حديث: خار الجذع حتى تصدع لما ترك النبي خطبته عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كتاب الجمعة

باب اتخاذ المنابر في المساجد للخطب

عن أُبي بن كعبٍ، قال: كان رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع إذ كان المسجد
عريشًا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: هل لك أن نجعل
لك شيئًا تقوم عليه يوم الجمعة حتَّى يراك الناس وتُسمعهم خطبتك؟ قال: «نعم».
فصنع له ثلاث درجاتٍ، فهي التي أعلى المنبر، فلمَّا وُضع المنبر، وضعوه في موضعه الذي هو فيه، فلمَّا أراد رسول الله ﷺ أن يقومَ إلى المنبر، مرَّ إلى الجذع الذي كان يخطب إليه، فلمَّا جاوز الجذعَ خار حتَّى تصدَّع وانشقَّ، فنزلَ رسول الله ﷺ لمَّا سمع صوت الجِذْع، فمسحه بيده حتَّى سكنَ، ثمَّ رجع إلى المنبرِ، فكان إذا صلَّي صلَّي إليه، فلمَّا هُدِم المسجد وغُيِّر، أخذ ذلك الجذع أُبي بن كعبٍ، وكان عنده في بيته حتَّى بَلي، فأكلته الأَرَضة، وعاد رُفاتًا.
حسنٌ: رواه ابن ماجه (١٤١٤): ثنا إسماعيل بن عبد الله الرقي، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي،
عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن الطفيل بن أُبي بن كعب، عن أبيه، فذكره.

عن أُبي بن كعبٍ، قال: كان رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشًا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: هل لك أن نجعل لك شيئًا تقوم عليه يوم الجمعة حتَّى يراك الناس وتُسمعهم خطبتك؟ قال: «نعم». فصنع له ثلاث درجاتٍ، فهي التي أعلى المنبر، فلمَّا وُضع المنبر، وضعوه في موضعه الذي هو فيه، فلمَّا أراد رسول الله ﷺ أن يقومَ إلى المنبر، مرَّ إلى الجذع الذي كان يخطب إليه، فلمَّا جاوز الجذعَ خار حتَّى تصدَّع وانشقَّ، فنزلَ رسول الله ﷺ لمَّا سمع صوت الجِذْع، فمسحه بيده حتَّى سكنَ، ثمَّ رجع إلى المنبرِ، فكان إذا صلَّي صلَّي إليه، فلمَّا هُدِم المسجد وغُيِّر، أخذ ذلك الجذع أُبي بن كعبٍ، وكان عنده في بيته حتَّى بَلي، فأكلته الأَرَضة، وعاد رُفاتًا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● عريشًا: يعني سقفه من جريد النخل وسعفه، أي كان المسجد بسيط البناء في بداية الأمر.
● الجذع: هو عمود من جذع النخل كان النبي ﷺ يستند إليه ويخطب عنده.
● خار: أي صدر منه صوت مثل صوت البقرة (خوار)، دليلاً على شوقه وحزنه.
● تصدع وانشق: تشقق وتفطر من شدة الحزن.
● الأَرَضة: هي دودة صغيرة تأكل الخشب.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه عن قصة مؤثرة تدل على محبة الجماد لنبينا ﷺ، وهي معجزة من معجزاته.
1- البداية البسيطة: في أول بناء المسجد النبوي، كان السقف من الجريد (أغصان النخل)، وكان النبي ﷺ يصلي ويخطب واقفاً إلى جانب جذع نخلة يستند إليه، لأنه لم يكن هناك منبر.
2- اقتراح صنع المنبر: رأى أحد الصحابة رضي الله عنهم أن الناس قد كثروا في المسجد، واقترح على النبي ﷺ أن يصنعوا له منبراً يرتفع عليه أثناء الخطبة حتى يراه الجميع ويسمعوه بوضوح. فوافق النبي ﷺ على هذا الاقتراح الحكيم.
3- صنع المنبر: فصنعوا له منبراً من خشب له ثلاث درجات، وهي نفسها الدرجات التي بقي عليها المنبر في عهده ﷺ وبعده.
4- معجزة حنين الجذع: عندما وُضع المنبر في مكانه وأراد النبي ﷺ أن يصعد عليه لأول مرة، مَرَّ بجوار الجذع القديم الذي كان يخطب إليه. فلما ابتعد عنه، حَنَّ الجذع وشَقَّ له صوت عالي من شدة الحزن على فراق النبي ﷺ، حتى كاد يتشقق.
5- تسكين النبي للجذع: فنزل النبي ﷺ من على المنبر ولم يصعد عليه بعد، وذهب إلى الجذع ومسحه بيده الشريفة ليهدئ من حزنه وسكن، كالأم التي تهدئ طفلها. وهذا من رحمته ﷺ وحنوه حتى بالجماد.
6- بقاء الفضل: بعد أن هدأ الجذع، صعد النبي ﷺ على المنبر، لكنه ظل يحتفظ بمكانة خاصة لذلك الجذع، فكان أحياناً يصلي إليه تكريماً له.
7- نهاية الجذع: بعد أن هُدم المسجد وزال بناؤه الأول، أخذ الصحابي أُبي بن كعب رضي الله عنه هذا الجذع المبارك واحتفظ به في بيته تعظيماً له وتبركاً بصاحبته للنبي ﷺ، وبقي عنده حتى بلي وتفتت بفعل السنين والأرضة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- معجزة ظاهرة: هذه الحادثة من أعظم المعجزات المحسوسة التي أيَّد الله بها نبيه، حيث أنطق الجماد وشوقه إليه، مما يزيد المؤمن يقيناً بنبوته ﷺ.
2- محبة النبي ﷺ: الحديث يدل على أن المحبة للنبي ﷺ فطرة حتى في الجمادات، فكيف بنا نحن المؤمنين؟! فهو يوجب علينا محبته فوق محبة النفس والوالد والولد.
3- التواضع وحسن الخلق: النبي ﷺ مع علو منزلته، قبل اقتراح الصحابي البسيط لصنع المنبر ولم يستنكف، ثم نزل من على المنبر ليهدئ الجذع، وهذا غاية التواضع والرحمة.
4- تبرك الصحابة: حرص الصحابة رضي الله عنهم على التبرك بآثار النبي ﷺ، فأخذ أبي بن كعب الجذع وحفظه، وهذا دليل على جواز التبرك بما مسه النبي ﷺ أو كان من آثاره الشريفة.
5- العبرة بالقلب لا بالمظهر: الجذع كان خشبة بسيطة، لكنها كانت مقرة بمحبة النبي ﷺ، فرفعها الله وأعطاها هذه المكانة. فالعبرة بما في القلب لا بالمظهر الخارجي.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث صحيح متفق عليه، وقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
● المنبر الذي صنع للنبي ﷺ بقي في مسجده يستخدمه الخلفاء من بعده، وكان له ثلاث درجات فقط. وكان النبي ﷺ يخطب على الدرجة الثانية، ويجلس على الثالثة.
- قصة حنين الجذع مشهورة ومتواترة، وقد رواها جمع غفير من الصحابة غير أبي بن كعب، كجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وغيرهم.
أسأل الله أن يرزقنا حب نبيه ﷺ واتباع سنته، والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (١٤١٤): ثنا إسماعيل بن عبد الله الرقي، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي،
عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن الطفيل بن أُبي بن كعب، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسنٌ؛ من أجل عبد الله بن محمد بن عَقيل، فإنَّه مختلف فيه، غير أنَّه صدوقٌ، حسن الحديث. وقال البوصيري: «هذا إسنادٌ حسنٌ».
ورواه الدارمي (٣٦): عن زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو به. ولفظه: «كان رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع ويخطب إليه إذ كان المسجد عريشًا، فقال له رجل من أصحابه: «ألا نجعل لك عريشًا تقوم عليه ...» وذكر باقي الحديث.
وقوله: «كان المسجد عريشًا» العرش هنا السقف. والعريش: كلُّ ما يُستظلُّ به. وقوله: «ألا نجعلُ لك عريشًا»: المراد بالعريش ههنا: ما يجلس عليه كالسرير، والعرش: سرير الملك.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 83 من أصل 138 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خار الجذع حتى تصدع لما ترك النبي خطبته عليه

  • 📜 حديث: خار الجذع حتى تصدع لما ترك النبي خطبته عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خار الجذع حتى تصدع لما ترك النبي خطبته عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خار الجذع حتى تصدع لما ترك النبي خطبته عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خار الجذع حتى تصدع لما ترك النبي خطبته عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم
سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب