توكيد وجوب صوم عاشوراء - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ما جاء في توكيد وجوب صوم عاشوراء

عن سلمة بن الأكوع أنه قال: بعث رسولُ الله ﷺ رجلًا من أسلم يوم عاشوراء، فأمره أن يؤذِّن في الناس: «من كان لم يَصُم فلْيصُمْ، ومَنْ كان أكل فليُتمَّ صيامه إلى اللّيل».

متفق عليه: رواه البخاري في الصوم (١٩٢٤)، ومسلم في الصيام (١١٣٥) من طريق يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، فذكره. واللفظ لمسلم.
قوله: «رجلًا من أسلم» قال ابن حجر: اسم هذا الرجل هند بن أسماء بن حارثة الأسلميّ، له ولأبيه ولعمّه هند بن حارثة صحبة.
وأمّا ما رواه أبو داود (٢٤٤٧) عن محمد بن المنهال، ثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن مسلمة، عن عمّه، أنّ أسلم أتت النبي ﷺ فقال: «صمتم يومكم هذا؟». قالوا: لا. قال: «فأتموا بقية يومكم واقضوه».
ففي قوله: «واقضوه» نكارة. ولذا قال عبد الحق في «الأحكام الوسطي» (٢/ ٢٤٥): «لا يصح هذا الحديث في القضاء».
ثم اختلف في زيادة هذا اللفظ، فرواه أبو داود من حديث يزيد بن زريع، عن سعيد هكذا.
ورواه الإمام أحمد (٢٣٤٧٥) عن روح بن عبادة، والنسائي في «الكبرى» (٢٨٦٤) عن بشر، و(٢٨٦٥) عن محمد بن بكر - كلّهم عن سعيد بن أبي عروبة، ولم يذكروا القضاء.
وكذلك لم يذكره شعبة، عن قتادة.
ومن طريقه رواه الطحاوي في «مشكله» (٢٢٧٢)، وأحمد (٢٠٣٢٩).
ولكن يشكل هذا ما أخرجه البيهقي (٤/ ٢٢١) من طريق يزيد بن زريع، عن شعبة، وذكر فيه القضاء وقال: رواه أبو داود في «السنن» عن محمد بن المنهال، وكذلك رواه أبو قلابة عن محمد ابن المنهال، عن يزيد، عن شعبة.
وقال: «ووقع ذلك في بعض النسخ: سعيد. وقد رواه أيضًا سعيد فخالف شعبة في الإسناد والمتن» انتهى.
قال الأعظمي: وهو كما قال، فلعل نسخ أبي داود اختلفت، فإنّ جمهور أصحاب سعيد بن أبي عروبة لم يذكروا القضاء إن صحَّ هذا فيكون الخلاف على شعبة.
ومهما كان الأمر فالإسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن بن مسلمة فإنه مجهول. وقد اختلف في اسم أبيه، فقيل كما قال أبو داود، وقيل: هو ابن المنهال بن مسلمة، وقيل: ابن سلمة، وقيل غير ذلك. يكنى أبا المنهال. تفرّد بالرواية عنه قتادة كما قال الذهبي في «الميزان»، وقال البيهقي في «المعرفة» (٦/ ٣٦١): «مجهول، مختلف في اسم أبيه، ولا يدري من عمّه».
وقال ابن القطان: هو مجهول الحال.
وأما ابن حبان فذكره في «الثقات» ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول» أي عند المتابعة. ولم يتابع
على قوله: «فاقضوا» فهي زيادة منكرة، وأما بقية الحديث فله شواهد صحيحة.
عن الرّبيع بنت مُعوِّذ بن عفراء، قالت: أرسلَ النبيُّ ﷺ غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: «من أصبح مفطرًا فليتمّ بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصمْ».
قالت: فكنّا نصومُه بعد، ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللّعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطّعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار. قال العهن: الصُّوف.

متفق عليه: رواه البخاري في الصوم (١٩٦٠)، ومسلم في الصيام (١١٣٦) كلاهما من طريق بشر بن المفضّل بن لاحق، حدّثنا خالد بن ذكوان، عن الربيع بنت معوّذ، به. واللفظ للبخاريّ.
عن أبي سعيد الخدريّ، أنّ رسول الله ﷺ ذكر عاشوراء فعظّم منه، ثم قال لمن حوله: «من كان لم يطعم منكم فليصم يومه هذا، ومن كان قد طعم منكم فليصم بقية يومه».

صحيح: رواه الطبراني في «الأوسط» (٣٢٥٥)، والطحاوي في «مشكله» (٢٢٧٤) كلاهما من حديث عبد الله بن يوسف، قال: حدّثنا يحيى بن حمزة، عن يزيد بن أبي مريم، أنّ قزعة حدّثه عن أبي سعيد، فذكره.
وإسناده صحيح. وذكره الهيثمي في: المجمع (٣/ ١٨٦) وقال: «رجاله ثقات».
وقول الطبرانيّ: لم يرو هذا الحديث عن قزعة إلا يزيد» لا يضر؛ فإن يزيد بن أبي مريم أبا عبد الله الدمشقي إمام الجامع، وثقه ابن معين وغيره. وأخرج له البخاريّ. وقزعة هو ابن يحيى البصري، ثقة من رجال الجماعة.
عن عبد الله بن بدر الجهني، أنّ رسول الله ﷺ قال لهم يومًا: «هذا يوم عاشوراء، فصوموا».
فقال رجل من بني عمرو بن عوف: يا رسول الله، إني تركت قومي، منهم صائم، ومنهم مفطر. فقال النبيّ ﷺ: «اذهب إليهم، فمن كان منهم مفطرًا فليتمّ صومه».

صحيح: رواه أحمد (٢٧٦٤٦)، والبزار -كشف الأستار (١٠٤٩) والطبراني في «الأوسط» (٥٦٧٩) كلّهم من حديث معاوية بن سلام، قال: سمعت يحيى بن أبي كثير، أخبرني بعجة بن عبد الله، أن أباه أخبره، فذكره.
وإسناده صحيح. ويحيى بن أبي كثير ثقة ثبت إلا أنه يدلس ويرسل، وقد صرَّح بالتحديث وحسّنه الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٨٥).
عن هند بن أسماء بن حارثة الأسلميّ، قال: بعثني رسول الله ﷺ إلى قومي من أسلم. فقال: «مُرْ قومك فليصوموا هذا اليوم يوم عاشوراء، فمن وجدته منهم قد أكل في أوّل يومه، فليصم آخره».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٥٩٦٢)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٢٠٧)، والطحاوي في «مشكله» (٢٢٧٥) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن حبيب بن هند ابن أسماء، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه حسن الحديث إذا صرَّح، وقد صرَّح في رواية أحمد.
قال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٨٥): «رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات».
ولكن وقع الخلاف بين المؤرخين في اسم المبعوث هل هو هند بن أسماء بن حارثة الأسلميّ الذي كان له صحبة كما قال البخاري وابن السكن وغيرهم ومات في خلافة معاوية، أم هو هند بن حارثة الأسلمي عمّ هند بن أسماء.
قال الحافظ في «الإصابة» في ترجمة «هند بن أسماء بن حارثة الأسلمي»: «زعم ابن الكلبي أن المأمور بذلك هند بن حارثة، وتبعه أبو عمر».
قال الأعظمي: وكذلك رواه الحاكم (٣/ ٥٢٩ - ٥٣٠) من وجه آخر عن يحيى بن هند بن حارثة، عن أبيه هند بن حارثة، أنّ النبيّ ﷺ بعثه يوم عاشوراء. وقال: «صحيح».
ولكن قال الإمام أحمد في: مسند (١٥٩٦٣): «هند بن حارثة هذا كان من أصحاب الحديبية، وأخوه الذي بعثه رسول الله ﷺ يأمر قومه بصيام عاشوراء وهو: أسماء بن حارثة فإنه قال: إنّ رسول الله ﷺ بعثه فقال: «مرْ قومَك بصيام هذا اليوم» قال: أرأيت إن وجدتهم قد طعموا؟ قال: «فليتموا آخر يومهم».
رواه عن عفان، قال: حدّثنا وُهيب، حدّثنا عبد الرحمن بن حرملة، عن يحيى بن هند بن حارثة -وكان هند من أصحاب الحديبية ... فذكره. فحدثني يحيي بن هند، عن أسماء بن حارثة: «أنّ رسول الله ﷺ بعثه» فذكر الحديث.
ومن طريق حرملة رواه أيضا البزّار -كشف الأستار (١٠٤٨) -.
ويحيى بن هند بن حارثة لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن حرملة، وذكره ابن حبان في «الثقات» فهو مقبول في اصطلاح الحافظ.
وهو كذلك لأنه رواه ابن حبان في «صحيحه» (٣٦١٨) من طريق سهل بن بكار، قال: حدثنا وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، عن أسماء بن حارثة، أنّ رسول الله ﷺ بعثه إلى قومه، فذكر الحديث.
وهذه متابعة قوية ليحيي بن هند بن حارثة.
فإما أن نقول: إنّ المبعوث هو هند بن أسماء بن حارثة أو عمّه هند بن حارثة أو أخوه أسماء بن حارثة وهو بعيد. والصّحيح أنه كان واحدًا منهم بالتعيين إلا أن المؤرخين لم يضبطوه، والحديث صحيح ولا يؤثر عدم معرفة المبعوث على صحة الحديث.
وقد أطال أهل العلم الكلام في تعين المبعوث، وما ذكرته هو خلاصته، ومنهم من ادّعى الاضطراب في الإسناد من أجل هذا الخلاف. والصحيح أنه لا اضطراب فيه؛ لأنّ المبعوث صحابي ولا يضر الجهل باسمه كما هو معروف.
عن محمد بن صيفي، قال: قال لنا رسول الله ﷺ يوم عاشوراء: «منكم أحد طعم اليوم؟» قلنا: منا من طعم، ومنا من لم يطعم. قال: «فأتموا بقية يومكم، من كان طعم، ومن لم يطعم، فأرسلوا إلى أهل العروض فليتموا بقية يومهم».
قال يعني أهل العروض: حول المدينة.

صحيح: رواه النسائي (٢٣٢٠)، وابن ماجه (١٧٣٥)، والطحاوي في «مشكله» (٢٢٧٧)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٠٩١)، وابن حبان (٣٦١٧) كلّهم من حديث حصين، عن الشعبي، عن محمد ابن صيفي، فذكره. وإسناده صحيح.
وفي الباب ما رُوي عن أبي هريرة، قال: كان النبيّ ﷺ صائمًا يوم عاشوراء فقال لأصحابه: «من كان أصبح منكم صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصاب من غداء أهله فليتم بقية يومه».
رواه الإمام أحمد (٨٧١٦) عن أبي جعفر، أخبرنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي، عن أبيه حبيب بن عبد الله الأزدي، عن شُييل، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
وفيه عبد الصمد بن حبيب ضعّفه أحمد. وقال أبو حاتم مثله. وزاد: «يكتب حديثه، ليس بالمتروك». وقال البخاري: «لين الحديث». وقال ابن عدي: «كان قليل الحديث».
وأبوه حبيب بن عبد الله الأزدي، قال أبو حاتم: «مجهول». «الجرح والتعديل» (٣/ ١٠٤).
وفي الباب ما رُوي عن معبد القرشي، قال: كان النبيّ ﷺ بقديد فأتاه رجل فقال له النبي ﷺ: «أطعمتَ اليوم شيئًا -ليوم عاشوراء-؟». قال: لا. إلا أني شربت ماء. قال: «فلا تطعم بعد حتي مغرب الشمس. وأمر من وراءك أن يصوم هذا اليوم». رواه عبد الرزاق (٧٨٣٥) عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عبد القرشي، فذكره. وعنه أخرجه الطبراني في «الكبير» .
قال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٨٧): «رجاله ثقات».
قال الأعظمي: وهو كذلك إلا أن معبد القرشي إن كان هو ابن زهير بن أبي أمية القرشي المخزومي ابن أخي أم سلمة، فله رؤية فلا صحبة له كما قال ابن عبد البر.
ومثل رواية هؤلاء تُعدّ من قبيل المراسيل عند المحققين كما قال الحافظ ابن حجر في مقدمة «الإصابة».
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن علي بن أبي طالب: «أنّ رسول الله ﷺ كان يصوم عاشوراء، ويأمر به».
رواه أحمد (١٠٦٩)، والبزار -كشف الأستار (١٠٤٥) - كلاهما من حديث معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن جابر، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي، فذكره.
وجابر هو ابن يزيد الجعفيّ ضعيف. قال البزار: «لا نعلمه عن علي مرفوعًا إلّا بهذا الإسناد».
فقه الحديث:
أحاديث الباب تدل على أمور ومن أهمها ما يلي:
١ - إنّ صوم عاشوراء كان في أول الأمر فرضًا، ولذا ورد التأكيد بصومه لمن لم يأكل ولم يشرب، وإمساك بقية اليوم لمن أكل وشرب.
ولا يتصور هذا التأكيد في التطوع، ثم نسخ الفرض بعد فرض رمضان كما سيأتي. وبقي استحباب التطوع لما فيه من الأجر العظيم.
٢ - أن من وجب عليه الصوم ولم يعرف ذلك إلا في النهار فإنه يكفيه النية في النهار، وهو مستثني من قوله ﷺ: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له».
٣ - أن من أكل وشرب، وهو لا يدري أن عليه صوم هذا اليوم فيمسك بقية النهار، وليس عليه القضاء على الصحيح، لما بينا فيما سبق من نكارة لفظ القضاء.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 73 من أصل 158 باباً

معلومات عن حديث: توكيد وجوب صوم عاشوراء

  • 📜 حديث عن توكيد وجوب صوم عاشوراء

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ توكيد وجوب صوم عاشوراء من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث توكيد وجوب صوم عاشوراء

    تحقق من درجة أحاديث توكيد وجوب صوم عاشوراء (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث توكيد وجوب صوم عاشوراء

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث توكيد وجوب صوم عاشوراء ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن توكيد وجوب صوم عاشوراء

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع توكيد وجوب صوم عاشوراء.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 24, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب