريحانة من الصحابة. قال أبو الحصين: فسبقني صاحبي إلى المسجد، ثم ردفته، فجلست إلى جنبه، فسألني: هل أدركت قصص أبي ريحانة؟ قلت: لا. قال سمعته يقول: نهى رسول الله ﷺ عن عشر: عن الوشر، والوشم، والتف، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار، وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار، وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرا مثل الأعاجم، أو يجعل على منكبيه حريرا مثل الأعاجم، وعن النُّهبَى، وركوب التمور، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان.
رواه أبو داود (٤٠٤٩)، والنسائي (٥١٠٦)، وأحمد (١٧٢٠٩) كلهم من طريق المفضل بن فضالة، عن عياش بن عباس القتباني، عن أبي الصين الهيثم بن شفي به، فذكره. وألفاظهم سواء.
ورواه ابن ماجه (٣٦٥٥)، وأحمد (١٧٢١٠) كلاهما من طريق زيد بن الحباب، حدّثنا يحيى بن أيوب، حدثني عياش بن عباس الحميري به. إلا أنه قال: «عامر الحجري«فذكره بنحو رواية الإمام أحمد، وهو مختصر عند ابن ماجه في النهي عن ركوب النمور.
ومداره على أبي عامر المعافري المصري واسمه عبد الله بن جابر وقيل: اسمه عامر قال ابن حجر: «مقبول«يعني حيث يتابع، ولم أجد من تابعه عليه فهو لين الحديث.
وأما ما روي عن عبد الله بن عمر قال: نهى رسول الله ﷺ عن الميثرة وهي جلود السباع. فهو ضعيف.
رواه الطحاوي في مشكل الآثار (٣٢٤٨)، وأحمد (٥٧٥١) كلاهما من طريق الحسن بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن عمر، فذكره، واللفظ للطحاوي. وهو عند أحمد بأتم منه ولفظه: «نهى رسول الله ﷺ عن المِيثرة، والقَسِّية، وحلقة الذهب، والمفدم.
قال يزيد: والمِيثرة: جلود السباع ... وذكر تفسير القسية والمفْدم.
وإسناده ضعيف من أجل يزيد بن أبي زياد، وشيخه الحسن بن سُهيل تفرد عنه يزيد ولم يوثقه أحد غير ابن حبان ذكره في ثقاته على قاعدته؛ لذا قال ابن حجر: «مقبول» يعني حيث يتابع وإلا فلين الحديث، ولم أجد من تابعه على هذا الإسناد، وقد قال البخاري في تاريخه الكبير: «لا أدري سمع من ابن عمر أم لا».
وقد تبين من لفظ أحمد أن تفسير الميثر بجلود السباع هو من كلام يزيد بن أبي زياد. ولكن علقه البخاري في صحيحه (١٠/ ٢٩٢ مع الفتح) فقال: «وقال جرير عن يزيد في حديثه: القسيَّة ثياب مضلعة يجاء بها من مصر، فيها الحرير. والمِيثرة: جلود السباع».
قال الحافظ: «هو طرف أيضًا من حديث وصله إبراهيم الحربي في: غريب الحديث«له عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن الحسن بن سهيل قال: القسيَّة: ثياب مضلعة» اهـ.
قال الأعظمي: فتبين بهذا أن التفسير الوارد في حديث ابن عمر هو من كلام الحسن بن سهيل شيخ يزيد بن أبي زياد.
وتفسيره الميثرة بجلود السباع تفسير مرجوح لم يوافقة عليه أحد. قال النووي كما في الفتح (١٠/ ٢٩٣): «هو تفسير باطل مخالف لما أطبق عليه أهل الحديث». ولذا قال البخاري عقبه: «عاصم أكثر وأصح في المِيثرة».
يعني ما علقه عن عاصم، عن أبي بردة، عن علي رضي الله عنه في تفسيره الميثرة بقوله: «كانت النساء تضعه لبعولتهن مثل القطائف بصفونها».
وقال ابن الأثير: «الميثرة: بالكسر - مِفعلة من الوثارة، ويقال: وثر وثارة فهو وثير أي وطيء لين، وهي من مراكب العجم، تعمل من حرير أو ديباج».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 هلَّا انتفعتم بجلدها إنما حرم أكلها
- 2 ما على أهلها لو انتفعوا بإهابها
- 3 دبغنا مسك الشاة ثم ننبذ فيه حتى صار شنا
- 4 ألا أخذتم إهابها فاستمتعتم به
- 5 إذا دبغ الإهاب فقد طهر
- 6 دباغه طهوره
- 7 ذكاة الميتة دباغها
- 8 طهور كل أديم دباغه
- 9 إهاب دبغ فقد طهر
- 10 ذكاة الأديم دباغه
- 11 لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب
- 12 نهي رسول الله ﷺ عن جلود السباع أن تفترش
- 13 لا تركبوا الخز والنمار
- 14 نهي رسول الله ﷺ عن لبس الحرير والذهب إلا مقطعا
- 15 نهى رسول الله ﷺ عن الحرير والذهب ومياثر النمور
- 16 نهى رسول الله ﷺ عن لبس جلود السباع والركوب عليها
- 17 كنا نغزو مع رسول الله فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم
معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن لبس جلود السباع والركوب عليها
📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن لبس جلود السباع والركوب عليها
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن لبس جلود السباع والركوب عليها
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن لبس جلود السباع والركوب عليها
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن لبس جلود السباع والركوب عليها
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








