اتخاذ المنابر في المساجد للخطب - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب اتخاذ المنابر في المساجد للخطب

عن أبي حازم بن دينار، أنَّ رجالًا أتوا سهل بنَ سعدٍ الساعدي وقد امتروا في المنبر مِمَّ عوده؟ فسألوه عن ذلك؟ فقال: والله! إنِّي لأعرف مما هو، ولقد رأيته
أول يوم وُضِع، وأوَّل يوم جلس عليه رسول الله ﷺ. أرسل رسول الله ﷺ إلى فلانة -امرأة قد سمَّاها سهلٌ-: «مُري غلامكِ النجَّار أن يعملَ لي أعوادًا أجلس عليهنَّ إذا كلَّمتُ الناسَ». فأمرته فعمِلها من طَرْفاء الغابة، ثمَّ جاء بها، فأرسلت إلى رسول الله ﷺ فأقرَّ بها، فوُضِعت ها هنا، ثمَّ رأيتُ رسولَ الله ﷺ صلَّى عليها، وكبَّر وهو عليها، ثمَّ ركع وهو عليها، ثمَّ نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر، ثمَّ عاد. فلمَّا فرغَ أقبلَ على الناس فقال: «أيُّها الناس! إنَّما صنعتُ هذا لتأتمُّوا ولتعلموا صلاتي».

متَّفق عليه: رواه البخاري في الجمعة (٩١٧) ومسلم في المساجد (٥٤٤) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، قال: حدَّثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاريُّ القرشيُّ الاسكندراني، قال: حدَّثنا أبو حازم بن دينار، فذكر مثلَه. واللفظ للبخاري، وفي رواية: «فعمل هذه الثلاث درجات».
وقوله: «امتروا»: من المماراة، وهي المجادلة، ويؤيِّده ما جاء في رواية مسلم: «أن تماروا»، ومعناه تجادلوا.
وقوله: «طَرْفاء الغابة» الطرفاء: شجرٌ، وهي أربعة أصنافٍ، منها الأَثَل، الواحدة: طرفاءة. والغابة: غيضة ذات شجرٍ كثيرٍ في جهة الشام من المدينة.
وفي الحديث جوازٌ للإمام أن يكون في مكانٍ مرتفعٍ إن كان غرضه تعليم الناسِ. وإلَّا فيُكرهُ ذلك.
عن سهل بن سعد الساعدي، أنَّ النبيَّ ﷺ كان يقوم يوم الجمعة إذا خطب إلى خشبةٍ ذات فُرضَتين، قال: أُراها من دَومٍ، وكانت في مُصلَّاه، فكان يتَّكئ إليها، فقال له أصحابه: يا رسول الله! إنَّ الناسَ قد كثروا، فلو اتَّخذتَ شيئًا تقوم عليه إذا خطبتَ، يراك الناسُ؟ فقال: ما شئتم، قال سهلٌ: ولم يكن بالمدينة إلَّا نجَّارٌ واحدٌ، فذهبتُ أنا وذاك النجار إلى الخافقين، فقطعنا هذا المنبر من أثلةٍ، قال: فقام عليه النبي ﷺ، فحنَّت الخشبة، فقال النبي ﷺ: «ألا تَعجبون لحنين هذه الخشبة!؟» فأقبل الناسُ، وفرِقوا من حنينها حتَّى كثُر بكاؤهم، فنزل النبي ﷺ حتَّى أتاها فوضع يده عليها فسكنت، فأمر النبي ﷺ بها فدُفِنت تحت مِنبره، أو جُعِلت في السقف.

حسن: رواه ابن سعد في «الطبقات» (١/ ٢٥٠)، والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٥٥٩) عن أبي بكر ابن أبي أُويس، حدَّثني سليمان بن بِلالٍ، عن سعد بن سعيد بن قيسٍ، عن عبَّاس بن سهل بن سعد، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسنٌ؛ من أجل سعد بن سعيد بن قيس، فإنَّه صدوق سيِّء الحفظ، لكن تابعه عُمارة ابن غزية، عن عبَّاس بن سهل، أخرجه الطحاوي في «المشكل» (٤١٩٦) من طريق ابن لهيعة،
حدَّثني عُمارة بن غَزيَّة به ولكن قوله: «فدُفِنت تحت مِنبره، أو جُعِلت في السقف» فيه نكارة؛ والصحيح ما سيأتي في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.
قوله: «فذهبت أنا وذلك النجار إلى الخافقين». الخافقان: أُفقا المشرق والمغرب؛ لأنَّ الليل والنهار يخفقان فيهما.
وقوله: «فقطعنا هذا المنبر من أَثَلَةٍ». الأَثَلَة: واحدة الأَثلِ، وهو شجرٌ من الطَّرفاء، والجمعُ: أَثلاتٌ.
عن جابر بن عبد الله، أنَّ النبيَّ ﷺ كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرةٍ أو نخلةٍ، فقالت امرأةٌ من الأنصار أو رجلٌ: يا رسولَ الله! ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: «إن شئتم». فجعلوا له منبرًا، فلمَّا كان يوم الجمعةِ دُفِع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياحَ الصبي، ثمَّ نزلَ النبيُّ ﷺ فضمَّه إليه، يئنُّ أنينَ الصبيِّ الذي يُسكَّن. قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها.

صحيحٌ: رواه البخاري في المناقب (٣٥٨٤) عن أبي نعيم، ثنا عبد الواحد بن أيمن، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله، فذكره.
عن جابر بن عبد الله، قال: كان جِذعٌ يقوم إليه النبيُّ ﷺ، فلمَّا وُضِع له المنبرُ سمِعنا للجِذع مثلَ أصواتِ العِشار، حتَّى نزلَ النبيُّ ﷺ فوضعَ يدَه عليه.

صحيح: رواه البخاري في الجمعة (٩١٨) عن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني يحيى بن سعيد، قال: أخبرني ابن أنس، أنَّه سمع جابرًا، فذكره.
وخرَّج الحديثَ في المناقب (٣٥٨٥) من طريق سليمان بن بلالٍ، عن يحيى بن سعيد به.
ولفظه: «كان المسجد مسقوفًا على جذوعٍ من نخلٍ، فكان النبيُّ ﷺ إذا خطبَ يقومُ إلى جذعٍ منها، فلمَّا صُنِعَ له المنبر، فكان عليه، فسمعنًا لذلك الجذع صوتًا كصوت العشار، حتَّى جاء النبي ﷺ فوضع يده عليها، فسكَنَت».
قوله: «مثل أصوات العشار»: العِشار: بالكسرِ، جمع عُشَراء، كفقهاء، وهي الناقة التي أتي عليها من وقت الحمل عشرةُ أشهرٍ.
عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله ﷺ يقوم إلى أصل شجرةٍ، أو قال: إلى جذع، ثمَّ اتَّخذ منبرًا، قال: فحنَّ الجذع، قال جابر: حتَّى سمِعه أهل المسجد، حتَّى أتاه رسول الله ﷺ فمسحه فسكن، فقال بعضهم: لو لم يأته لحنَّ إلى يوم القيامة.

حسنٌ: رواه ابن ماجه (١٤١٧): عن أبي بشرٍ -بكر بن خلف- ثنا ابن أبي عدي، عن سليمان التيمي، عن أبي نَضرةَ، عن جابرٍ، فذكره.
ورواه النسائي (١٣٩٦) من حديث ابن جريج، أنَّ أبا الزبير أخبره، أنَّه سمع جابر بن عبد الله فذكره، وفيه: «فلمَّا وُضع المنبر واستوى عليه اضطربت تلك السارية». وإسناده حسنٌ، شيخ ابن ماجه صدوق.
قال البوصيري: «إسناده صحيح، رجاله ثقات».
عن ابن عمر قال: كان النبي ﷺ يخطب إلى جذعٍ، فلمَّا اتَّخذَ المِنبرَ، تحوَّل إليه، فحنَّ الجذعُ، فأتاه فمسح يده عليه.

صحيح: رواه البخاري في المناقب (٣٥٨٣) عن محمد بن المثنى، ثنا يحيى بن كثيرٍ أبو غسَّان، ثنا أبو حفصٍ، واسمه: عمر بن العلاء، أخو أبو عمرو بن العلاء، قال: سمعت نافعًا، عن ابن عمر فذكره.
عن ابن عمر، أنَّ النبيَّ ﷺ لمَّا بدَّن قال له تميمٌ الداري: ألا أتَّخذ لك منبرًا يا رسولَ الله! يجمعُ أو يحمِلُ عِظامَك؟ قال: «بلي». فاتَّخذَ له منبرًا مِرقاتين.

حسنٌ: رواه أبو داود (١٠٨١) ثنا الحسن بن علي، ثنا أبو عاصم، عن ابن أبي روَّادٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده حسن، من أجل ابن أبي روَّاد، وهو عبد العزيز، فإنَّه صدوق.
ورواه البيهقي (٣/ ١٩٥) من طريق شعيب بن عمرو الضُّبَعي، ثنا أبو عاصم به. وزاد فيه: «مرقاتين أو ثلاثة، فجلس عليها، قال: فصعد النبي ﷺ فحنَّ جِذعٌ كان في المسجد، كان رسول الله ﷺ إذا خطبَ يستند إليه، فنزل النبيُّ ﷺ فاحتضنَه، فقال له شيئًا لا أدري ما هو، ثمَّ صعِد المنبر، وكانت أساطين المسجد جذوعًا، وسقائفه جريدًا.
عن أُبي بن كعبٍ، قال: كان رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع إذ كان المسجد
عريشًا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: هل لك أن نجعل
لك شيئًا تقوم عليه يوم الجمعة حتَّى يراك الناس وتُسمعهم خطبتك؟ قال: «نعم».
فصنع له ثلاث درجاتٍ، فهي التي أعلى المنبر، فلمَّا وُضع المنبر، وضعوه في موضعه الذي هو فيه، فلمَّا أراد رسول الله ﷺ أن يقومَ إلى المنبر، مرَّ إلى الجذع الذي كان يخطب إليه، فلمَّا جاوز الجذعَ خار حتَّى تصدَّع وانشقَّ، فنزلَ رسول الله ﷺ لمَّا سمع صوت الجِذْع، فمسحه بيده حتَّى سكنَ، ثمَّ رجع إلى المنبرِ، فكان إذا صلَّي صلَّي إليه، فلمَّا هُدِم المسجد وغُيِّر، أخذ ذلك الجذع أُبي بن كعبٍ، وكان عنده في بيته حتَّى بَلي، فأكلته الأَرَضة، وعاد رُفاتًا.

حسنٌ: رواه ابن ماجه (١٤١٤): ثنا إسماعيل بن عبد الله الرقي، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي،
عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن الطفيل بن أُبي بن كعب، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسنٌ؛ من أجل عبد الله بن محمد بن عَقيل، فإنَّه مختلف فيه، غير أنَّه صدوقٌ، حسن الحديث. وقال البوصيري: «هذا إسنادٌ حسنٌ».
ورواه الدارمي (٣٦): عن زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو به. ولفظه: «كان رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع ويخطب إليه إذ كان المسجد عريشًا، فقال له رجل من أصحابه: «ألا نجعل لك عريشًا تقوم عليه ...» وذكر باقي الحديث.
وقوله: «كان المسجد عريشًا» العرش هنا السقف. والعريش: كلُّ ما يُستظلُّ به. وقوله: «ألا نجعلُ لك عريشًا»: المراد بالعريش ههنا: ما يجلس عليه كالسرير، والعرش: سرير الملك.
عن أنسٍ وابن عباسٍ: أنَّ النبي ﷺ كان يخطب إلى جذعٍ، فلمَّا اتَّخذ المنبر، ذهب إليه، فحنَّ الجِذع، فأتاه فاحتضنه، فسكنَ، فقال: «لو لم أحتضنه لحنَّ إلى يوم القيامة».

صحيح: رواه ابن ماجه (١٤١٥) ثنا أبو بكر بن خلادٍ الباهلي، ثنا بهز بن أسد، ثنا حمَّاد بن سلمة، عن عمَّار بن أبي عمَّار، عن ابن عبَّاس. وعن ثابت، عن أنسٍ، فذكر الحديثَ.
وإسناده صحيح. وإن كان قد اختلف في عمار بن أبي عمار، إلَّا أنَّ جمهور أهل العلم وثّقوه. قال البوصيري: «إسناده صحيح، رجاله ثقات».
عن أنس بن مالكٍ، أنَّ رسول الله ﷺ خطب إلى لِزق جِذعٍ، واتَّخذوا له منبرًا، فخطب عليه، فحنَّ الجِذع حنينَ الناقة، فنزل النبي ﷺ فمسَّه فسكنَ.

حسنٌ: رواه الترمذي (٣٦٢٧): عن محمود بن غيلان، ثنا عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمَّار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالكٍ، فذكره.
وإسناده حسنٌ، من أجل عكرمة بن عمَّار، فإنَّه صدوق يَغلَط. وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وفي نسخة أخرى: «حسن صحيح غريبٌ من هذا الوجه».
هكذا رواه الترمذي مُختصرًا، وصحَّحه ابن خزيمة (١٧٧٧) فرواه من طريق محمد بن بشَّار، ثنا عمر بن يونس به. وفيه: أنَّ رسولَ الله ﷺ كان يقوم يوم الجمعة فيُسنِد ظهره إلى جِذعٍ منصوبٍ في المسجدِ فيخطبُ، فجاء روميٌّ فقال: ألا نصنعُ لك شيئًا تقعد وكأنَّك قائمٌ؟ فصنع له منبرًا له درجتان، ويقعد على الثالثة، فلمَّا قعد نبي الله ﷺ على المنبر خار الجِذع خُوار الثورِ، حتَّى ارتجَّ المسجدُ بخُواره حُزنًا على رسول الله ﷺ، فنزل إليه رسول الله ﷺ من المنبر فالتزمهُ وهو يخور، فلمَّا التزمه رسول الله ﷺ سكت، ثمَّ قال: «والذي نفسي بيده! لو لم ألتزمه ما زال هكذا حتَّى تقوم الساعة حزنًا على رسول الله ﷺ». فأمر به رسول الله ﷺ فدُفِن، يعني الجِذْعُ.
وصحَّحه أيضًا ابن حبَّان (٦٥٠٧) فرواه من طريق مبارك بن فَضالة، ثنا الحسن، عن أنس بن
مالكٍ، فذكر نحوه. والمبارك بن فضالة مدلس ومختلف فيه، إلَّا أنَّ الإمام أحمد قال: «ما رواه عن الحسن يحتج به، وقد صرَّح بالتحديث، فانتفت عنه تهمة التدليس.

أبواب الكتاب

معلومات عن حديث: اتخاذ المنابر في المساجد للخطب

  • 📜 حديث عن اتخاذ المنابر في المساجد للخطب

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ اتخاذ المنابر في المساجد للخطب من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث اتخاذ المنابر في المساجد للخطب

    تحقق من درجة أحاديث اتخاذ المنابر في المساجد للخطب (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث اتخاذ المنابر في المساجد للخطب

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث اتخاذ المنابر في المساجد للخطب ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن اتخاذ المنابر في المساجد للخطب

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع اتخاذ المنابر في المساجد للخطب.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 24, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب